حشر بن مكتوم في حوار شامل مع «البيان»: السياسة الحكيمة واللامركزية في الإدارة سر نجاح الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد سمو الشيخ حشر بن مكتوم آل مكتوم، المدير العام لدائرة الإعلام في دبي، رئيس اتحاد الإمارات للتنس، في حوار مع «البيان» أن سر نجاح الإمارات خلال الخمسين عاماً يكمن في السياسة الحكيمة التي أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتسير من خلفه القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وأخيهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.

وأكد سموه أن تطبيق نظام اللامركزية في الإدارة يعدّ أحد أسرار نجاح الدولة وتطورها وازدهارها، مثنياً على الإنجازات العديدة التي حققتها الدبلوماسية الإماراتية والإعلام المحلي على مدار 50 عاماً.

وتحدث سموه عن أهمية استضافة دبي «إكسبو 2020» وعن مسيرة لعبة التنس وما تواجهه من صعوبات بسبب تخلي الأندية عنها، وعن المنتخب الوطني وبعض التفاصيل عن الرياضة بشكل عام.

1 سموكم من الجيل الذي ساهم في بناء الدولة، فما سرّ نجاح الإمارات في الـ50 عاماً؟

تملك الإمارات العديد من العوامل التي ساهمت في نجاحها، ولكن أساس هذا النجاح هو سياستها الحكيمة التي أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتسير من بعده القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وحكام الإمارات.

كنا نعيش في الصحراء وفي البحر على الصيد وجعلتنا ظروف الحياة أشداء، ومن حظنا أن الإمارات توحدت ولكنها اعتمدت على سياسة اللامركزية في الإدارة، التي أعدّها أحد مفاتيح نجاح الدولة خلال الـ50 عاماً، حينما تكون مسؤولاً عن مجموعة أشخاص فإن مسؤولية إدارتهم تكون أكثر تعقيداً من كونك مسؤولاً عن شخص واحد، من مزايا اللامركزية تحقيق السرعة في اتخاذ القرار وتحقيق التعاون والانسجام، ولذا فإن توزيع الصلاحيات بين الإمارات ساهم في نجاح الدولة وعزز دعائمها.

لقد ساعدت سياسة اللامركزية في الإدارة على تطور الإمارات ونموها، وهذه السياسة نموذج للإدارة الناجحة في أوروبا وكندا وأستراليا وأمريكا، عكس الإدارة المركزية التي تعدّ أحد الأسباب التي تعرقل تطوّر الدول النامية، على سبيل المثال أعرف دولة تستورد بضائع عن طريق البحر، تصل هذه البضائع إلى الميناء وفي الوقت الذي يجب أن توزع فيه داخل المدينة نفسها تحمل إلى العاصمة (الإدارة المركزية) على بعد 2000 كلم، لاتخاذ الإجراءات الجمركية ثم تعاد إلى الميناء.

إنجازات الإعلام

2 منذ تأسيس الاتحاد، منحت الإمارات بقيادة «زايد الخير» أهمية بالغة للإعلام، برأي سموكم كيف ساهم الإعلام في بناء الدولة وتطورها؟

لعب الإعلام الإماراتي دوراً مهماً في بناء الدولة، وحقق إنجازات كثيرة، ولقد اهتم المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالإعلام منذ توليه الحكم، وكان حريصاً على دعمه ووجهنا بأن يكون إعلامنا مواكباً للتطورات التقنية في مجال الاتصال والاستفادة منها، كما كان حريصاً على وصول صورة الإمارات إلى الخارج، ومهتماً بالمشاريع المحلية وتغطيتها إعلامياً.

لقد تميز إعلامنا بالرؤية الواضحة لخدمة الوطن وهو قريب من الناس، كما أصبح إعلاماً ناجحاً ينافس على الصدارة على المستوى الإقليمي وحاز احترام وسائل الإعلام العالمية، ولقد بدأنا من الصفر وحالياً الإعلام الإماراتي علامة فارقة في المنطقة، وبفضل إعلامنا عرف العالم تقاليدنا وتراثنا.

المشهد الإعلامي

3 شهد الإعلام العديد من المراحل التطويرية خلال الـ50 عاماً، وشكل إصدار صحف الاتحاد والبيان والخليج وبعض المحطات التلفزيونية والإذاعية نقلة نوعية في المشهد الإعلامي الإماراتي.

ما العوامل التي ساهمت في تطور الإعلام والتحديات التي تواجهه؟

قطع الإعلام الإماراتي خطوات كبيرة في مسيرة التطور شأنه شأن القطاعات الأخرى، ويواصل تحقيق العديد من المكاسب مع مواكبة آخر التطورات في عالم التكنولوجيا والإعلام الإلكتروني بفضل دعم القيادة الرشيدة وتوجيهاتها بأن يكون الإعلام شريكاً استراتيجياً وهادفاً وشاملاً، فرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن الإعلام يجب أن يكون شريكاً مهماً في مسيرة الاتحاد وأن يخدم قضايا مجتمعاتنا، ويساهم إيجاباً في بناء مستقبل المنطقة.

هناك إنجازات عديدة ولكن التحديات ما زالت أكبر، يجب أن نرتقي بجودة البرامج وأهدافها، وخاصة البرامج التوعوية والثقافية.

رسائل هادفة

4 كان لسموكم دور مهم في دعم الصحافة الورقية، أي مستقبل لهذا النوع من الصحافة في ظل تطورات الإعلام الرقمي؟

الإعلام الرقمي لن يقضي على الصحافة الورقية بشرط أن تكون الأخيرة في مستوى التطلعات وتحافظ على جودة المضامين ورسائلها الهادفة، وما زالت الصحافة الورقية تحظى بمكانة وخاصة الصحف التي نجحت في الـتأقلم مع تطورات الإعلام وجعلت من إعلامها الرقمي مكملاً لرسالتها وطوعته لخدمتها.

لقد أوجد الإعلام الرقمي تحديات جديدة أمام الصحافة الورقية وفرض عليها أن تطور نفسها، وتطلق حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي حتى تحافظ على متابعيها وتلبي شغفهم، وما زالت الصحافة الورقية تتميز بالشمولية وتحليلاتها المعمقة، قد نتحدث عن سرعة انتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولكن البحث في ما وراء الخبر والتحليل الهادف يظل ميزة الصحف الورقية ولهذا السبب لن يستطيع الإعلام الرقمي القضاء عليها، وشخصياً أرى أن الصحافة الورقية هادفة وشاملة أكثر من الإعلام المرئي والمسموع في الإمارات.

إكسبو دبي

5 ما أبرز رسائل «إكسبو 2020 دبي»؟

ستجني الإمارات فوائد عديدة من استضافتها «إكسبو 2020 دبي» الحدث العالمي الاستثنائي والأول من نوعه في المنطقة، كونه يمثل عاملاً مهماً في تعزيز النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وهو إحدى ثمرات وإنجازات الـ50 عاماً التي مرت على الدولة، كل الملايين الذين سيأتون لزيارة المعرض لم يتم بناء فنادق جديدة لهم، فهي موجودة من قبل، ما يعني أن البنية التحتية متوافرة، والإمارات قادرة على استضافة أكبر الفعاليات في العالم.

نجاح دبي في إقامة «إكسبو» في هذا الوقت بمشاركة 192 دولة من مختلف أنحاء العالم دليل على نجاح الإجراءات الصحية التي اتخذتها الإمارات مع بداية انتشار جانحة «كوفيد 19»، ودليل على وعي المجتمع الإماراتي الذي التزم تطبيق الاشتراطات الصحية، واليوم بدأت الحياة تعود كما كانت و«إكسبو 2020 دبي»، أفضل رسالة للعالم عن تعافي الدولة من الجائحة، وهي في مقدمة الدول الآمنة صحياً، وقد ساهم توافر اللقاح لمختلف أفراد المجتمع من مقيمين ومواطنين مجاناً في ذلك.

تطور

6 سموكم كنتم أول سفير للدولة في طهران 1973، وسفيراً غير مقيم في أفغانستان، فمن خلال تجربتكم في السلك الدبلوماسي، برأيكم أي دور لعبته الدبلوماسية الإماراتية في مسيرة تطور الدولة؟

لعبت الدبلوماسية الإماراتية دوراً مهماً في مسيرة التطور والنمو وترسيخ مكانة الدولة في الساحة العالمية وبناء علاقات التعاون الدولي، ولقد حملت الدبلوماسية الإماراتية رسالة مهمة إلى العالم وعبرنا من خلالها عن حسن نوايانا في بناء علاقات متينة مع الدول كافة، وكانت رسالتنا: «ليس لدينا أطماع في غيرنا وفي الوقت نفسه نرفض أطماع غيرنا فينا، نحن دولة فتية نتطلع إلى حسن الجوار».

ومنذ تأسيس الاتحاد، حققت الدبلوماسية الإماراتية سلسلة من الإنجازات والتزمت مبدأ تعزيز التعاون والأمن والسلام في المنطقة والعالم، وهو المبدأ الذي أرسى دعائمه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتسير من خلفه القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في التأكيد على هذا البعد وتعميقه وتطويره عبر مساهمات عديدة قامت بها الإمارات.

الدبلوماسية ليست إلا مرآة لعمل الحكومة داخلياً وخارجياً، والحمد لله كل العالم يعرف عن الإمارات وسياستها الخارجية السلمية وتحظى بمكانة مرموقة في كل المحافل العالمية، ولعبت وزارة الخارجية دوراً مهماً في التعريف بسياسة الدولة، ولقد حققت دبلوماسيتنا نجاحاً كبيراً وأصبحت تجسد نموذجاً للأداء المتميز الهادف للارتقاء بالخدمات المقدمة لمواطني دولة الإمارات، والتأثير الناجح لتحقيق المصالح الوطنية، كما ساهمت في توفير البيئة الاقتصادية الملائمة لنمو الأعمال والاستثمار، وإقامة شراكات استراتيجية سياسية واقتصادية وفي كل المجالات ما ساهم في تعزيز مكانة الدولة في المجتمع الدولي.

صعوبات

7 رغم جهود سموكم على رأس اتحاد التنس إلا أن اللعبة تواجه صعوبات عدة في ظل استغناء الأندية عنها، فما الأسباب؟

التنس مثل بقية الألعاب الفردية تواجه صعوبات كبيرة في الإمارات لأن الدعم تستحوذ عليه كرة القدم، نحن لا نطالب بتقليل الدعم عن كرة القدم ولكن يجب أن تحظى الألعاب الأخرى بالدعم المناسب الذي يضمن لها الاستمرار، ولو نظرنا إلى النتائج المحققة للدولة لوجدنا أنها جاءت بفضل الألعاب الفردية، فيما تعدّ نتائج كرة القدم ضعيفة جداً مقارنة بالصرف الكبير عليها، وعلى الصعيد الأولمبي والقاري لا يوجد إلا الألعاب الفردية هي التي حققت النتائج، حتى التنس حقق بطولة آسيا للشباب وبطولة الخليج ولكن لا أحد سمع عنها، وهنا أوجه عتاباً للإعلام، الذي لا يعطي الألعاب الفردية الاهتمام المطلوب، ويسلط الضوء على ما يواجهها من صعوبات، كما نطالب الحكومة بزيادة الدعم لها.

وعود

8 كيف يمكن للعبة التنس أن تعيش خارج حضن الأندية؟

للأسف، تخلت الأندية عن التنس عمداً، وناقشنا هذا الموضوع مع العديد من المسؤولين في الأندية وتلقينا وعوداً باستعادة اللعبة ولكننا نتفاجأ بأنها مجرد وعود فقط ويستمر الحال على ما هو عليه، وأعتقد أن بعض المهتمين بكرة القدم في الأندية ينظرون إلى التنس كلعبة منافسة لهم وهذا الأمر غير صحيح، لأن لكل لعبة مميزاتها وجمهورها، وبسبب هذا الاعتقاد الخطأ قرروا الاستغناء عنها، والغريب أن التنس اللعبة الوحيدة التي تم إلغاؤها من قائمة الألعاب الفردية في الأندية، وباتت تعتمد على جهود الاتحاد والأكاديميات الخاصة، ونحن نعاني حالياً غياب أي دور للأندية، ونحتاج إلى تدخل من المجالس الرياضية أو من الجهات المسؤولة الأخرى لرد الاعتبار للتنس وخاصة أنه لعبة تحظى بشعبية واسعة وبإمكاننا أن نصنع فيها بطلاً يوماً ما.

ويجب أن تعي الأندية أهمية دورها الرياضي والمجتمعي نحو الشباب وتوفر لهم البيئة المناسبة لممارسة هواياتهم الرياضية المفضلة، وجميع الأندية قررت الاستغناء عن اللعبة وتوجيه الدعم المقدم لها لكرة القدم، والكثير منها بتحويل ملاعبها إلى ألعاب أخرى ولم يعد باقياً تحت مظلتنا أي نادٍ.

دور الأندية

9 هل يمكن أن تلعب الأكاديميات الخاصة دور الأندية؟

لن تستطيع الأكاديميات الخاصة القيام بدور الأندية بشكل كامل لأنها لا تبحث عن المواهب وهدفها تجاري بالأساس ولأن تأهيل اللاعب وتكوينه يحتاج إلى سنوات طويلة، على سبيل المثال حينما فقدت اللعبة الاهتمام في بريطانيا احتاجت إلى 77 عاماً لاستعادة لقب بطولة ويمبلدون عن طريق أندي موراي في 2013، بوضوح اللعبة لن تتطور إلا برجوعها إلى حضن الأندية بأي شكل.

مشروع

10 أين وصل مشروع إطلاق أكاديمية الاتحاد ومجمع للتنس والذي يهدف لتصحيح مسار اللعبة؟

وافقت الحكومة على منحنا قطعة أرض لبناء مجمع التنس، وسيشكل ذلك انطلاقة جديدة للعبة و«بصيص أمل» لاستعادة مكانتها، وسيكون المجمع نوعاً من الاستثمار والتدريب والاهتمام بالمواهب الصغيرة ورعايتها، والتي يمكن أن تشكل جيلاً جديداً لمستقبل المنتخب.

رؤية

11 ما رؤية سموكم للعبة التنس؟

التنس رياضة تختلف عن بقية الألعاب ويمكن أن يمارسها الفرد طيلة حياته، ولا توجد سن محددة يمكن أن تتوقف عندها عن لعب التنس، وبما أن الرياضة مثل الأكل والشرب للإنسان فلا يوجد أفضل من التنس لممارسته في كل الأوقات ولكل الأعمار، وبالتالي فهو يستحق اهتماماً أكبر، والكثير من الشباب في الإمارات قاموا بإنشاء ملاعب تنس في منازلهم، إضافة إلى الملاعب التي توفرها البلدية في الحدائق العامة.

كرة القدم

12 بعيداً عن التنس، كيف ترون نتائج منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم؟

النتائج متواضعة ودون الطموحات وكنا نتطلع إلى ظهور أقوى لمنتخبنا الوطني في ظل الدعم الكبير الذي يحظى به ولكن هناك تقصيراً من اللاعبين والمشكلة ذهنية بالأساس، وعليهم أن يكونوا أكثر التزاماً ويجب التعامل معهم بقدر عطائهم في الملعب، وهم يحصلون على أكثر مما يستحقون.

تبريرات

13 العديد من الاتحادات الرياضية تبرر فشلها بسبب قلة ميزانيات الإعداد، هل هذا صحيح؟

بالفعل الألعاب الفردية تواجه صعوبات مادية، ويمكن أن تكون هذه الأسباب وراء غياب النتائج ولكن هذا لا ينطبق على كرة القدم التي تستحوذ على دعم كبير ولكن الجانب المادي ليس إلا أحد الأسباب، ولدينا مشكلة في صناعة البطل وهنا نتحدث عن جوانب تتعلق بالتكوين والإدارة.

يجب أن تستعين الاتحادات بأبطالها السابقين الذين حققوا نتائج جيدة ومسيرة رياضية حافلة في مجالس الإدارات، وأغلب هؤلاء الأبطال يفضلون الابتعاد عن الرياضة لأنهم يشعرون بأنه تم الاستغناء عنهم، ولا يمكن أن نطور رياضتنا بعيداً عن أصحاب الخبرة المتميزين، وعلينا أن نفسح المجال أمامهم لإدارة بعض الألعاب التي يمكننا تحقيق الإنجازات فيها مثل الرماية.

 

Email