سنغافورة: «كيد ستارت» برنامج زيارات منزلية لرعاية الأم والطفل

ت + ت - الحجم الطبيعي

استكمالاً للنماذج الإيجابية من حول العالم والتي تصب في صالح الإنسان ورفاه العيش، وتعزيزاً لدور الصحة النفسية في المجتمعات برزت اتجاهات دولية نحو الاهتمام المكرس للصحة النفسية للأطفال وذويهم، لنضيء على إحدى المبادرات السنغافورية الداعمة للصحة النفسية للأمهات الجدد وأطفالهن وحتى عوائلهن، من خلال برنامج أطلق عليه «كيد ستارت»، المكرس بالدرجة الأولى للأطفال وأمهاتهم من الأسر ذات الدخل المنخفض، في مسعى يمكنهم من الحصول على بداية جيدة في الحياة خلال مرحلة حمل الأم وما بعد الولادة. 

تعزيز دور الصحة النفسية في المجتمعات الدولية حيث برزت اتجاهات دولية نحو الاهتمام المكرس للصحة النفسية للأطفال والمراهقين، ومعايير الأهلية للالتحاق بالبرنامج بسيطة، فالمبادرة مخصصة للأطفال السنغافوريين حتى سن 6 سنوات، من الأسر التي لا يتعدى إجمالي دخلها الشهري 1900 دولار أمريكي. وقد يتساءل البعض عن جدوى ما يمكن تشبيهه بـ «زيارات منزلية» دورية، إلا وأن مخرجات التجربة أكدت دعمها للآباء والأمهات في تنمية أطفالهم، كما وتنسيق الدعم الشامل للعائلات عند الحاجة.

أكدت منظمة الصحة العالمية أن الصحة هي حالة لاكتمال السلامة البدنية والذهنية والنفسية في محيط الإنسان الاجتماعي، وهي لا تجسد وحسب غياب المرض أو العجز، ومن هذا المنطلق فإن الصحة النفسية مهمة للعيش الآمن والبقاء بصحة جيدة. وفي هذا الصدد، أظهرت الدراسات أن مرحلة الطفولة من المراحل الإنمائية الحاسمة في تكوين الشخصية الإنسانية.

كما ونعرج على تأكيد وزير التنمية الاجتماعية والأسرية بسنغافورة، ماساغوس زولكيفلي، حين قال إن السنوات والتجارب الأولى من الحياة هي نافذة حاسمة فقط للطفل والأم أيضاً. لذلك يعمد الخبراء في برنامج «كيد ستارت» لمراقبة التقدم التطوري للأطفال منذ الولادة وما بعدها، وتعزز صحة الأم النفسية في فترة الحمل وما بعدها، نقلاً عن موقع شبكة «سي إن إيه» الإخبارية الآسيوية.

ويطمح القائمون على البرنامج السنغافوري النفسي لبناء «نظام بيئي للدعم» حول الطفل، بحيث يعمل المهنيون متعددو التخصصات بالتكاتف مع الوالدين للاستجابة لاحتياجات الطفل وعائلته، ودعم الطفل في تحقيق النمو المناسب للعمر في بيئاته المباشرة.

هنالك زيارات منزلية منتظمة تعقد للآباء (أو مقدمي الرعاية الرئيسيين) وأطفالهم الرضع، من مرحلة ما قبل الولادة حتى يبلغ الطفل سن الثالثة. ومن بين الأولويات الأخرى التي يراعيها البرنامج هي صحة الأم، وذلك عبر التخفيف من أعراض ما بعد الولادة كالاكتئاب، ومساعدتها في اكتساب معرفة جديدة للعناية بالمواليد الجدد. ومن جهة أخرى، الحرص على تلقي الآباء الدعم في المهارات والمعرفة العملية ناحية نمو الطفل والصحة والتغذية.

وللتفصيل في المبادرة، فإن زوار المنزل هم من المحترفين ممن يتمتعون بالمؤهلات والخبرات ذات الصلة في قطاعات مثل الصحة أو الطفولة المبكرة أو الخدمات الاجتماعية. ناهيك عن دعمهم من قبل متخصصين متعددي التخصصات، كأطباء الأطفال والممرضات، وكل ذلك لصالح التأكد من أن زوار المنزل قادرون على تلبية احتياجات الآباء والأطفال.

وفي سبيل البحث عن متلقين لخدمات البرنامج ممن هم بحاجة ماسة إليها، يتم التنسيق مع شركاء رئيسيين مثل مكاتب الخدمة الاجتماعية ومراكز خدمة الأسرة والمستشفيات للتواصل مع الأمهات الحوامل والأسر التي لديها أطفال رضع يتوقون للاستفادة من المشروع. 

في السياق، تعاون برنامج «كيد ستارت» مع مستشفى «كي كي إتش» للنساء والأطفال بسنغافورة سعياً لتوفير رعاية ما قبل الولادة للأمهات، بدءاً من احتياجات الصحة النفسية وصولاً لتحضيرات يوم الولادة.

وأشار نيغ وي تشيرن من «كيد ستارت» إلى أن الخطوة تأتي «لجعل الرعاية الذاتية أسهل بالنسبة للأمهات، ولإدارة الإجهاد والعافية النفسية، فضلاً عن إسداء النصائح حول كيفية العناية بالصحة العاطفية»، مشيراً إلى أن الأمر يتعدى ذلك وصولاً لإجراء فحوصات الصحة النفسية لكل من الآباء والأمهات بشأن «مخاوفهم» الكامنة من الحياة الجديدة المرتقبة مع الطفل الجديد. 

أحد المكونات الرئيسية للبرنامج السنغافوري يكمن بتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية للأمهات والأطفال من ذوي الدخل المنخفض. ففي وقت سابق، تم تشكيل فريق عمل مشترك بين الوكالات الصحية لتطوير استراتيجية وطنية لتقديم دعم شامل للصحة والرفاهية العقلية للنساء وأطفالهن، وقد تمحورت الجهود حول كيفية جعل الخدمات أكثر كفاءة وبأسعار معقولة.

Email