الثقافة ركيزة أساسية في العلاقات الإماراتية الأردنية

بلال البدور

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ عقود طوال، والعلاقة ممتدة بين الإمارات والأردن، زرعت بأرض الأخوة، ورويت بماء المحبة، حتى أثمرت مشاريع ثقافية وفنية «دسمة» رأت النور على أرض الواقع، لتؤكد التلاحم بين البلدين الشقيقين، وفي مئوية المملكة الأردنية الهاشمية، تهدي الإمارات باقات من ورود المحبة، وقد عطرتها بالمسك والعود، تكريماً لعلاقة تاريخية أصيلة، بحسب وصف عدد من الكتاب والمثقفين الذين التقتهم «البيان»، ففي هذا السياق، بادر بلال البدور، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، إلى تهنئة المملكة الأردنية الهاشمية بهذه المناسبة، مؤكداً أن «المكون المجتمعي للأردن أكسبه تنوعاً ثقافياً متميزاً».

وقال: «مجموع الشعب الأردني الذي ينتمي في أصوله إلى قوميات مختلفة، العربية والشركسية والشيشانية، وكذلك التفريعات العربية التي تنتمي إلى بلدان الجوار، كون للأردن تميزاً خاصاً، إذ انصهرت كل هذه القوميات في بوتقة واحدة تعبر عن تسامح المملكة».

وأضاف: «بما أن التعليم انتشر منذ أمد طويل، فقد أصبح المجتمع الأردني يحظى بأسبقية ثقافية على دول الخليج، التي استفادت من أبناء الأردن في لإسهام في التعليم بمدارسها، إذ نقل المعلمون خبرتهم وثقافتهم إلى طلبة الإمارات، والذين ذهب بعضهم إلى هناك لمواصلة تعليمهم الجامعي». وتابع: «نظراً لتشابه العادات والقيم بين البلدين، فقد نقلت الدراما الأردنية التي بثت على شاشات التلفزة المحلية اللهجة الأردنية التي تواصل معها المتابع الإماراتي بشغف.

مناخ عربي

وأكد الكاتب علي أبو الريش تماهي البلدين الشقيقين، وقال: «هذا التماهي نابع من طبيعة البيئات الإنسانية والطبيعية التي تجمع البلدين والتي ترتبط أساساً بالأرض، فنحن أبناء بيئة واحدة ومناخ عربي واحد، وبالتأكيد أن ذلك أسس لعلاقات ثقافية وإنسانية عريقة بين البلدين»، وأضاف: «الأردن يكاد يكون الأكثر قرباً إلى بيئتنا، ما يخلق نوعاً من التلاحم والانسجام بيننا، على المستوى الرسمي والشعبي أيضاً.

وعبر معاينتنا طبيعة العلاقة التي تجمع الشعبين، لا يمكن لنا أن نشعر بالفارق بينهما، إذ يوجد هناك امتداد وجداني وثقافي بين البلدين». أبو الريش أشار إلى أن «العلاقة الوجدانية مستمرة بين البلدين». وقال: «التناغم الوجداني والثقافي بيننا طويل الأمد، وهو ليس وليد اللحظة، وقد توج بمتانة العلاقات الثقافية التي أرى فيها قوة ناعمة قادرة على غزل الخيط الحريري الذي يجمع بين البلدين».

وقال الروائي الأردني عامر طهبوب: «تتسم العلاقات الأردنية الإماراتية بالثبات والتطور، وهي علامات راسخة أسس دعائمها المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك حسين بن طلال، طيب الله ثراهما، وهي علاقات ليس بالأخوة فقط، وإنما بالانسجام بالفكر والمواقف والمصالح والنظرة تجاه المستقبل، ومصلحة الشعبين الشقيقين».

وأضاف: «المجال الثقافي هو جزء من منظومة التعاون في مختلف مجالات الأدب والبحث والفن والإبداع بمختلف صوره، إن الثقافة التي تجمعنا عربية، نهلت من المنبع نفسه، ولكن الألوان تتعدد، ويشكل أي اختلاف في الذائقة الثقافية ثراء للطرفين»، وتابع: «عشت في الإمارات نحو عقدين، وأشعر بأن الثقافة في البلدين واحدة، ولكن ألوانها المتعددة تمنح الصورة فضاءً أوسع، وبلا شك يسجل للإمارات مبادراتها الحكومية والخاصة المتعلقة بالشأن الثقافي، وكذلك تقديمها للعديد من الجوائز الثقافية المهمة، التي باتت تعد الأهم عربياً»، منوهاً إلى أن هذه الجوائز ساهمت في تحفيز العطاء الثقافي، ومدت جسور التعاون والثقافة بين البلدين.

علاقات متينة

«علاقة الأشقاء لا حدود لها»، بهذا التعبير آثر المخرج إياد الخزوز، مؤسس شركة أي سي ميديا وصف العلاقة بين البلدين، قائلاً: «علاقتنا ممتدة منذ عقود طويلة، وظلت على الدوام متميزة وعميقة بفضل رؤى قادة البلدين، ما أتاح أمامنا فرصاً للاستثمار في مجالات الثقافة والفنون، والتي مكنت البلدين من التعبير عن مدى لحمة وتآلف علاقتهما»، مضيفاً: «نحن نعتز كثيراً بالعلاقة التي تحكمها الأخوة والتسامح والتبادل الثقافي، فقد كانت الإمارات ولا تزال خير داعم لنا في هذا المجال، والمملكة أيضاً سارت على الدرب ذاته، إيماناً بأهمية هذه المجالات، وبقدرتها على التعبير عن وجدان أبناء الشعبين، اللذين ينتميان إلى الجذور الأصيلة ذاتها»، مشيراً إلى أن علاقة الأخوة بين البلدين، أتاحت نمو العديد من الشركات والمؤسسات الإنتاجية.

وقال: «أعتقد أنه لولا عمق هذه العلاقة، لم تكن العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة ومن بينها شركتنا قادرة على النمو في القطاع الإنتاجي الدرامي، إذ أتاحت البيئة الإبداعية الخصبة التي توفرها الإمارات لنا إمكان التعاون مع العديد من القنوات والمحطات الفضائية العاملة في الإمارات والأردن عل حد سواء».

الكاتب الأردني مخلد بركات البخيت، مدير الدراسات والنشر في وزارة الثقافة الأردنية، أشار إلى أن العلاقات الثقافية بين البلدين ترسخت على مدار العقود الماضية، من منطلق الأخوة المشتركة. وقال: «البلدان تطلعا إلى المستقبل، وعبرا نحو الحلم، حينما أخذت مداها أفقياً وعمودياً، بعقد المؤتمرات والمهرجانات والندوات والورش الإبداعية الفاعلة التي يشارك فيها رموز ومبدعون من كلا الطرفين» .

مشاركة

استعانت مؤسسات الإنتاج البرامجي بالإمارات بالفنانين الأردنيين في إنتاج المسلسلات التاريخية، إلى جانب ذلك استضافت الدولة عدداً من الخطاطين الأردنيين، في حين تشكل مشاركات دور النشر الأردنية في معارض الكتب التي تقام بالإمارات نافذة للتعرف إلى المنتج الفكري والإبداعي الأردني .

Email