كشفت لـ«البيان» ملامح التعليم في المرحلة المقبلة

جميلة المهيري: تعليم الـ 50 عاماً المقبلة يرتكز على الابتكار والقدرات الفردية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت معالي جميلة بنت سالم مصبح المهيري وزيرة دولة لشؤون التعليم العام، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، ملامح المرحلة المقبلة للتعليم خلال الخمسين عاماً الجديدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، موضحة أن عنوان هذه المرحلة سيكون هو الابتكار المستمر والاستباقية والمرونة والتقنية، والتركيز على القدرات الفردية والتخصصية للطلبة واستقطاب المواهب.

وأكدت لـ«البيان» أن ذلك سيتم عبر مصفوفة من الخطوات وأساليب العمل التربوي، التي من شأنها الارتقاء بمستويات الطلبة وتحويلهم من مستقبل للمعرفة إلى منتجين لها.

إذا كان عنوان المرحلة المقبلة هو الابتكار، فماذا عن التعلم الفردي، وماذا عن التعلم مدى الحياة؟

التعلم الفردي ومفهوم التعلم مدى الحياة، سيلعبان دوراً كبيراً في منظومتنا التعليمية التي تتصف بالريادة والتنافسية والقدرة على إبقاء الطلبة متواصلين بشكل مستمر مع مستقبلهم ومتطلباته وطبيعة أسواق العمل المستقبلية التي تعمل الوزارة على الاستعداد لها من الآن.

التعليم خلال السنوات المقبلة سيشهد إعادة تعريف بعض المهام، سواء المنوطة بالطالب أو المعلم أو أولياء الأمور، وذلك اعتماداً على التكنولوجيا المتقدمة، وتكريس مفهوم التعلم مدى الحياة بالنسبة للطلبة والمجتمع، كما سيكون للمعلم دور مميز مستقبلاً، حيث سينتقل من الصورة النمطية المتعارف عليها إلى صورة جديدة يكون فيها موجهاً ومحفزاً يدير عمليات التعليم والتعلم بدرجة عالية من الكفاءة.

كيف ترون تكامل عمليات التطوير في مراحل التعليم المختلفة؟

رؤيتنا واضحة لمستقبل التعليم خلال السنوات المقبلة، وهي شاملة ومتكاملة تضم مختلف المراحل التعليمية، بدءاً من الطفولة المبكرة، مروراً بمرحلة التعليم العام وصولاً إلى التعليم العالي، بحيث سيتم وضع خطط لكل مرحلة تعليمية على حدة، إلى جانب إدخال أنماط تعليمية حديثة تكون ملائمة لحاجات الطلبة، وتلبي في الوقت نفسه مستهدفات الخطط الوطنية المرتبطة بكفاءة كوادرنا المواطنة.

تطوير التعليم سيشمل كافة الطلبة، في مقدمتهم الطلبة من أصحاب الهمم، حيث سيكون هناك برامج لرعايتهم وضمان تطورهم في مختلف مراحل نموهم، وصولاً إلى تمكينهم من القيام بأدوار قيادية ستضيف قيمة مضاعفة إلى إنجازات دولتنا وتطلعاتها في المستقبل.

ماذا عن أولياء الأمور ودورهم في العملية التعليمية والنظام التعليمي بشكل عام؟

أولياء الأمور سيكونون كما هم دائماً، شركاء استراتيجيين لدعم مسيرة التعليم في الدولة الآن وفي المستقبل، فأي تطوير وتحديث في شكل التعليم وماهيته وأدوار عناصره لا بد من أن يكون لها حاضنة مجتمعية، فالتعليم أولاً وأخيراً يستهدف المجتمع بكافة عناصره، باعتباره نشاطاً جماعياً يعود بالمحصلة النهائية على المجتمع والدولة، التي بدورها تواصل دعمها لهذا القطاع الحيوي بكافة الوسائل والأساليب.

من دون شك فإن لمشاركة الطلبة في إكسبو 2020 دبي أهميتها وضرورتها، كيف ترون ذلك؟

إكسبو 2020 دبي بمثابة فرصة سانحة مهمة لطلبتنا ليطلقوا العنان لحس الاستكشاف لديهم للتعرف إلى ثقافات البلدان المشاركة به واختراعاتها وتاريخها وأبرز ما يميزها، فنحن نؤمن أن تعليم طلبتنا وإكسابهم معارف ومهارات جديدة لا يقتصر فقط داخل أروقة مدارسهم، وسيكون معرض إكسبو ملهماً لهم ومحفزاً لطاقاتهم ليكتسبوا تجارب ومعارف جديدة، إذ يعتبر هذا الحدث العالمي تجمعاً حضارياً عالمياً يحاكي جوانب مهمة من التكوين الذهني والحضاري لطلبتنا.

5 استعداد الدولة لـ 50 عاماً جديدة ينطلق من إنجازات 50 عاماً مضت، لنا أن نحتفي ونحتفل بها، فما هو موقع التعليم من هذه الإنجازات؟

احتفالات الدولة بخمسين عاماً مضت هو احتفال بالإنسان الإماراتي وإنجازاته وطموحاته التي تغلبت على تحديات صعبة، وشقت طريقها من الأرض إلى المريخ مخلدة معها إرثاً خالداً لقيادة آمنت على الدوام بأهمية الإنسان والاستثمار به ومن أجله وتسخير كافة الإمكانيات لتقدمه ورفعته.

وفيما يخص التعليم نقول إن التعليم في الإمارات ومنذ تأسيس الدولة، يمثل أولوية، كما يحظى برعاية خاصة من القيادة الرشيدة، إيماناً بأن أبناء الإمارات قادرون على تحقيق آمالها وتطلعاتها، وأن التعليم والإعداد للمستقبل هو الأساس، ولذلك تواصلت الجهود إلى أن أصبحت في الدولة شبكة من المدارس المتميزة، ومناهج دراسية حديثة.

6 منذ متى بدأ التطور النوعي في التعليم الإماراتي، في رأيكم؟

التطور النوعي في التعليم المدرسي بدأ منذ قيام الاتحاد على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث رأى - رحمه الله - بنظرته الثاقبة، أن التعليم هو السبيل الوحيد لإحداث نهضة شاملة في الدولة، وأن تمكين الأجيال هو الركيزة لاستدامة وتيرة التنمية فيها مستقبلاً، وقدم - رحمه الله - نموذجاً متفرداً لرعاية العلم وطلبته، وتابع عن قرب كل تفاصيل النظام التعليمي بطلبته والعاملين فيه، ووفق ذلك جاءت وزارة التربية والتعليم لإدارة ملف التعليم الحكومي في الدولة ومأسسته وجعله محركاً رئيسياً من محركات تقدم الإمارات ورفعتها في المستقبل.

7 يشهد التعليم كل يوم تطوراً هائلاً في فلسفته ومنهجيته، فما أثر ذلك على النظام التعليمي ودوره في صناعة المستقبل؟

مع التقدم الكبير الذي طرأ على فلسفة التعليم وأدبياته ومنهجيته ومخرجاته في مختلف دول العالم، تعزز منظور الدولة المطلق بدور التعليم في صناعة المستقبل، وواصلت مسيرة التعليم تطورها وفق نهج الآباء المؤسسين وجهودهم، وأصبح لدينا بنية تعليمية متقدمة على صعيد المدارس والكوادر التعليمية وأساليب التدريس والمحتوى الدراسي من مناهج ومنصات تربوية متقدمة، ساهمت في تحسين جودة المخرجات التربوية، وانتقلنا كذلك بفضل الدعم الكبير والمتابعة الحثيثة من قبل القيادة إلى مرحلة استشراف مستقبل التعليم، وما يجب أن يكون عليه، ولتدعيم منظومتنا التربوية أبرمنا شراكات متميزة مع أعرق الجهات والهيئات المهتمة بالتعليم على مستوى العالم وسعينا إلى الاستفادة من خيرة التجارب العالمية وتكريسها في منظومتنا التعليمية فكراً وممارسة.

8 هل تتفقون مع القول بأن التعليم هو الأساس والمعزز لبنود الأجندة الوطنية؟

نعم التعليم وتطوره هو الأساس وهو المعزز لبنود الأجندة الوطنية ومئوية الإمارات، إذ لا بد من أن تواكب الكوادر الوطنية بمهاراتها ومعارفها، خطط الدولة المستقبلية في شتى المجالات عبر تأهيلها ورفع جاهزيتها لقيادة دفة التطوير والتحديث مستقبلاً، وهو ما نعمل من أجله مستلهمين في ذلك كلمات قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عندما قال في انطلاقة أحد الأعوام الدراسية «المدرسة هي نقطة الانطلاق في سباق التميز، والمستقبل يبدأ من هنا، وعلينا أن نحسن البداية لنصل لكل ما نرجوه لوطننا من تقدم وازدهار».

لقد قطع التعليم في دولتنا أشواطاً كبيرة من التطور، ومواكبة أحدث التوجهات العالمية ذات الصلة، ولم يكن لنا أن نواصل التعليم في دولتنا في ظل الظروف الراهنة لولا تمتع منظومتنا التعليمية بخيارات متقدمة بفضل دعم ورعاية قيادتنا، التي أسهمت في تحويل شكل التعليم من قالبه التقليدي إلى آخر مبتكر وهو التعلم عن بعد، والتعامل بكل مرونة مع ما أنتجته الجائحة من ضغوطات طالت التعليم أسوة ببقية القطاعات الأخرى، واستمر التعليم ولم يتوقف، ولا زلنا نعمل لنطوره لنصل إلى طموح قيادتنا ووطننا، إذ تمكنا بفضل الجاهزية العالية التي تتمتع به المنظومة التعليمية من تحويل ضغوطات الجائحة وما أفرزته إلى فرصة، وجسر نعبر من خلاله إلى شكل آخر من أشكال التعليم في المستقبل وهو التعليم القائم على التقنيات التكنولوجية فائقة التقدم.

9 لاستشراف مستقبل التعليم إطار خاص عملتم من خلاله، هل لكم أن توضحوه لنا؟

محرك استشراف المستقبل بات من أهم أدبيات العمل الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونحن كقطاع حكومي معني بالتعليم عملنا من خلال فرق متخصصة على استشراف مستقبل التعليم، وبدأنا برسم ملامحه في دولتنا للخمسين عاماً المقبلة، وذلك استناداً إلى أولوياتنا الوطنية وقدرات كوادرنا الوطنية من الطلبة كذلك، والوقوف على قدراتها وممكناتها الراهنة والعمل على تطويرها إلى مستويات قصوى خلال السنوات المقبلة عبر سلسلة من البرامج والخطط الكفيلة بتحقيق ذلك.

إن التطور المتسارع في مجال التكنولوجيا في مختلف الميادين سينعكس بطريقة أو بأخرى على مستقبل التعليم، ودورنا كصناع قرار في هذا المجال العمل على تحقيق استفادة قصوى من تلك التقنيات وتوظيفها خدمة لأغراض التعليم وتطور الطلبة، عبر رفع كفاياتهم وتمكينهم من أدواتهم المستقبلية التي ستكون بمثابة اللغة التي بها يتواصلون وعبرها يتطورون ويواصلون تقدمهم ويحققون طموحاتهم وطموحات دولتهم أيضاً.

تعلمنا من قيادتنا أن المستقبل لمن يتخيله ويصنعه، ويمضي قدماً في تحقيقه على أرض الواقع، ونحن بدورنا كمسؤولين في قطاع التعليم الحكومي نحث خطانا من أجل المضي قدماً في تطوير منظومتنا التعليمية، لتستجيب لاستحقاقات المستقبل، عبر تأهيل الأجيال الحالية والمستقبلية لاستدامة تطور دولتنا ورفعتها.

البناء المؤسسي

قالت معالي جميلة بنت سالم المهيري، إن استكمال البناء المؤسسي للجهات المعنية بملف التعليم الحكومي وفقاً لتوجيهات القيادة يأتي كانطلاقة نحو تحقيق المزيد من الريادة في قطاع التعليم الحكومي وانسجاماً كذلك مع استعدادنا في قطاع التعليم للخمسين عاماً المقبلة، إذ تهدف مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي التي باشرت أعمالها مؤخراً إلى تركيز الجهود وتوجيهها نحو الطالب مباشرة، ومحاكاة اهتماماته وتوجهاته وتنميتها بناء على الدراسات والمنهجيات العلمية التي انصبت على استكشاف المستقبل وكيفية رفع كفاءة الطلبة ومهاراتهم ليكونوا على قدر عال من التنافسية والتفرد وصناعة المستقبل كذلك، جنباً إلى جنب مع مختلف الجهات المعنية بالشأن التعليمي في الدولة.

Email