حكاية وقف

80 عاماً.. وما زال منزل «غزالة» يعيل ذريتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يعتقد الكثيرون بأن الوقف هو ما خصص ريعه للصرف على جهة من جهات الخير، وأن عوائده تنفق على المساجد أو المرضى أو طلاب العلم، وغيرها من وجوه البر والإحسان، فقط، لكن في الواقع يوجد نوع آخر من أنواع الوقف قد يعتبر من أسماها وأكثرها نبلاً ورقياً في المجتمع، ألا وهو الوقف الذُّرِّي، الذي يوقف الإنسان من خلاله وقفه على ذرِّيته من الأبناء وأبناء الأبناء وكل من له صلة قرابة به.

فالمقصد من الوقف الذري ألا يترك الواقف ذريته في حاجة لأحد بحيث تكفيهم عوائد الوقف وتعيلهم وتقضي حوائجهم، وبذلك يضمن الواقف الحياة الكريمة لذريته وأحبائه، وهو تماماً ما أرادته وحققته، بطلة حكايتنا، منذ 80 عاماً والتي تجسدها امرأة إماراتية من الرعيل الأول، تدعى غزالة بنت وليد.

بدأت حكاية السيدة غزالة - رحمها الله - في ربيع الثاني من عام 1360 هــ (حوالي 1941 م) حين قامت بتخصيص منزلها القائم في منطقة الراس بدبي لسكن أبنائها وأقاربها من بعدها، بموجب وثيقة إشهاد مسجلة، وتعاقبت العقود والسنوات وظل ينتفع من وقفها جيل تلو الآخر على مدى ثلاثة أجيال متتالية من ذريتها وأقاربها.

المنزل القديم الذي منحته السيدة غزالة لأبنائها وبناتها ومن بعدهم لأحفادها وحفيداتها، تم تجديده وإعادة بنائه في العام 2017 عقب تعاقد بين مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر بدبي وأبناء وأحفاد السيدة غزالة، وأشرفت مؤسسة الأوقاف على عمليات تشييد وتجهيز البناء حيث تم افتتاحه عام 2020.

شكَّل وقف غزالة بنت وليد إضافة استثنائية لمشاريع مؤسسة الأوقاف بدبي كونه أول عقد استثماري لبناء وقف ذري تنفذه المؤسسة، ويتكون وقف غزالة بشكله الجديد من أرضي وميزانيين وثلاثة طوابق حيث بلغت قيمة المشروع 5.8 ملايين درهم.

يبلغ عدد أبناء وأحفاد غزالة المستفيدون من وقفها اليوم نحو 25 شخصاً، عبروا جميعهم عن فخرهم وامتنانهم لجدتهم السيدة غزالة بنت وليد، إحدى حفيدات السيدة غزالة تحدثت باعتزاز عن جدتها لأنها فكرت في أن تهب منزلها وتجعله وقفاً دائماً يسندهم ويعيلهم ويذكرهم بنبلها وعطائها المستمر حتى بعد وفاتها بعقود.

هكذا هي حكايات أصحاب الجود والسخاء تبدأ ببذل وعطاء ويلازم سيرتهم الشكر والثناء، وعطاؤهم يحيط بأحبتهم ذرياتهم وأنسالهم على مدى العقود والقرون ما بقيت واستمرت الحياة.

Email