«بيئة أبوظبي» تبدأ ترقيم الأشجار المحلية المعمّرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطلقت هيئة البيئة في أبوظبي مشروعاً طموحاً ينفذ لأول مرة، يهدف إلى إحصاء وترقيم الأشجار المحلية المعمرة والمهددة في البيئات والموائل الطبيعية المنتشرة على مساحة إمارة أبوظبي.

وستقوم الهيئة بتنفيذ إجراءات ترقيم، من خلال برنامج مزدوج يشمل إعطاء كل شجرة لوحة بيانات تعريفية تحمل أرقاماً متسلسلة مصنفة حسب نوع الشجرة، بالإضافة إلى القيام بترقيم الأشجار إلكترونياً وتعريفها بأرقام ورموز متسلسلة مرتبطة بقواعد البيانات الجغرافية، وهو ما ينفذ بهذا الشكل المتكامل لأول مرة على مستوى الدولة والمنطقة.

وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة- أبوظبي: «يستهدف هذا المشروع ترقيم الأشجار المحلية ذات القيمة البيئية والتراثية المهمة، والتي من ضمنها أشجار الغاف والسمر، حيث بدأت الهيئة بتنفيذ البرنامج عبر حصر الأنواع الشجرية المستهدفة بواسطة صور الأقمار الصناعية والصور الجوية، وأخذ إحداثيات لكل شجرة منها وتخزينها ضمن قواعد البيانات الجغرافية في الهيئة، تتبعها عملية ترقيم فعلي للأشجار المعمرة منها».

وأشارت الظاهري إلى أن البرنامج سينطلق من متنزه جبل حفيت الوطني في مدينة العين، والذي تنفذ فيه الهيئة مشروعاً متكاملاً لإعادة تأهيل موائل أشجار السمر في المناطق المتضررة، بفعل التغيرات المناخية والتعديات البشرية غير القانونية وزحف مشاريع تطوير البنية التحتية على الموائل الطبيعية، حيث تخطط الهيئة لترقيم 1500 شجرة سمر معمرة في المتنزه كونها مرحلة أولى من المشروع، بالإضافة إلى 1500 شجرة غاف أخرى منتشرة في جميع أنحاء الإمارة، وذلك بحلول نهاية العام، حيث سيتم استخدام لوحات معدنية تم تصميمها بشكل خاص لهذا الغرض.

أهداف

ولفتت إلى أن الهيئة تسعى من خلال تنفيذ المشروع إلى تحقيق أهدافها البيئية والحضارية المتمثلة بحماية الأشجار المحلية من التعديات غير القانونية، كما سيسهم المشروع بتعزيز جودة البيانات المتوفرة عن الأشجار المحلية في الموائل الطبيعية، نظراً لكون أن المشروع سيوثق تقييماً تفصيلياً لحالة كل شجرة معمرة وقياسات تفصيلية لأبعاد الأشجار وأطوالها، وتقييم مجموعها الخضري لمعرفة مدى تأثيرها الإيجابي في مقاومة التصحر وتحسين جودة الهواء.

من جانبه، قال أحمد الهاشمي المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري: يعتبر ترقيم الأشجار المعمرة إحدى الركائز الأساسية التي ستنطلق منها الهيئة لتطوير خطط حماية طويلة الأمد للأشجار المحلية في الإمارة، ضماناً لاستدامتها باعتبارها رمزاً من رموز تراثنا الطبيعي وموروثنا الحضاري المتميز.

وأشار الهاشمي إلى أن أشجار السمر والغاف الطبيعي تعتبر من المكونات المهمة للتنوع البيولوجي النباتي في الدولة، حيث تم تصنيف هذين النوعين من ضمن الأنواع النباتية المهددة في إمارة أبوظبي، مشيراً إلى أن الهيئة قامت بإعداد الخرائط التفصيلية لانتشار كل من الغاف والسمر في إمارة أبوظبي، والتي تعد لأول مرة في الدولة، كما تم الانتهاء من توثيق الانتشار الموقعي لكل أشجار الغاف والسمر ولكل شجرة منها باستخدام تحليل صور الأقمار الاصطناعية.

ولفت إلى أن الهيئة قامت أيضاً بالتدقيق على أعداد الأشجار، التي تم رصدها من خلال مسوحات الصور الجوية ميدانياً، والذي تم من خلاله ولأول مرة على مستوى الدولة والمنطقة حصر وتسجيل موقعي لما يقرب من 100.000 شجرة برية، وتحديد مدى ارتباطها بالموائل الطبيعية وملوحة التربة والمياه الجوفية ومدى وفرتها، ضمن شبكة المحميات الطبيعية في الإمارة.

وأكد أن تحليل هذه المعلومات سيسهم في فهم المتطلبات البيئية لهذه الأنواع وتحديد مدى الأخطار، التي تتعرض لها سواء أكانت بفعل الأنشطة الإنسانية أو الطبيعية والمناخية منها، وبالتالي توفير الحماية لهذه الأشجار والعمل على مراقبتها ضمن موائلها الطبيعية لضمان استدامتها.

يشار إلى أن عملية الترقيم ستتم بواسطة لوحات معدنية خاصة يوجد عليها رقم تعريفي تثبت على الأشجار مرتبط برقم إلكتروني، ضمن قواعد البيانات الجغرافية في الهيئة، حيث سيتم تسجيل الحالة الصحية للأشجار المستهدفة بعملية تركيب اللوحات وتسجيل حالة ووضع المهددات لها.

كما سيتم مراقبة حالتها الصحية، وكذلك التشديد على عمليات المراقبة والتفتيش وضبط التعديات عليها وسيتم مشاركة هذه الخرائط لانتشار وتوزيع وتعداد هذه الأشجار مع شركاء الهيئة المختلفين، ليتم أخذها بعين الاعتبار عند إنشاء المشاريع التطويرية المختلفة، وبما يضمن توفير أقصى درجات الحماية لها.

ويوجد في إمارة أبوظبي ما يقرب من 100.000 شجرة من الغاف والسمر تنمو بشكل طبيعي مثل كل الأشجار المحلية الأخرى، ويعتبر هذان النوعان من أنواع الأشجار المحمية، ومن التهديدات الرئيسية لهذين النوعين فقدان وتدهور الموائل وجمع خشبها لاستخدامه كونه وقوداً في التخييم والتطور العمراني والبنية التحتية المتزايدة والرعي الجائر والتغيرات المناخية.

جهود

يذكر أن الهيئة تستمر في جهودها للمحافظة على النباتات المحلية والأشجار البرية منذ تأسيسها، بهدف استدامة الغطاء النباتي وتنميته، وقامت خلال السنوات الماضية بإعداد خرائط لانتشار الأشجار البرية في إمارة أبوظبي، والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة والمنطقة من خلال استخدام صور الأقمار الاصطناعية ورصد ما يقرب من 100.000 شجرة من الغاف والسمر تنمو بشكل طبيعي في إمارة أبوظبي وإدارة مشتل الهيئة في منطقة الظفرة.

والذي يضم أكثر من 60 نوعاً من الأنواع النباتية المحلية، وتصل طاقته الإنتاجية إلى 500.000 شتلة سنوياً، وسيتم رفعها إلى مليون شتلة سنوياً من خلال إنشاء المشتل المركزي الجديد، كما يتم استخدام الشتلات المنتجة في مشاريع وبرامج إعادة تأهيل الموائل، ويتم زراعتها في المحميات الطبيعية.

ومن خلال برامج المسوحات والتقييمات الدورية التي تجريها الهيئة تم رصد عدد 432 نوعاً من النباتات المحلية في الإمارة وقامت الهيئة بتصنيفها حسب درجة التهديد لها، وذلك حسب معايير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، كما قامت الهيئة بزيادة مساحة المحميات، ضمن شبكة زايد للمحميات الطبيعية، التي تديرها لتغطية نطاقات انتشار الأنواع النباتية المهمة والمهددة لضمان حمايتها، والتي تشمل 19 محمية طبيعية، منها 13 محمية برية تمثل نسبة 17% من المساحة البرية للإمارة.

Email