حمدان بن محمد: الاستثمار في بناء الإنسان تصدر أولويات العمل الوطني منذ البدايات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، أنه بحلول الثاني من ديسمبر هذا العام تبدأ دولة الإمارات مرحلة جديدة في تاريخها، يواصل معها أبناء الوطن مساعيهم لاستكمال مسيرة التنمية المباركة التي بدأت في مثل هذا اليوم قبل خمسين عاماً.. بمداد لا ينفد من الانتماء إلى الوطن والولاء لقيادته الرشيدة، مجددين العهد والوعد بالمضي على القيم التي تأسست عليها دولة الاتحاد، والعمل على صون مقدراتها وحماية مكتسباتها والتفاني في الحفاظ على مكانتها والوصول بها إلى أعلى المراتب بين أكثر دول العالم تقدماً وتطوراً وازدهاراً.

وقال سموه عبر «تويتر»: «رحم الله الآباء المؤسسين الذين شيدوا هذا الاتحاد المبارك ورسخوا بنيانه وأقاموا دولة نفاخر العالم بإنجازاتها.. 50 عاماً مرت على تلك الذكرى الخالدة، كان لنا في كل يوم فيها موعد مع المجد لرفعة دولتنا وسعادة شعبنا».

وأكد سموه - في كلمة وجهها عبر مجلة «درع الوطن» بمناسبة عيد الاتحاد الخمسين - أن الاستثمار في بناء الإنسان وإعداد الكوادر القادرة على ريادة مسيرة التطوير هدف تصدّر أولويات العمل الوطني منذ البدايات، حيث واكب ترسيخ اللبنات الأولى لدولة الاتحاد ابتعاث أبناء الإمارات إلى منابع المعرفة في مختلف أنحاء العالم، لإعداد جيل سيكون مسؤولاً عن بناء مستقبل الدولة الفتية.. مشيراً سموه إلى أنه مع الثاني من ديسمبر هذا العام، نستعد للانطلاق في بداية مسيرة خمسينية جديدة بأهداف واضحة ومشاريع ومبادرات نوعية ورؤى طموحة وإصرار على الوصول إلى المركز الأول في مختلف المجالات.

وفيما يلي نص الكلمة..

«مع حلول الثاني من ديسمبر هذا العام، تبدأ دولة الإمارات مرحلة جديدة في تاريخها، يواصل معها أبناء الوطن مساعيهم لاستكمال مسيرة التنمية المباركة التي بدأت في مثل هذا اليوم قبل خمسين عاماً.. بمداد لا ينفد من الانتماء إلى الوطن والولاء لقيادته الرشيدة، مجددين العهد والوعد بالمضي على القيم التي تأسست عليها دولة الاتحاد، والعمل على صون مقدراتها وحماية مكتسباتها والتفاني في الحفاظ على مكانتها والوصول بها إلى أعلى المراتب بين أكثر دول العالم تقدماً وتطوراً وازدهاراً.

ونتوجه في هذه المناسبة، بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، سائلين المولى عزّ وجلّ أن يحفظ قيادتنا الرشيدة وشعبنا الكريم، وأن يديم على دولة الإمارات رفعتها وعزتها ورقيها.

ونستحضر بكل الولاء والتقدير ذكرى مؤسس دولة الاتحاد وواضع أساس نهضتها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورفيق دربه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والآباء المؤسسين، طيّب الله ثراهم جميعاً، والذين أسسوا لدولة حديثة تم استكمال أركانها بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، متعه الله بموفور الصحة والعافية، لتصل دولتنا اليوم إلى تصدر قوائم التنافسية العالمية في العديد من المجالات.

لقد انطلقت سواعد أبناء الإمارات تبني وتشيد، استلهاماً لأكفأ نماذج التطوير والتنمية العالمية، وكان القرار أن تكون بداية نهضتها التنموية من حيث انتهى الآخرون، باتباع أفضل الممارسات والمعايير والمواصفات العالمية في شتى قطاعات العمل، سعياً للوصول إلى مصاف أكبر دول العالم وأكثرها تطوراً، لتقدم الإمارات على مدار نصف قرن من الزمان نموذجاً مُلهماً لتنميةٍ طالت إنجازاتها مختلف القطاعات، مستقطبةً تقدير العالم واحترامه، لتصبح مثالاً يحتذى في التطوير القائم على المعرفة والملبّي لاحتياجات الحاضر والمتطلع لفرص المستقبل.

وكان الاستثمار في بناء الإنسان وإعداد الكوادر القادرة على ريادة مسيرة التطوير هدفاً تصدّر أولويات العمل الوطني منذ البدايات، حيث واكب ترسيخ اللبنات الأولى لدولة الاتحاد ابتعاث أبناء الإمارات إلى منابع المعرفة في مختلف أنحاء العالم، بغية إعداد جيل سيكون مسؤولاً عن بناء مستقبل الدولة الفتية، حيث واصل أبناء الوطن اكتساب المعارف والخبرات والمهارات اللازمة لدفع النهضة التنموية قدماً في جميع مساراتها، لنفاخر اليوم بأجيال من الكوادر الإماراتية التي أثبتت كفاءة نوعية في شتى المجالات وصولاً إلى استكشاف الفضاء، وذلك توازياً مع تبني كل ما يكفل لدولة الإمارات الريادة في عصر الثورة الصناعية الرابعة، لا سيما في التحوّل الرقمي وتوظيف الحلول الذكية للوصول إلى أفضل النتائج ضمن أقصر الأطر الزمنية.

ومع إصدار وثيقة الخمسين مطلع العام 2021، أصبح لدى دولة الإمارات خريطة طريق واضحة تمضي على هديها خلال السنوات الخمسين المقبلة، بعشرة مبادئ أساسية تضمن لدولتنا الريادة، وفي مقدمتها ترسيخ دعائم الاتحاد، وبناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، والاهتمام بتنمية رأس المال البشري الذي يشكل الركيزة الأساسية في صنع المستقبل المنشود، والسعي لضمان التفوق الرقمي والعلمي، فيما أكدت الوثيقة على مبدأ إنساني مهم، وهو أن المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية، وهو المبدأ الذي أعلته الدولة منذ قيامها، وضاعفت العطاء من خلاله لتصل إلى مقدمة الدول المانحة للمساعدات الإنمائية على مستوى العالم أجمع.

ومع مرور العالم بأزمة ربما تكون الأكثر صعوبة في تاريخه الحديث، كانت دولة الإمارات كعهدها دائماً في مقدمة الدول المبادرة لتقديم العون للمجتمعات الأكثر تضرراً من جائحة «كوفيد 19»، وسارعت إلى توجيه المساعدات الطبية والإنسانية والإغاثية للمجتمعات الأقل حظاً من التنمية، وكذلك الدول المتقدمة التي عانت من جراء الأزمة التي فرضت تحديات كبيرة على النظم الصحية العالمية، حتى في أكثر دول العالم تقدماً.

وكان الموقف الاستثنائي الذي شهده العالم على مدار نحو العامين، ورغم ما جلبه من تحديات، مناسبة جديدة ليظهر فيها أبناء الإمارات مدى توحدهم وتلاحمهم الذي يؤكد قدرتهم على تجاوز كل الصعاب مهما كان حجمها.

وبفضل رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة، والقدرات المتميزة التي تتمتع بها أنظمة العمل في الدولة في التجاوب مع مختلف المتغيرات، كانت سرعة التحرك لمواجهة تداعيات الجائحة، وتم استنفار كافة الطاقات والإمكانات، محلية كانت أو اتحادية، ضمن إطار من التنسيق الكامل والمبادرة إلى تبني إجراءات وقرارات حاسمة كان لها كبير الأثر في أن تخرج الإمارات من مواجهتها مع الجائحة منتصرة، وخلال وقت قياسي، مبرهنةً قدرتها على تخطي كافة المواقف الاستثنائية بتكاتف شعبها والتفافه خلف قيادته الحكيمة التي لم ولن تدخر جهداً في سبيل الحفاظ على صحتهم وسلامتهم في كل وقت وحين.

فقد أثبتت دولة الإمارات أنها أكبر من كل التحديات، وبرهنت قدرتها على أن تكون دائماً في المقدمة تقهر ما تواجهه من معوقات، ولا أبلغ من استضافة حدث بحجم «إكسبو 2020 دبي»، وهو ليس فقط الأكبر عالمياً بالحضور المباشر منذ اندلاع أزمة الجائحة العالمية، بل هو الأكبر في تاريخ أضخم معارض العالم وأعرقها بمشاركة 192 دولة، ضمن دورة وعد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأن تكون استثنائية في تاريخ المعرض، وهو ما نراه يتحقق بإرادة وعزيمة تترجم المبدأ الذي أقره سموه، وهو أن كلمة «مستحيل» لا توجد في قاموس الإمارات التي ستظل دائماً رائدة في كل ما يخدم الإنسان ويضمن له المستقبل الأفضل.

ومع الثاني من ديسمبر هذا العام، نستعد للانطلاق في بداية مسيرة خمسينية جديدة بأهداف واضحة ومشاريع ومبادرات نوعية ورؤى طموحة وإصرار على الوصول إلى المركز الأول في مختلف المجالات.. نواصل مسيرة النماء.. نبني ونعمّر ونسعى لريادة مجالات جديدة نثبت فيها تفوقنا ونرتقي أعلى مراتب التميز.. نصل بملكات الإنسان إلى مداها من الإبداع والابتكار.. لنعمل برؤية قيادتنا الرشيدة لصنع غدٍ تعمّه السعادة ويظلله الرخاء وتصنعه إرادة شعب سيظل ملتفاً حول قادته متوحداً تحت رايته، ولتبقى دولة الإمارات على الدوام منارة للأمل والسلام والتسامح من منطلق إيمان عميق بوحدة المصير الإنساني، وأن التضامن والتعاون بين دول العالم وشعوبه هو السبيل لغد يحمل أسباب الأمن والاستقرار والتقدم للجميع».

Email