«فزاع» روح القصيدة وراعي الإبداع

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مزايا وسمات تفرد كثيرة يتحلى بها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، نادراً ما تجتمع في شخصية واحدة، فسموه يكتب الشعر بحرفية وينظمه سهلاً ممتنعاً، فريداً في صوره، عميقاً في معانيه ومغازيه، ويتأتى له ذلك ببساطة من يتنفس الهواء.

وقد عُرف سموه كشاعر بلقب فيه من العزة والنخوة الشيء الكثير: «فزاع». وقد أضاءت قصائد سموه لحظات ثمينة تكتنف جوانب الحياة، وتضمنت من الحكمة فيضاً كبيراً.

كما أن قصائد سموه تمتاز بقربها من القلب، وقدرتها على إثارة العقل، ما يجعلها ترسخ في ذاكرة المتلقي بسهولة، بغض النظر عن موضوعها، سواء كانت تتغنى بالوطن، أو تتناول قضايا إنسانية؛ فهي دائماً مجبولة بعذوبة المفردة، وتحمل أرق المشاعر، وتكتنز بأعمق المعاني ومسكونة بحب الوطن والفخر به.

ومن جانب آخر، كون سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم خبراته الحياتية، وبلور معارفه ونظراته إلى الحياة، وخبر القيادة والإدارة، منذ طفولته وشبابه بحكم أنه نشأ قريباً من مركز صناعة القرار، فجده، المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم مؤسس نهضة دبي الحديثة، ووالده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الذي يعرف برؤيته التنموية الفريدة.

وفي الواقع، كان هذا المناخ الاستثنائي، بيئة مثالية أتاحت لسموه إظهار مواهبه وقدراته، وتحفيز إرادته وتعزيز عزيمته على التصدي للمسؤولية.

وهو ما توج في الأول من فبراير عام 2008 بإصدار صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم مرسوماً أميرياً بتعيينه ولياً لعهد دبي، فانطلق سموه يستجيب لإرادة فارس العرب، ويسابق الزمان في تحقيقها، من خلال عمله الدؤوب على دعم مكانة الإمارة وتميزها في كل مضمار، وكان في ذلك خير من يسترشد برؤية باني نهضة دبي، ومعلمها الأول، وعكست جهوده وإنجازاته قدراته القيادية التي نهلها من مدرسة والده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كما ترجمت إحساسه كشاعر مرهف، يعرف التفاصيل ويهتم بها باعتبارها تصنع مشهد القصيدة العام.

ربما من هذا المنطلق حرص سمو ولي عهد دبي على الاهتمام بالجوانب الثقافية والفنية والتراثية وتجلى ذلك في العديد من المشاريع التي تنبض بروح الإبداع، فمعرفة تقدم الأمم عبر التاريخ يقاس بفنونها وآدابها، ومبادرات سموه في هذه المجالات كثيرة، منها على سبيل المثال، لا الحصر: مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، مسابقة «حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي» وغير ذلك الكثير الكثير الكثير.

وفي مشوار دعمه للإبداع واهله، نجد سموه حريصاً على ترجمة رؤى فارس العرب في جعل دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي، إذ يواصل إطلاق المبادرات النوعية في الصدد.

فارس الشعر

في العام 2011 وفي قاعة مركز العين للمؤتمرات بالخبيصي، ألقى سمو الشيخ حمدان بن محمد «فزاع» أمام الحضور قصيدة «إيمان الشعوب» وهي قصيدة طويلة مكونة من 103 أبيات، تشبعت بالكثير من معاني الحب والولاء والاعتزاز والفخر بالوطن، والتقدير الكبير والعميق لقادته من خلال أبيات عدد فيها مناقب وأعمال قيادة البلاد ورموزها وما بذلوه من جهود وحققوه من إنجازات في سبيل بناء الاتحاد، ورفعة الدولة، وتعزيز مكتسباتها ومكانتها، إذ قال:

لو اني جيت اصرح... ما ورا كثر المنابر فود

لكني جيت من شعب بعزمه سابق ازمانه

اماراتي.. وانا افخر باني بدار الفخر مولود

ابا اخدم دولتي لين الجسد تفخر به اكفانه

إنها واحدة من الأمسيات التي تألق فيها سمو الشيخ حمدان بن محمد كشاعر، وفي هذه الأمسيات تناغمت روعة معاني قصائده مع عذوبة الإلقاء. وهو ما جعل من هذه القصائد المصدر الحقيقي لإلهام العديد من الشعراء، كما ظهرت بوصفها مادة ثرية مرهفة يتسابق محبو الشعر على حفظها ونشرها عبر مختلف وسائل الإعلام.

رهافة قصائد سموه، كان لها من غير بد أن تمس عالم الأغنية، وتلفت انتباه محبي القصيدة المغناة. وهكذا، فقد غنى من قصائد سموه عدد من أشهر فناني الخليج مثل الفنان راشد الماجد الذي غنى «الدراهم» وغيرها من قصائد، والفنان محمد عبده الذي غنى «صاحب الهجر» والفنان حسين الجسمي الذي غنى «الساعة في لندن» و«درب الشعر» وغيرهما.

وفي مبادرة أخرى، ومن منطلق إحساس سمو ولي عهد دبي بأهمية الشعر وتقديره للشعراء أطلق في 15 فبراير من العام 2010 مبادرة «حمدان بن محمد بن راشد للإبداع الأدبي» حيث تكفل سموه بموجبها بطباعة 100 ديوان مقروء ومسموع لكبار شعراء الساحة الشعرية الخليجية، بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب، إلى جانب الترويج لتلك الدواوين وتسويقها بالشكل الذي يليق بتلك المبادرة وبالشعر النبطي وبمكانة الشاعر النبطي الذي كانت ولا تزال أعماله بمثابة تدوين شعبي لفترات تاريخية متتالية، الأمر الذي يتيح المجال للجيل الجديد وللأجيال القادمة، التعرف على هذا الفن الشعري المرموق، والاستمتاع بجمالياته، والاطلاع على أبعاده التراثية والمعاصرة.

ولم يكتفِ سمو الشيخ حمدان بن محمد بهذه المبادرة بل وجه لإنجاز «البيت» وهو برنامج ظهر باعتباره نتاجاً صافياً لفكر سموه، فكان أول برنامج متخصص بالشعر النبطي، الذي يُشكل أحد أهم مكوّنات الموروث الشعبي لدولة الإمارات ودول منطقة الخليج العربي، وقد دعم سموه البرنامج من خلال مشاركته الكريمة، بتقديم صور مسابقة «نبض الصّورة» مِن بين مجموعة الصور الحصرية، التي التقطها سموه في أماكن ومناسبات مختلفة.

وكان مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، قد تولى إنتاج برنامج «البيت» ومن خلاله تمت إعادة ترتيب أوراق السّاحة الشعرية، وترسيخ جمالية وعمق معاني الشعر النبطي، وقد تم طرح البرنامج بطريقةٍ ذكية عَبر حساب «تويتر» بهدف إثرائه بالشعر النبطي، في 140 رمزاً، حيث يمكن للناس الرد على شَطر البيت بأقل الحروف وأقوى المعاني. وهو ما جعل من البرنامج بمثابة «تأكيد عصري على ريادة الشعر».

التصوير الضوئي

يذهل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، العالم بين فترة وأخرى بعرضه لصور التقطها بعدسته مجسداً العديد من المشاهد النادرة، وهو ما يبين اهتمامه بهذا الجانب من الفنون، الذي تجلى بإطلاق سموه في العام 2011 جائزة «حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي»(HIPA) كتجسيد وتأكيد على التزام دبي بشجيع ودعم الفن، والثقافة والابتكار.

وتعد هذه الجائزة هي الأكثر قيمة مالية بين جوائز التصوير الفوتوغرافي، وخلال أكثر من عقد من الزمن توجت الجائزة الكثير من المبدعين في هذا المجال، وبينت أهمية الصورة وعمقها بالتعبير عن المشاعر ومخاطبة الناس في كل الدول ومن مختلف الجنسيات من دون أية كلمة.

ومن جانب آخر، روجت الجائزة للدولة ومزاياها في أكثر من دورة مثل إطلاقها بالتعاون مع المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات لمسابقة «أجمل شتاء في العالم» للتصوير، وذلك لمواكبة الموسم الثاني من حملة «أجمل شتاء في العالم» وتعريف أهل الإمارات والسياح من مختلف أنحاء العالم من خلال إبداع الصورة والعدسة بدفء شتاء الدولة وتعدد معالمها السياحية والترفيهية وجمال تضاريسها الطبيعية وكرم ضيافة مجتمعها وتنوعه.

كما تجلى اهتمام سمو ولي عهد دبي بالتصوير بطريقة أخرى مبتكرة عندما أطلق سموه في 5 يناير من العام 2014 مبادرة لكتابة «سيرة مصورة» للحياة في إمارة دبي عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ولمدة عام كامل، وبمشاركة جميع سكان وزوار الإمارة عبر تصوير الحياة الحقيقية فيها وأهم وأجمل اللحظات التي يعيشونها في الإمارة، ووضعها على الوسم #MyDubai لإشهارها على العالم عاكسة الحياة في الإمارة عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي، وما زالت «سيرة مصورة» منتشرة لغاية الآن، لتوثق أمام العالم ما يحدث في دبي.

إحياء التراث

الماضي جزء من الحاضر والمستقبل في حياة الدول، واحتفاءً بإرث الإمارات وماضيها أصدر سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم قراره رقم (1) في السادس من أبريل لعام 2013 والقاضي، بإنشاء مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث.

ولأن التراث الإماراتي لا ينفصل عن التراث الإنساني عُد هذا التاريخ نقطة تحول جذرية في التراث الإنساني، لأن المركز يتعدى بمهامه مفهوم الجمع والتدوين التقليدي للتراث إلى بث الروح فيه من جديد ليكون كائناً حاضراً في حياة أبناء وطنٍ يعتزون ويفتخرون بهويتهم الإماراتية.

ومنذ اللحظة الأولى في مسيرته انطلق مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث في إطار استراتيجية مدروسة لرفع معدل الوعي تجاه الإرث الإماراتي الأصيل محلياً وإقليمياً وعالمياً، وبكافة تفرعاته: الإنسانية، والثقافية، الاجتماعية، اللغوية، المهنية، والرياضية، وأطلق عدداً من المبادرات الإعلامية والثقافية التي تعد الأولى من نوعها في العالم العربي وتشمل إطلاق مبادرة إذاعة «الأولى» التي تهدف لحفظ ونشر التراث الإماراتي الأصيل، وبرنامج «البيت» ومبادرة «وثيقتي» التي تهدف لإحياء التراث وتوثيقه ورصده بالأبحاث والدراسات.

وتشهد التواريخ على أن المبادرات التراثية لا تنتهي، وهو ما يمكن تأكيده عندما وجه سمو ولي عهد دبي، مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث بإطلاق «بطولة فزاع لليولة» باعتبار أن «اليولة» فن إماراتي أصيل ترتبط جذوره التاريخية بالحماسة والفخر والفرح.

ومن خلال برنامج «الميدان» الذي يبث على قناة «سما دبي» يستعرض المتسابقون مهارات التحكم بسلاح «اليولة» ضمن فنون وتقاليد متعددة يجب أن يتحكم فيها المتنافسون من بينها القدرة على إلقاء السلاح بشكل رأسي وإعادة التقاطه بسهولة ويسر.

وقد حفزت هذه المسابقة الشباب والناس على الاهتمام بجانب تراثي مهم من تقاليد وممارسات الناس في الإمارات، وبتتالي إقامة دورات «بطولة فزاع لليولة» تضاعف جمهور هذه المسابقات التراثية الأصيلة.

ولم تقتصر هذه المسابقة على المشاركين من دولة الإمارات، بل حظيت بإقبال كبير من قبل المشاركين الخليجيين، وهو الأمر الذي يجعل اللجنة المنظمة لهذه المسابقة، في كثير من الأحيان تقرر إقامة تصفيات تمهيدية في عدد من الدول الخليجية. وقد أسهم هذا الفن التراثي من خلال «بطولة فزاع لليولة» في شهرة العديد من الأشخاص الذين يشار إليهم بالبنان.

اقتصاد إبداعي

في إطار رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي تهدف لترسيخ مكانة دبي على الساحة الثقافية الدولية، وجعلها عاصمة للاقتصاد الإبداعي العالمي بحلول 2025، وجّه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بإعفاء المستأجرين الذين يقومون بتجديد عقاراتهم أو إعادة بنائها ضمن الاستخدامات، التي تخدم منطقة القوز الإبداعية، من الإيجارات لفترات تصل إلى عامين، وذلك ضمن خطة الـ«100 يوم» للمشروع الهادف إلى تحويل المنطقة إلى مجمع إبداعي شامل ومتكامل، يستقطب المواهب والمبدعين من جميع أنحاء العالم.

Email