حفل الخمسين .. الحرف الأول في القصة التالية

الإمارات ترسم مسار المئوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين ربوع الطبيعة الخلابة لحتا وسدودها وبحيراتها ووديانها وعلى فنون «الندبة والرواح»، احتفت الإمارات بعيد اتحادها الخمسين، حيث طبع الحفل بالهوية المحلية بدءاً من الخيمة وانتهاء بالفضاء.

نحتفل وقلوبنا تفيض بمشاعر الولاء والوفاء.. نستذكر في يوم 2 ديسمبر 1971، جهود المؤسسين وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قائد الاتحاد، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراه، حيث شكل ذلك اليوم التاريخي انطلاق النهضة الحقيقية، وبدء مسيرة الإنجازات لدولة الإمارات.

ويأتي الاحتفال بعيد الاتحاد الخمسين، فيما تمضي الإمارات قدماً لتنفيذ «مبادئ الخمسين»، التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتصل الإمارات إلى تحقيق هدفها في «مئوية الإمارات 2071» بأن تكون أفضل دولة في العالم.

في ملحمة اليوم يظهر الانفتاح والإنسانية هما أقوى جسور التلاقي، نرى الوطن الذي يحتضن مقيمين من جميع الجنسيات بأرقى صور التعايش، حيث باتت الإمارات رمزاً للسلام والتعاون والتكاتف مع كل مؤمن بأن الإنسانية هي الأساس.

إنها سيرة ومسيرة تحكي عن العلاقة بين الإنسان ووطنه، من خلال التركيز على الجوانب المتعلقة بالبيئات الزراعية والصحراوية والجبلية والبحرية لدولة الإمارات.

حكايات تُروى لأول مرة عن شخصيات متميزة، من بينها نساء بارزات، كان لهن دور في تاريخ الإمارات، وفتيات يرسمن أحلامهن، إنها سردية تحاكي الواقع في طريقة نمطية التعايش والتواصل القديمين، الذي ينتمي إلى مجتمع النتاجات الإبداعية، وولوجه إلى نمطية خاصة يظهر فيها فرد منحاز إلى أصوله، راسماً منها خط البداية، الذي سار عليه إلى وصوله لبداية الحلم المئة، الذي منه تنطلق الرؤية فنتخذ من مخزون حكمتها وقيمها الأصيلة زاداً للمسيرة، ومن «مدرسة زايد» البوصلة والمرجعية للحاضر والمستقبل.

في الأمس، اختتمنا الخمسين عاماً الأولى من تاريخنا، ونبدأ في العبور الثاني للمئة، نخطو إلى الأمام ونطمح للأعلى، وقد ألهمتنا قصة آبائنا المؤسسين، مسترشدين بإرث الحالمين الأوائل، عيوننا وهدفنا نحو مستقبل يجمعنا معاً، مستقبل يأخذ في الاعتبار مساهمتنا المؤثرة والإيجابية للإنسانية.

في موطن الحلم والإنجاز نكتب حروف غدنا، الغد الذي يجمعنا للبدء برحلة الخمسين عاماً المقبلة.

عرض ملحمي سخرت له التكنولوجيا وعمل عليه 1400 فرد من أكثر من 100 جنسية بشكل مستمر لما يقرب من مليون و500 ألف ساعة في الموقع، واستمر إلى 142 يوماً، أما موسيقى الحفل فقد تم دمج الموسيقى الإماراتية التقليدية مع الموسيقى العالمية.

فكان الختام ملحمة تاريخية أرّخت لماض ورسمت مستقبلاً أبطاله الشغف والتطور ونكران الذات، ليشكل هذا العمل إمارات السلام والمحبة والوئام، تبدأ الفصول بسطح المنحوتة الدوار، والذي يشكل مسرحاً خارجاً عن المألوف، يظهر خط واحد مُمَثِلاً العلامات الأولى، التي صنعها الإنسان على الأرض.

وتبدأ قصة الإمارات بالتكشف من هذه الآثار المبكرة، فتتحرك الخطوط وتتحول إلى وسوم، هذه العلامات التي تستخدمها القبائل في الإمارات للتعرف على مواشيها، تتغير الخطوط مرة أخرى وتتطور إلى وسوم القبائل المختلفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، تتحد هذه الوسوم معاً لتصبح كياناً واحداً، ثم وبحركة انسيابية لا تفصل المشاهد عما يراه ودون الحاجة لإزاحة ستارة، تظهر العصا الأولى التي تشكلت من خط رسم في الرمال، ليؤسسوا أنفسهم في هذا الكون، وبين الشمس والأرض، تتحول هذه العصا إلى ساعة شمسية قديمة لتكشف عن أقدم أشكال البوصلة الإماراتية والمعروفة باسم «الديرة».

عندما ننظر إلى السماء تضيء 200 نجمة تربط أشعتها بين السماء وأرضنا، نبدأ في رؤية الخطوط المتوهجة، التي تمثل الآثار والعلامات التي تركها أسلافنا أثناء أسفارهم لنقل الأفكار والمعتقدات والأشياء حول العالم، تتحول المنحوتة لتكشف عن ديرة الدرور- النظام الفلكي القديم الذي طوره أسلافنا منذ قرون لتحديد الطقوس الموسمية المتوافقة مع الدورات الطبيعية، فحتى أسلافنا كانوا مهندسين بالفطرة عبر الزمان والمكان- فسخروا التكنولوجيا والطبيعة ليجدوا لأنفسهم بشكل متناغم، مكاناً في هذا الكوكب والكون.

أمهات وجذور

ولتكتمل فصول الرواية كان لا بد من التركيز على الرعيل الأول برجاله ونسائه هذا العنصر المرتبط بمرحلة بداية التكوين، تكوين الكيان وتوسعه إلى أن أصبح اتحاداً وهذا نتاج جديد أفرزه الحلم والمثابرة للوصول إلى عالم اليوم، الذي انطلقنا منه لتأسيس الخمسين الحلم، ننطلق معاً في رحلة في التاريخ، عبر الطرق التي تمر عبر أراضينا إلى جذور أجيالنا، فنتعرف على النساء والبطلات اللاتي لعبن دوراً أساسياً في قصة وطننا لنؤرخ للمداميك الأولى في بناء الوطن وليكونوا منارة للأجيال للوصول إلى بر الأمان.

الشجاعة حيث تتوارث من كابر لكابر، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، نساؤنا الواحدة بألف رجل.. وهذا ما جسدته الشيخة ميثاء بنت سالمين المنصوري، زوجة الشيخ زايد بن خليفة، جد الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

عُرفت الشيخة ميثاء بشجاعتها، فتصدت لمجموعة من الرجال، الذين اقتربوا من مضاربها، فانتحلت صفة شقيقها لحمايتها، ولا تزال شجاعتها مصدر إلهام لجيل من النساء اليوم.

المشورة

هذا مثال على نساء أنجبن رجال قادة نهلوا منهن الحكمة ونتذكر الشيخة حصة بنت المر الفلاسي، جدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي عرفت بمشورتها ونصائحها في الشؤون المالية والتي كان لها تأثير كبير على دبي، واشتهرت أيضاً بأعمالها الخيرية.

كانت شمسة بنت سلطان المرر صيادة استثنائية تصيد اللؤلؤ والأسماك، واليوم نتذكرها لجهودها الشجاعة في حفظ طقوس البحر وتقاليده ونشرها.

خُلّدت سيرة حمامة بنت عبيد الطنيجي في السينما والأدب، وهي المعالجة الشهيرة التي عرفت بعلاجاتها التقليدية، بما في ذلك «التوسيم»، كانت عالمة نباتات تمتلك معرفة كبيرة بالاستخدامات الطبية للنباتات المحلية.

العطاء

تمثل في شخص «أم الإمارات» التي رافقت المغفور له الشيخ زايد في مسيرة البناء سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام ورئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة والرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، تقود سموها العديد من المبادرات الإنسانية والخيرية في جميع أنحاء العالم لدعم النساء والأطفال، وما زالت تستمر في إلهام جيل من النساء اللواتي يتبعن قيادتها ويقتدين بها.

فكرة الاتحاد

أبرز العرض الملحمي أو بالأدق الأسطوري، الذي ختمنا به خمسين عاماً وانتقلنا إلى الخمسين المقبلة آباءنا السبعة المؤسسين في الصورة الأيقونية التي التقطت في الثاني من ديسمبر عام 1971، مؤذنة بتشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة.

ثم ننتقل إلى فصل جديد في ملحمة الإمارات الحلم منذ بدء رحلة اتحادنا، ترتفع صورة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فوق المنحوتة، ويبدأ الضباب في الظهور، ليذكرنا بالضباب، الذي نزل فوق التل في منطقة السميح في صباح شهر فبراير 1968، عندما تكونت فكرة الاتحاد لأول مرة،

يظهر اتفاق الاتحاد ممهوراً بتواقيع المؤسسين.

زانها زايد

ثم برؤية بصرية تجعلك تعيش التفاصيل والمعاناة وبداية الرؤية، التي أتت مع المغفور له الشيخ زايد لتخلد مقولته المشهورة: «أعطني زراعة.. أعطك حضارة» فما بدأ صحراء في يوماً من الأيام صار اليوم جنة من النخيل والأشجار الوارفة التي جسدت رؤية الأب المؤسس بتحويل الصحراء إلى واحة خضراء.

تكشف المنحوتة عن التكوينات المعمارية الأكثر طموحاً في الإمارات العربية المتحدة، من منازل الشعبيات المتواضعة، مروراً بالبراجيل والحصون، وانتهاء بالمباني الأكثر إلهاماً في العالم. تجتمع الطبيعة مع التنمية البشرية في وئام لتشهد على التطور المستمر لدولة الإمارات العربية المتحدة.

هذي الإمارات

لقد جمع وطننا دائماً بين الناس من خلال قيمنا في الإبداع والتعايش، رحبنا بالعالم في دولة الإمارات العربية المتحدة، موطن الحلم والإنجاز.

لتظهر المنحوتة «ديرة»، أداة أسلافنا الأولى لحفظ الوقت، والتي تستمر في التطور حتى تتحول إلى ساعة معقدة تضبط مسارنا عبر الزمان والمكان، تنعكس لقطات أرشيفية على المنحوتة لتمثل اللحظات الرئيسية في تاريخ وطننا، والتي تتحرك عبر الزمن حتى وصولها هذه اللحظة، متوجة تاريخنا في معرض «إكسبو 2020 دبي».

رسائل إلى المستقبل

زهرات الوطن.. النبت الغض الذي أنبتته الصحراء ليتحول إلى سياج حصين ينهض الوطن على عاتقه، حيث يخاطبن ويكتبن أنفسهن للمستقبل يروين حلمهن وتحقيقه.. أشبال زايد يحملون الحلم بين أهدابهم يسافرن به عبر الزمن ليحطن الرحال فوق هذا التراب الطاهر ويحققن ما يصبن إليه.

رائدة فضاء

تظهر نورا المطروشي وهي طفلة تخاطب نفسها في المستقبل وتتساءل عن الفضاء والنجوم والكواكب.. تتساءل عن الاحتمالات الهائلة التي تكمن في سمائنا وتتفكر في كيفية الوصول إليها في يوم من الأيام..واليوم، تبدأ نورا المطروشي، أول امرأة عربية في الإمارات، التدريب لتصبح رائدة فضاء.

تتحول المنحوتة بعد ذلك إلى منصة لإطلاق أحلامها ورؤيتنا الجماعية للمستقبل.

دكتوراه

ننتقل إلى ميثاء بو غنوم الهاملي، وهي تكتب إلى نفسها في المستقبل، وتتساءل عن مستقبل كوكبنا وحيواناتنا وأسماكنا. تكتب عن السلاحف التي تصادفها والرحلات البحرية، التي تحبها مع عائلتها، واليوم، صارت ميثاء طالبة دكتوراه تركز في أبحاثها على حيوانات الأطوم في أبوظبي. يظهر صقر يتحرك مع ظله على المنحوتة، ليكشف عن تنوع الحياة النباتية والحيوانية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

عالمة

نسمع من طفول النعيمي وهي تتساءل عن إمكانية عد كل حبة رمل في الإمارات في رسالة توجهها إلى نفسها في المستقبل. تحلم بجمع الأرقام والبيانات وإقامة روابط ذات مغزى بين الطبيعة والتكنولوجيا. واليوم، تعد الدكتورة طفول النعيمي عالمة بيانات رائدة تستخدم التعلم الآلي لتوفير خدمات أتمتة البيانات للشركات في جميع أنحاء العالم.

غرس زايد

إن غرس زايد الخير أتى أُكله، وبدأت الإمارات العبور للمئة ..الإمارات درة الحضارة والإنسانية والشاهد التاريخي على عزيمة صناعة الازدهار، فهنا تهفو الفطرة البشرية للتنعم بكرامة هذه الأمة، هنا وطن اللامستحيل، حيث الوفاء.. هنا نمتلك مفاتيح المستقبل.

 
Email