تحدّى إعاقته برعاية 200 رأس ماشية

عمر بن غليطة.. نموذج على نجاح أصحاب الهمم

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يثبت أصحاب الهمم في كل يوم استحقاقهم لأفضل رعاية ودعم، كما تتحدث الشواهد على أرض الواقع أنهم نماذج مشرّفة، وقصص ملهمة، وإنجازات يسطّرونها بإصرارهم على التحدي، وتحقيق الذات، والاندماج في المجتمع بمشاركة وثبات، مؤكدين دائماً حضورهم اللافت كونهم قوة فاعلة ومؤثرة على نطاق الأسرة أو في رحاب المجتمع.

حكاية الشاب الإماراتي عمر أحمد سعيد بن غليطة، الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ30، ليست أولى الحكايات التي تضيء لأصحاب الهمم طريقاً، وتبني لهم جسراً، ولن تكون آخرها، عمر الذي أبدع وأثبت لمن يعرفه أن أصحاب الهمم لديهم طاقات خلاقة، تستحق الدعم دائماً، فقد تمكّن بإصراره وجهوده التي بذلها طوال سنوات ماضية، من تحقيق النجاح في مشروعه، الذي أعاده إلى أحضان الطبيعة وسط نحو 200 رأس ماشية، يرعاها بحب وينتظر منها أكثر مما نتوقّع.

لا تقتصر حكاية وبطولة عمر على ولادته كونه واحداً من أصحاب الهمم فحسب، بل إنها تضمنت فصولاً كثيرة من التحديات الكفيلة بحبسه داخل ذاته، ودفعه إلى الانطواء والاستسلام، عندما واجه العديد من الإعاقات من بينها الحركية، بكل عزيمة وإصرار، ليدوّن صفحات مضيئة بأحرف من نور، حكاية عزيمة، وإصرار، وتفوق.

 

علاج

أنهى عمر الثانوية العامة من مدرسة المواكب الخاصة بدبي بتفوق، رغم خضوعه للعلاج وإجراء عمليات عدة، حرمته من مشاركة أقرانه ممارسة اللعب، إلا أن هذا الأمر لم يثنه عن الاجتهاد، وبذل كل ما لديه من قدرات، ليتربع لائحة المتفوقين، وليسافر بعدها إلى خارج الدولة، لاستكمال دراسته الجامعية في تخصص العلوم السياسية.

على الرغم من تفوقه وقدرته على مقارعة الآخرين في الذكاء والجهد والشغف، إلا أن عمر لم يجد نفسه في مجال العلوم السياسية، فعاد إلى الإمارات بحثاً عن نفسه، ليلتحق بإحدى جامعاتها، ويدرس المحاماة، وهذا التخصص لم يوافق ذاته وشغفه، بل رآه بعيداً كل البعد عما يريده لنفسه.

يبدو أن الطبيعة والغوص في أسرارها ومكوناتها، هو ما كان يبحث عنه، ذلك ما يريده لنفسه وحياته حتى يحقق ما يصبو إليه، التغير الجوهري، الذي أحدث توازناً نفسياً وذهنياً لديه كان حين باشر عمله في تربية المواشي، حيث يقول: «هنا في الطبيعة وجدت نفسي، أعمل وأتابع تجارتي، وبات لديّ خلفية كبيرة عن عالم المواشي، وكيفية التعامل معها، وأي الأدوية الخاصة تناسبها».

 ويضيف عمر: «أشعر بالحماس وأحلم بالتوسع، ليكون لديّ مزرعة كبيرة، فيها أعداد أكبر من المواشي، كما أتمنى أن يعمل معي أفراد آخرون من أصحاب الهمم، لأن الطبيعة لها فعل السحر، تجلب الراحة والطمأنينة للإنسان، وأفخر بأن أكون تاجراً للمواشي يدير عمله بنفسه، ويتحمل مسؤولية كبيرة».

ويرى الشاب الملهم أن أصحاب الهمم في الدولة محظوظون، كونهم يحظون بدعم كبير من القيادة الرشيدة، التي تضعهم دائماً في دائرة الأولوية، وضمن الاستراتيجية الوطنية، وتكفل لهم حقوقهم كاملة، وتوفر لهم الأدوات اللازمة لدعمهم وتشجيعهم، مشدداً على دور وزارة تنمية المجتمع، ودورها الواضح في متابعتهم، إلى جانب ما توفره لهم من أوجه الرعاية والتأهيل التي يحتاجون إليها، لافتاً إلى أنه يعتبر الوزارة بمثابة أسرته الثانية، التي أكرمه الله بها.

يوجد عمر في مزرعته يومياً غير آبه بالمسافة، التي تفصل بين بيته في دبي، ومزرعته للمواشي في منطقة الحليو بعجمان، بل يذهب إلى هناك مرتين يومياً إذا اقتضى الأمر، ويتابع مواشيه التي وصل عددها حتى الآن إلى 192 رأساً من الأغنام.

ولم تنتهِ الحكاية بنجاح مشروعه، الذي بناه بالجهد والإصرار، بل إن عمر دخل أخيراً إلى القفص الذهبي، فقد تزوج منذ عام. ويختم لقاءه بالحديث عن أسرته ووالدته، التي لم تتوقف عن دعمه وتشجيعه، فيقول: منحني الله تعالى أسرة محبة، تحيطني بكل الرعاية، وتخصّص لي من وقتها الكثير.

ودّعنا عمر وهو يؤكد أن أصحاب الهمم لديهم طاقات خلاقة، تحتاج للرعاية والدعم فقط، وأن العديد من أصحاب الهمم سيبرزون ويؤكدون مكانتهم ودورهم في مجتمع يحتضنهم، ودولة ترعاهم وتشجعهم وتدعمهم، وقيادة تنتظر منهم منجزات تشبه مسماهم.

Email