أكدت أن استضافة الإمارات للحدث فرصة للانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ

مريم المهيري لـ«البيان»: «كوب28» محطة مهمة لمستقبل مستدام لشعوب العالم

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، أن دولة الإمارات تمتلك تجربة استثنائية على المستويين المحلي والعالمي في مواجهة التغير المناخي في مختلف القطاعات، مشيرة إلى أن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28»، الذي سيُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، سيكون محطة انطلاق نحو إنجازات أكبر، ومحطة عالمية مهمة للإسهام في خلق مستقبل مستدام لشعوب العالم والحفاظ على كوكب الأرض.

منوهة بأن الإمارات ستترك بصمتها الخاصة خلال الحدث في دعم الجهود العالمية لتعزيز الأمن الغذائي المستدام.

وقالت معاليها في حوار مع «البيان» إن الإمارات تمتلك رؤية واضحة لتقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 بالتعاون مع الجهات المعنية، إلى جانب جهود إزالة الكربون بما ينعكس على الجهود العالمية للحد من آثار التغيرات المناخية، مشددة على أن نهج الوزارة عند تنفيذ خططها وبرامجها المعنية بحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة يقوم على إشراك أفراد المجتمع، انطلاقاً من أن «الكل مسؤول».

وتطرقت معالي وزيرة التغير المناخي والبيئة في حوارها إلى دور القطاع الخاص في الإمارات، مؤكدة أنه يمثل ركيزة أساسية لتحقيق الحياد المناخي، ولاعباً رئيسياً في تقليل البصمة الكربونية واستحداث قطاعات جديدة تعمل في مجال الاستدامة، مشيرة إلى أن لدى القطاع الخاص فرصة استثنائية بالتحول إلى نظم اقتصادية مستدامة مدعومة ببنية تحتية متطورة في ظل عمل الدولة على تعزيز الاقتصاد الدائري والاقتصاد الأخضر.

سفراء المناخ

وأشارت معاليها إلى أن الوزارة تقوم حالياً بتحديث الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي تماشياً مع التوجهات الدولية، كما تقوم أيضاً بتطوير الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البيئة البحرية والثروة السمكية بما يواكب الالتزامات البيئية والغذائية للسنوات المقبلة.

وجددت معالي وزيرة التغير المناخي والبيئة التأكيد على أن إيجاد حلول لتحديات التمويل المستدام في العالم يعد ركيزة رئيسية ومهمة إذا ما أردنا التغيير في استجابة العالم للتغيرات المناخية، سواء من خلال التخفيف وخفض الانبعاثات، أو التكيف مع آثار التغيرات المناخية.

وقالت معالي مريم المهيري: إن مبادرة «الابتكار الزراعي من أجل المناخ» التي أطلقتها الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية نجحت، خلال عامين فقط، في زيادة تعهد الدول المشاركة باستثمار 13 مليار دولار في أنظمة الزراعة الذكية مناخياً، إضافة إلى نمو عدد الشركاء إلى نحو 500 شريك، ما بين الحكومات وسباقات الابتكار وشركاء المعرفة حول العالم.

وتالياً نص الحوار..

مستقبل مستدام

خطت الدولة خطوات مهمة لترسيخ الاستدامة في المجتمع الإماراتي وإيجاد مستقبل مستدام للجميع، فهل يمكن إطلاعنا على أبرز ملامح جهود وزارة التغير المناخي والبيئة في هذا الشأن؟

تعمل وزارة التغير المناخي والبيئة في ضوء توجهات دولة الإمارات وتنفيذاً لرؤية القيادة الرشيدة نحو تحقيق مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

وفي هذا الإطار، قدمت الوزارة بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص العديد من الجهود في مجالات، أبرزها مواجهة التغيرات المناخية وتعزيز التنمية الخضراء في تطبيق الممارسات المستدامة في مختلف القطاعات، إلى جانب العمل مع البلديات والمؤسسات ذات الصلة في تطبيق القوانين البيئية في كامل الأنشطة الاقتصادية، والتأكد من مطابقة المنتجات والخدمات المقدمة للجمهور لكل المعايير والاشتراطات البيئية، والمضي قدماً في تعزيز الاقتصاد الدائري وأنشطة إعادة التدوير، وغيرها من جهود الحد من التلوث في الهواء والمياه والبيئة.

وفي إطار التغيرات المناخية تحديداً، فإن الإمارات تمتلك رؤية واضحة نحو تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 بالتعاون مع الجهات المعنية.

الأمن الغذائي

وتعمل الوزارة كذلك على تعزيز الأمن الغذائي المستدام لدولة الإمارات من خلال تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، وتطمح الإمارات لأن تكون الأولى في المؤشر العالمي للأمن الغذائي بحول عام 2051، وهنا يأتي المجتمع على رأس الأولويات، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تمكين جميع المواطنين والمقيمين في الدولة من الحصول على غذاء صحي آمن وكافٍ ذي قيمة غذائية مناسبة من أجل حياة نشطة وصحية بأسعار مقبولة في جميع الأوقات، بما في ذلك حالات الطوارئ والأزمات.

وفي هذا الإطار ندعم نظم الزراعة والغذاء المستدامة التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة في إدارة كامل سلسلة القيمة من أجل مواجهة التحديات، مثل ندرة المياه وقلة الأراضي الزراعية، فتلك النظم تضمن لنا إنتاجاً غذائياً مستداماً يقلل استيرادنا من الخارج؛ ولذلك نحرص أيضاً على تعزيز المزارع الوطنية وتشجيع دخول المزيد من المواطنين في قطاع الإنتاج الزراعي والغذائي.

وقد أطلقنا في هذا المجال مبادرة «تعزيز استدامة المزارع الوطنية»، التي تهدف لزيادة المشتريات الحكومية من المزارع الوطنية تدريجياً وصولاً إلى 100 % بحلول عام 2030، إضافة إلى دعم الصيادين ومهنتهم التاريخية بكل السبل، كون الثروة السمكية ركناً رئيسياً في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، وسد الاحتياجات الحالية والمستقبلية من الغذاء في الإمارات.

وأود أن أقول إن هناك اجتماعات دورية تجمع الوزارة مع المزارعين والصيادين في كل إمارات الدولة، وتحرص على حل مشكلاتهم وإيجاد حلول لكل التحديات التي يمكن أن نواجهها.

هناك كذلك قطاع مهم، وهو التنوع البيولوجي والأحياء المائية، فدولة الإمارات حريصة على أن يكون الحفاظ على البيئة الطبيعية على رأس الأولويات، وأطلقت استراتيجية وطنية للتنوع البيولوجي كذلك من أجل هذا الغرض.

49 محمية

وتمتلك الإمارات اليوم 49 منطقة محمية «برية وبحرية» تنتشر في مختلف إمارات الدولة، وتزخر بتنوع بيولوجي هائل، وتحتضن العديد من الحيوانات المهددة بالانقراض

مسؤولية مجتمعية

ما أبرز الخطط والبرامج التي تنفذها الوزارة حالياً أو ستطبقها مستقبلاً لتعزيز الوعي في مجتمع الإمارات بحماية البيئة؟

تحرص الوزارة عند تنفيذ خططها وبرامجها المعنية بحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية على إشراك أفراد المجتمع انطلاقاً من أن الكل مسؤول، وأن هناك مسؤولية تقع على عاتق الجميع. وينبغي أن يكون ذلك نهجنا في حماية البيئة والموارد الطبيعية والحفاظ عليها للأجيال القادمة.

ويمثل 2023 عام الاستدامة، وهو عام استثنائي في مسيرة الدولة في مجال العمل المناخي والبيئي؛ لذا تم إطلاق حملة «استدامة وطنية» تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف «كوب28»، التي تهدف إلى نشر الوعي بقضايا الاستدامة البيئية، وحماية البيئة البحرية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً إلى مجتمع واعٍ بيئياً.

تأثير المناخ

وتفتخر الوزارة بإطلاق برنامج سفراء المناخ «CAP»، الذي تستضيفه مدينة إكسبو دبي، فهو بمثابة مؤتمر أطراف «كوب» مصغر يتيح للطلاب من مدارس مختلفة ومن خلال أجواء تعليمية فريدة أداء أدوار يكونون فيها سفراء لبلدان مختلفة، ليتعرفوا على تأثيرات تغير المناخ والتحدث عن القضايا البيئية، ولا يقتصر الأمر على هذه المبادرات والبرامج التي ذكرناها، بل هناك غيرها الكثير لا يتسع المجال لذكرها، لكن مما لا شك فيه أن استضافة الدولة مؤتمر الأطراف «كوب28» تبعث برسالة قوية من الإمارات إلى العالم بأسره للاصطفاف حول هدف واحد، هو حماية كوكب الأرض للأجيال القادمة من خلال تبني خطوات جادة للتنفيذ على أرض الواقع.

تجربة استثنائية

شكلت استضافة مؤتمر «كوب28» ثمرة لجهود الإمارات في مواجهة تحديات التغير المناخي، فكيف تنظرون إلى أهمية العمل الدولي المشترك لتقديم حلول واقعية لهذه التحديات؟

تمتلك الإمارات تجربة استثنائية على المستويين المحلي والعالمي في مواجهة التغير المناخي في مختلف القطاعات، وسيكون «كوب28» محطة انطلاق نحو إنجازات أكبر نفاخر بها أجيال المستقبل.

إن مسيرة الإمارات المناخية والبيئية بدأت بتأسيس الدولة على يد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتستمر حتى هذه اللحظة بدعم ورؤية القيادة الرشيدة، التي تدرك حجم التحديات، وكيف يمكن لدولة الإمارات إيجاد مستقبل مستدام بتحويل تلك التحديات إلى فرص.

وتحظى الإمارات بسجل حافل بالإنجازات في العمل المناخي العالمي، أهمها وأحدثها أن الإمارات أولى دول المنطقة التي وقعت على اتفاق باريس للمناخ، وتُقدم الإسهامات المحددة وطنياً، إضافة إلى أنها أولى دول المنطقة التي تعلن عن استراتيجيتها للحياد المناخي بحلول عام 2050.

خطوات عملية

ويمثل استضافة الإمارات مؤتمر الأطراف «كوب28» الشهر الجاري فرصة مهمة لنا ولكل الدول والمنظمات المشاركة من الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ على أرض الواقع، ومن أجل وضع هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض ممكناً لا بد أن تكون هناك خطوات عملية نقوم بها جميعاً من خلال التعاون المشترك، فمن خلال المؤتمر، تنادي الإمارات بضرورة تحقيق تحول عادل ومنصف للطاقة من أجل الاستبدال بأنظمة الطاقة التقليدية أنظمةً نظيفة ومتجددة.

ولتحقيق ذلك لا بد أن يكون هناك منظومة واضحة لتمويل الأنشطة والمشروعات المناخية من أجل التخفيف من حجم الانبعاثات، وكذلك التكيف مع التغيرات المناخية بما يضمن النمو الاقتصادي المستدام في دول العالم، وخصوصاً دول العالم النامي، وكذلك هناك حاجة ضرورية لتبادل الخبرات والتقنيات والتكنولوجيا التي تُمكن هذه الدول من تنفيذ مشروعاتها وجني ثمارها خلال السنوات المقبلة، فليس هناك المزيد من الوقت ليضيع، وينبغي المضي قدماً في تنفيذ تلك التوجهات.

ابتكار زراعي

وفي مجال الأمن الغذائي المستدام، أطلقت الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية مبادرة «الابتكار الزراعي من أجل المناخ» بهدف تطوير برامج لتسريع تبني الابتكارات الزراعية من خلال تحفيز استثمارات النظم الزراعية والغذائية الذكية مناخياً، كما تهدف المبادرة إلى زيادة الإنتاج الزراعي باستخدام مصادر أقل، وبشكل يُقلل البصمة الكربونية لأنشطة الزراعة والغذاء التي تتسبب بأكثر من ثلث الانبعاثات الكربونية العالمية.

نظم مستدامة

كما نعتزم استثمار مؤتمر الأطراف «كوب28» وترك بصمتنا الخاصة في دعم الجهود العالمية لتعزيز الأمن الغذائي المستدام، فإدراكاً منا أن نظم الغذاء التقليدية تتسبب وحدها بنحو ثلث الانبعاثات العالمية كل عام، نجد أنه من الضروري تبني نظم مستدامة تقلل البصمة الكربونية للقطاع واستهلاك المياه، مع عدم وجود حاجة إلى الأراضي الزراعية لإنتاج العديد من المحاصيل.

وفي هذا الشأن، نسعى في الإمارات إلى حشد الدول وتشجيعها على التوقيع على «إعلان الإمارات حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي» في ضوء «برنامج مؤتمر الأطراف COP28 للنظم الغذائية والزراعة»، الذي تشرفت بالإعلان عنه خلال قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية مؤخراً في روما.

محطة عالمية

وقد قامت الوزارة من خلال القنوات الدبلوماسية بإرسال أول نسخة من الإعلان إلى وزراء الزراعة حول العالم من أجل الاستفادة من ملاحظاتهم وتعليقاتهم، لتقوم الدولة بإرسال النسخة النهائية إلى القادة حول العالم من أجل التوقيع على الإعلان. وبتطبيق تلك الأنظمة سنكون قد حققنا حزمة من النجاحات، أولها خفض الانبعاثات، وأهمها الإسهام في القضاء على الجوع في العالم.

واستكمالاً لتلك الجهود، سنسعى أن يكون مؤتمر الأطراف «كوب28» محطة عالمية مهمة للإسهام في خلق مستقبل مستدام لشعوب العالم والحفاظ على كوكب الأرض.

جهود رائدة

*يعد مؤتمر «كوب28» فرصة مهمة لإبراز جهود الإمارات الرائدة في حماية البيئة أمام العالم .. ما أبرز البرامج التي سيتم التركيز عليها لإيصال هذه الرسالة؟

تتشرف وزارة التغير المناخي والبيئة بقيادة الجهود الوطنية لاستضافة مؤتمر الأطراف «كوب28» بموجب قرار مجلس الوزراء بتكليف وزارة التغير المناخي والبيئة بتنسيق كل الجهود الحكومية في الدولة استعداداً لاستضافة الحدث العالمي.

وهناك العديد من الجهود والمشروعات المناخية والبيئية الرائدة من مختلف الجهات المعنية في الدولة، التي سيتم الاعتماد عليها في نقل تجربة الإمارات في مجال تعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية والخدمية.

وتشمل تلك المشروعات جهود التكيف مع التغيرات المناخية، وإجراءات وتقنيات الحد من الانبعاثات والغازات الدفيئة، وجهود الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، وتعزيز نظم الزراعة والغذاء المستدام، كما سننقل تجربة الإمارات المهمة في التعاون مع القطاع الخاص، وسنحرص على نقل رؤية وصوت مجتمع الإمارات بما يشمل الشباب والمرأة وكل القطاعات المجتمعية، إلى كيفية بناء مستقبل مستدام لنا ولشعوب العالم.

يعد دعم حلول التمويل المستدامة من أهم المحاور التي يركز عليها مؤتمر الأطراف، فكيف تنظرون إلى مستوى الاستجابة العالمية لدعم هذه الحلول؟ وما فرص الارتقاء بهذه الاستجابة بعد «كوب28»؟

إيجاد حلول لتحديات التمويل المستدام في العالم هي ركيزة رئيسية ومهمة إذا ما أردنا التغيير في استجابة العالم للتغيرات المناخية، سواء من خلال التخفيف وخفض الانبعاثات، أو التكيف مع آثار التغيرات المناخية. هنا نجد أن الدول النامية تحظى بالنصيب الأكبر في مواجهة تلك التغيرات على الرغم من أنها لا تتسبب بشكل كبير فيها.

يبلغ إجمالي متطلبات الاستثمار السنوي للدول النامية 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2030، نصفها من التمويل الخارجي، والباقي من مصادر عامة وخاصة في تلك البلدان من أجل مساعدتها على التحول لنظم طاقة خضراء.

بالطبع هناك حاجة ملحة لعمل كل الأطراف من خلال إعادة تشكيل النظام المالي لكبرى المؤسسات المالية العالمية لسد فجوة تمويل تلك المشاريع. ونعلم أنه لن تستطيع تلك المؤسسات وحدها تمويل هذا المبلغ، إذ ينبغي أن يكون هناك دور رئيسي للقطاع الخاص للاستثمار من خلال منح الحكومات المزيد من التسهيلات والحد من المخاطر التي يمكن أن تواجه الشركات.

وتتعاون رئاسة مؤتمر الأطراف «كوب28» مع المؤسسات متعددة الأطراف للاستفادة من أسواق رأس المال، وتوحيد أسواق الكربون الطوعية، وتحفيز رأس المال الخاص والتمويل، كما نحث البلدان المانحة على الوفاء بالتزاماتها، التي من أهمها توفير 100 مليار دولار من تمويل العمل المناخي سنوياً، وهو ما وعدت به عام 2009، ومضاعفة تمويل التكيف مع المناخ بحلول عام 2025، والتشغيل الكامل لصندوق الخسائر والأضرار الذي تم إقراره، ويبقى النقاش على كيفية إدارته وتشغيله والتعهدات والالتزامات المتعلقة به.

تكاتف

كيف ترون دور «كوب28» في تسليط الضوء على أهمية تكاتف المجتمعات العالمية للحد من هدر الغذاء؟

الحد من هدر الأغذية من أبرز التحديات التي تواجه العالم، حيث تنتج الأغذية المفقودة والمهدرة نحو 8 إلى 10 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، فضلاً عن أن إهدار الأغذية والطعام يستتبعه إهدار الموارد التي استخدمت في إنتاجه، مثل المياه والطاقة والعمالة، بما يمثل استهلاكاً للموارد الطبيعية التي ينبغي الحفاظ عليها للأجيال القادمة.

وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن ثلث إجمالي الطعام المنتج في العالم ينتهي به الأمر في النفايات، وهو ما يعادل 1.3 مليار طن من الغذاء أو ما قيمته تريليون دولار تضيع هباءً كل عام.

وتسعى الإمارات إلى تعزيز الأمن الغذائي العالمي، والإسهام في القضاء على الجوع الذي عانى منه ما يصل إلى 783 مليون شخص حول العالم العام الماضي فقط في أعقاب جائحة «كوفيد 19»، والصدمات المناخية المتكررة والصراعات المنتشرة.

وقد اتخذت الإمارات خطوات عملية في هذا الصدد، إذ أطلقت المبادرة الوطنية للحد من فقد الغذاء وهدره «نعمة»، وذلك من خلال التعاون المشترك بين وزارة التغير المناخي والبيئة، و«مؤسسة الإمارات»، وتهدف إلى تحقيق التزام الإمارات بالحد من فقد الغذاء وهدره 50 % بحلول العام 2030 استناداً إلى الهدف 3 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

وتعمل المبادرة على تنسيق جهود الهيئات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمجتمع تحت مظلة مشتركة، للحد من فقد وهدر الغذاء عبر سلسلة الإمداد الغذائية، ابتداءً من عملية الإنتاج إلى الاستهلاك، التي تشمل المزارع، والشركات، والموزعين، وبائعي التجزئة حتى الأفراد.

وخلال مؤتمر الأطراف «كوب28» سيكون هناك دور مهم للإمارات في الحد من فقد وهدر الغذاء، في ضوء «برنامج مؤتمر الأطراف COP28 للنظم الغذائية والزراعة»، و«إعلان الإمارات حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي»، فاعتماد نظم حديثة في كامل سلسلة القيمة الغذائية يقلل بشكل كبير من معدلات فقد الغذاء في مراحل الإنتاج والنقل والتخزين وصولاً إلى يد المستهلك، والمستهلك هنا كلمة السر في الحد من هدر الغذاء من خلال التوعية والتأكيد أن الغذاء نعمة لا بد من المحافظة عليها.

وعلينا أن نبدأ من الأطفال والشباب وكل أم تعد الطعام لأبنائها. سيكون لهذا مردود إيجابي جداً على مستوى الإمارات والعالم.

محطة مهمة

حققت الإمارات عند إعلانها مسار تحقيق الحياد المناخي 2050 نقلة مهمة ضمن مسيرة الدولة في العمل المناخي، فكيف تنظرون إلى منجزات هذا المسار؟

بدعم قيادتنا الرشيدة، تعمل الإمارات منذ سنوات على هذا النهج على المستويين المحلي والعالمي، وكانت الإمارات أولى دول الشرق الأوسط بالإعلان عن مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، ومنذ ذلك الحين، تعمل الدولة ممثلة بكل الجهات المعنية على مسار تحقيق الحياد المناخي.

على سبيل المثال، قامت الإمارات مؤخراً بتعديل الاستراتيجية الوطنية للطاقة من خلال وضع هدف طموح بمضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة لثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، إضافة إلى الإعلان عن استراتيجية وطنية طموحة للهيدروجين، حيث تطمح الإمارات لأن تصبح منتجاً ومصدراً عالمياً لطاقة الهيدروجين منخفضة الكربون.

ذلك بجانب تشغيل محطات براكة للطاقة النووية السلمية الأولى من نوعها في العالم العربي، والتي نسعى من خلالها إلى توفير ما يصل إلى 25 % من احتياجاتنا من الطاقة مع تشغيل المحطات الأربع، ما يساعدنا على الحد من الانبعاثات الكربونية بمقدار 22 مليون طن سنوياً.

وكل ذلك سوف يساعدنا على الإيفاء بتعهدنا بخفض الانبعاثات بـ40 % مقارنة مع سيناريو الوضع الاعتيادي للأعمال وفقاً للنسخة الثالثة من التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً لدولة الإمارات التي أعلنا عنها يوليو الماضي. وتتضمن النسخة تفاصيل محددة لخفض الانبعاثات من مختلف القطاعات الاقتصادية في الدولة، كالنقل والغذاء والطاقة والصناعة، وغيرها.

دور فاعل

كيف تقيّمون مستوى استجابة القطاع الخاص للمبادرات البيئية؟

تستعد الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف «كوب28» بهدف تقديم القمة الأكثر شمولاً؛ لذا من المهم إشراك جميع الشركاء لتسريع وتيرة العمل المناخي داخل الإمارات وخارجها.

ويمثل القطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق الحياد المناخي، ولاعباً رئيسياً في تحقيق جهودنا لتقليل البصمة الكربونية في القطاعات واستحداث قطاعات جديدة تعمل في مجال الاستدامة؛ لذا نظمت الوزارة مبادرة «الحوار الوطني للطموح المناخي» لرفع طموح القطاع المناخي وتعزيز المشاركة الشاملة في الإمارات، ودعت من خلاله الشركات المحلية إلى تعميم الاستدامة في جميع عملياتها، كمسار لإطلاق حلول مناخية شاملة ودعم أهداف الدولة في تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية والحياد المناخي بحلول عام 2050.

وخلال المبادرة قمنا بدعوة الشركات إلى الانضمام إلى «تعهد الشركات المسؤولة مناخياً» في الإمارات، ليصل إجمالي عدد الشركات التي تعهدت بذلك إلى 131 من كبرى الشركات العاملة في الدولة في مختلف القطاعات.

اهتمام كبير

تعد حماية البيئة البحرية والحفاظ على مواردها الطبيعية وضمان استدامة ثرواتها إحدى الأولويات الاستراتيجية للوزارة، فما أبرز الخطط المستقبلية بهذا الخصوص؟

أولت الإمارات اهتماماً كبيراً بالمحميات البحرية لدورها الرئيس في المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض، حيث يبلغ عددها 16 محمية بحرية تمثل نحو 12.01 % من المناطق البحرية والساحلية، ما جعل الدولة تحتل المرتبة الأولى في معيار «المحميات الطبيعية البحرية» عام 2019، وذلك في «مؤشر الاستدامة البيئية»، وهو مؤشر عالمي يقيس تقدم الدول في هذا المجال.

وأطلقت الإمارات «تحالف القرم من أجل المناخ» بالشراكة مع جمهورية إندونيسيا، الذي يجسد حرص الدولة على تعزيز جهود العمل من أجل المناخ، عبر تبني حلول داعمة لجهود خفض الانبعاثات، تقوم على الطبيعة للمساهمة بفاعلية أعلى في الوصول إلى الحياد المناخي، وتعزيز جهود حماية النظم البيئية والتنوع البيولوجي.

وتحرص الدولة على رفع طموحها الخاص بزيادة أعداد أشجار القرم، حيث أعلنت عن هدفها الطموح المتمثل في زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول 2030، وهو ما سيسهم في مضاعفة قدرات الطبيعية لدينا من تخزين الكربون، وصون وتنمية البيئة البحرية والساحلية في الدولة.

تحول الطاقة

أظهرت الإمارات التزامها طويل الأمد بدعم العمل المناخي الإيجابي بإطلاق منصة تسريع تحول نظام الطاقة «‏ETAF‏» بالشراكة مع ‏«آيرينا» لجمع مليار دولار لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية.. كيف ترون مستوى التعاون الدولي في دعم هذه المنصة؟

تم إطلاق منصة تسريع تحول نظام الطاقة «‏ETAF‏» على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب26» في بريطانيا عام 2021، وهو ما يعزز جهود الدولة في بناء مستقبل مستدام عالمياً.

وقد تعهدت الإمارات بتقديم 400 مليون دولار من خلال صندوق أبوظبي للتنمية لدعم المنصة، ما يعكس التزام الدولة بتمكين انتقال البلدان النامية إلى الطاقة النظيفة، بما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للدول المستفيدة.

Email