«دليفري» الصيدليات مخاطر فورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن خدمة توصيل الدواء إلى المنازل «دليفري الصيدليات»، تؤدي مساعدة نوعية للمرضى، لا سيما كبار السن، إلا أن أطباء أبدوا قلقهم من انتشار هذه الظاهرة، والاعتماد عليها، لما يحمله ذلك من مخاطر فورية أحياناً على الدواء المنقول للمرضى؛ أبسطها تعرضه للتلف حال تعرضه للشمس، أو إيصال الأدوية بشكل خاطئ، وقد تكون مدخلاً لانتشار وترويج الأدوية المهدئة والمغشوشة، التي تعمل جميع الجهات على مكافحة استخدامها لأغراض ليست طبية. 

4 آلاف مستودع طبي

بدايةً، تشير الإحصاءات أن هناك أكثر من 95 % من المكاتب العلمية التجارية لشركات الأدوية موجودة بالدولة، إضافة إلى 4 آلاف مستودع طبي في الإمارات، كما أن حجم سوق الدواء العربي، يصل إلى أكثر من 30 مليار دولار سنوياً، منها 10 مليارات درهم سنوياً، حجم سوق الأدوية المغشوشة، كما أنه وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، تقدر قيمة مبيعات الأدوية المغشوشة على مستوى العالم، إلى 85 مليار دولار سنوياً.

تشابه

وحذر أطباء وخبراء في صناعة الدواء، من تناول الدواء عبر «دليفري الصيدليات»، لما يشكله من خطورة على صحة المرضى، خاصة، إذا كان الدواء حبوباً أو شراب فيتامين أو أنسولين أو كريم للجلد، معتبرين سائق «الدليفري» شخصاً غير متخصص، ومن الممكن أن يعطي دواء بدل دواء آخر، نظراً لتشابه الأدوية، كما يشكل ذلك مدخلاً لانتشار وترويج الأدوية المهدئة التي تعمل كافة الجهات على مكافحة استخدامها لأغراض ليست طبية، إضافة إلى إيجاد جهات ومؤسسات يكون همها الوحيد إيصال الدواء إلى المنازل، وتركيزها على جانب تحقيق الربح المادي فقط، كزيادة نسبة معينة على ثمن الدواء الأصلي، مقابل خدمة التوصيل.

جرعات

وقال الدكتور نضال عبد الباقي، صيدلي متخصص، إذا كان الدواء على شكل حبوب أو شراب فيتامين أو أنسولين أو كريم للجلد، يمكن أن يتعرض للتلف خلال 10 دقائق، إذا ما تعرض لأشعة الشمس، وبالتالي، تكمن الخطورة في أن المادة الفعالة في الدواء، سوف تفقد مفعولها وخاصيتها، كما أنه في حال استخدامها، سوف تسبب تسمماً في الجسم، لافتاً إلى أن توصيل الأدوية عبر الدليفري، من الممكن أن تعرّض المريض الذي يستخدمها لأخطار، لأن السائق شخص غير متخصص، ويمكن أن يعطي دواء بدل آخر، لأن هناك العديد من الأدوية تتشابه بشكل كامل (أبيض مع أزرق)، و(أزرق مع أبيض)، منها لعلاج الضغط وأخرى الكولسترول، مبيناً أن التوصيل عبر الدراجات النارية، يفقد التواصل بين المريض والصيدلي.

مقابلة

من جانبه، أكد الدكتور عبد الله الكندي نائب رئيس جمعية الإمارات الطبية، ماجستير في الصيدلة والتصنيع الدوائي، أن سائق الدليفري لا يمكنه وصف الجرعات للمريض، وتحديد زمنها، ومن الممكن أن يغش في الدواء، الأمر الذي يشكل خطورة بالغة على صحة المرضى، كما أن سوء التخزين، يؤدي إلى تلف الأدوية، وبالتالي، تفقد فعاليتها، كما أن الدليفري سوف يلغي الدور المهم للصيدلي، من خلال تواصله مع المرضى وتفاعله معهم، لافتاً إلى أن هناك رقابة دوائية محكمة من الجهات المختصة على الصيدليات، وكافة المنشآت الطبية بالدولة، من قبل وزارة الصحة ووقاية المجتمع، كما أن أدوية الدليفري، شأنها شأن الأدوية المغشوشة التي تروج عبر الإنترنت، والتي لا يكاد يخلو سوق منها، وعلى المرضى الابتعاد عن تلك الأدوية، والاعتماد على الأدوية المسجلة في الدولة.

تبادل

وقال: إن التبادل التجاري في المواضيع الدوائية، يعد أمراً ضرورياً، كما أن الإمارات يوجد بها أكثر من 95 % من المكاتب العلمية التجارية لشركات الأدوية، إضافة إلى 4 آلاف مستودع طبي في الإمارات، ما يعد إنجازاً بحد ذاته، غير موجود في الدول الأخرى، إضافة إلى ما تتميز به الإمارات من مستودعات للتخزين الجيد في المناطق الحرة، كما تعد الإمارات مركزاً لنقل الأدوية من الشرق للغرب، كما أن كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال الدواء، تخزنها في الإمارات، لافتاً إلى أنه في حال وجود أي أزمة دوائية، فإن تلك الأدوية موجودة في الدولة، كما أن هناك العديد من المصانع الدوائية ذات السمعة الجيدة، تم إدخالها للإمارات، كما أن لديها مصنعاً لمنتجات الدم لمرضى السرطان في دبي، كما سيتم إنشاء مصنع للتكنولوجيا الحيوية، رصدت له 110 ملايين درهم، إضافة إلى مصنع آخر خاص بالمنتجات البيولوجية.

 

دخلاء المهنة

من جهته، أكد الدكتور نجيب عبد الجليل محمد حسن، عميد كلية الصيدلة بجامعة عجمان، أستاذ المعالجة الدوائية السريرية، أن خدمة توصيل الدواء إلى المنازل، يمكن أن تكون إيجابية في حالات معينة، لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، والذين يأخذون الدواء بشكل دوري، مثل مرضى السكري والضغط، وهي معروفة بأنها تصرف أكثر من مرة، وضرورة أن يكون المريض في هذه الحالات، معروفاً من قبل الصيدلية، بأنه يأخذ الدواء بشكل مستمر، ولا يمكن توصيل أي دواء إلى المنازل، بناء على طلب المرضى، لأن المريض قد يقوم بقراءة الوصفة الطبية بشكل خاطئ، مبيناً أنه يمكن العمل بهذه الخدمة في حالات تتمثل بقيام الطبيب الذي يعالج الحالات المرضية، بكتابة الوصفة الطبية، والتأكيد على صرفها عدة مرات، وذلك من أجل التسهيل على المرضى، كما أنه لا مانع في مثل هذه الحالات، أن تقوم الصيدليات بإيصال الدواء إلى المنازل، كون الوصفة موقعة من الطبيب.

تدخل إجرامي

وقال إن التطور والتغيرات المتسارعة في العالم في مجال تكنولوجيا الاتصالات والوصول إلى المعلومات، ونمو الشركات العملاقة عبر العالم، والنقل الميسر والمنخفض التكلفة، كلها أمور تعيد تشكيل المشهد العالمي، بما فيها تجارة المنتجات التي تحمل صفات دوائية، الأمر الذي فتح الباب، ليس فقط أمام الأدوية الجيدة والمأمونة والفعالة، وإنما أمام الأدوية المغشوشة، وهي أدوية يتم صناعتها لتشابه ظاهرياً فقط الأدوية المصنعة من الشركة الأم، فهي تفتقر لأبسط مقومات التصنيع الجيد، وأن نسبة كبيرة منها، لا تحتوي أبداً على المواد العلاجية الفعالة، كونه تم تصنيعها أو تخزينها بإهمال، أو بسبب التدخل الإجرامي، فبالتالي، لا تعطي المفعول الدوائي والعلاجي المأمول منها، وهي خطر حقيقي يهدد حياة المرضى، وقد تؤدي إلى تدهور في حالة المريض الصحية، والعلة التي يشتكي منها، ومضاعفات خطيرة، وبحسب الإحصاءات العالمية، تؤدي إلى وفاة الآلاف سنوياً، كما أن لها تأثيراً اقتصادياً مهماً.

تشريعات

ولفت الدكتور نجيب حسن، إلى أن الإحصاءات تشير إلى أن حجم سوق الدواء العربي، يصل إلى أكثر من 30 مليار دولار سنوياً، وحوالي 10 مليارات درهم سنوياً، حجم سوق الأدوية المغشوشة، وتتفاوت من دولة إلى أخرى، فهناك دول يكاد يكون الغش الدوائي معدوماً، بفضل الأجهزة المتطورة، ووجود تشريعات وأنظمة رقابية صارمة، كدول الخليج، والإمارات أبرزها، كما أنه وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، تقدر قيمة مبيعات الأدوية المغشوشة على مستوى العالم، إلى 85 مليار دولار سنوياً، ما يتطلب من المؤسسات والهيئات المعنية العامة والخاصة، وجميع المنظمات الدولية، بوضع خطط وسياسات للحد من تنامي ومكافحة هذه الظاهرة، من خلال إدخال أحدث التقنيات للمراقبة، والتشريعات الصحية المناسبة، والتسجيل الدوائي والآليات التنفيذية والتنظيمية، والتواصل في ما بينها، وكذلك التواصل المجتمعي.

تخزين

ويؤكد الدكتور خالد الدوسري مدير المكتب العلمي لإحدى أكبر الشركات الدوائية، أن من أهم الأشياء التي لا بد من الشركات الدوائية والموزعين الحرص عليها، هو تخزين الأدوية في ظروف مناسبة، لكيلا يسبب الدواء ضرراً كبيراً على المرضى، وأن تسمم الأدوية يشكّل هاجساً كبيراً لدى الجهات الرقابية والتشريعية، وسبب ذلك هو تخزينها في ظروف غير مناسبة، خلال نقلها بسيارات عادية ودراجات نارية، ويجب على الشركات والعيادات والمستشفيات والصيدليات، أن تحرص على حفظ الأدوية في ظروف مناسبة في الثلاجات، ولا بد من مراقبة نقل مركبات الأدوية، وربطها بمركز تحكم رئيس، حتى يتم متابعة تلك المركبات، ومدى التزامها بالاشتراطات والمعايير المطلوبة لحفظ الدواء، كما أن الصيدلي هو الشخص الوحيد الذي يعرف كنه الأدوية بشكل عام، والأطباء فقط مختصون بعملية التشخيص.

 

Email