حكاية وقف

بيت العقيلي شاهد على إخلاص شاعر لدبي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وراء كل وقف خيري حكاية عطاء تروي تفاصيل إنسان وجد في فعل الخير الراحة والسعادة، قصصنا الملهمة عن الواقفين وأوقافهم الخيرية سنسردها تباعاً، لتكون منارة تضيء دروب المبحرين في عالم الإنسانية، وعبرة لكل معتبر بأن ما يبقى هو الأثر الطيب الذي نغرسه في محيطنا.

بطل قصتنا اليوم لم يكن فاعل خير عادياً، فقد نسج التاريخ بين جنبات بيته الذي أوقفه للخير مقتطفات من شعره الفصيح، ومجالسه العامرة وسط إمارة دبي.

عندما حط الشاعر مبارك بن حمد العقيلي، رحاله في دبي واستقر فيها، شيد منزله في ديرة وتحديداً في منطقة الرأس، وأصبح مدرسة اجتذبت إليها شغفة العلم والأدب والكتابة، لينهلوا ما استطاعوا من شاعر اشتهر حينها في مختلف بقاع الجزيرة العربية كشاعر شامل وأديب متفرد، ملك من موهبة الفكر والفن والشعر ما لم يملكه إلا قلة من أبناء جيله.

أحب الشاعر إمارة دبي وأهلها، وكثر تلاميذه وأصدقاؤه بها، حتى أضحت له وطناً، يتغنى به في أشعاره ويذكر فضلها ومآثر أهلها وشيوخها، ومن دافع حبه ومشاعر إخلاصه لجيرانه، أوقف العقيلي سنة 1935م بيته ودكانه على مسجد صديقه في الشارقة لرعايته والعناية بشؤونه، وإمامه وناظر الوقف، وكتب بذلك وثيقة أشهد فيها على نفسه مجموعة من أعيان (دبي) وقضاتها وعلمائها ومصادقة حاكم الإمارة آنذاك الشيخ سعيد بن مكتوم بن حشر، وأخيه الشيخ حشر بن مكتوم، وتم اعتماد الوثيقة حينها من دار الاعتماد البريطاني.

ومنذ فترة ليست ببعيدة عندما شهدت دبي التوسع العمراني الكبير وقع بيت العقيلي ضمن مساحات التطوير العقاري، فتسلمت مؤسسة الأوقاف بدبي وشؤون القصر قطعة أرض كتعويض عن البيت، وسارعت إلى تشييد مبنى سكني في منطقة الورقاء بدبي، من محفظة إعادة إعمار الوقف والتبرعات المجتمعية، وبعد إنجاز المشروع أوقفت المؤسسة المبنى باسم العقيلي كوقف خيري يعود ريعه لخدمة بيوت الله ورعايتها، ليكون شاهداً على إحسانه وحسن جواره لدبي وأهلها لأكثر من 80 عاماً.

رحل العقيلي وبقي وقفه الخيري شاهداً على عمق إنسانيته ونبل أخلاقه، ورغم مضي الزمن على وفاته، إلا أن أثره الطيب وذكراه العطرة، كفاعل خير خلدتا اسمه وحكايته، لتتداول الأجيال أثره وذكراه من جيل إلى آخر، ويكون عبرة لكل امرئ يريد أن يضع بصمةً وحضوراً بين مآثر أهل البر والإحسان.

Email