متحف الاتحاد.. توثيق ملحمي لإرادة تحدّت المستحيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنها قصة الإمارات، الأنموذج الوحدوي الفريد، الذي صنعته عزيمة الآباء المؤسسين، وبعد نظرهم، وحنكتهم، وحكمتهم، وتطلعاتهم، ويقودها إلى آفاق جديدة، اليوم، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، بدعم من أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، ومتابعة أخيهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

هذه القصة المأثرة، التي يستعيدها الإماراتيون اليوم بشغف، ويتطلع إليها العالم بإعجاب، يروي تفاصيلها، ويوثقها «متحف الاتحاد».

لا يمكن الحديث عن متحف الاتحاد، من دون الحديث عن «دار الاتحاد»، التي شيدت في عام 1965. وعرفت في البداية باسم «قصر الضيافة»، الذي خصص لاستقبال ضيوف دبي من الزعماء والشخصيات والوفود الرسمية، خلال عقدي الستينيات والسبعينيات.

وكان قصر الضيافة، بمثابة المجلس الخاص بالمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وفيه استقبل القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ودار بينهما حديث مستفيض، حول الإعداد لمشروع الاتحاد، وخطوات توقيع الاتفاقية، ومنه انتقلا إلى المبنى الدائري، المطل على ضفاف مياه الخليج العربي، ليوقعا الوثيقة الأهم في تاريخ المنطقة: اتفاقية إعلان الاتحاد.

ومن هنا، أخذ هذا المبنى أهمية رمزية، واكتسب قيمة معنوية مضاعفة، فأصبح يعرف بـ«دار الاتحاد». وبهذا، فإن المرفق العصري الحديث «متحف الاتحاد»، الذي أُقيم في الموقع نفسه، إنما يستعيد رمزية هذا المبنى، ويحيي دوره المشهود في تاريخ الإمارات.

طابع إنساني

كان الاتحاد، إحدى أهم القصص الإنسانية المعاصرة التي ألهمت المتحف، الذي تبلورت فكرته عام 2012، وافتتح رسمياً في ديسمبر 2016، ليحمل في تصميمه الخارجي المغموس بهوية الحدث الإماراتي، وطابعه التاريخي، فقد جرى استخدام رمز القلم في وضعية الكتابة، والوثيقة التي تحوي بنود دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، في الثاني من ديسمبر 1971، في مفهوم يكتمل بالمحبرة الممثلة في دار الاتحاد، وتمثل الخطوط البسيطة والأنيقة في الأنموذج الأبيض، كما لو كانت ورقة تطوى برشاقة، ما يعطيها وجوداً فريداً وأيقونياً.

سارية العلم

أعاد متحف الاتحاد، إحياء المشهد التاريخي لعام 1971 من جديد، في تصميم المتحف، وربط «دار الاتحاد» بماضيها، وإدخال الخط الساحلي التاريخي، على المنظر الطبيعي، بوصفه سمة مائية مميزة، ليعيد إلى الأذهان، مشهد وقوف المؤسسين، ووراءهم الخليج العربي، وسارية العلم التي جرى رفع علم الإمارات عليها لأول مرة، بعد توقيع اتفاقية إعلان الاتحاد.

صوت الأمة

وفي سياق استخدام تكنولوجيا المؤثرات الصوتية والسماعات الموجهة، لعرض تفاصيل حول هذا الحدث الملحمي، يلقي معرض «توحيد الإمارات»، الضوء على المسار الذي انتهجته القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وما تضمنته من لقاءات رسمية وغير رسمية، تمهيداً لتأسيس الأمة المتوحدة، ويتم إبراز اللحظات الرئيسة المهمة، على هيئة صور للحكّام، تتيح للزائر مشاهدتها، من خلال تتبع خطى متعرجة، ترمز إلى التحديات التي واجهها قادة الاتحاد قبل تأسيس الدولة عام 1971. وجدير بالذكر هنا، أنّ آخر سمّاعة موجهة في هذا القسم، تعرض صوت معالي أحمد خليفة السويدي، وهو يعلن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

القيم الـــ 7

ولأن لكل قصة دروساً مستفادة، تأخذنا منصة «التغير والاتحاد»، المكونة من ثلاث ألعاب تكنولوجية، لسبعة عناوين رئيسة، تمثل كل واحدة منها قيمة من قيم الاتحاد، وهي: «الهوية، الدين، الأمن، الدفاع، الاستقلال، السيادة الإقليمية، الثقافة».

أقوال خالدة

ويستمر المتحف عبر أروقته المذهلة، في الكشف عن التسلسل الزمني للأحداث، وصولاً إلى إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، مع التركيز بشكل رئيس على الفترة ما بين 1968 و1974. ومن خلال المعارض التفاعلية والبرامج التعليمية، يحكي المتحف قصة الاتحاد، من وجهة نظر قادة الدولة. كما تتوزع على أطراف وزوايا متحف الاتحاد، الأقوال المأثورة للآباء المؤسسين، التي تم إبرازها بصورة فنية، وكأنها منحوتة بإتقان على جدران المتحف.

وثائق

وتصل قصة دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى بدايتها التاريخية، التي استشرفت مستقبل الأمة، عبر عرض المتحف لوثيقة دستور الإمارات العربية المتحدة، الذي وقعه المؤسسون، بنسختيه العربية والإنجليزية، وكذلك وثائق تاريخية أخرى، مثل معاهدة الصداقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، التي وقعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في اليوم نفسه الذي أعلن فيه عن إنشاء اتحاد الإمارات العربية المتحدة.

طموح الريادة

وفى ختام جولته، يدرك الزائر أن جاذبية الاتحاد، تكمن في تحديه للواقع والسعي نحو التغير، فالإمارات تمثل مزيجاً فريداً من الماضي والمستقبل، مع التزام فطري بالإجماع والمناقشة والديمقراطية المباشرة، التي تقدر تضحيات ومنجزات الآباء، ودورها في بروز الدولة الحديثة.

وفي الواقع، فإن الزائر يدرك، لماذا لا يزال الاتحاد، وسوف يستمرّ، مصدراً لفخر الأمة العربية، وأجيال الإماراتيين، الحاضرة والمستقبلية.

Email