المكملات الغذائية العشوائية استنزاف للصحة والمال

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم خطورتها التي تم التحذير منها في العديد من الرسائل التوعوية الصحية الرسمية والمختصة إلا أن تناول المكملات الغذائية بشكل عشوائي لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير المضمونة لا يزال يستهوي الكثيرين، ويجد سوقاً رائجة لديهم، استجابة لإعلانات مضللة توحي بأن المكملات الغذائية المصنعة تعد بديلاً كافياً للفيتامينات التي يمكن الحصول عليها من المصادر الطبيعية. أطباء وخبراء تغذية يؤكدون أن تناول الهرمونات والمكملات الغذائية بشكل عشوائي دون استشارة المختصين يعرض الإنسان إلى مشاكل صحية ونتائج خطيرة، باعتبارها ليست بديلاً للفيتامينات القادمة من مصادرها الطبيعية..

مشاكل صحية
أكد الدكتور منذر السعد استشاري الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي والكبد والمناظير في مركز المدار الطبي بالشارقة أن الكثير من المكملات الغذائية والمنشطات التي أغرقت السوق وصالات كمال الأجسام ينصح بعدم استخدامها، حيث أنها في أغلب الأحيان يكون لها بعض المشاكل الصحية وتربك الجهاز الهضمي.

وتابع: حدثت حالات كثيرة من الموت الفجائي نتيجة التوقف المفاجئ لعضلة القلب غير معروفة التفسير للذين يمارسون هذه رياضة بناء الأجسام ممن يتعاطون المكملات العشوائية، أما استخدام الهورمونات المنشطة فلها مضار صحية كبيرة على الغدة النخامية والكظرية وعلى إمكانية الإنجاب ولها تأثيرات كبيرة على الكبد من ارتفاع الإنزيمات إلى إمكانية ظهور بعض الندب الدموية وننصح بعدم استخدام الهرمونات مطلقاً.

دعم
وأكدت ربا علاء الحوراني أخصائية تغذية علاجية والحميات ورئيسة قسم التغذية في مستشفى «راك»، أن هناك بعض من ممارسة الرياضة المختلفة بين لعبة وأخرى يتم تقييم احتياجاتهم الغذائية بحسب الحالة البدنية للشخص الرياضي ومدة ممارسته النشاط وقدرته على تقديم مجهود عالٍ، وبهذه الحالة يحتاجون لدعم من المكملات الغذائية بالإضافة للوجبات الغذائية، نتيجة للمجهود عالي للعضلة وخاصة فيتامين سي. وأشارت إلى أن بعض الحالات التي تصل إلى المستشفى وكانت تتناول المكملات الغذائية «الهرمونات»، تظهر عليهم أعراض ارتفاع إنزيمات الكبد بالإضافة لمشاكل صحية أخرى.

خدعة إعلانية
وأكدت فاطمة المهيري، أخصائية تغذية الحِمية السريرية، أن استهلاك المكملات الغذائية على أنها «طبيعية»، والتي تحتوي على قائمة طويلة من الفيتامينات ومضادات الأكسدة والأحماض الأمينية والمواد العشبية ارتفع بشكل ملحوظ، وأصبح الطلب عليها كبيراً لاسيما من قبل المراهقين أصحاب الوزن الزائد، كما انتشرت ظاهرة استخدام «الستيرويد» وهرمون النمو بين الشباب بشكل خاص للحصول على نتائج سريعة في تكوين الجسم المثالي، ويسهم في ترويج استخدام مثل هذه المكملات بعض من المدربين في الصالات الرياضية والشباب الذين سبق لهم استخدام هذه المكملات، وهؤلاء أشخاص غير مؤهلين علمياً، عملياً، أو حتى مهنياً للحث باستخدام هذه المكملات.

وأوضحت أن استخدام الستيرويد وهرمون النمو بغير دافع طبي يعد غير قانوني في جميع الدول، وتم منعها بسبب عواقبها الوخيمة على صحة الانسان، لكن هذه العواقب ليست مجهولة لمستخدميها، ويضن مستخدم هذه الهرمونات والمنشطات أنه من الممكن التخلص من أضرارها بأخذ ما يطلق عليه بـ «كورس التنظيف»، وهذه المصيدة التي يقع بها أكثر الشباب للأسف، وخدعة إعلانية تستهلك الصحة قبل الجيوب، وما يسمى بـ «كورسات التنظيف» ما هي إلا هرمونات، وهرمون النمو يدخل بشكل أساسي في التركيبة الجينية للإنسان، وهو ذو مفعول بطيء، فعند أخذ مكملات غذائية تحتوي على هرمون الستيرويد يدخل الجسم ليغير التركيبة الجينية للإنسان، وهذا التغيير الجيني يأخذ مدى طويل، وبالتالي فإن خدعة كورسات التنظيف ما هي إلا حيل إعلانية لا تحقق الفائدة المرجوة منها.

«الصحة» تواصل رصد المكملات المغشوشة
أكدت الدكتورة حصة علي مبارك مدير إدارة التمكين والامتثال الصحي في وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن الوزارة تواصل رصد المكملات المغشوشة التي تحوي مواد محظورة لوقاية المجتمع، ويمكن أن تشكل خطراً كبيراً للمرضى المصابين بأمراض القلب أو عدم انتظام ضربات القلب أو السكتة الدماغية، مشيرة إلى أن المكملات الغذائية ذات الادعاء الطبي شأنها شأن أي منتج آخر إذا تم استخدامها بطريقة خاطئة أو مفرطة قد تسبب مشاكل متنوعة للإنسان، وذلك يعتمد على تركيبتها، فعلى سبيل المثال يوجد مواد عند الإفراط فيها تؤثر سلباً على الكلى أو الكبد.

وأضافت، في إطار استراتيجية الوزارة بناء أنظمة الجودة والسلامة العلاجية والصحية والدوائية وفق المعايير العالمية وتعزيز السلامة واليقظة الدوائية، تقوم بالتفتيش على جميع الشحنات الواردة للدولة التي تحتوي على مستحضرات طبية كالمكملات الغذائية ذات الادعاء الطبي، والتأكد من تسجيلها بالوزارة ومطابقتها للمواصفات المعتمدة، كما تقوم الوزارة بالتنسيق مع الجهات الاتحادية والمحلية ذات الصلة بالتفتيش على جميع المنشآت التي تقوم بتسويق هذه المنتجات للتأكد من أن المنتجات المتداولة مصرح بها، كما يشمل هذا أيضاً الشركات المشغلة للمواقع الإلكترونية التي تبيع هذه المنتجات. حيث تتعاون الوزارة مع هيئة تنظيم الاتصالات لإغلاق المواقع الإلكترونية التي تبيع بشكل غير مرخص هذه المنتجات.

وحول خطورة بعض المكملات غير المرخصة على صحة الإنسان قالت الدكتورة حصة علي مبارك: على سبيل المثال يوجد مواد عند الإفراط فيها تؤثر سلباً على الكلى أو الكبد كما يكون هناك خطر من المنتجات غير المرخصة التي تكون فيها مواد محظورة أو كيميائية لها أضرار كالهرمونات وغيرها، والتي قد تؤدي لمشاكل في القلب والعقم وخاصة لأصحاب الأمراض المزمنة كالكلى وارتفاع ضغط الدم.

منصات التواصل فاقمت المشكلة
أشارت هبة فاروق الكرجية خبيرة الأغذية ومديرة عيادات جراحة السمنة في مستشفى القرهود الخاص في دبي إلى زيادة المكملات الغذائية المتداولة بين الناس وخاصة مع ازدهار منصات التواصل الاجتماعي واستخدامها للترويج والتجارة، لافتة إلى انتشار مكملات للتجميل أو للتخسيس كما المنشطات والمقويات. لذلك نحن بحاجة إلى رقابة صارمة للتأكد من صحة هذه المكملات وللحد من تداول غير الصالح منها، والتي قد تكون خطرة ومؤذية جداً على مستخدميها.

وقالت: على الرغم من فاعلية المنشطات والهرمونات للاعبي كمال الأجسام ونتائجها المرغوبة من قبل الشباب، إلا أن أضرارها عند سوء استخدامها أكثر بكثير من فوائدها. ونصحت بأهمية الرجوع إلى طبيب أو أخصائي تغذية رياضية قبل استخدام أي مكمل غذائي أو هرموني.

وأضافت: من النتائج الخطيرة وغير المرجوة للاستخدام العشوائي للهرمونات والمكملات الغذائية: الحد من النمو للفئات العمرية الشابة، داء السكري، تغييرات سلوكية، كالاكتئاب والعدوانية، داء القلب والشرايين، اضطرابات جنسية وإنجابية، ومن أخطرها تلف الكبد، وارتفاع احتمال الإصابة بأمراض سرطانية، وغيرها.

وأكدت أهمية استشارة مختص في التغذية الرياضية، كما الرجوع إلى طبيب، قبل وخلال تناول أي هرمونات أو منشطات، والقيام بفحوصات طبية دورية، ما يسمح للطبيب بمراقبة نتائجها، ومنع أي ضرر ممكن، لافتة إلى أن خطورتها تكمن في التسبب بعدد من الأمراض، وحتى تصل إلى الموت في بعض الأحيان.

رياضيون يعتبرونها ضرورة وصالات تقدمها سراً
تحدّث عدد من الشباب عن تجاربهم مع المكملات الغذائية لا سيما في الأندية الرياضية، حيث ذكر بعضهم أن هناك أندية تقدم مكملات غذائية للمتدربين في صالات كمال الأجسام سراً دون أي اعتبار للأضرار، بينما يعتبرها رياضيون ضرورة.

واستعرض إيهاب كامل، تجربته مع المكملات الغذائية في بداية الاشتراك في الجيم قبل أعوام ماضية، لإنقاص الوزن والتخلص من الدهون والترهلات، حيث وصف له المدرب نوعاً من الأدوية لتسريع عملية التخلص من الدهون، ليتفاجأ بصعود المدرب فوق الدرج لجلب علبة من هذا الدواء مخبأة في السقف المعلق، وبعد مرور 10 أيام من استخدام الدواء قام بالبحث عبر الإنترنت عن أضرار هذا الصنف والذي وجد أنه محظور بيعه خلال تلك الفترة نظراً لأضراره على وظائف الجسم وخصوصاً الكلى، وقال: على الفور قمت بالتخلص من الدواء، بعدها وصف لي استشاري التغذية بعض المكملات الغذائية التي ساهمت في تحسين مظهر الجسم والصحة.

ضرورة
وقال محمود موسى: استخدامي للمكملات الغذائية خلال فترة التدريب الرياضي بالجيم ضرورة وخصوصاً بعد مراجعة استشاري التغذية، حيث ساهمت تلك المكملات في تحسين مظهر الجسم، خصوصاً من البروتين والمعادن، وتحسين وزني من 63 كيلوغراماً إلى 86 كيلوغراماً نتيجة للتكوين العضلي، ويعمد الأطباء حالياً إلى وصف المكملات الغذائية لكبار السن والأطفال لتعويض الجسم من العناصر التي يحتاجون إليها، إلا أن بعض الأشخاص الجدد على ممارسة الرياضة في الجيم يبادرون لاستخدام المكملات دون الرجوع للمدرب أو أخصائي التغذية.

وأكدت سامية محمود، أن المكملات الغذائية ضرورية خلال ممارسة النشاط الرياضي في الجيم نظراً لعدم تناول وجبات غذائية كاملة العناصر يومياً، نتيجة لظروف العمل التي تفرض عليها الدوام لفترات طويلة، مشيرة إلى أن تلك المكملات وصفتها لي المدربة وعند الشراء قام البائع بسؤالها عن الحالة الصحية وإذا كانت مصابة بالضغط أو السكري على الرغم من أن تلك المكملات هي منتجات عشبية طبيعية.

نقص الثقافة
إلى ذلك، أكد الدكتور أحمد جمال مدير مبيعات مركز بروتين وفيتامين للمكملات الغذائية في رأس الخيمة، أن امتداد ساعات العمل لأكثر من 12 ساعة يومياً فرض عليه التوجه للصالة الرياضية واستخدام برنامج شامل من المكملات الغذائية والفيتامينات التي ساهمت بدورها في تحسين عضلات الجسم والأعصاب بحسب خبراته الجامعية والعملية، لافتاً إلى أن هناك نقصاً كبيراً في الثقافة عند بعض أفراد المجتمع والتفرقة بين المكملات الغذائية والهرمونات.

أخطار صحية ونفسية للمنشطات
أشار الدكتور ماهر خليل استشاري أمراض الباطنية، رئيس قسم الباطنية والأستاذ بكلية الخليج الطبية، إلى أن المكملات الغذائية والمواد المنشطة، من أخطر التحديات التي تواجه الشباب في بدء اهتمامهم بعالم الرياضة، بسبب ما تنطوي عليه من آثار صحية ونفسية خطيرة، قد تودي بأصحابها إلى دروب الضياع.

وأوضح أنه يحصل الإدمان على المنشطات، بسبب سوء استخدام جرعات الأدوية التي يتعاطها الشخص، والتي غالباً ما توصف من قبل أشخاص غير مخولين، حيث يتناول في البداية جرعات محددة، تشعره برفع القابلية البدنية والوظيفة لفترة، ثم يصبح تأثيرها محدوداً، ما يدفع الشخص إلى زيادة الجرعة كل فترة زمنية، لإحداث التغيير المطلوب، ما يقوده إلى الإدمان، دون شعور.

وأكد أن تناول المنشطات، سبب رئيس من أسباب ظاهرة الموت المفاجئ، نتيجة ما يحدثه تناول جرعات زائدة منه، من اختلال في عمل وظائف القلب والجهاز التنفسي، ما يؤدي إلى توقف القلب الفجائي، أو الذبحة الصدرية. كما يمكن أن تكون تلك المواد سبباً في أمراض الكبد والكلى والمعدة، إضافة إلى تأثيرها السلبي في القدرة الجنسية للرجال خاصة، والذين غالباً ما نصادفهم بشكواهم في عيادة الغدد الصم، وتأثيرها العصبي والنفسي كبير، وتشكل طريقاً إلى الإدمان، بما تحمله من آثار صحية ونفسية.

Email