«أم الإمارات» جوهــرة الـوطــن

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ذاكرة الأيام حينما تتقد بصورة مختلفة عن ذواكر الأيام العادية والمواقف البديهية، في ذاكرة الأيام الوطنية تلك التي ترتبط بكل حبّة رمل من وطني، وكل نسمة هواء تعبر صدورنا فتتسع حباً، وتتوردُ فرحاً ومهابة، في تلك الذاكرة تسكنُ مشاهد لزمن مضى عندما كان الرمل يغطي المكان، والصحراء تمتد مترامية بين حقول وبحر، وطبيعة في قسوتها وطيبها خليطٌ من التحدي والإصرار على التفوق الذي يصنعُ الإبهار، ويرسم الانبهار.

في تلك الأيام والذاكرة المسكونة بمدينة العين، والعاصمة أبوظبي، وجسر المقاطع أو جسر المقطع كما هو الآن، حيث الحياة تتسلل من هناك إلى هنا، بضائع ومواد غذائية وحركة سوق بسيطة تثبت أن المكان يضع خارج السكون، وأن الحياة الأجمل لاشك قادمة، وهناك حيث شغف التعلم، وما بعد عُرفت المدارس، فالناس على الفطرة يتلقون علوم القرآن الكريم القائمة على القراءة والتفسير، ومن مساحة إلى أخرى قد يمر بك طبيب من أولئك الذين يجوبون المكان، ومكان وحيد في العين هو مستشفى «كند» الواحة حالياً، هناك حيث تبعث الحياة من جديد في هيئة مواليد صار لهم اليوم شأن كبير في دولة شامخة عظيمة.

بين كل ذاك تظهر جوهرة نادرة الوجود، سحابة مطيرة بالخير والحب والرحمة، ضوءٌ يبعث نوراً شاسعاً يشع كما الشمس حينما تتقد في ظهيرة عيناوية الهوى، أو ظبيانية الود، تلك الجوهرة ناصعة الحب، فارعة البياض، وارفة الفَياض، كانت تكبرُ مع الخمسين، ويزداد وهجها كلما عبرت بها الأيام، وبالوطن سارت ليشتعل موقع عمل، وليُضاء موقد أمل، فالجوهرة لا تكتفي بلمعانها العميق الآسر الشفاف ذاك الذي يُشبه لمعان قلبها صفاءً ووفاءً ومحبة، بل إنها تمضي مع الفارس نحو الطريق الأصعب، لتتحد إرادة القلبين الحبيبين ويكون الحصاد الذي نعيشه اليوم.

«أم الإمارات» جوهرة هذا الوطن، وتاج رأس العز والمهابة والفخر والأمجاد الطّوال، لا يمكن لنا أن نعبر نحو خمسين قادمة، في خير وسلام بإذن الله، من دون أن نقف وقفة محبة وتقدير واعتزاز وإجلال لشخصية قيادية نادرة في جودها ووجودها، سيدة عملت بجد واجتهاد من دون كلل أو ملل أو تعب، سخّرت وقتها وعمرها واهتمامها ومحبتها لبنات هذا الوطن، وللوطن قبلهنّ، وقادت مسيرة التنوير والتطوير، كأني بي أراها الآن من عدسة الذاكرة التي تتقد في عقلي وهي تصافحني وأنا أتخرج في جامعة الإمارات، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وتشد علي يدي عندما علِمت أنني قطعت السنوات في التخصص في الإعلام، التخصص النادر في كثير من الجامعات حولنا.

«أم الإمارات» وأمنّا رفيقة درب الغالي زايد الخير، طيب الله ثراه، لو سخّرنا السجلات والدفاتر لندوّن ماذا فعلت هذه القامة العالية الرفيعة لهذا الوطن، كيف ربّت القامات الشامخة التي نراها بكل فخر تقود مسيرة الوطن مسؤولية وبناءً وإنجازاً، «أم الإمارات» التي بفضل جهودها، حفظها الله، تنبري ابنة الإمارات اليوم تتصدر المراتب الأولى في مواقع شتى، تسير نحو الفضاء، تقف على منصة القضاء، تقرض الشعر وتكتب القصة والرواية، تطبب العليل وتداوي المريض، تقف مدافعة عن الحق ومحامية عن المظلوم، تُستشار فتنجح كخبير ومستشار، تقود طائرة فتعبرُ الأجواء، تملأ الفضاء عملاً، وفيضاً من النور.

في الخمسين وفي احتفالات الوطن الحبيب تقف مع أخيها الرجل شريكين في البناء، أحدهما أسسه الشيخ زايد، والآخر أسسته رؤية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حفظها الله تعالى ورعاها، شمعة تنير وطني، وتزهو بها قلوبنا فخراً ووفاءً، وإعجاباً وثناء، حفظ الله أم الشيوخ الكرام كل عام وراء عامٍ وراء عام.

 

Email