التنمية الإنسانية.. أولويـــة استراتيجيــة وطنيــة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد أولت دولة الإمارات كل اهتمام لرفع جودة الحياة وتحقيق أعلى معدلات الرفاهية والسعادة والعيش الكريم لكل أبناء الوطن، مثلما جعلت بناء الإنسان، وتكوين الكوادر الوطنية المؤهلة في المجالات كافة، أولوية استراتيجية وطنية، من خلال إطلاق المبادرات والبرامج التي اعتنت ببناء العقول والقدرات، وغرست مبادئ التنافسية والعمل، باعتبار أن الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا الوطن والغاية التي تستهدفها المشاريع التنموية المتعددة في المجالات كافة.

والحال أن الإنسان هو أيضاً الأساس الصلب الذي ارتكزت عليه الخطط والرؤى المستقبلية، حيث انطلقت رحلة بناء الإنسان مع بزوغ شمس الثاني من ديسمبر قبل 50 عاماً، لتشهد هذه المسيرة محطات تحول متنوعة، ارتقت بالعنصر البشري نحو فضاء التفوق والتألق واحتلال المركز الأول، وسيبقى بناء الإنسان هو الهدف دائماً وهو الرهان.  وتأتي الخمسون عاماً المقبلة وبناء الإنسان هو العنصر الراسخ والدائم في منظومة العمل الوطني، والمستهدف الذي تتجه لخدمته وتكوينه وتأهيله كافة الرؤى والمبادرات الراهنة والمقبلة.

تجسد المقولة الخالدة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بأن «الدولة تعطي الأولوية في الاهتمام لبناء الإنسان ورعاية المواطن في كل مكان فيها، والمواطن هو الثروة الحقيقية على هذه الأرض» المبدأ الذي آمنت به دولة الإمارات وسارت عليه، حيث لم يكن التعداد السكاني مجرد رقم إحصائي للبحث والتسجيل، بل هو تعداد للقوة والطاقة والثروة الحقيقية لهذا الوطن.

بناء الإنسان.. هو العنوان

نعم، إن أبناء الوطن هم رهانه الرابح في التنمية، ولرفع رايته خفاقة عالية في كافة المجالات، فالإنسان هو القادر على بناء المشاريع الضخمة، وهو العقل المفكر الذي يقف خلف بناء الجسور والمباني والمنشآت وتخطيط المدن، وهو العنصر الذي يمتلك الإمكانيات لتحويل الرؤى من مخططات إلى حقائق، وهو من بيده الدفاع عن الوطن وحماية مكتسباته والذود عن حماه، فعلى رغم التنمية والازدهار ووجود الثروات المتنوعة في الدولة، إلا أن الإنسان يبقى أهم ثروة يفتخر بها الوطن، ولأجله تم تسخير الثروات وعائداتها، وبه تستمر مسيرة الرخاء والعيش الكريم والتقدم وجودة الحياة في مختلف المجالات.

الثروة الحقيقية

وقد تحدث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عن بناء الإنسان في العديد من المواقف الأخرى المهمة أيضاً، منها قوله إن: «الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال والنفط، ولا فائدة في المال إذا لم يسخّر لخدمة الشعب»، وهذا يكشف فلسفة القيادة الإماراتية الاستثنائية في بناء الإنسان وتسليحه بالعلم والمعرفة وتمكينه من كل الأدوات اللازمة للتميز والنجاح.

وهنا يكمن سر تألق التجربة الإماراتية الرائدة في التنمية الإنسانية، حيث إنه ومهما وصلت الدولة من منجزات عمرانية هائلة، إلا أن تكوين الإنسان وبناء فكره وتوسيع مدارك أفقه، تظل أهدافاً استراتيجية بالغة الأهمية مرتبطة بتفوق الوطن واستمرارية نجاحاته، حيث يبقى بناء الإنسان الأولوية، وتظل التنمية الإنسانية في صدارة الاهتمام في كل الخطط والمشروعات الوطنية.

رعاية شاملة وعناية كاملة

وخلال الخمسين عاماً الماضية، وبمرور السنوات، لمس شعب الإمارات الآثار الإيجابية للسياسة الوطنية القائمة على بناء الإنسان وتعزيز جودة حياته وإحاطته بالرعاية الشاملة والعناية الكاملة، من خلال المشاريع الضخمة التي شملت أكبر الإنجازات في الجانب التعليمي والثقافي وأفضل الخدمات في المحور الصحي، وصولاً إرساء دعائم مباهج مجتمع الريادة والسعادة في كافة المجالات. 

وقد استشعر أبناء الوطن خلال السنوات الأولى بعد قيام الاتحاد، مدى التطور المبهر في مختلف القطاعات وارتفاع مستويات الرعاية الشاملة في كافة أوجه الحياة، حيث لم تكن الغاية مجرد تقديم الخدمة والعمل على الاستثمار في العنصر البشري فقط، بل كان الهدف أكبر وأشمل لبناء إنسان قادر على تحقيق الريادة والتمكن من التنافسية وتحقيق أعلى المنجزات الدولية والقدرة على مواصلة المسير في دروب الإنجاز والإبهار.

على نهج الآباء المؤسسين

وقد حرصت القيادة الرشيدة على مواصلة نهج الآباء المؤسسين في جعل التنمية الإنسانية أولوية وطنية، حيث أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن: «بناء الإنسان يختلف تماماً عن كل عمليات البناء العادية الأخرى، لأنه الركيزة الأساسية لعملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة وعليه مسؤولية دفع مسيرة الأمة»، حيث تؤكد هذه المقولة أولوية بناء الإنسان، باعتبارها محوراً للتنمية الشاملة، وتؤكد إيمان قيادتنا الرشيدة بدور العنصر البشري القادر على تحقيق أعلى الإنجازات في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي قطاعات العلوم المتقدمة واقتصاد المستقبل بمجالاته المختلفة.

إبهار العالم

كما جاءت مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بأن «بناء الإنسان ملحمة، وبناء حياة لأجيال جديدة هو أكبر وأعظم وأنبل هدف لحياتنا»، لتمثل أيضاً درساً منطلقاً من رؤية القيادة الرشيدة التي تسعى دائماً لإبهار العالم بمبادراتها وبرامجها التي تستهدف تنمية الإنسان وقدراته ومواهبه وطاقاته، حيث لا يعد الإنسان مجرد هدف تنموي، بل هو مكوّن أصيل من مكوّنات الاستراتيجية الوطنية الإماراتية في العقود الـ5 الماضية، وهو كذلك أيضاً في أفق الخمسين عاماً المقبلة.

دروب التميز

وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن «عملية بناء الإنسان تعني في المحصلة النهائية بناء الوطن وغرس أعظم شراعه على شاطئ الحياة الحرة الرغدة الآمنة المستقرة»، حيث تعكس هذه المقولة مدى الارتباط الوثيق بين القدرة على تحقيق المنجزات والأهداف ومدى النجاح في بناء الإنسان، حيث إن النجاح في تمكين الإنسان وتأهيله بالمعارف والمهارات والخبرات اللازمة يعد مفتاحاً لأبواب التفوق والتألق أمامه، ووصفة مضمونة للسير بالوطن على دروب المزيد من التميز والتنمية والازدهار.

وقد تمت ترجمة هذه الرؤى الوطنية بإطلاق مشاريع نوعية شكلت منطلقاً لرحلة جديدة من مسيرة بناء الإنسان في الإمارات، حيث دشنت الدولة مشاريع ضخمة في مجالات مستقبلية بهدف استشراف تحديات المستقبل ومسابقة تطوراته ومواصلة الريادة في عقوده المقبلة.

13 مبادرة لمشروعات «الخمسين»

ضمن الخطط المستقبلية، تضمنت مشروعات الخمسين العديد من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز تنافسية أبناء الوطن وصولاً إلى تحقيق أفضل المراتب عالمياً.

وانطلاقاً من مفاهيم بناء الإنسان، ركزت الحزمة الثانية من مشاريع الخمسين على الإنسان وتمكينه، من خلال 13 مبادرة متنوعة، تعمل على توفير أعلى مستويات الحياة الكريمة لشعب الاتحاد وللأجيال القادمة، وضمان تحقيق التميز لأبناء الوطن من خلال البرامج التي استهدفت تمكين المواطنين من فرص العمل وتكوين وتدريب الخريجين ومنحهم كل الفرص للارتقاء والتميز والإبداع.

في كل الخطط الحكومية يتأكد نهج دولة الإمارات الدائم في تسخير كافة السبل لتمكين الإنسان وتعزيز قدراته ومهاراته، حيث تأتي الخمسون عاماً المقبلة والإنسان هو العنصر الراسخ والدائم والمستهدف الذي تتجه لخدمته وتكوينه وتأهيله علمياً وثقافياً كافة الرؤى والمبادرات، وسعادته وصحته ورفع جودة حياته ستبقى هي الغاية والأساس للمزيد من المنجزات المقبلة.

Email