13 توصية لتعزيز الصحة النفسية في الإمارات

«الوطني» يطالب بدمج الصحة النفسية في جميع سياسات التعليم والخدمات المجتمعية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

طالب المجلس الوطني الاتحادي خلال جلسته التاسعة من دور انعقاده العادي الثالث للفصل التشريعي السابع عشر، التي عقدها في أبوظبي، برئاسة معالي صقر غباش رئيس المجلس، أول من أمس، بدمج الصحة النفسية في جميع السياسات والاستراتيجيات الخاصة بقطاع التعليم وقطاع الخدمات المجتمعية العامة، وإلزام شركات التأمين بتغطية تكلفة العلاج النفسي، ودراسة تعديل الرواتب والامتيازات الوظيفية للعاملين في مجال الصحة النفسية.

ولفتت المداولات إلى اعتماد وزارة الصحة ووقاية المجتمع آلية جديدة للتأهيل الشامل للمرضي النفسيين، وتقليل مخاطر الانتكاس، تقوم على استحداث أسرة في المستشفيات العامة، حتى يتم إبعاد مرضى الصحة النفسيين من المستشفيات النفسية، وهذا من ضمن استراتيجية المؤسسة لضمان التغطية الشاملة واستفادة أكبر عدد من المتعاملين.

وأوضحت المداولات بأن مشروع القانون الاتحادي بشأن الصحة النفسية الذي أقره المجلس العام الماضي، قد دخل إلى مراحله الأخيرة، حيث من المتوقع صدوره قريباً، والذي سيكون له دور كبير في تنظيم العلاقة بين المريض النفسي ومختلف الأطراف المتعاملة معه.

وبينت المداولات أن تسعيرة المنتجات الدوائية التي تباع مباشرة في أرفف الصيدليات ومراكز التسوق، أو التي يتم صرفها بدون وصفة علاجية والتي يتم بيعها تحت مسمى «أوف ذا كاونتر» لا تنطبق عليها آلية التسعير التي وضعتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع.

وتطرقت إلى نجاح الدولة في إدخال منظومة متطورة لعلاج الأطفال المصابين بالسكري، تضمنت توفير أول وأحدث مضخة أنسولين على مستوى الإمارات في مستشفى القاسمي للنساء والأطفال، والتي تعتمد على استخدام الخوارزميات والذكاء الاصطناعي لتحسين مستويات السكر لدى المرضى.

مشيرة إلى أن مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية في مستشفى القاسمي توفر هذه الأجهزة، كما أن المؤسسة أول جهة توفر البنكرياس الصناعي، ويعتبر جهازاً متقدماً عن المضخة الاعتيادية، والخدمة متاحة لدى المؤسسة لمن يرغب بتوفيرها له.

ملف

وكانت الجلسة بدأت باستذكار المجلس مناقب القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وذلك بالتزامن مع احتفالات الدولة بـ«يوم زايد للعمل الإنساني» الذي يصادف التاسع عشر من شهر رمضان المبارك.

وقال معالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي: إن الوزارة تعكف حالياً على تنفيذ مشروع طموح يستهدف إنشاء «ملف طبي موحد» للمرضى بنهاية العام الجاري، سيعمل على توحيد السجلات الطبية الخاصة بالمرضى.

وأفاد بأن الوزارة شرعت في تنفيذ المشروع مع بداية عام 2020، إلا أن التحديات التي فرضتها جائحة «كوفيد 19» كان لها دور في تأخير الإجراءات المتعلقة بتنفيذ المشروع، لافتاً في الوقت نفسه بأن الوزارة انتهت من أتمتة 10 ملايين ملف طبي ضمن منصة «رعايتي» الإلكترونية للرعاية الصحية.

وأشار إلى أن أهمية الملف الصحي الموحد، تكمن في كونه منصة صحية رقمية تقدم بيانات محدثة لسجلات المرضى، تظهر التاريخ المرضي والأدوية المصروفة له، ونتائج تحاليل المختبرات، والإحالات، وجميع ما يتعلق بملف المريض وبياناته في المستشفيات الحكومية ومستشفيات القطاع الخاص.

ونوه بأن الآلية الجديدة ستسمح للمرضى بالانتقال من مستشفى إلى أخرى بكل سهولة ويسر، دون الحاجة إلى أخذ الأوراق والمستندات الخاصة بفحوصات وكشوفاته الصحية، الأمر الذي سيكون له دور مهم وكبير في اختصار الجهد والوقت، لحل كافة الإشكالات الصحية.

تخفيض

وأكد الوزير أهمية استخدام موقع الوزارة وتطبيقها للأجهزة الذكية في البحث عن الأسعار المحددة لكل صنف دوائي، داعياً في الوقت نفسه الجمهور إلى عدم التردد في تقديم شكواهم في حال وجود اختلاف في الأسعار المعروضة، وبالتالي تحديد الصيدليات المخالفة واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقها.

ولفت إلى أن الجهود التي أقرتها الوزارة خلال الفترة من الأول من يوليو 2011 إلى 16 يناير 2020، أسهمت في تخفيض أسعار 9 آلاف و740 صنفاً من الأدوية المتداولة في الدولة، وبنسبة تتراوح من 5 إلى 78 %.

وقال معاليه إن مقارنة أسعار الأدوية في الإمارات مع بعض الدول غير منصفة، خاصة وأن بعض الأدوية التي تصنع محلياً في بعض الدول لا تتوافق مع المواصفات المعتمدة لدى دولة الإمارات.

ورداً على سؤال حول دور الوزارة في معالجة نزلاء المؤسسات العقابية، أكد أن نزيل المؤسسة يتم تقييمه نفسياً، وفي حال الحاجة إلى علاج يتم تحويلهم من قبل المنشأة إلى المستشفيات المتخصصة، موضحاً بأنه سيتم فتح المجال للمؤسسات بشكل أكبر في هذا الشأن عبر إشراك القطاع الخاص مع الحكومة في تقديم الخدمات وفي ظل منظومة تأمينية.

وأفاد العويس: سنعمل بعد إصدار قانون التأمين الصحي على تسهيل إشراك القطاع الخاص على الدخول في عملية تطوير المنظومة الصحية الخاصة بعلاج مرضى السكري، بحيث تغطيها تلك المراكز التخصصية.

من جانبه أضاف الدكتور يوسف محمد السركال، مدير عام مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية أن دولة الإمارات تمكنت من خفض نسب مرض السكري من 18.9% في عام 2010 إلى 11.8% في عام 2018، بواقع 7.1%، موضحاً بأن مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، أقرت استراتيجية ومنهجية متكاملة في تقديم الخدمات الصحية، بداء من الوقاية وصولاً إلى العلاج والتأهيل وفق خطة مكونة من 5 ركائز رئيسية.

ونوه بأن الأعوام الثلاثة الماضية، شهدت تنفيذ عدد من الحملات التوعوية بما يقارب 500 فعالية لتثقيف مرضى السكري، كما تم دمج خدمات السكري في مراكز الرعاية الصحية الأولية والتي تضمن 70 مركزاً موزعة مختلف إمارات الدولة، والتي تعمل تحت إشراف فرق طبية متعددة التخصصات ومدربة على أحدث الأجهزة العلمية والتقنية المتقدمة.

وبين بأن المؤسسة، ولضمان استمرار تقديم الخدمات خلال فترة الجائحة، فقد تم تفعيل العيادات الافتراضية لعلاج ومتابعة حالات مرضى السكري «عن بعد»، لافتاً إلى أنه توجد 11 وحدة متخصصة في معظم مستشفيات المؤسسة.

كوادر

وقال السركال إنه بالرغم من تحديات نقص كوادر الصحة النفسية عالمياً، فقد سعت المؤسسة لتوفير الكوادر واستقطابها، حيث بلغ إجمالي الكوادر الطبية المتخصصة في مجال الصحة النفسية في المؤسسة نحو 371 طبيباً.

حيث تم رفد الكوادر البشرية بين عامي 2019 -2021 بنسبة زيادة 47%، لافتاً إلى أن مؤسسة الإمارات تبنت شراكات عدة مع هيئات صحية ومؤسسات تعليمية حكومية وخاصة ومستشفيات عالمية رائدة لتطوير مهارات العاملين في مجالات الصحة النفسية والاجتماعية والتأهيلية حيث أبرمت عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.

ونوه السركال إلى أنه يجري التنسيق مع وزارة الطاقة والبنية التحتية لإنشاء مركز صحي في مدينة الشيخ محمد بن زايد في إمارة الفجيرة، ضمن محور المخطط الشمولي، حيث تم طرح مناقصة لعمل مخطط شامل للمراكز الصحية التابعة لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية في نوفمبر 2021، واعتماد المواصفات من قبل الوزارة والمؤسسة وإغلاق المناقصة في فبراير 2022.

وعزا سبب إغلاق القسم الداخلي للصحة النفسية للمرضى المنومين في مستشفى عبيدالله في عام 2019 إلى عدم مواكبته لمعايير الاعتماد الدولي ومعايير المنشآت الصحية، موضحاً بأن الوقت الحالي تتوفر به عيادات تخصصية خارجية للصحة النفسية في مستشفى عبيد الله تستقبل ما يقارب 50 زيارة يومياً.

وتطرق إلى موضوع التحديات التي وجهتها عملية تشغيل المركز الصحي في العكامية بدبا الفجيرة، موضحاً بأن المركز الذي أنشئ بمجهودات شخصية لأحد الأشخاص في عام 2009، تم من دون إشراف الوزارة، مما جعله غير مستوفٍ للمعايير المطلوبة، الأمر الذي دعنا إلى اتخاذ الإجراءات التي من شأنها إعادة تأهيله وفقاً للمتطلبات.

وقال إنه تم تشغيل أول عيادة للإعاقة الذهنية في الدولة، مبيناً بأن خطط المؤسسة المستقبلية تتضمن التوسعة في تخصيص أقسام داخلية وتفعيل فلل منتصف الطريق لمرضى الإعاقة الذهنية وأصحاب الهمم، وتشغيل القسم الداخلي في مستشفى الأمل للطب النفسي للإعاقة الذهنية من خلال تفعيل العيادات الإلكترونية للصحة النفسية المجتمعية لأصحاب الهمم.

توصيات

وقدمت لجنة الشؤون الصحية والبيئية في المجلس 13 توصية بشأن موضوع سياسة وزارة الصحة ووقاية المجتمع في شأن تعزيز الصحة النفسية في دولة الإمارات، منها تعديل الرواتب والامتيازات الوظيفية للعاملين في مجال الصحة النفسية وإدراج خدمات الصحة النفسية والأدوية الأساسية اللازمة للعلاج النفسي في نظام التأمين الصحي، ودمج الصحة النفسية في جميع استراتيجيات التعليم. كما دعت إلى إنشاء قاعدة بيانات مركزية موحدة بالدولة تبين معدلات انتشار الاضطرابات النفسية وتصنيفها، وتفعيل دور المعهد الوطني للتخصصات الصحية والمنشأ لرفع المستوى العلمي والمهني للأطباء والمهن الصحية.

وتضمنت التوصيات ‏إدراج خدمات الصحة النفسية والأدوية الأساسية اللازمة للعلاج النفسي في نظام التأمين الصحي، واستحداث وتطوير مراكز وأقسام الصحة النفسية وتوزيعها بشكل متوازن في جميع مناطق الدولة.

وطالبت التوصيات بتخصيص ميزانية للأبحاث في مجال الصحة النفسية خاصة بالأبحاث ذات الصلة، ووضع خطط وبرامج توعية وتدريب لتقليل تأثير الوصمة الاجتماعية، و‏التنسيق والمتابعة مع الجهات المعنية لتطوير برامج التأهيل الاجتماعي بإنشاء مراكز رعاية نهارية لتقديم البرامج التأهيلية النفسية والاجتماعية في مختلف مناطق الدول.

تنسيق

أشارت المداولات إلى وجود تنسيق بين وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم، تم من خلاله وضع نموذج لتقييم الحالات النفسية للطلبة على أسس علمية، وعقد مجموعة من ورش التدريب لتدريب ما يقارب من 553 من العاملين بالمدارس والأخصائيين الاجتماعيين لمساعدتهم على الاكتشاف المبكر لبعض الأمراض النفسية.

وأوضحت بأن دولة الإمارات نجحت في تجاوز المستوى العالمي والمؤشرات الوطنية المعنية بالتعافي من آفة التدخين والإدمان على المواد المخدرة، وذلك ضمن أولويات الأجندة الوطنية للتخلص منها، وبتضافر جهود الجهات المختصة لمكافحة التدخين.

وأشارت المداولات إلى وجود تنسيق بين الجهات المعنية بالدولة لوضع معايير إماراتية خاصة، تستهدف منع التداول العشوائي للسيجارة الإلكترونية، وتحديد مواصفات قياسية لها، مبينة بأن الدوريات الإلكترونية تعمل على رصد وحجب مواقع الترويج الخاصة بها.

16

حددت لجنة الشؤون الصحية والبيئية في المجلس 16 تحدياً، تواجه ملف الصحة النفسية، تضمنت محدودية خدمات الصحة النفسية التخصصية للفئات العمرية المختلفة من الأطفال وكبار السن وأصحاب الهمم، وقلة البيانات والإحصائيات على مستوى الدولة، بأعداد المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية وتصنيفهم وفقاً لأنواع الاضطراب النفسية، الأمر الذي أدى إلى عدم القدرة على توفير البيانات بصورة دقيقة لمتخذي القرار لوضع السياسات والبرامج اللازمة.

ولفت التقرير إلى غياب برامج وحملات إعلامية توعوية للمرضى النفسيين للوقاية من الاضطرابات النفسية والحد من الوصمة الاجتماعية، وبالتالي منع أو الحد من تأخير طلب العلاج لدى المرضى النفسيين.

ونوه التقرير إلى نقص الكوادر المتخصصة في مجال الصحة النفسية وعدم كفايتها لأعداد المرضى النفسيين المتزايدة، فضلاً عن تفاوت توزيع خدمات الصحة النفسية على مستوى المنشآت الصحية في الدولة، الأمر الذي أدى إلى عدم استفادة بعض المرضي من الخدمات العلاجية النفسية، وتزايد الضغط على وحدات الصحة النفسية في المستشفيات الأخرى.

وعدم تغطية التأمين الصحي لخدمات علاج الأمراض النفسية، وبالتالي تحمل المرضى وذويهم التكلفة العالية، بالإضافة إلى توقف البعض عن استكمال العلاج

وأوضح التقرير بأن قلة توافر الأدوية النفسية في وحدات الرعاية الصحية الأولية، أدى إلى قيام البعض بشراء الأدوية النفسية من الصيدليات الخاصة وبأسعار مرتفعة، مشيراً إلى غياب البرامج المتعلقة بخدمات الصحة النفسية المجتمعية مثل البرامج التوعوية الوقائية وخدمات الرعاية والدعم المنزلي.

 

 

 

Email