قوة التعايش

ت + ت - الحجم الطبيعي

فكرة التعايش في الإمارات لها تاريخ طويل، راسخ، ممتد، حتى إنها باتت منذ وقت بعيد، قيمة اجتماعية إماراتية أصلية. وهي علاوة على ذلك، فكرة متجددة في الدولة، لا تفقد شبابها وحيويتها، ذلك أن القيادة الرشيدة، كانت تأخذها دوماً بعين الأهمية والاعتبار، في سياق كل مراحل بناء وتحديث الدولة، وتعزز أهميتها في الثقافة الوطنية.

والواقع أن «قيمة التعايش» في الإمارات، لا تتعلق فقط بقدرة المجتمع على الاستيعاب الإيجابي لتعدد الجنسيات الكبير في الدولة، والقبول بالتنوع، وحالة الوئام والانسجام بين أبناء الجاليات، وأصحاب الجنسيات المختلفة المقيمة على أرض الإمارات الطيبة. ولكنها تتعلق بثقافة وطنية متأصلة، لها قوة النفاذ الناعم، المحصنة بتقاليد وعادات عريقة، وقوانين وأنظمة عصرية.

«قيمة التعايش» في الدولة، أنها في الداخل، وعلى المستوى الإماراتي، أسلوب حياة. وفي الخارج، هي رسالة إماراتية، يتردد صداها في جهات العالم الأربع، ولها حضورها وأدواتها على أكثر من صعيد، لا سيما لجهة النهج الإماراتي في تقديم المساعدات الإنسانية لكل أبناء البشرية، حيثما وجدوا وكانوا، وبغض النظر عن المعتقد والعرق والجنسية.

ولا بد من القول إن من ميزة «قيمة التعايش» الإماراتية، أنها لم تأتِ استجابة لظرف طارئ مستجد، ولكنها واحدة من الركائز التي قامت عليها دولة الاتحاد، وأرساها الآباء المؤسسون. كما أنها نابعة من طبيعة مجتمع الإمارات، ومن مكونات ثقافته الأساسية. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن هذه القيمة لا تمثل علاقات الإماراتيين بالخارج فقط، ولكن كذلك هي قيمة تحكم علاقاتهم بعضهم ببعض، حيث تعبّر هذه القيمة عن نفسها بالمواطنة التي تلغي أي شكل من التمييز بينهم، وتبتعد بهم تماماً عن تسييس التشكيلات الاجتماعية.

ومن الأهمية بمكان، الإشارة إلى أن «قيمة التعايش» في الإمارات، تكتسب اليوم أهمية متزايدة، لا سيما في عالم تسوده الصراعات والنزاعات، ويحكمه تعصب بأبعاد مختلفة، أدى إلى تمزق نسيج المجتمعات، وتفتيت الدول، واضطهاد مجموعات اجتماعية لغيرها، بدواعي ومزاعم التفوق العرقي، التي باتت أكثر انتشاراً في مجتمعات اليوم، لا سيما في دول العالم المتطورة.

هذا كله، يجعل من «قيمة التعايش» مكوناً أساساً من مكونات النموذج الإماراتي الفريد، الذي قدم من جهة تجربة وحدوية غير مسبوقة، ومن جهة ثانية، تجربة تنمية فعالة متميزة تثير الإعجاب. ومن جهة ثالثة، ثقافة تحفظ نفسها، وتطور أدواتها، بقوة «قيمة التعايش» مع الآخر، والمختلف، وبمواكبة مستجدات العصر. لا من خلال التمركز على الذات، وإقصاء الآخر.

في هذا السياق، تبدو «قيمة التعايش»، كذلك، واحدة من أنجح الاستثمارات الإماراتية، حيث إن أبقى وأجدى أنواع الاستثمار، هو الاستثمار في الإنسان والإنسانية.

Email