الفريق الهندسي لـ«مسبار الأمل»:

لدينا فرصة واحدة فقط للدخول بنجاح إلى مدار المريخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الفريق الهندسي لـ«مسبار الأمل» أمس، خلال إحاطة إعلامية في مركز محمد بن راشد للفضاء، على الجاهزية الكبيرة التي تتمتع بها أجهزة مسبار الأمل.

وأن الاستعدادات الأخيرة تعكس كفاءة كل الأنظمة التي تتمتع بمتابعة حثيثة من جميع فرق عمل المشروع، مؤكدين في الوقت ذاته أن هذه المهمة التاريخية حققت الكثير من أهدافها وصلت إلى 90% مما تم وضعه من قبل عند بداية إطلاق المشروع قبل 6 سنوات.

مرحلة مهمة

وأوضح المهندس عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، أن المرحلة الحالية من المهمة حساسة ودقيقة جداً، لأنها مليئة بالتحديات والمخاطر التي تتكاتف كل فرق عمل المسبار لتجاوزها وصولاً لدخول آمن للمسبار إلى مدار الالتقاط.

مبيناً أن هناك 27 دقيقة يحتاجها المسبار لبدء دخول مداره، يطلق عليها «نصف ساعة عمياء»، حيث سيتم حرق نصف كمية الوقود الموجودة في خزانات المسبار لإبطائه إلى الحد الذي يسمح بإدخاله في مدار الالتقاط وستستمر عملية حرق الوقود «إطلاق صواريخ دلتا في» لمدة 30 دقيقة لتقليل سرعة المسبار من 121 ألف كيلومتر في الساعة إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة.

وذكر أنه ستتم عملية الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ، بشكل مستقل 100% دون تدخل من فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، الذي لن يتمكن من التعامل مع المسبار بسبب تأخر الإشارات اللاسلكية الصادرة منه التي سوف تستغرق مدة تتراوح بين 13 إلى 26 دقيقة للوصول إلى الأرض وبمجرد اكتمال عملية الدخول إلى مدار المريخ سيكون «مسبار الأمل» محجوباً بواسطة المريخ وعندما يخرج المسبار من الجانب المظلم للمريخ ستتم إعادة الاتصال به مرة أخرى وعندها فقط يمكن للفريق التأكد من نجاح مناورة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ.

فرصة واحدة

وتابع أنه يوجد أمامنا فرصة واحدة فقط لإدخال مسبار الأمل إلى مدار المريخ، خاصة أن مرحلة الدخول إلى مدار المريخ تختلف تماماً عن مرحلة الإطلاق.

حيث كانت لدينا حينها نافذة إطلاق امتدت إلى ثلاثة أسابيع، ويمكننا التأجيل وإعادة المحاولة خلالها كما حدث بالفعل، لكن في مرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ إذا لم نستطع إبطاء سرعة المسبار إلى الحد المطلوب وإدخاله إلى المدار بالاتجاه الصحيح، ربما -لا قدر الله- نفقد المسبار في الفضاء العميق أو قد يصطدم بسطح المريخ.

واعتبر أن 90 % من المهمة تم إنجازها بنجاح، من حيث الاستفادة التي انعكست على قطاع الفضاء الإماراتي بشكل عام، خاصة أن 50 % من مهمات المريخ تفشل، حيث بدأنا نرى ذلك أكاديمياً واستثمارياً وعبر تعزيز شغف الأجيال، فضلاً عن الاستفادة من تجربة تصنيع المسبار لأول مرة، والتقاط الصور بنجاح، وتصنيع أجهزة علمية تؤدي مهام لأول مرة يمكن من خلالها توفير معلومات جديدة عن مناخ المريخ.

وتابع أن المهمة لا تقتصر فقط على الوصول للمريخ والتي نحتاج بين 5 ــ 10 سنوات لنلمس آثارها العلمية على المجتمع العلمي الدولي، بل على تحقيق أهدافها التي تم وضعها من قبل.

وأن الآثار الإيجابية للمشروع امتدت لتصل إلى تدريب وإعداد مهندسين إماراتيين لتطوير أنظمة الفضاء، بما يؤدي إلى تجهيز البنية التحتية اللازمة لبرنامج مستدام في الإمارات لاستكشاف الفضاء الخارجي، وبناء شراكات مع جهات دولية مختصة في مجال استكشاف الفضاء، بالإضافة إلى إنشاء وتحسين وتطوير البرامج العلمية والهندسية في القطاع العلمي والأكاديمي.

13 مهندساً

وقال المهندس سهيل الظفري، نائب مدير المشروع لشؤون تطوير المسبار، إن هناك 13 مهندساً يعملون على مدار الساعة للتأكد من حالة المسبار الحالية، وإننا نحتاج شهرين بعد نجاح دخول مدار الالتقاط للدخول إلى المدار العلمي، والتي تسبقها مرحلة مراجعة أداء وكفاءة أجهزة المسبار بعد تجاوز مداره الأول.

وأكد أن لديهم سيناريوهات عديدة خلال هذه المرحلة الحساسة، من حيث تجهيز المسبار للتعامل وإدارة مهمته بشكل ذاتي، فضلاً عن التعامل مع أية مستجدات من خلال فريق عمل مجهز ومحترف، متطرقاً في الوقت ذاته على الإيجابيات التي تحققت بفضل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، وانعكس على رؤية الإمارات لقطاع الفضاء.

والتي تجسدت من خلال قدرتهم على تصنيع أجزاء كثيرة من المسبار بشكل محلي، بدلاً من استيرادها من الخارج، فضلاً عن ذلك فإن شركات وطنية أخرى بدأت تدخل هذا القطاع المهم فيما يتعلق بالتصنيع، حيث يشتغلون حالياً مع 4 شركات إماراتية لتصنيع قطع ميكانيكية فضائية، وهناك تطور كبير للدولة في هذا الجانب.

وتابع أن مسؤوليات الفريق الهندسي لمسبار الأمل متعددة، وقد شملت عند بدء تنفيذ المشروع التصميم والتصنيع والتركيب والدمج والفحص، وتتضمن أنظمة الطاقة والملاحة والكمبيوتر والبرمجيات وأنظمة الدفع الخاصة بالمسبار، وأن الفريق الهندسي لمسبار الأمل هو الذي تولى عمليات تعديل تصميم المسبار، إذ كان التصميم الأولي يتضمن ثلاثة ألواح شمسية، تم تعديلها لاحقاً إلى لوحين فقط، وهو التصميم الحالي للمسبار الذي يقترب من مدار المريخ.

مناورات دقيقة

وشرح المهندس إبراهيم عبدالله المدفع، مهندس نظام التحكم وقائد فريق أنظمة التحكم أن برمجيات المسبار تقوم بمهمة رئيسية في مرحلة الدخول إلى مدار المريخ، فهذه العملية هي تتم ذاتية وبشكل مستقل من جانب المسبار الذي تمت برمجته بدقة منذ البداية ليقوم بها، حيث ينفذ أوامر ومناورات الدخول بدقة إلى المدار وبتوقيت زمني محدد، وهذه البرمجة تم التأكد منها وفحصها أكثر من مرة قبل الإطلاق.

وقال إن الأشهر الماضية تم خلالها اختبار برمجة كافة مكونات المسبار، والتي اطمأنوا من خلالها على كفاءتها، و أن كافة فرق عمل المسبار بمختلف تخصصاتها تتابع عن كثب أداء ما يخصها في تناغم كبير بينها، خلال مرحلة دخول المسبار لمداره في التاسع من فبراير، وأن الجميع يتابع بدقة ما أوكل إليه من مهمة بحسب الجداول التي تم وضعها من قبل.

جهاز تعقب

وقال علي جمعة السويدي، مهندس النموذج الهندسي إن فريق عمل مسبار الأمل يعتمد على جهاز تعقب النجوم Star Tracker لتحديد موقع المسبار، حيث يقوم الجهاز بالتقاط صور للنجوم وتحليلها ومقارنتها بقاعدة بيانات ضخمة، يتم عن طريقها معرفة موقع المسبار، لافتاً إلى أن نموذج تصميم المسبار أفادهم وعلمهم الكثير من الأمور الفنية كفريق عمل.

حيث اكتسبوا كفاءات كبيرة في هذا الجانب، وأنهم أصبحوا يفكرون بطريقة مبتكرة، ولفت إلى الخبرات الكبيرة التي اكتسبوها والتي ساعدتهم كثيراً في تنفيذ هذا المشروع العربي النوعي الضخم.


 

Email