21 أولوية تستعرضها القمة العالمية للحكومات 2021

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن الحكومات الناجحة هي التي تبني قراراتها على رؤى استباقية تلبي احتياجات مجتمعاتها، وأن التجارب الأنجح خلال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، جسدتها الحكومات التي بادرت لاتخاذ قرارات فورية مبنية على استعدادات مسبقة، لتلبية احتياجات أفراد المجتمع، ودعم القطاعات الرئيسية، وتوظيف الشراكات الدولية بشكل إيجابي، وتعزيز دور القطاع الخاص والمشاركة المجتمعية في تصميم الاستراتيجيات الحكومية وتنفيذها.

وقال معالي القرقاوي: إن تجربة حكومات العالم في مواجهة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية والتحديات الجديدة التي فرضتها جائحة كورونا، خلال العام الماضي، مثّلت اختباراً حقيقياً لاستراتيجياتها وجاهزية بناها التحتية ومنظومتها الهيكلية والإدارية والتشريعية، ولا تزال تحديات أخرى ماثلة أمام الحكومات، ما يحتم إعادة التفكير بالأولويات والخطط الاستراتيجية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن القمة العالمية للحكومات عملت ضمن هذا التوجه على إعداد تقرير استشرافي يشمل 21 أولوية لحكومات العالم في 2021، ويتضمن أبرز التحديات التي تواجهها في المرحلة الحالية، وأهم الأولويات التي ينبغي التركيز عليها، في 5 محاور رئيسية هي إعادة تصور مستقبل العمل الحكومي، والتنافسية في اقتصاد المستقبل، ومواكبة التحولات التكنولوجية العالمية، وتعزيز التكامل المجتمعي، والاستعداد لتحديات المستقبل.

وأضاف القرقاوي إن القمة العالمية للحكومات حريصة على تنفيذ توجيهات ورؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتوفير منصة عالمية حاضنة تجمع حكومات العالم وتوحد جهودها لاستشراف وتصميم مستقبل القطاعات الحيوية التي تهم المجتمعات، ودراسة أبرز التحديات الحالية والتغيرات المتوقعة بهدف إعداد تصورات مستقبلية شاملة تواكب احتياجات ومتطلبات الإنسان حول العالم.

21 أولوية

ويعكس التقرير «21 أولوية للحكومات في 2021»، توصيات ومخرجات «حوارات القمة العالمية للحكومات» التي عقدت أخيراً برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وبمشاركة نخبة من القادة والوزراء وممثلي المنظمات الدولية والشركات العالمية والمبتكرين ورواد الأعمال من مختلف دول العالم، واستقطبت جلساتها أكثر من 10 آلاف مشارك من 156 دولة.

ويتناول التقرير مجموعة من التوجهات العالمية في مجالات الاقتصاد، والصحة، والتعليم، والمجتمع، والشباب، وأسواق العمل والتنمية، وتمكين المرأة، ومستقبل المدن، وبناء القدرات والمواهب، والاستدامة والبيئة والتغير المناخي، إضافة إلى الدور المستقبلي للتكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة وغيرها.

تحديات اجتماعية واقتصادية

ويركز التقرير في محوره الأول «إعادة تصور مستقبل العمل الحكومي» على 3 أولويات تشمل إعادة الهيكلة المالية للحكومات لضمان توفير مستدام لخدمات الصحة والسلامة العامة والحماية الاجتماعية بما يسهم في تسريع التعافي من الجائحة وتجنب التحديات الاجتماعية والاقتصادية على المدى الطويل، ويؤكد أهمية أن تركز الحكومات في المساعدات على خدمات الرعاية، وتأمين الاحتياجات الأساسية، ولافتاً إلى أنه بالنظر إلى العائد المحتمل للنمو الاقتصادي القوي في النصف الثاني من عام 2021، فإن الوقت الحالي ليس وقت التقشف، بل هو الوقت الأنسب لتعزيز الدعم والنهوض بالاستثمار.

مدن المستقبل

وأوضح التقرير أن إعادة تصميم مستقبل المدن تمثل إحدى أبرز الأولويات العالمية في الفترة المقبلة، وأن على الحكومات تحديد سبل تعزيز التماسك الاجتماعي ورفاهية السكان، مؤكداً أن الجائحة تمثل فرصة لتجديد هيكلية المدن بدلاً من إعادتها إلى الوضع السابق، من خلال العمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص وأفراد المجتمع لتلبية الاحتياجات الجديدة لمدن المستقبل.

قدرات وطنية

وأكد التقرير في محور «إعادة تصور مستقبل العمل الحكومي» أهمية مواصلة تركيز الحكومات على أولوية تنمية القدرات الوطنية وإعادة تصميم وتقييم أسلوب عمل الجهات الحكومية لتلبية المتطلبات المستقبلية وانتهاج رؤية تغييرية شاملة بعيداً عن الطرق القديمة والتقليدية، وتعزيز الاستثمار في بناء القدرات وتمكين الكوادر الحكومية بأدوات المستقبل.

وفي محوره الثاني «التنافسية في اقتصاد المستقبل»، تناول التقرير 4 أولويات شملت الاستعداد للتغيرات التشريعية الجذرية عبر تعزيز الجاهزية لمواجهة التحديات الناتجة عن التغيرات المفاجئة في توجهات القوى العالمية، خصوصاً في مجال الاقتصاد، وتطوير قدرات الاقتصادات الوطنية على الاستفادة من الفرص الناشئة.

كما تناول المحور الثاني أولوية بناء آليات تحقيق التوازن بين الاكتفاء الذاتي والتنافسية الاقتصادية، التي تتطلب من الحكومات العمل على إعادة تقييم القرارات الهادفة لتعزيز التنافسية من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي في الفترة المقبلة، وأشار التقرير إلى وجود مجموعة من الفرص لتحقيق التوازن بين الاكتفاء والتنافسية، تتضمن تنويع سلاسل التوريد، والاستثمار في أنظمة سلسلة التوريد الذكية، وضمان مصادر موثوقة وفعّالة ومستقرة حتى في أصعب الأزمات.

وأشار التقرير ضمن محوره الثاني، إلى أن التغيرات المقبلة تتطلب من الحكومات التركيز على أولوية تطوير استراتيجيات وطنية شاملة تستثمر في بناء مهارات الأفراد ودعم الابتكار، في ظل ما يشهده العالم من تصاعد المنافسة الاقتصادية وتأثر أسواق العمل والوظائف مع انتشار حلول التكنولوجيا المتقدمة، ما يتطلب تعزيز الاستثمار في بناء مهارات الأفراد وتوفير موارد التعليم عبر الإنترنت، ودعم الابتكار في القطاعين الحكومي والخاص.

وتمثل إعادة ابتكار هيكلة القوى العاملة في ظل تطور مفاهيم العمل عن بُعد الأولوية الرابعة في المحور الثاني للتقرير الذي يستشرف المتغيرات المتسارعة التي تؤثر على مستقبل العمل وتغير مفاهيم وظائف المستقبل، ما يتطلب من الحكومات تصميم منظومة جديدة لبناء القدرات وتزويد كوادرها بمهارات المستقبل على أسس مستدامة، بما يسهم بتحسين مستويات الإنتاجية والارتقاء بجودة العمل، والتكيف مع ازدياد انتشار «العمل عن بُعد»، وتوزيع أفضل للمواهب بناءً على قاعدة بيانات شاملة للمهارات والمؤهلات.

شراكات إيجابية

وتناول التقرير في محوره الثالث «مواكبة التحولات التكنولوجية العالمية» أربع أولويات، وأكد أن على الحكومات دراسة سبل مواكبة التنافسية العالمية من خلال بناء الشراكات والأطر التعاونية مع الاقتصادات الكبرى، وإنشاء شراكات متعددة الأطراف، وتطوير آليات رشيقة لتحقيق التكامل مع الأنظمة الاقتصادية المتباينة، وانتهاج طرق دبلوماسية تسهم في تعزيز الشراكات الاقتصادية وتخفيف حدة الانقسام العالمي بين القوى الاقتصادية الكبرى.

وأشار التقرير في محوره الثالث إلى ضرورة تبني الحكومات آليات جديدة لزيادة المشاركة في سوق التكنولوجيا العالمي، وتقييم فرص وتحديات الاعتماد على خدمات شركات التكنولوجيا العالمية العملاقة، وضمان الاستعداد للتغيرات في العلاقة بين الحكومات والشركات التكنولوجية، من خلال بناء منظومة خيارات بديلة، ووضع خطط طوارئ لاستبدالها على نطاق واسع.

وركز التقرير على بناء تحالفات دولية لتشارك البيانات كأولوية لحكومات العالم خلال الفترة المقبلة، تتم تلبيتها من خلال تعزيز التعاون لتشكيل فرص التبادل الرقمي الواسع، وتوظيف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتوليد بيانات ضخمة متنوعة ومفيدة، وتحويلها إلى أصول اقتصادية عالية القيمة، وتسريع نمو الاقتصاد الرقمي، وبناء مفاهيم جديدة للرفاهية الاقتصادية لدى المجتمعات.

كما تناول ضمن محور مواكبة التحديات التكنولوجية العالمية أولوية تعزيز الجاهزية لمتطلبات عالم تعددي جديد التي تتطلب من الحكومات الارتقاء بالشراكات الدولية للاستثمار في بناء المواهب وتوفير الموارد ومواجهة تحديات الأمن السيبراني والتغير المناخي والصحة.

تعاون عالمي

أما رابع محاور التقرير «تعزيز التكامل المجتمعي»، فتناول خمس أولويات، وأوضح أن الفترة المقبلة تتطلب التركيز على إعادة تفعيل المبادرات العالمية لمواجهة التحديات الصحية من خلال تعزيز التعاون والشراكات بين قادة حكومات العالم لدعم الأنظمة الصحية في مواجهة الأمراض الخطيرة مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسل والملاريا، وعدم إهمال خطورتها رغم التركيز حالياً على جائحة كورونا. وأكد التقرير في محوره الرابع أن معالجة الآثار التي تسببت بها الجائحة في مجال الصحة النفسية تمثل إحدى أهم أولويات حكومات العالم في عام 2021 ضمن مجال الصحة، ويبدأ ذلك بتحديد الشرائح المجتمعية التي تحتاج إلى الرعاية والعلاج بشكل استباقي، بما يسهم في الحفاظ على النسيج الاجتماعي، وحماية أفراد المجتمع من الاكتئاب والقلق، وعدم إجهاد أنظمة الرعاية الصحية.

 

مرحلة حاسمة من التحوّلات والفرص

 

قال رودولف لومير الشريك في معهد التحولات الوطنية التابعة لشركة «كيرني» العالمية المتخصصة في مجال الاستشارات الإدارية، التي تعد شريكاً معرفياً للقمة العالمية للحكومات: «يمر العالم حالياً بمرحلة حاسمة تشهد الكثير من التحولات والفرص في العديد من المجالات، وسيكون للقرارات التي يتخذها قادة حكومات العالم خلال هذا العام عواقب استثنائية طويلة المدى على مجتمعاتهم. ويمكن لهم المساهمة بشكل أكبر من خلال اتخاذ إجراءات استباقية لمعالجة هذه الأولويات الإحدى والعشرين الواردة ضمن التقرير من أجل بناء مجتمعات أكثر شمولاً وابتكاراً واستعداداً للمستقبل».

بيانات وإحصاءات

واستعرض التقرير مجموعة من البيانات والإحصاءات والدراسات العالمية التي تناولت عدداً من التحديات والفرص المستقبلية، وذكر أن جائحة كورونا أدت إلى انقطاع ما يزيد على 463 مليون طفل حول العالم عن التعليم، وأشار إلى أهمية تشكيل تحالفات أكبر في مجال مشاركة البيانات، وتسهيل التبادل الرقمي العابر للحدود، لافتاً إلى توقعات لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن تعزيز تبادل البيانات سيسهم في تحقيق منافع اقتصادية واجتماعية تصل إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وبأن تدفق البيانات عبر الحدود سيولد نشاطاً اقتصادياً عالمياً بقيمة تفوق 2 تريليون دولار.

حماية المجتمعات

وأكد أهمية حماية المجتمعات من الشائعات والأخبار المزيفة، إذ تكلف الأخبار المضللة الاقتصاد العالمي نحو 78 مليون دولار سنوياً، وأوصى بمراقبة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الرأي العام، وحث الحكومات على تخفيف الأعباء المالية الناجمة عن الوباء وضمان عدم المساس بالخدمات الأساسية، مثل توفير الخدمات الصحية الحيوية، وتأمين السلامة العامة، وخدمات الحماية الاجتماعية.

العمل عن بُعد

ولفت التقرير إلى أن ارتفاع نسبة العمل عن بُعد 47% منذ بدء الجائحة يقتضي من الحكومات تقييم وتعديل هيكل مهام الموارد البشرية، وإعادة توزيع المهام لتحسين الإنتاجية وضمان رضا العاملين.

وأشار إلى أن نصف التكلفة الاقتصادية للجائحة خلال العام الحالي، سيقع على كاهل الاقتصادات المتقدمة، حتى لو استطاعت هذه الدول تلقيح شعوبها بالكامل، وأوضح أنه في حال تمكنت الاقتصادات النامية من تلقيح 50% من شعوبها، سيتكبد العالم خسارة اقتصادية تتراوح بين 1.8 و3.8 تريليونات دولار، نصفها من نصيب الدول الغنية.

Email