مسؤول وحديث.. الابتكار ركيزة أساسية في مركز محمد بن راشد للفضاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر الابتكار من أهم الركائز الأساسية التي قام عليها مركز محمد بن راشد للفضاء، منذ لحظة تأسيسه، بل إن هذه الكلمة الجامعة تلخص كل ما نقوم به من مشاريع جديدة، وما نطلقه من مبادرات مستحدثة، ولا سيما أن قطاع الفضاء بأكمله يعد انعكاساً حقيقياً لابتكارات لم تعهدها البشرية من قبل، وتمثل طموحاتها لاستكشاف الكون ومحاولة اكتشاف أسراره والغوص في أعماقه.

إن إنشاء مركز محمد بن راشد للفضاء كان أحد مخرجات المبادرة الاستراتيجية الهادفة إلى دعم الابتكارات العلمية والتقدم التقني ودفع عجلة التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فعندما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الاستراتيجية الوطنية للابتكار في أكتوبر من عام 2014، كان الهدف الأول منها تحفيز الابتكار في سبعة قطاعات وطنية رئيسية، هي الفضاء، والطاقة المتجددة، والنقل، والصحة، والتعليم، والتكنولوجيا، والمياه، وذلك لغايات حجز مكانة مرموقة لدولة الإمارات العربية المتحدة ضمن الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم.

لقد شكّلت الاستراتيجية الوطنية للابتكار المحفز الأول لتوجهات مركزنا، حيث استقينا منها رؤيتنا، وألهمتنا صياغة رسالتنا، ووضع أهدافنا المستقبلية، لنكون من المساهمين الأوائل في تحقيق تطلعات قيادتنا الرشيدة، وتلبية طموح أبناء الوطن للدخول إلى قطاع الفضاء بثقة وطمأنينة، وترجمة حقيقية لمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: «الابتكار اليوم هو عمل مؤسسي وسياسات وطنية وكوادر متخصصة، ومجتمع تعمل قطاعاته كافة لاستكشاف طرق جديدة ومختلفة في أداء الأعمال».

إن اعتزازنا بقدرتنا على التماشي مع الاستراتيجية الوطنية للابتكار بمساراتها المتعددة لا يوصف، فمركز محمد بن راشد للفضاء استطاع أن يرسي بيئة محفزة للابتكار، وذلك من خلال التركيز المتواصل على تطوير الابتكار، والتعاون مع القطاع الخاص لتحقيق المزيد من الإنجازات، والعمل على بناء أفراد يمتلكون مهارات عالية في الابتكار، وإجراء الأبحاث وتبني أحدث وسائل التكنولوجيا في مجال استكشاف الفضاء، والاستفادة منها في تطوير تقنيات الاتصالات والأقمار الاصطناعية. ليس هذا فحسب، بل سيتم التركيز على أبحاث نقل تكنولوجيا الفضاء للاستخدامات الأرضية عبر المؤسسات المتخصصة في الدولة، ليكون قطاع الفضاء أحد القطاعات الجديدة في الاقتصاد الوطني.

وعند استعراض الكم الهائل من المبادرات التي أطلقناها، أصبح مركز محمد بن راشد للفضاء من أبرز حاضنات الابتكار في الدولة، ولا سيما أننا نسهم في بناء القدرات الوطنية المتخصصة في هذا المجال، ونفتح أبوابنا أمام الشركات الناشئة والمواهب الوطنية ورواد الأعمال الإماراتيين من القطاع الخاص. يضاف إلى ذلك حرصنا على بناء الشراكات العالمية في مجالات أبحاث الفضاء، من خلال علاقات راسخة نتطلع من خلالها إلى تبادل المعرفة والابتكار، كطرف فاعل ومؤثر في تقدم القطاع ونشر فوائده للبشرية جمعاء.

لقد تجلت رسالة المركز بوضوح تام في مهمة تنفيذ مشروع «مسبار الأمل»، الذي انطلق من ابتكارات إماراتية بالتعاون مع شركائنا الذين تقاطعت خططهم مع طموحاتنا. واليوم، نثبت للعالم أجمع أننا نشرع في مهمة هدفها عولمة ابتكارات الفضاء للارتقاء بالتطور التقني في مختلف المجالات الحياتية، والحرص على رفد الأجيال الحالية والمستقبلية بأحدث المعلومات الكونية.

إننا في مركز محمد بن راشد للفضاء نتخذ من الابتكار رحلة لا نهاية لها، انطلاقاً من إيماننا الراسخ بأن التفوق يحتاج إلى العزيمة والمثابرة الدؤوبة، ويكفينا فخراً في دولة الإمارات العربية المتحدة أننا أخذنا زمام المبادرة في محيطنا العربي لتوفير محفزات الابتكار لشباب أمتنا للانضمام إلينا في نهجنا لاستئناف حضارتنا من أرض دولتنا الجاذبة للكفاءات والراعية للمواهب. ومن هنا جاء إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء الهادف إلى تدريب وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين وإرسالهم إلى الفضاء للقيام بمهام علمية مختلفة.

ورغم حداثة عهد المركز نسبياً، كانت مبتكراتنا محط اهتمام وكالات الفضاء العالمية التي باتت ترحب بنا لتعزيز علاقات التعاون البنّاءة. وبدءاً من منظومتنا الرائدة لأقمارنا الاصطناعية وحتى مشروعنا الأكثر طموحاً «المريخ 2117»، الذي يستهدف إعداد أجيال إماراتية تتحلى بشغف الاستكشاف العلمي، والاستفادة من التجارب العلمية الخاصة بالتصدي لتحديات أمن الغذاء والمياه والطاقة على كوكب الأرض، فإننا نعد قيادتنا وشعب الإمارات والأمة العربية أننا سنواصل المسيرة لتقديم منجزات تعلي مكانتنا بين الشعوب، من خلال الكشف عن المزيد من المبتكرات التي ستذهل العالم.

وبعد أن احتفلنا باليوبيل الذهبي لاتحادنا بوصول مسبار الأمل إلى مداره حول الكوكب الأحمر، تظل أعيننا موجهة نحو الخمسين عاماً المقبلة لتسطير إنجازات تواكب خططنا الطموحة. وندرك يقيناً أنه يتعين علينا التفكير والتخطيط خارج النطاقات المعهودة، وأن نتسلح بالابتكار في كل خطوة نخطوها نحو المستقبل.

* المدير العام - مركز محمد بن راشد للفضاء

Email