امتزجت أفكاره بطموحات أخيه زايد وحققا إنجازات أبهرت العالم

راشد بن سعيد.. رؤية وحدوية عززت ريادة الإمارات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حملت الرؤية الوحدوية للمغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم «طيب الله ثراه»، مشاعل تطور دولة الإمارات، وساهم في بناء مسيرتها التنموية، ويعتبر، رحمه الله، أحد رواد وحدتها، وتأسيس حاضرها ومستقبلها، ورجل دولة، ترك بصمة جلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الإمارات، حيث امتازت شخصيته بالحنكة والقيادة الاستثنائية في مجمل الأحداث، وأجمع أبناء الوطن على محبته، والالتفاف حول قيادته، وقاد الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، الذي حكم دبي خلال الفترة الممتدة من عام 1958 وحتى 1990، الإمارة بحنكة وبُعد نظر واضحين، وكانت رؤيته بمثابة المحرك الرئيس لعمليات التنمية في دبي، حيث عمل، يداً بيد، مع أخيه المغفور له بإذن الله تعالي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لتحقيق حلم الوحدة.

دور كبير

لعب الشيخ راشد بن سعيد، ذو العقل والحكمة، دوراً كبيراً في مهمة اتحاد دولة الإمارات، واتفقت رؤيته مع رؤية أخيه، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بضرورة قيام اتحاد يجمع سبع إمارات من ساحل الخليج العربي، وأسفرت هذه الجهود بينهما، عن توقيع اتفاقية السميح المشهورة، في فبراير عام 1968، باتحاد الإمارتين، هذا الاتحاد الذي أكملاه باتحاد الإمارات السبع، في الـ 2 من ديسمبر 1971.

رجل دولة

يعد الشيخ راشد بن سعيد، قائداً فذاً، ترك لدولة الإمارات ودبي إرثاً عظيماً، وحققت دبي تحت إدارته طفرة تنموية شاملة، في جميع النواحي، لتصبح مدينة حديثة، وعززت موقعها كمركز تجاري بين الشرق والغرب، وفتح «رحمه الله»، جميع الحواجز بينه وبين أبناء إمارته، حيث كان يعتبرهم بمثابة أولاده.

وكان الشيخ راشد رجلاً سياسياً من طراز رفيع، وصاحب نظرة ثاقبة، ورؤية مستقبلية، سبق بها زمانه، ونجح في استشراف مستقبل المنطقة، واستطاع أن يخلق علاقات أخوية وثيقة بينه وبين حكام العرب والعالم، في كل الظروف، وفي جميع الأزمنة، وكان اتحاد الإمارات لبنة من لبنات أفكاره العظام، التي امتزجت بطموحات أخيه، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله.

وحظيت فكرة تأسيس اتحاد قوي ومستقر بين الإمارات، بترحيب كبير من الدول العربية، التي رحبت أيما ترحيب بالفكرة، واعتبرتها نواة للوحدة العربية الكبرى، وحدث في ذلك الوقت تطور مهم، إذ أعلنت بريطانيا قرارها النهائي بالانسحاب من الخليج في 14 فبراير 1971.

العمل السياسي

انخرط الشيخ راشد في العمل السياسي منذ صغره، كونه الولد الأول للشيخ سعيد، رحمه الله، واعتاد على أن يحضر مجلس أبيه، وكان يبدي اهتماماً بالغاً بما يدور في المجلس، ويصغي لكل الآراء والأفكار التي يطرحها الحضور، وكان لا يتردد في أن يُمضي مع والده ساعات طوالاً، يسأله عن كل الأحداث والوقائع التي يشهدها، أو تتناهى لمسمعه، يتحاور معهم، ويستأنس برأيهم.

وتعلم الشيخ راشد من مجلس أبيه، كيفية إدارة المنطقة، وتسيير أمورها، وكان مطّلعاً على كل ما يحدث في هذا المجلس، ليتعرّف إلى أمور الحكم، ويتدرّب على تحمل المسؤولية من بعد والده، وعُيّن الشيخ راشد ولياً للعهد عام 1939، وساند والده في تسيير شؤون المنطقة، وأثبت جدارته في تحمل المسؤولية، وفي سن الثامنة عشرة، تعرف عن قرب على تفاصيل حكم إمارة دبي، أثناء حياة والده الشيخ سعيد، الذي عهد إليه بتصريف كثير من الأمور الهامة منذ عام 1938، وفي أكتوبر من عام 1958، تولى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، مقاليد الحكم في إمارة دبي، عقب وفاة والده الشيخ سعيد بن مكتوم، في سبتمبر من العام نفسه.

حلم الوحدة

وكان لمشاركة الشيخ راشد في مجلس الإمارات المتصالحة، دور في التمهيد للاتحاد، وعمل مع الشيخ زايد على إصدار وثيقة الوحدة والاتحاد بين دبي وأبوظبي، في فبراير من عام 1968.

وعمل المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد، مع المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراهما»، يداً بيد، لتحقيق حلم الوحدة، الذي صار حقيقة واقعة، بالإعلان عن تأسيس دولة الإمارات العربية المتّحدة في عام 1971، ويعتبر دوره الكبير مع المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في تأسيس دولة الإمارات العربية المتّحدة، من أعظم الإنجازات التاريخية في مسيرة الدولة، حيث رحب «راشد بدعوة زايد»، وآمنا سوياً بفكرة الوحدة بين الإمارات، وكانت المبادرة الأولى في 1968، عندما اجتمع القائدان في منطقة سيح السديرة، الواقعة بين أبوظبي ودبي، وعقدا اجتماعاً ثنائياً، تمخض عنه إعلان اتحاد يضم إمارتي أبوظبي ودبي، كنواة وبداية لاتحاد أكبر وأشمل، وكانت هذه الخطوة، هي رأس الجسر الذي اتسع في ما بعد، ليستوعب بقية الإمارات الأخرى. وبعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، تولى منصب نائب رئيس الدولة، كما عُهدت إليه رئاسة مجلس الوزراء في عام 1979.

تنمية

وفي السبعينيات، شهدت دولة الإمارات، ودبي على وجه الخصوص، حركة عمرانية واسعة النطاق، حيث استطاع الشيخ راشد، خلال فترة حكمه، أن يضع حجر الأساس للاستقرار والتنمية والازدهار في دبي.

وشجع الشيخ راشد الحرية، واعتماد مبدأ الشورى، حيث قال، رحمه الله: «إن هذا المبدأ، هو أساس كل عمل ديمقراطي، كما أنه من أسس تراثنا وعقيدتنا الإسلامية، التي تدفع الجهود الوطنية في البلاد نحو المزيد من العمل والنجاح».

وعمل الشيخ راشد، على قدم وساق في خدمة وطنه، وكان متحمساً بكل عزيمة وإصرار، أن يضع دبي على خريطة العالم، وإبرازها كسوق وميناء إقليمي. ويقول المؤرخون إن الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، هو من وضع اللبنة الأولى في بناء دبي الحديثة، وهو من أرسى القواعد الحقيقية للمشاريع الكبيرة للبنى التحتية والعمران والتجارة، وعمل على استغلال كل الإمكانات المتاحة في ذلك الوقت لمصلحة بلاده، وكانت رؤية الشيخ راشد بن سعيد، محركاً أساسياً لدفع عجلة التنمية في دبي، وركيزة في انطلاق الإمارة نحو العالمية، إذ وضع دبي على خريطة العالم التنافسية في المجالات التنموية كافة.

تلاحم وطني

وحرص المغفور لهما، الشيخ زايد والشيخ راشد، على تثبيت أواصر هذا الاتحاد، والسير به قدماً إلى الأمام، رغم كثير من الصعوبات التي واجهاها في بداية الأمر، وبذلا جهداً كبيراً لنجاح اتحاد الإمارات، الذي استطاع بإصرارهما وجهدهما، أن يعبر الأزمات، ويحقق تطلعات أبناء المنطقة، قيادة وشعباً، نتيجة للتماسك والتلاحم الوطني بين قيادات وشعب الإمارات.

وارتبط اسم الشيخ راشد، رحمه الله، وإنجازاته بدبي، وبدولة الإمارات، حيث رسخ في أذهان الناس كثيراً من القيم والمفاهيم التي تسهم بفعالية في بناء البلاد وقوة اتحادها.

ومنذ تولي الشيخ راشد رئاسة حكومة الإمارات في 1979، بذل جهداً مضاعفاً واهتماماً بالغاً بترسيخ القيم الاتحادية، وبذل ما في وسعه لتحقيق العديد من الإنجازات والخدمات والبنى التحتية، وضرب مثلاً غاية في الدقة، لأهمية ما تقوم به الحكومة الاتحادية من عمل وإنجاز وبناء. كما قام بجهد جبار في بناء دبي، وجهد آخر لا يقل عنه في ترسيخ مفاهيم الاتحاد، وإبراز خدماته وتثبيت أركانه.

وقال عنه المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «كان راشد فارساً مغواراً، وصانعاً من صناع الاتحاد، خلف أعمالاً جليلة، وإنجازات خالدة».

جهود دولية

كما برزت جهوده الدولية، بعد توليه منصب نائب رئيس الدولة، ورئاسة مجلس الوزراء، وأسهم في التطوير العمراني والنهضة الشاملة التي شهدتها الإمارات في بداياتها، من بناء المرافق العامة والبنى التحتية، وحرص على تقوية العلاقات مع دول الخليج، والدول الأخرى، وبرزت اهتماماته في مناقشة قضايا أمته وشعبه العربي والإسلامي، وأبرزها، قضية احتلال الجزر الثلاث (طنب الكبرى، طنب الصغرى، أبو موسى)، والقضية الفلسطينية، والحرب العراقية - الإيرانية، ودعا إلى إنشاء مجلس يضم دول الخليج العربي.

تنمية بشرية

طرق الشيخ راشد كل أبواب التنمية البشرية لمواطنيه والمقيمين في دولته، ومد يد العون لكل محتاج، وفتح مجالسه لعموم شعبه، وأثبت بمواقفه المعتدلة، حسن نواياه في كل حادثة وأزمة سياسية واقتصادية، وكان يدعو ويسعى إلى الوحدة في جميع المواقف، والإنسان المحب، الذي جمعت له محبته الناس جميعاً.

وبات الثاني من ديسمبر، يوماً راسخاً في وجدان أبناء الإمارات، وموضع فخرهم واعتزازهم، ويعتبر اتحاد الدولة، من أنجح التجارب الوحدوية التي تحتذى عالمياً، وأصبحت الإمارات مثالاً للسعادة، وواحة للتسامح والمحبة والتعايش، حيث نجح الاتحاد بفكر ورؤية قيادة الإمارات، والوحدة الوطنية بين قيادة والشعب، إلى لفت أنظار العالم إليها بحضارتها وتقدمها.

 

Email