معجزة هندسية

 وواصلت «دبي القابضة» شحذ همم فرق العمل لمواصلة عمليات التشييد على ضفاف مياه الخليج العربي، وبذلك تقدم دبي للعالم اليوم، نموذجاً جباراً وجديداً للإرادة الإنسانية في التغلب على التحديات الجسيمة وتهدي البشرية أيقونة سياحية تبهج النفوس وتبهر الأنظار.

 

 

أُعلن عن عجلة «عين دبي» لأول مرة في فبراير من 2013، وقد استغرق استكمالها قرابة 8 أعوام، حيث بدأت عمليات البناء في مايو من عام 2015، وافتتحت رسمياً أمس في 21 أكتوبر 2021. ولم يثنها فيروس «كورونا» عن الفوز باللقب في حلبة التحدي، بعد 9 ملايين ساعة عمل استغرقها زمن البناء.

 

ويقول المدير الفني الأول في «WSP» شركة تقديم الاستشارات الرئيسية لـ«عين دبي»، (والتي صممت العجلة بشكل أساسي)، دارين بروك إن الهاجس الدائم لفرق العمل كان بلوغ أعلى المعايير باستمرار.

 

تطلب هذا الإنجاز جذب خبرات عالمية، وساهم مستشارون من دولة الإمارات، وكوريا الجنوبية، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وهولندا، وفرنسا، وإيطاليا، بتحديد الجوانب الرئيسية للتصميم. وقامت فرق العمل بآلاف العمليات الحسابية المعقدة لضمان أن تكون القوى الأفقية والرأسية للعجلة محسوبة بدقة وعلى النحو الأمثل لدى تشغيلها.

 

ويبلغ طول المحور وحلقة الدوران 40 متراً تقريباً ويصل ارتفاعهما إلى نحو 20 متراً ويزن محور الهيكل والمغزل 1.805 طن، ويعادل ذلك 4 طائرات من طراز إيرباص «A380» العملاقة، بينما يبلغ الوزن الإجمالي للحافة ومقصورات الركاب، 7.500 طن. وتضم العجلة 48 مقصورة وتتسع كل مقصورة لـ 40 شخصاً، ما يعني أنه يمكن لـ 1.750 شخصاً ركوب عجلة «عين دبي» في أي وقت.

 

وجرى تجهيز المحورين بمنصات داخلية وخارجية، مع أنابيب التبريد، وحوامل الكابلات، وسلالم الوصول، ومن ثم توصيل المحاور بالحواف الخارجية باستخدام تلك الـ 192 كابلاً، لتتخذ العجلة شكلها النهائي العملاق.

 

وتم تركيب المحور وحلقة الدوران في جزيرة بلوواترز فوق أعمدة دعم «عين دبي» والتي يبلغ ارتفاع كل منها 126 متراً باستخدام اثنتين من أكبر الرافعات في العالم، تضم كل واحدة منها ذراع رفع بطول 180 متراً وقادرة كل منها على رفع أوزان تصل إلى أكثر من 3000 طن، وقد تطلب ذلك تنسيقاً دقيقاً بين جميع المهندسين والفنيين خلال عملية الرفع التي تمت بشكل متزامن بين الآلتين، والجدير بذكره أن فريق العمل كان قد تدرب مسبقاً استعداداً لهذه المرحلة التي تطلبت دقة بالغة.

 

 

صممت عجلة «عين دبي» لتستمر لمدة 300.000 دورة، أو 60 عاماً، إلا أن هناك تدابير وضعت لإطالة هذا العمر الافتراضي. وتتكون العجلة من 8 أقسام بطول 107 أمتار لكل منها، وجرى تثبيت 192 من قضبان العجلة في مكانها، وتتكون كل منها من 107 أسلاك تبلغ سماكتها 9 مليمترات وعند توصيلها معاً واحدة تلو الأخرى، فإنها ستمتد من دبي إلى القاهرة.

 

 

وتم تصنيع وتجميع المحور وحلقة الدوران للعجلة الترفيهية في دولة الإمارات، ولاستحالة نقلها براً، شحنت بحراً إلى جزيرة بلوواترز. وجرى تشييد الهيكل بـ 11.200 طن من الفولاذ، وهي كمية أكبر مما استخدم لبناء برج «إيفل» بـ 33% تقريباً.

 

وتتكون حلقة الدوران التي يبلغ قطرها 6.25 أمتار من الفولاذ الذي يستخدم للمحطات النووية وتم تصنيعهما وتجميعهما والمحور بدقة وجودة فائقتين، وتولت 3 آلات خاصة تم استقدامها إلى دولة الإمارات من سنغافورة القيام بعملية الصقل، والتي استغرقت 7 أشهر بهدف تحقيق الشكل الدائري الأمثل بما يضمن قوة أداء العجلة وقدرتها على تحمل أوزان كبيرة.

 

 

تقع عين دبي في جزيرة بلوواترز التي طورتها دبي القابضة وهي على مقربة من مرسى دبي ولا تبعد عن أبوظبي سوى مسافة قليلة بالسيارة. وتتصل بلوواترز بشارع الشيخ زايد مباشرة عبر جسر خاص، كما يربط الجزيرة بـ«ذا بيتش» الشهير في جميرا بيتش رزيدنس.

 

 

جرى تزويد الكبسولات بزجاج مزدوج عالي الجودة يحمي الركاب من الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية، وهو مصنع بنفس تقنية قمرات الطائرات الحربية، ما يمنح الركاب إضاءة مثالية ورؤية واضحة.

 

ويتميز تصميم مقصورة الكبسولات الداخلية بالمتانة العالية وبأعلى شروط السلامة فضلاً عن الفخامة وهي قابلة للتعديل بحسب رغبات الجمهور أو الشركات، حيث يمكن تحويلها إلى مطعم مترف أو قاعة اجتماعات أو للحفلات الاجتماعية.

 

ويتيح نظام التحكم بالحرارة للركاب الاستمتاع برحلة مريحة، بينما تزودهم شاشات LED بمعلومات عن الجولة والمناظر الخلابة. ولضمان جولة سلسة تم تركيب محركين تحت الأرضية لضمان ثبات واستقرار الكبسولات، وكانت «هيونداي للهندسة والإنشاءات» منحت عقداً من الباطن لشركة «بوما» الفرنسية لتصميم وشراء وتشييد وتركيب الـ 48 مقصورة عالية التقنية في «عين دبي».