خلال أعمال القمة العالمية للحكومات 2022

منتدى الحكومات المرنة يناقش التحولات الجذرية في الحوكمة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ناقش "منتدى الحكومات المرنة" المنعقد خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات 2022 طبيعة التحوّلات الجذرية في الحوكمة، وقدرة الحكومات المرنة على تحقيق التوازن بين الاستقرار والتحول، وذلك بحضور كوكبة من الشخصيات الدولية.

وتم خلال المنتدى عقد جلسة حوارية شارك فيها جيفرى شلاجينهوف نائب الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وسعادة هدى الهاشمي مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء لشؤون الاستراتيجية.

وأكد جيفرى شلاجينهوف أهمية تجارب الشراكة الدولية في تعزيز مرونة وجاهزية الحكومات، وأهمية التعاون الدولي وما يمثله من ركيزة متينة للارتقاء بالمرونة الحكومية، خاصة في وقت تتنامى فيه أهمية الانفتاح على العالم كضرورة ملحة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.

وأشاد شلاجينهوف بدور القمة العالمية للحكومات وما تمثله منصة رائدة في تحويل مفهوم الحكومة إلى منظومة لإدارة التغيير الشامل، وقال: "يسرنا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن نكون شركاء لدولة الإمارات في هذه القمة، فمنذ العام 2013، ركزنا جهودنا المشتركة على تحديد نماذج مبتكرة لتعزيز الجاهزية الحكومية للمستقبل."

وأضاف: "تتجه الحكومات حول العالم اليوم نحو تبني أساليب مبتكرة لتقديم حلول للمشكلات الراهنة، وفي مقدمتها الأمراض المعدية والتغير المناخي. وبات تبادل البيانات والمهارات والمعارف أساسياً اليوم لتحقيق أهداف السياسات العامة. وتخطو حكومة الإمارات خطوات هامة في هذا الاتجاه، وتواصل ترسيخ دورها الريادي في مجال الابتكار الحكومي."

المرونة الحكومية  
من جهتها، أكدت هدى الهاشمي أهمية الشراكة بين حكومة دولة الإمارات ومنظمة التعاون الدولي والتنمية في تعزيز جهود الابتكار، وقالت: "كان لنا تعاون مثمر مع "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" لإعداد التقارير المعرفية في مجال الابتكار والمساواة بين الجنسين وغيرها. ونتطلع إلى تعزيز جسور التعاون وتحفيز الابتكار في مختلف أنحاء العالم."

وأضافت: "سنواصل جهودنا لإطلاق المبادرات الهادفة لمواجهة التحديات الحالية والناشئة بالاعتماد على الابتكار. وفي ظل الميتافيرس، نريد في الإمارات استكشاف سياساتٍ وأنظمةٍ مرنة ومشاركةٍ أكبر للقطاع الخاص للتحكم باستخدام مفاهيم هذا الواقع الافتراضي من أجل الإفادة من إمكاناتها الكاملة."

التحوّل الجذري للحوكمة
وشهدت الجلسة الثانية ضمن أعمال "منتدى الحكومات المرنة" بعنوان "التحوّل الجذري للحوكمة" بمشاركة كل من راشيل شيكوامبدا المدير التنفيذي لمجلس المواد الكيميائية والزراعة والأغذية والصحة (سي أس آي آر)؛ وآنا إكيلدو المدير التنفيذي لمؤسسة آفري لابز، ودانييلا براغا المؤسس والرئيس التنفيذي لديفايند إيه آي؛ ومكرم جاه الأنصاري من مكتب رئاسة مجلس الوزراء في جمهورية باكستان.

التحول الإيجابي للعمل الحكومي 
وأكدت راشيل شيكوامبدا أنّ التحول بات ضرورياً لدعم الابتكار وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية وخلق آفاق وظيفية واقتصادية جديدة، داعيةً إلى تحديث ومشاركة البيانات وتوحيد الجهود التعاونية لتحقيق أهداف موحدة. وقالت إن "التعاون أساسي لتحقيق التحول الإيجابي للعمل الحكومي الذي يعتمد بالدرجة الأولى على البيانات التي تسهم في تحسين الحوكمة ودعم عملية صنع القرار"، مشيرة إلى ضرورة الاهتمام بريادة الأعمال والابتكار والتكنولوجيا الجديدة وتوظيفها في تصميم استراتيجيات مناسبة".

ولفتت آنا إكيلدو إلى أنّ دعم ريادة الأعمال في التكنولوجيا هو أداة حيوية لإحداث تحول جذري مع تحقيق الموازنة مع الاستقرار، مؤكدةً أهمية التحول الرقمي في خلق فرص جديدة وإيجاد حلول ناجعة للتحديات الحالية والناشئة بالاعتماد على الابتكار. 

وقالت: "التحول هنا لا يقتصر على الرقمنة فحسب، بل يشمل أيضاً المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ما يتطلب تغيير المنظور السائد وطرق التفكير النمطية. ونؤمن بأنّ التحول في الحكومة ينعكس على تحسين جودة الحياة وفق آليات مبتكرة لرسم السياسات ذات الصلة بالقطاعات الحيوية".

تعزيز المرونة الحكومية 
وقالت دانييلا براغا إن تحقيق التحول وتعزيز المرونة الحكومية لا يمكن دون بناء المهارات وتشجيع تحديث وتبادل البيانات الرقمية التي أثبتت أنها أدوات هامة للتنبؤ بالتحديات واستباق المتغيرات العالمية المتسارعة. 

وأضافت: "يبرز الذكاء الاصطناعي، الذي يعتبر ظاهرة عالمية، كقاطرة لدفع عجلة التحول نحو حكومات مرنة على أتم الجاهزية للمستقبل. فعقب كوفيد-19، أدركت الحكومات أنها هشة أمام الأزمات غير المسبوقة، ما يدفعها اليوم إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي بالاستفادة من التجارب الدولية الناجحة. ومن المهم هنا التركيز على التعليم والتوعية، لا سيما على الصعيد الرقمي، لمحاربة مقاومة التغيير من قبل العديد من الحكومات عبر العالم."

تعزيز المرونة في الاستجابة
من جهته، أكد مكرم جاه الأنصاري الأهمية المتنامية للتعلم الجماعي من تجارب القطاعين الحكومي والخاص، وضرورة عمل الحكومات على تحديث السياسات لتسهيل ممارسة الأعمال بعيداً عن الروتين والبيروقراطية، مع تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال من المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.  وقال إن على عاتق الحكومات مسؤولية تعزيز المرونة في الاستجابة للتحديات الناشئة، وبالأخص في قطاع الأعمال الذي يتطلب تطبيق سياسات جديدة تدعم التعافي والنمو في مرحلة ما بعد "كوفيد-19". 

موازنة استقرار التحوّل
وتواصلت أعمال المنتدى مع انعقاد جلسة نقاشية ثانية بعنوان "موازنة استقرار التحوّل: كيف يمكن للحكومات المرنة تحقيق هذه الموازنة؟"، بحضور خيسوس كورديرو مسؤول حماية خصوصية البيانات في "ليغالتيك"؛ وسيدروتون نعيم المفوض ومدير الابتكار في كلية إدارة الأعمال الدولية "آي بي أم آي"؛ وبرونا سانتوس مديرة إدارة الابتكار في المدرسة الوطنية للإدارة العامة؛ وتاكيشي كيتو عضو لجنة البيئة التجريبية التنظيمية لحكومة اليابان.

ولفت خيسوس كورديرو إلى أنّ الموازنة بين المرونة والمخاطر ليست بالأمر السهل، مشيراً إلى أنّ التحول لا يكون مجدياً ما لم يخلق تأثيراً إيجابياً ملموساً، وقال: "يجب أن يكون الهدف بالنسبة لأي حكومة تلبية احتياجات الشعوب وتحقيق آمالهم وطموحاتهم. وهنا تبرز الثقة بالحكومات قاعدة أساسية لتحقيق التحول المرجو، من خلال دورها في توفير الموارد الملائمة وتصميم السياسات العامة الداعمة، والاستثمار في بناء المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي الذي يفتح آفاق جديدة لتعزيز المرونة الحكومية.

نموذج مرن
من جهتها، رأت سيدروتون نعيم أنّ المشاركة في إنتاج ونشر وإثراء المعرفة تمثل عنصراً محورياً في دعم مسيرة تحول الحكومات إلى نموذج مرن، مشيدة بتجربة دولة الإمارات التي تقدم نموذجاً يُحتذى به لمنطقة الشرق الأوسط والعالم، لا سيّما في مجال المرونة في التعامل مع جائحة كوفيد 19، حيث احتلت المركز الأول عالمياً، كما أطلقت في خضم الأزمة العالمية مسبار الأمل في رسالة لبث التفاؤل وتعزيز الإيمان بالإمكانات المتاحة لإحداث التحول الجذري والإيجابي.

وشددت سيدروتون على أن الحكومات لا يمكنها تحقيق التوازن المطلوب بين التحول والاستقرار دون تعزيز الحوار الدولي، وهو ما تقوم به القمة العالمية للحكومات لرسم مسار واضح للتنمية.
أما برونا سانتوس، فقالت إن التحول نحو حكومات القرن الواحد والعشرين يتطلب التعلم من النماذج الناجحة والفاشلة على السواء، فقد أثبتت جائحة كوفيد-19 الحاجة لوجود حكومات فاعلة وقادرة على تحقيق نتائج ملموسة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتحسين حياة مواطنيها وبناء مستقبل أكثر أماناً. 

ولفتت سانتوس إلى أن التحول يتطلب مجموعة من المهارات الحديثة، مع تغيير السرديات النمطية وتعزيز الطلاقة الرقمية ومحو الأمية الرقمية باعتبارها خطوة هامة لدعم عمليات صنع القرار وتعزيز المرونة الحكومية.

التحول 
من جانبه، قال تاكيشي كيتو: "لا يزال الطريق طويلاً بالنسبة للحكومات حول العالم لتحقيق المرونة اللازمة لمواجهة الأزمات غير المسبوقة. وينبغي على الحكومات، إذا ما أرادت إحداث التحول الجذري، إنشاء نظام شامل لتعزيز الابتكار وبناء المهارات والكفاءات، وتغيير  النماذج الحكومية السائدة وتبنّي ممارسات جديدة تضمن الاستفادة القصوى من التحول الرقمي القائم على البيانات والمعلومات، والذي يوفر حلولاً للمشكلات الراهنة في كافة المجالات، لا سيّما في مجال المال والأعمال وجودة الخدمات."

وشهد منتدى الحكومات المرنة إطلاق تقرير جديد بعنوان "تحقيق الابتكار الحكومي العابر للحدود"، بالشراكة بين مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي ومرصد الابتكار الحكومي التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذي دعا حكومات العالم للسعي إلى تعزيز جهود التعاون العابر للحدود لتقديم وتمكين الابتكارات والحلول المؤثرة دعماً لمواجهة تحديات المستقبل. 

وحدد التقرير، مقاربات ودراسات حالة رائدة توضح المبادرات والبنى والآليات الفعالة التي تمكّن الابتكار العابر للحدود، وشدد على أهمية أن تضع الحكومات أسسا وعوامل تمكينية تتيح التصميم والتنفيذ التعاوني للسياسات والخدمات المبتكرة.

ولفت التقرير، إلى أهمية وضع الأسس التمكينية العابرة للحدود، وأكد أن المنظمات الدولية، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والأمم المتحدة، تلعب دور المبادر والراعي والمحفز للابتكار العابر للحدود، ما يساعد الحكومات على تقديم وتمكين الحلول المبتكرة العابرة للحدود. كما يؤكد ذلك أهمية تعاون المنظمات الدولية مع الحكومات للتكيف مع التحديات الجديدة ويُظهر أن البنى القائمة قد تشكل مصدراً للابتكار، بينما يسهم إنشاء هياكل جديدة بالتفتت إن لم يُنفذ بعناية.

وحث التقرير صنّاع القرار على الاستفادة من مكانة المنظمات الدولية والتأسيس لبنى جديدة فقط عندما تعد البنى الموجودة غير كافية ولا يمكن تكييفها. وأوصى التقرير الحكومات بتحديد الاختلافات من حيث العمل البيني مع الشركاء ووضع خطط لكيفية التغلب عليها بشكل تعاوني. 

واقترح أن تتبع الحكومات استراتيجية وطنية لبيانات القطاع العام لتصبح أساساً لتقدم ونضج الجهود الرقمية العابرة للحدود. كما نصح التقرير الحكومات بدمج القدرات الحيوية للتعاون والابتكار العابر للحدود في أطر الكفاءات وبرامج التدريب وإدارة المواهب.

Email