ضمن فعاليات مبادرة «اتجاهات المستقبل»

«تريندز» يناقش معايير الحوكمة الرشيدة وسياسات تمكين المرأة عالمياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

نظم مركز «تريندز للبحوث والاستشارات» أمس حلقة نقاشية عن بُعد تحت عنوان «الحوكمة: كيف يمكن للحكومات تحفيز طاقات الأفراد والمجتمعات لبناء مستقبل أفضل؟» شاركت فيها كوكبة من الخبيرات والباحثات في قضايا المرأة والقيادات النسائية. وتعد هذه الحلقة النقاشية هي الفعالية الثالثة من مبادرة «اتجاهات المستقبل» (What’s Trending) التي أطلقها المركز وتستهدف استشراف التحولات المستقبلية التي تهم دول المنطقة والعالم من خلال تسع حلقات نقاشية يتحدث فيها مجموعة من الباحثين والخبراء من نحو 163 دولة عن اتجاهات المستقبل في العالم في ثلاثة مجالات هي: (الاستدامة، والتنقل، والفرص)، وهي المحاور التي يركز عليها «إكسبو دبي 2020».

وركزت هذه الحلقة النقاشية على طبيعة الدور الذي يجب على الحكومات فعله من أجل إقامة نُظم حوكمة مستدامة وقادرة على تمكين الابتكار وحماية المجتمع، خاصة في ظل التحديات غير المسبوقة التي تواجه الحكومات في اللحاق بركب التنمية في جميع القطاعات الصناعية؛ وما تتطلبه من ضرورة التكيف بسرعة مع التغيرات وتوقع التحولات المستقبلية، لكي تضع الحكومات القواعد والقوانين واللوائح المناسبة، والتي تؤسس لبيئة تُمكِّن الابتكار وتحمي السكان والمؤسسات في الوقت نفسه، كما سلطت الحلقة النقاشية الضوء على بعض التجارب الدولية في تمكين المرأة والنهوض بدورها في مناصب الحوكمة والقيادة، خاصة أن عملية تمكين المرأة وتشجيعها على المشاركة في المجال العام على أكمل وجه تعد أمراً مهماً لفتح أبواب الفرص المستقبلية.

وقد أدارت فعاليات هذه الحلقة النقاشية أمل البريكي الباحثة بمركز تريندز للبحوث والاستشارات، والتي أكدت أن تفشي جائحة كورونا كشف العديد من جوانب الضعف التي تعانيها نظم الحوكمة في كثير من البلدان، مشيرة إلى أن سياسات تمكين المرأة وتطوير دورها يتيح العديد من الفرص التي تنعكس بشكل إيجابي على حياة المجتمعات.

 دور البيانات

وتطرقت د.آنا بوبول، مديرة التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي ودول الشراكة الشرقية للاتحاد - الرابطة العلمية والتكنولوجية – بلاروس، في مداخلتها أمام هذه الحلقة النقاشية، إلى دور البيانات في تطوير نظم الحكم المستدامة، مشيرة إلى أن المستقبل سيعتمد على البيانات التي أصبحت المورد الرئيس في معظم الدول، ولابد للحكومات أن تأخذها بعين الاعتبار.

 وأوضحت أن هناك عدة عوامل تعزز من أهمية البيانات في بناء نظم حوكمة مستدامة؛ أولها يتعلق بتراكم كميات كبيرة من البيانات، وهو ما يمكن أن يلعب دوراً في سوق العمل، خاصة فيما يتعلق بإيجاد فرص جيدة للأشخاص للعمل في أنظمة تحليل البيانات والاستفادة منها، ومثل هذه الوظائف يمكن القيام بها من أي موقع في العالم، وهذا يتطلب وجود قدرات معالجة مركزية أفضل للبيانات، وبنية تحتية للاتصالات، بالإضافة إلى بعض القدرات الرياضية والمحاسبية، وهذا معناه أنه على الحكومات أن تعمل على تسهيل الوصول إلى الإنترنت، ودعم البنية التحتية للاتصالات، وأن يتم ذلك بطرق صديقة للبيئة، خاصة فيما يتعلق بمراكز معالجة البيانات.

وثاني هذه العوامل يتعلق بتثقيف الناس وتعليمهم كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وأدوات معالجة البيانات الكبيرة، خاصة أن هذه البيانات باتت أهم أدوات تحسين كفاءة العمليات الاقتصادية داخل الشركات علاوة على العلاقات الخارجية، وهو ما يمكن أن يفيد في دعم العلاقات بين هذه الشركات وبعضها بعضاً، وبينها وبين الجهات الحكومية. والمثال على ذلك دول الاتحاد الأوروبي والتي لديها شركات تعمل على استخدام البيانات الاقتصادية التي يتم جمعها من أنظمة جمع البيانات فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، سواء داخل الشركات أو في العلاقات الاقتصادية الدولية. وكذلك في بيلاروسيا، فإن هناك عملاً كبيراً للاستفادة من المنصات الرقمية في التجارة الإلكترونية، الأمر الذي يمثل استثماراً جيداً، حيث توجد مسارات لكافة البيانات الرسمية التي تجمعها الجهات الحكومية لتتم معالجتها في نافذة واحدة.

أما ثالث هذه العوامل – كما أوضحت د.آنا بوبول- فيتمثل في أن عمليات الاعتماد الحكومية والرسمية كافة ومختلف الرسوم الحكومية والعقود والعمليات الأخرى التي تعتمد على تقنية البلوك تشين يمكن أن تتم وفق تقنيات إلكترونية، ودور الحكومة هنا هو أن توفر التوصيات الأساسية فيما يتعلق بالوثائق الإلكترونية في مختلف الجهات الحكومية، وأن تستثمر في هذه المنصات الرقمية وأن تسمح للشركات بتطويرها لتقديم المزيد من الخدمات. أما العامل الرابع والأخير فهو أن البيانات تعد المصدر الجديد للابتكار في ممارسة المهام المختلفة.

تقنية المعلومات

وتناولت د. فاطمة السبيعي - زميل باحث - بمركز دراسات البحرين، بمملكة البحرين، في مداخلتها أمام الحلقة النقاشية أهمية تمكين المرأة في القطاعات الحيوية التي يهيمن عليها الرجال؛ مثل قطاع تقنية المعلومات، مشيرة إلى أن الدول اليوم ترغب في تحسين اقتصادها الرقمي وتحتاج إلى كل الموارد البشرية المؤهلة، ومن ضمنها المرأة ذات القدرات التقنية العالية. وأوضحت أنه على الرغم من أن هناك عدداً من النساء اللائي شاركن بصورة متزايدة في هذا القطاع، فإن تمثيل المرأة في وظائف تقنية المعلومات ليس مثل تمثيلهن في قطاعات أخرى مثل قطاع التعليم المرتبط بتقنية المعلومات، فالواضح أنه يتم تخصيص الوظائف الأكثر رقياً في قطاع تقنية المعلومات للرجال، وهي الوظائف الإشرافية، بينما تعمل المرأة في وظائف أخرى ترتبط بالبرمجة.

التعليم

وتطرقت ضياء ليونارد، المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة ليونارد التعليمية بالولايات المتحدة في مداخلتها أمام الحلقة النقاشية إلى دور التعليم في تحفيز طاقات الأفراد والمجتمعات، مشيرة إلى أنه من المهم العمل على إثارة نقاش عام في المدارس الثانوية حول ضرورة دراسة وتعلم مجالات مبتكرة وإعداد الشباب وتحفيزهم للانخراط في التعليم العالي.

ولفتت النظر إلى أن 40% تقريباً من الشباب المهمش الذين نعمل معهم من النساء يأتين من منطقة الشرق الأوسط سعياً إلى الحصول على فرص لدراسة العلوم الحديثة التي لابد من تضمينها في مسارات التعليم في بلدانهم الأصلية.

الحوكمة الرشيدة

وتطرقت ديبرا إيديريسينغي المدير المؤسس لمنظمة تشايلد آكشن لانكا بسريلانكا في مداخلتها إلى معايير الحوكمة الرشيدة والمستدامة، مشيرة إلى أهمية تطبيق القانون والمساواة والمشاركة باعتبارها من أهم هذه المعايير، إذ إن على المجتمع والأفراد أن ينخرطوا في عملية المشاركة وأن تكون هناك وسيلة قانونية لتحقيق هذه المشاركة. كما أن تطبيق القانون يعد أمراً مهماً في عملية الحوكمة، وهذا الأمر لا يقتصر فقط على المستوى الوطني، بل على المستوى العالمي كذلك، فهناك أطر قانونية لعملية الحوكمة ينبغي تفعيلها، وإغفال ذلك يؤدي إلى مشكلات يصعب التعامل معها مثل غياب العدل. وإضافة إلى ما سبق، فإن عملية الحوكمة الرشيدة ترتبط أيضاً بتحقيق المساواة، حين توفر الحوكمة قدراً كبيراً من المساواة بين مختلف أعضاء المجتمع، كما توفر لهؤلاء الأعضاء فرصاً للنمو والتقدم.

وفي السياق ذاته، تطرقت خديجة بندام - رئيس عمليات تدقيق الأمن والسلامة النووية والإشعاعية بالمغرب إلى بعض العوامل الأخرى التي تعزز من فاعلية الحوكمة لدى الشركات والمنظمات؛ أولها أن تكون هناك أهداف واضحة ومحددة، حتى يمكن مقارنتها بالنتائج النهائية من مخرجات. وثانيها أن تكون هناك رؤية مستقبلية وخطط استراتيجية للمنظمة تعمل على تحقيقها وفق أدوات متنوعة. وثالثها تحديد المسؤوليات والمهام بدقة لمختلف الأطراف المعنية بتنفيذ المشروع أو الخطة الاستراتيجية للمنظمة أو الشركة. ورابعها وجود قيادة واعية لديها الخبرة في الإدارة والتحقق من المهارات والقدرات لجميع العناصر المشاركة في المشروع وتقييم أدائها بشكل مستمر، وتوجيهها لتطوير هذا الأداء بما يحقق أهداف المؤسسة. وخامسها إدارة المخاطر بفاعلية وكفاءة. وهذه العوامل تضمن الكفاءة والأداء المتميز للمؤسسات والشركات كافة.

Email