براكة.. مساهمة إماراتية في جهود مواجهة التغير المناخي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشير التوقعات إلى أن أكثر من ثلثي سكان العالم سيعيشون في المناطق الحضرية بحلول عام 2050، والتي ستشهد زيادة سكانية بنسبة 33% على مستوى العالم، ونتيجة لذلك، سيزداد الطلب على الكهرباء مع توسع المدن ونمو الطلب على الموارد والطاقة ووسائل النقل والتواصل.

وبحسب التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والتابعة للأمم المتحدة، فإنه يجب اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة التحديات المناخية، التي تشكل تهديداً حقيقياً لأكثر من 40% من سكان العالم، وسيسهم الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة عند مستوى أقل من 1.5 درجة مئوية في تقليل الأضرار والتأثيرات المتوقعة حالياً ويسهم التطور التقني في إيجاد حلولٍ كفيلة بمواجهة ظاهرة التغير المناخي والتصدي لتأثيراتها.

حيث يبرز تقرير الطاقة العالمي لعام 2021، الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة، أن الطاقة النووية ساهمت بشكلٍ كبير في الحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز الجهود العالمية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي في العام الماضي. وساعد استخدام الطاقة النووية في الحد من الانبعاثات الكربونية بواقع 220 مليون طن سنوياً، ولا سيما أن الطاقة النووية تعد اليوم أكبر مصدر منفرد لإنتاج الطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية على صعيد الدول المتقدمة اقتصادياً.

وفي هذا الإطار، تعد الجهود الرامية إلى تحقيق مستقبلٍ مستدام من الأولويات الرئيسة التي تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تحقيقها، إذ كانت من المبادرين إلى توقيع اتفاقية باريس في عام 2016، كما أطلقت مؤخراً مبادرتها الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، والتي كانت الأولى من نوعها في المنطقة.

ومنذ أكثر من 10 سنوات، بدأت تظهر جلية النتائج النوعية التي حققتها الدولة من خلال استثماراتها وجهودها في قطاع الطاقة النووية. واليوم، تنعكس هذه الإنجازات من خلال محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بأبوظبي، والتي تعمل من خلال التشغيل التجاري للمحطتين الأولى والثانية على تزويد الدولة بالطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة على مدار الساعة، وهو ما يعزز جهود الدولة الرامية إلى تحقيق الحياد المناخي.

وبعد مرور أقل من عام على بدء التشغيل التجاري لأولى محطات براكة، أعلنت الدولة مؤخراً عن التشغيل التجاري لثانية محطات براكة للطاقة النووية السلمية، وذلك وفق متطلبات ومعايير الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وبما ينسجم مع معايير السلامة والجودة العالمية. ومع تشغيل المحطتين تواصل الدولة مسيرتها لتسريع عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة.

كما يساهم التشغيل التجاري للمحطتين الأولى والثانية في مضاعفة الكهرباء الصديقة للبيئة التي تنتجها محطات براكة لتصل إلى 2.800 ميغاواط، ما يساعد في الحد من الانبعاثات الكربونية بواقع 11.2 مليون طن سنوياً. وفور تشغيلها بالكامل ستسهم محطات براكة الـ 4 في إنتاج 5,600 ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة، ما يوفر 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء، ويساهم في الحد من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، وهو ما يعادل إزالة 4.8 ملايين سيارة عن الطرق سنوياً.

وستعمل محطات براكة على تزويد المنازل والشركات من مختلف أنحاء دولة الإمارات بطاقة كهربائية صديقة للبيئة، بالإضافة إلى دورها الريادي في إلهام الجيل الحالي ليساهم في مواجهة ظاهرة التغير المناخي ويصبح من الرواد في هذا المجال.

وتلتزم الفرق العاملة في محطات براكة المكونة من خبرات تنتمي لأكثر من 50 جنسية وتقودها الكفاءات الإماراتية، بالعمل وفق أعلى المعايير العالمية، وتتطلع الدولة إلى استضافة مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، الذي يمثل فرصةً مهمة لتحديد الإطار العملي لمواجهة التحديات المناخية ومواصلة تقديم الحلول التي توفر الحماية لعالمنا وسكانه في السنوات القادمة.

وتعد هذه الخطوات مجرد البداية لمسيرة الدولة في قطاع الطاقة النووية وعلى صعيد البرنامج النووي السلمي الإماراتي، إذ يوفر تشغيل محطتين إضافيتين خلال السنوات القادمة 85% من الكهرباء الصديقة للبيئة في إمارة أبوظبي، ما يعزز من الخبرات المتخصصة والبنية التحتية الاستراتيجية للدولة التي تمكنها من إنتاج الهيدروجين الخالي من الانبعاثات الكربونية والوقود الاصطناعي، ودعم القطاعات الأخرى وجهود استكشاف الفضاء، من أجل مستقبلٍ خالٍ من الانبعاثات الكربونية.

Email