الإمارات تترأس أعمال القمة الإسلامية الثانية للعلوم والتكنولوجيا بمشاركة قادة دول

عبدالله بن زايد: علينا تحفيز شعوبنا لتقود مسيرة الابتكار وإحياء أمجاد الحضارة الإسلامية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ضرورة حشد طاقات وموارد دول منظمة التعاون الإسلامي من أجل فتح آفاق جديدة للاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والابتكار بما يحقق التقدم والازدهار والاستقرار لشعوب دول منظمة التعاون الإسلامي، وقال سموه: «علينا تحفيز شعوبنا لتقود مسيرة الابتكار وإحياء أمجاد الحضارة الإسلامية يوم أضاءت علومنا ظلمات العالم». وتطرق سموه إلى تجربة الدولة في تسخير التكنولوجيا والابتكار وتطبيقات الثورة الصناعية لتحقيق التنمية.

جاء ذلك خلال ترؤس دولة الإمارات أعمال القمة الإسلامية الثانية للعلوم والتكنولوجيا لدول منظمة التعاون الإسلامي والتي عقدت أمس عبر تقنية الاتصال المرئي «عن بعد» تحت عنوان «العلم والتكنولوجيا والابتكار: فتح آفاق جديدة ».

وشارك في القمة قادة وممثلون عن دول منظمة التعاون الإسلامي يتقدمهم قاسم جومارت توكاييف رئيس جمهورية كازاخستان رئيس الدورة الأولى من المؤتمر وقربان قولي بيردي محمدوف رئيس جمهورية تركمانستان وعلي بونغو أونديمبا رئيس جمهورية الجابون ومحمد عبدالحميد رئيس جمهورية بنغلاديش الشعبية وإلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان ومحمد بازوم رئيس جمهورية النيجر والدكتور محمد أشرف غني رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية وجوليوس مادا بيو رئيس جمهورية سيراليون ومعروف أمين نائب رئيس جمهورية إندونيسيا.

وشارك أيضاً في جلسات المؤتمر الدكتور عارف علوي رئيس جمهورية باكستان الإسلامية ورئيس اللجنة الدائمة للعلوم والتكنولوجيا "كومستيك" والدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.

إعلان أبوظبي

وأقر قادة الدول المشاركة بيان القمة الذي صدر تحت عنوان «إعلان أبوظبي»، مؤكدين خلاله التزامهم بجميع الإجراءات الضرورية من أجل إنشاء وتفعيل بيئة تساعد في تحقيق التقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار في الدول الأعضاء في المنظمة، ومواصلة العمل على تنفيذ برنامج منظمة التعاون الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2026.

وجدد القادة التزامهم تعزيز وتطوير العلوم والتكنولوجيا والعمل على إحياء دور الإسلام الرائد في العالم، مع ضمان التنمية المستدامة والتقدم والازدهار لشعوب الدول الأعضاء، مؤكدين أن تشجيع العلوم والتكنولوجيا والابتكار عامل أساسي لمواجهة العديد من التحديات الإنمائية المعاصرة، ومن ضمنها القضاء على الفقر وتوفير التعليم للجميع ومواجهة التغير المناخي، مع التشديد على أن التحول التكنولوجي هو المفتاح لتسريع وتيرة نمو الدول الأعضاء وتنميتها، ولاسيما البلدان الأقل نمواً.

وطالب «إعلان أبوظبي» بصياغة خارطة طريق شاملة لوضع آليات لنقل التكنولوجيا بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وتطرق الإعلان إلى أزمة «كوفيد 19» التي أبرزت أهمية التعاون العالمي لضمان أن يتبنى المجتمع الدولي الحلول التي تستند إلى الأدلة العلمية عند التعامل مع القضايا العالمية المعقدة الأخرى مثل الطوارئ الصحية وتغير المناخ.

تطوير الصناعات

وتعهّد القادة في بيان «إعلان أبوظبي» بالعمل على تشجيع الابتكار وتطوير الصناعات المحلية في مجال الأدوية واللقاحات، وكذلك التدابير الوقائية والعلاجات للأمراض المعدية وغير المعدية، بما يتفق مع القوانين والمعايير الدولية المعمول بها.

وتطرق «إعلان أبوظبي» إلى أهمية العلوم والتكنولوجيا في تأمين الفرص المستقبلية لجيل الشباب، فأكد ضرورة توفير التعليم للجميع حتى المستوى الثانوي وزيادة الاستثمار في تدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المستويات الابتدائية والثانوية والجامعية.

كما لفت إلى الدور المهم للتعليم في تمكين المرأة، والقضاء على الفقر. وأعرب القادة المشاركون في «إعلان أبوظبي» عن تصميمهم على دعم الزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها إحدى الاستراتيجيات الأساسية لتعزيز التضامن في إطار المنظمة.

والتخفيف من حدة الفقر، وحماية الأرواح، مشيدين بنتائج ورشة العمل حول تطوير بنوك الجينات الوطنية للبذور والنباتات في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والتي نظمتها المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، برئاسة حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في يوليو 2020.

وأكد «إعلان أبوظبي» أهمية توفير إمدادات طاقة موثوقة ومستدامة باعتبارها عاملاً أساسياً في مكافحة الفقر، داعياً إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتبادل المعلومات والخبرات والتكنولوجيا في هذا الإطار وزيادة الدعم على المستوى المحلي لأنشطة البحث والتطوير في مجال تكنولوجيات الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وغيرها من التقنيات التمكينية وكل ما من شأنه المساهمة في تقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون والتخفيف من آثار تغير المناخ.

حلول

وحض «إعلان أبوظبي» على تعزيز البنية التحتية والموارد البشرية في مجال التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو، والتي يمكن أن توفر الحلول المناسبة في الطب والصيدلة والزراعة وغيرها من المجالات.

كما شجّع كافة الدول الأعضاء على صياغة سياسات رقمية وخرائط طريق وطنية، ووضع برامج ومبادرات دعم في إطار الثورة الصناعية الرابعة؛ مع التأكيد على أهمية التحول الرقمي واستخدام الأنظمة الذكية، بما فيها التكامل الرقمي وإنترنت الأشياء والأتمتة والتقنيات الروبوتية والأمن السيبراني والبيانات الضخمة.

وحض الإعلان كافة الدول على اعتماد اقتصاد دائري وتعزيز القدرات وزيادة قدرات الابتكار في اقتصاداتها لتكون جاهزة للتحول التوأم «الأخضر والرقمي» في عصر الثورة الصناعية الرابعة. كما لفت إلى ضرورة التعاون في وضع معايير للثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيات المتقدمة المرتبطة بها للإسراع في اعتمادها وتحقيق مكاسب الإنتاجية من خلال تحسين الفعالية والكفاءة وعمليات سلاسل الإمداد لتسهيل التجارة.

ورحّب البيان أيضاً بمشاركة الدول الأعضاء في معرض إكسبو 2020 دبي الذي سينظم حول موضوع «تواصل العقول: صنع المستقبل» وهو أول معرض عالمي من معارض «إكسبو» يعقد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا؛ متوجهاً بالدعوة إلى المشاركة القوية للاستفادة من المنصة الفريدة لإكسبو 2020 دبي باعتبارها الحاضنة العالمية الأكثر تأثيراً للأفكار الجديدة والتكنولوجيات لبناء شراكات ودفع التقدم، وبالتالي بناء إرث اجتماعي واقتصادي قوي.

الإمارات ترأس القمة

وافتتحت القمة بكلمة للرئيس قاسم توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، رئيس القمة الإسلامية الأولى للعلوم والتكنولوجيا، والذي استعرض جهود بلاده لتحقيق أهداف القمة منذ دورتها الأولى في أستانا عام 2017، كما أعرب عن تطلعه لتحقيق المزيد من الإنجازات في الفترة المقبلة مع تسلّم دولة الإمارات العربية المتحدة لرئاسة القمة. وأعقب ذلك إعلان تشكيل هيئة المكتب الخاصة بالقمة برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة.

وتابع توكاييف بالتأكيد على أهمية الاستثمار في الجيل الشاب وفي المستقبل قائلاً: «نحن جميعاً نتشارك في مدى إدراكنا للفرص الكبيرة التي يمتلكها العالم الإسلامي على صعيد العلوم، ولكننا بحاجة للاستثمار أكثر في رأس المال البشري وفي التعليم العالي. من المهم جداً تطوير تعاوننا العلمي كوسيلة وحيدة متاحة أمامنا لإعادة إحياء أمجاد العالم الإسلامي في مجالي العلوم والابتكار».

ومن جانبه، قدم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، في كلمته في الجلسة الافتتاحية الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس القمة الإسلامية، كما شكر دولة الإمارات العربية المتحدة على استضافة القمة الحالية وكذلك جمهورية كازاخستان على ترأسها للقمة في دورتها الأولى.

وتحدث عن التقدم المسجل خلال السنوات الماضية، مضيفاً أن الدول الأعضاء في المنظمة أحرزت في الفترة الأخيرة تقدماً إيجابياً، حيث زاد عدد المنشورات العلمية بنسبة 34%، وارتفعت قيمة صادرات التكنولوجيا من بلدان منظمة التعاون الإسلامي بنحو 32%. وبعد ذلك ألقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد كلمته التي رحّب في مستهلها بالمشاركين في القمة نيابة عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مشدداً على أهمية أعمالها في فتح آفاق جديدة للاستثمار في العلوم والابتكار بما يحقق التقدم والازدهار والاستقرار لشعوب دول منظمة التعاون الإسلامي.

جهود

وتوجه سمو الشيخ عبدالله بن زايد بالشكر إلى قيادة جمهورية كازاخستان على الجهود التي بذلتها خلال رئاستها للقمة الإسلامية الأولى للعلوم والتكنولوجيا التي شهدت إطلاق «خطة العمل العشرية»، بحيث تكون العلوم والتكنولوجيا المحرك الرئيس الذي يقود المسيرة التنموية لدول منظمة التعاون الإسلامي بحلول عام 2026.

وتابع سموه بالقول: «نتطلّع في القمة إلى البناء على منجزات القمة الأولى والمضيّ معاً في رسم خارطة طريق لأهم المبادرات والمشاريع المستقبلية في إطار تحقيق أهداف الخطة العشرية. لا يكفي أن نحدد الأهداف ونرسم خطط عمل. بل علينا أن نحفِّز شعوبنا كي تقود مسيرة الابتكار».

وختم سموه بالقول: «هذه ليست إنجازات إماراتية فقط، بل هي عربية وإسلامية ولم تكن لتتحقق لولا إيماننا بأهمية مد جسور الشراكة والتعاون وتبادل الخبرات مع مختلف دول العالم. أمامنا عمل كثير. وهذا يستلزم منا حشد جهودنا ومواردنا وإمكاناتنا وعقولنا. بحيث نعمل معاً على إعادة إحياء أمجاد العصر الذهبي للحضارة الإسلامية يوم أضاءت علومنا ظلمات العالم».

وأدارت معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، جلسات القمة، حيث دعت في بداية النقاشات إلى العمل سوياً من أجل تطوير منظومة عمل شاملة ومتكاملة تكون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة محركها الرئيسي، وذلك لخدمة جهود تنمية مستدامة لبلادنا وشعوبنا خلال الأعوام الـ5 المقبلة، وحتى عام 2026 عند الإعلان عن نتائج الخطة العشرية للمنظمة.

لفتت إلى الدور الحيوي لقطاع العلوم والتكنولوجيا في التغلب على تحديات التنمية المعاصرة، بما في ذلك تخفيف وطأة الفقر، ودفع الجهود التنموية المستدامة في قطاعات الصحة والحفاظ على البيئة وضمان أمن الغذاء والماء وغيرها.

وأضافت معاليها: «تحتضن الدول الإسلامية والعربية نحو ربع سكان العالم، وبالرغم مما تملكه من موارد طبيعية وفيرة، إلا أنها ما زالت تعاني من تحديات عديدة، وذلك ما شهدناها خلال العامين الماضيين أثناء جائحة «كوفيد 19» ولولا التكنولوجيا، لما استطعنا استئناف حياتنا بصورة طبيعية».

محطات

عدّد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أبرز محطات التجربة الرائدة لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال العقدين الماضيين في جعل التكنولوجيا والابتكار وتطبيقات الثورة الصناعية وحلولها رافداً حيوياً في شتى قطاعاتها التنموية.

وعلى رأسها تحقيق إنجاز تاريخي بإطلاق «مسبار الأمل»، أول مهمة عربية إسلامية لاستكشاف المريخ، إلى جانب تشغيل محطة براكة، كأول محطة لإنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية في المنطقة، التي ستوفر 25% من احتياجات الإمارات للكهرباء. وإطلاق «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ» مع الولايات المتحدة الأمريكية وبدعم من 7 دول لتكثيف وتسريع جهود الابتكار والبحث والتطوير العالمية في جميع جوانب القطاع الزراعي للحد من تداعيات تغير المناخ، علاوةً على استعداد الإمارات لاستقبال أحدث ابتكارات العالم في معرض إكسبو 2020 دبي.

Email