مجالس الأحياء في دبي.. منصات حية لترسيخ منظومة القيم الإماراتية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تسهم مجالس الأحياء في ترسيخ منظومة القيم الإماراتية، وتوطيد أواصر النسيج الاجتماعي، وتشكل منصات حيّة لاستقطاب سكان المناطق من مختلف الفئات العمرية، وإشراكهم في القضايا التي تعنى بالعادات والتقاليد والقيم المتوارثة، بغية تنميتها في نفوس المواطنين، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لطرح آرائهم وأفكارهم وإيصالها إلى المسؤولين، وكذلك تعمل على تنمية روح التسامح والأخوة بين سكان المنطقة، وتربي الأجيال على المبادئ والأخلاق الحميدة.

وتقود هيئة تنمية المجتمع، مسيرة تعزيز مكانة مجالس الأحياء، ودورها المحوري، فيما أكد عدد من الشخصيات الرسمية الاعتبارية في دبي، أهمية المجالس في ملامسة احتياجات المجتمع المحلي، ودورها في ربط الجيل الحالي بجيل الآباء والأجداد، مشددين على ضرورة تحويل المجالس إلى بيئات فاعلة، وحواضن ناقلة للفائدة، ومناخ تحفيزي قادر على تمكين وصقل مهارات الشباب القيادية، فضلاً عن مساعي الارتقاء بدورها، لتسهم في تنفيذ وتخليص معاملات رسمية.

بيئات فاعلة

وفي هذا الصدد، ارتأى معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، ضرورة عقد العزم على تحويل مجالس الأحياء إلى بيئات فاعلة، ومنصات لتعميم الفائدة، وصقل مهارات الشباب القيادية، مؤكداً ضرورة تعزيزها بما ينسجم مع توجهات القيادة الرشيدة، الحريصة على جمع أبناء الوطن، وضرورة تلبية ودعم هذا التوجه.

وقال خلال جلسة حوارية على هامش افتتاح مجلس أم سقيم: «نبارك لحكومتنا وأهل المنطقة هذا المجلس، كما نتقدم بالشكر لهيئة تنمية المجتمع، وفريق عملها على بناء المجالس، حيث سيكون مجلس أم سقيم نموذجاً للمجالس القادرة على استقطاب الناس»، مؤكداً أهمية زيادة القدرة التنافسية للمجالس، في ظل وفرة الخيارات التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي.

تعليم الأبناء السنع

وأكد معاليه ضرورة الارتقاء بدور المجالس، عبر الخروج من عباءة الأدوار التقليدية إلى أدوار أكثر حيوية، تليق بمكانة دبي، وحضورها القوي، وتميزها في شتى المجالات والقطاعات، مشيراً إلى أهمية تنظيم البرامج والمحاضرات والحلقات النقاشية، معولاً على أولياء الأمور، تشجيع أبنائهم على الوجود في المجالس، واكتساب المعارف فيها، وتعلم سنع أهل الإمارات وعاداتهم، مؤكداً أن بعض أبناء الجيل الناشئ، لا يعلمون عن العادات والتقاليد إلا القليل.

كما شدد معاليه على ضرورة استهداف الشباب في المجالس، من خلال تنظيم فعاليات وبرامج قادرة على تحفيزهم، كالأنشطة الرياضية، والدورات التدريبية، التي تعنى بتنمية المهارات والسمات القيادية لديهم، لافتاً إلى أن العمل بهذه الوتيرة والخطة، سيسهم في إنشاء نخبة من الكوادر الوطنية القيادية المؤهلة، خلال السنوات الخمس المقبلة.

خطة توسع

بدوره، كشف أحمد جلفار مدير هيئة تنمية المجتمع، عن خطة للتوسع في مجالس الأحياء، من خلال افتتاح 11 مجلساً على مستوى إمارة دبي، لافتاً إلى تضمن الخطة تجديد المجالس القائمة القديمة، في مناطق الجميرا والمزهر والممزر والراشدية.

وأوضح أن الهيئة خاطبت جهات ودوائر حكومية عدة على مستوى الإمارة، للعمل على جعل مجلسي أم سقيم والخوانيج، اللذين تم افتتاحهما في وقت سابق، منصة لتخليص بعض المعاملات الرسمية، مشيراً إلى أن خطة الهيئة، تشمل تفعيل المجالس وتحويلها إلى نقطة جذب لكافة المراحل العمرية، عبر استهداف الفئات على اختلافها، بأنشطة وبرامج نوعية.

ولفت إلى أن الهيئة ستقوم بشكل مبدئي، بتنظيم فعاليتين أسبوعياً على الأقل، بالتعاون مع الجهات الحكومية.

وأكد جلفار، أن الهيئة تقوم باختيار موضوع الفعاليات بعناية شديدة، بحيث تلامس احتياجات المجتمع المحلي، مع التركيز على جوانب التثقيف والتوعية، ومناقشة قضايا اجتماعية مهمة، كالطلاق، والزواج، والمخدرات، بالإضافة إلى تحديات الشباب، وكيفية التغلب عليها، والسنع، وتعزيز الهوية الوطنية، لافتاً إلى توجه الهيئة الجاد والحازم، لاختيار نخبة من المحاضرين الأكفاء، خلال الفعاليات المختلفة، لضمان الأثر المرجو منها.

حوارات بناءة

وأشار إلى أهمية مجالس الأحياء، التي تنضوي تحت مظلة الهيئة، لجهة مساهمتها بدور كبير وفعال في توطيد العلاقات الاجتماعية، وربط الجيل الجديد بجيل الآباء والأجداد، عبر الحوارات البناءة، لافتاً إلى دورها المهم والأكيد في إيجاد الحلول للمشكلات المختلفة، سواء كانت اجتماعية أو إدارية، وذلك عبر استضافة مسؤولي الجهات الحكومية، والوعاظ، والعلماء، ما يؤدي لغرس القيم الإيجابية، والخصال الحميدة في المجتمع.

مبادرة كبيرة

بدوره، أعرب عبد الله بن زايد الفلاسي مدير عام دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي: «يعد مشروع المجالس مبادرة كبيرة، تضيفها حكومة دبي لخدمة المجتمع، حيث تتيح تلاقي جميع الفئات في أماكن حديثة متاحة بشكل مستمر للجميع، في أوقات النهار وحتى المساء، وتشاركهم في الفعاليات والمناسبات، والاستفادة من خدمات المؤسسات الحكومية والتعليمية والأهلية.

كما تشكل فرصة لالتقاء الصغير والكبير، ونقل الخبرات والتجارب، إضافة إلى أن الجهات الحكومية، ومع وجود تطبيقات ذكية لخدماتها، يمكن أن توفر هذه الخدمات عن طريق المجالس».

خطط تطويرية

وقال أحمد درويش المهيري، المدير التنفيذي لقطاع العمل الخيري بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي «نشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على مكرمته وتوجيهاته، بضرورة تطوير مجالس الأحياء، التي تعتبر بذرة طيبة، تتطلب خططاً واضحة من هيئة تنمية المجتمع».

وأكد المهيري أن المجالس التي تم افتتاحها مؤخراً، ستسهم في خدمة العديد من فئات المجتمع، أسوة بالمجالس الأخرى، سواء من خلال استقطاب الشباب وكبار المواطنين الموجودين في المنطقة، أو عبر توفير خدمة استضافة الأفراح والمناسبات الخاصة.

من ناحيته، رفع اللواء عبيد مهير بن سرور نائب مدير الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، أسمى آيات الشكر والعرفان، إلى مقام صاحب السمو وولي عهده، على توفير هذه المجالس، التي باتت اليوم بمثابة المنزل الكبير، الذي يجتمع فيه الأهل والأصدقاء، مؤكداً دور المجالس في زيادة اللُحمة، وتعزيز أواصر العلاقات الأسرية، والروابط الاجتماعية، بما يلبي رؤى وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله.

أدوات التواصل

كما تقدم المهندس مروان بن غليطة، المدير التنفيذي لمؤسسة التنظيم العقاري في أراضي دبي، بالشكر والتقدير لهيئة تنمية المجتمع وبلدية دبي، على جهودها ومساعيها، من خلال هذه المبادرة الرامية إلى إنشاء مجالس الأحياء، مؤكداً مساهمتها في تنمية وتطوير أدوات التواصل الاجتماعي بين أبناء الحي، وإعادة أصول التجمعات، باعتبارها مدارس تعليمية وتحفيزية، وذلك عبر اللقاءات التي تعزز وتنمي القدرات، وتلمس الاحتياجات، فضلاً عن دورها في جمع الأهل والأصدقاء والجيران للمشاركة في الأفراح والأحزان.

من ناحيته، أوضح أسامة الشعفار عضو المجلس الوطني الاتحادي، أن مجالس الأحياء، تشكل مجتمعات مصغرة ومترابطة، تكوّن في عمومها المجتمع الكبير، الذي يتصف بصلابة العلاقات الاجتماعية، ومتانة الروابط الأسرية وصلات القرابة، وتعزز من الأواصر، وتعمل على تمكينها بين الجيران في المنطقة الواحدة، فضلاً عن دورها في الارتقاء بالقيم والعادات الوطنية التي توارثها الآباء عن الأجداد، ويورثونها اليوم إلى الأبناء، من خلال المجالس التي تجمع الكبار والصغار في جلسات حوارية، ومناقشات ثرية، تستعرض الموروثات الإماراتية، فتترسخ في عقول وقلوب الفئات الأصغر سناً، ممن لا يعرفون الكثير عنها.

وأضاف أن الواقع الذي يشهده العالم، والتطورات المتسارعة، والمتغيرات العديدة التي طرأت على العالم، شكلت وتشكل تحدياً كبيراً لموروثات المجتمعات، ما يعزز من دور المجالس في إعادة الأمور إلى نصابها، ومساهمتها في إعادة الروابط القوية بين مختلف الأجيال.

احتياجات واهتمامات

من جانبه، شدد الدكتور أحمد الهاشمي وكيل وزارة الصحة، ومدير منطقة دبي الطبية سابقاً، على أهمية المجالس وفوائدها ومخرجاتها المتعددة والمتشعبة، التي تبدأ بتوطيد العلاقات، مؤكداً ضرورة عدم الاكتفاء بوجود المرافق، وعدم التكاسل، والسعي إلى تفعيلها، والتعامل معها على أنها مجالس نيابية، تخدم أبناء المنطقة الواحدة، الذين يناقشون احتياجاتهم واهتماماتهم، لافتاً إلى أن تحقيق المخرجات المرجوة، يعتمد بشكل رئيس على إدارة المكان، والقدرة على تنشيطه بالشكل المطلوب.

ووجّه حسين عبد الله الشعفار عضو مؤسسة محمد بن راشد للإسكان، عضو مجلس شرطة دبي الاستشاري، وعضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي، رسالة شكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، الذي أنشئت المجالس بتوجيهاته منه، ووفر الإمكانات الداعمة، التي تتيح لها تقديم خدمات نوعية، مشيراً إلى حاجة المجتمع لمثل هذه المجالس، متوقعاً أن تتحول إلى منصات مركزية جاذبة لمختلف الفئات والأعمار.

فوائد التقارب

كما عبّر علي عبد الله الشعفار، عن تقديره لوجود مجالس تجمع الشباب وكبار المواطنين، للتواصل وتحقيق الاستفادة المرجوة، مشيراً إلى أن تقارب الأبناء مع الآباء والأجداد، وفوائد هذا التقارب ونتائجه على المجتمع بشكل عام.

أما محمد الشحي وكيل وزارة الاقتصاد سابقاً، فاعتبر مجالس الأحياء، مبادرة طيبة وخطوة مهمة، تترجم استمرار قصة نجاح دبي، وتؤكد أن الأهداف العامة لمجالس الأحياء، تخدم المجتمع كوحدة واحدة، مشدداً على أهمية هذا النوع من المبادرات المتفردة، التي يلتقي فيها الأبناء والآباء والأقارب وأبناء المنطقة الواحدة، واصفاً إياها بالخطوة الجبارة، التي يحتاجها المجتمع.

مصانع الرجال

ووصف رجل الأعمال جمال الشعفار، المجالس بمصانع الرجال، لافتاً إلى أنه تعلم من أجداده، أن المجالس هي التي تعلم الأبناء، وتعرفهم بالعادات والتقاليد، وتنقل إليهم خبرات ومكتسبات وتجارب سنين طويلة.

وأكد أهمية المجالس في الوقت الراهن، على خلاف ما يعتقد البعض، نظراً لكثرة البدائل المتمثلة في مراكز التسوق والمقاهي وخلافه، لأن لها طابعاً خاصاً، وقدرة على تجميع أبناء الحي الواحد، ما يعزز الألفة والترابط بينهم جميعاً، من خلال تبادل الأحاديث والأخبار والآراء، والاستفادة من حصيلة الخبرة للكبار في السن.

منابر مصممة وفق أحدث المعايير العصرية

تشكل مجالس الأحياء منابر لترسيخ الثقافة المحلية وتجمع الأهالي، فيما تم تصميمها وفق أحدث المعايير العصرية، وتعمل على استقطاب فعاليات الأهالي، ومناسباتهم المختلفة، واحتفالات الأعياد والمناسبات الوطنية وغيرها.

ويعتبر مجلس أم سقيم، منطلقاً للتعرف إلى احتياجاتهم التطويرية للخدمات الحكومية، حيث يضم قاعة رئيسة متعددة الاستخدامات، بحسب المناسبة، إضافة إلى مرافق متكاملة للسيدات والرجال، ومكاتب إدارية لخدمة المتعاملين، وركن للخدمات الذاتية الذكية.

ويعمل المجلس طيلة أيام الأسبوع، من الثامنة صباحاً حتى الحادية عشرة ليلاً، حيث يمكن لأهالي المنطقة الراغبين بإقامة مناسباتهم الاجتماعية، كالأعراس أو عقد القران أو مجالس العزاء، الحجز عن طريق هيئة تنمية المجتمع، أو عبر تطبيق (دبي الآن)، كما يمكن من خلالها، إنجاز وتخليص المعاملات الحكومية.

وانضم مجلس الخوانيج، إلى قائمة مجالس الأحياء التي تديرها هيئة تنمية المجتمع في دبي، حيث تم بناؤه وفقاً لأحدث المعايير العصرية، وبنمط حديث، يتناسب مع دوره كمركز لاستقطاب أهالي المنطقة، من مواطني إمارة دبي، من مختلف الأعمار، بما يتيح التعرف إلى مقترحات الأهالي لتطوير الخدمات، والمساهمة في الارتقاء بجودة الحياة في منطقتهم، علاوة على استقطاب الشباب والنساء وكبار المواطنين من أهالي المنطقة.

وسيتم الاستفادة من المجلس، في تنظيم الحلقات النقاشية بين أهالي المنطقة، وممثلين عن الدوائر والمؤسسات، ومناقشة قضايا الأحياء السكنية، واقتراح حلول ومبادرات، ولتنظيم جلسات توعية في كافة المواضيع التي تهم المجتمع، مثل القضايا الاجتماعية والصحية والثقافية والدينية والرياضية.

Email