مبادرات لتحويل النفايات من عبء بيئي لمورد اقتصادي

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت الإمارات خلال السنوات الماضية توجهاً حقيقياً نحو تحويل النفايات من عبء بيئي إلى مورد اقتصادي، واتخذت في هذا الاتجاه مجموعة من المبادرات والإجراءات المبتكرة، التي عززت من خلالها الاهتمام بصناعة تدوير النفايات بكافة أنواعها، وتحويلها إلى طاقة ومنتجات أخرى، يمكن الاستفادة منها، وذلك بما يتوافق مع نهج الاقتصاد الدائري.

وتمثل معالجة النفايات، أحد التحديات البارزة في دولة الإمارات، فقد أدى النمو السكاني والاقتصادي، وارتفاع مستويات الدخل، والعديد من العوامل الأخرى، إلى ارتفاع كميات النفايات في الدولة، حيث وصلت إلى نحو 35.5 مليون طن في عام 2019، منها حوالي 5.6 ملايين طن من النفايات البلدية الصلبة.

وتبذل الإمارات جهوداً حثيثة لخفض توليد النفايات من مصادرها بالدرجة الأولى، ومعالجتها بطريقة سليمة وآمنة، وفق مبادئ الإدارة المتكاملة للنفايات، من أجل الوفاء بالمستهدف الوطني الذي حددته الأجندة الوطنية 2021، والمتمثل في رفع نسبة النفايات المعالجة بعيداً عن مكبات النفايات، إلى 75 في المئة في عام 2021.

وأكد معالي الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي وزير التغير المناخي والبيئة، أن معالجة النفايات وتدويرها، تمثل واحدة من القضايا ذات الأولوية في دولة الإمارات، لافتاً إلى أن الجهود منصبة حالياً على تقليل معدل توليد هذه النفايات، وتحويلها من عبء بيئي إلى موارد اقتصادية، من خلال إعادة تدويرها وتحويلها إلى طاقة ومنتجات يتم استخدامها في العديد من الأنشطة الصناعية والزراعية، وأعمال البناء وغيرها.

وقال إن الوزارة تستهدف خلال المرحلة المقبلة، رفع نسبة النفايات البلدية الصلبة المعالجة إلى 75 %، وتطبيق مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج، ووضع إطار تنظيمي وتشغيلي لتعزيز انخراط القطاع الخاص في صناعة إعادة التدوير، لزيادة معدلات المعالجة، وزيادة الاهتمام بتطوير الأبحاث الخاصة لتعزيز إعادة تدوير النفايات، والاستخدام الأمثل للمنتجات المعاد تدويرها، لتعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري وتطبيقاته.

وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي توليه الإمارات للمسائل المتصلة بتقليل النفايات من المصدر، خاصة في الأنشطة ذات الإنتاج الكثيف للنفايات، وتطوير عمليات جمع وفرز النفايات، والتخلص السليم والأمن منها، وتحسين حالة المكبات، فإن القسم الأكبر من العمل خلال السنوات القليلة الماضية، تركز على زيادة حجم صناعة النفايات وتحويلها إلى طاقة ومنتجات أخرى، تعزز عملية الاستدامة البيئية، وتحد من استنزاف الموارد الطبيعية.

وجاء القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2018، في شأن الإدارة المتكاملة للنفايات، وهو أول تشريع من نوعه على المستوى الاتحادي، ليشجع على إنشاء مصانع إعادة التدوير واسترداد الحد الأقصى من النفايات القابلة للتدوير - ويلزم في حالات معينة- المنشآت، بإعادة استخدام أنواع معينة من النفايات المتولدة عن أنشطتها، وبمعالجة بعض أنواع النفايات التي تحتاج إلى معالجة خاصة بشكل منفصل عند التخلص منها.

وفي العام التالي، أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة قرارين، يهدف الأول إلى استخدام الوقود البديل الناتج من عمليات معالجة النفايات «RDF» في مصانع الإسمنت، فيما يهدف الثاني إلى استخدام نفايات البناء والهدم المعاد تدويرها في مشاريع الطرق والبنية التحتية.

وشهدت صناعة تدوير النفايات، تطورات مهمة في السنوات القليلة الماضية، فاتسع حجمها ونطاقها، ولم تعد مقتصرة على أنواع محدودة من النفايات، بل شملت معظم أنواع النفايات القابلة للتدوير، بما في ذلك النفايات الإلكترونية والنفايات البلاستيكية، وإطارات السيارات والبطاريات المستهلكة.

وشهد عام 2019، أحد التطورات المهمة في مجال تحويل النفايات إلى مصادر للطاقة والوقود البديل، حيث تم البدء بإقامة أول مرفق لتحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة.

وتعمل وزارة التغير المناخي والبيئة، على تشغيل محطة نموذجية لمعالجة النفايات البلدية الصلبة، وإنتاج الوقود البديل منها، بقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ألف طن سنوياً، وتغطي خدمات هذه المحطة، إماراتي عجمان وأم القيوين.

أما في دبي، فقد أعلن عن مشروع مركز دبي لمعالجة النفايات في منطقة الورسان، والذي تنفذه شركة «دبي القابضة»، مع ائتلاف من مجموعة من الشركات والمؤسسات المحلية والعالمية، والذي ستصل قدرته إلى معالجة 5,666 طناً من النفايات البلدية الصلبة، التي تُنتِجها إمارة دبي يومياً، وسيُحوَّل نحو 1,900,000 طنٍ من النّفايات سنوياً، إلى طاقة متجددة، ستُغذي شبكة الكهرباء المحلية بنحو 200 ميغاواط من الطّاقة النظيفة.

اتفاق

وقعت دائرة الطاقة في أبوظبي، ومركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير»، في شهر مارس 2020، مذكرة تفاهم لإنشاء محطتين لتحويل النفايات إلى طاقة في كل من أبوظبي والعين، يستهدفان عند اكتمالهما، تحويل ما يقرب من 1،5 مليون طن سنوياً من النفايات البلدية إلى طاقة، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 2،5 مليون طن سنوياً.

Email