إطلالة على المستقبل

الاتصالات توأم أعمال الغد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يلعب قطاع الاتصالات في الدولة دوراً حيوياً في دعم التنمية في الإمارات كما يحمل آفاقاً واعدة نحو المستقبل واقتصاد المعرفة ليعزز القطاع مكانته قاطرة لحفز القطاعات المختلفة ودعم التنمية مشكلاً جناحاً يساعد العديد من القطاعات على التحليق إلى مستقبل الغد بالتقنية والابتكار.

وبما يتوافق مع جهود واستراتيجيات الدولة التنموية لبناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة والابتكار التي تتعاظم مع دخول الدولة في عامها الخمسين واحتفالاتها باليوبيل الذهبي لتأسيس الاتحاد. كما يعزز القطاع دوره المساند للقطاعات المختلفة.

حيث أصبحت التقنية ضرورة ليست فقط للارتقاء بقطاعات الاتصالات والمعلومات وإنما ضرورة لنمو واستدامة القطاعات المختلفة، ومنها الاقتصادية كالبنوك والشركات والأسواق المالية وأنشطة التجزئة والسياحة والتجارة والنقل وغيرها وأيضاً القطاعات والأنشطة الخدمية كالصحة والتعليم والخدمات الحكومية ليعزز قطاع الاتصالات مكانته شريكاً أساسياً لتنمية القطاعات ومحركاً لازدهارها وتقدمها.

ومع تسارع عمليات التحوّل الرقمي وزيادة التطورات التكنولوجية وزيادة الاتصال يشكل قطاع الاتصالات المحرك الأساسي لنمو العديد من القطاعات الواعدة في عالم الغد الذي يستدعي التوأمة الكاملة بين الأعمال والاتصالات.

وفي محاولة لاستشراف مستقبل «الاتصالات» في الإمارات في بداية العقد الجديد، يجمع باحثون على أن الصورة مشرقة وواعدة بالفعل، وأن هناك مستقبلاً حافلاً ينتظر القطاع في الإمارات باعتباره العصب الرئيسي للاقتصاد في المستقبل وشريان النمو في قطاعات مثل التجزئة والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية والواقع الافتراضي وغيرها.

كما يعزز موقعه الداعم للعديد من الابتكارات الحديثة مثل التواجد عن بعد والإسقاط الضوئي والروبوتات والسيارات الذكية والواقع الافتراضي والمعزز والاتصالات الموحدة، هذا في الوقت الذي ستستمر خلاله التقنيات الحديثة في انتعاش العديد من القطاعات داخل قطاع الاتصالات الواسع ورسم خارطة التنافس بين المشغلين، بالإضافة إلى ظهور المزيد من الأجهزة التي توفر المزيد من الخيارات الاستباقية والإبداعية في مجموعة واسعة من مواقف الحياة اليومية بحلول 2030.

أبراج خلوية

ومن خطط «جوجل» بناء أبراج خلوية وتوفير الإنترنت بسرعات عالية عبر الضوء وطموحات «فيسبوك» بإرسال الإنترنت عبر عتادها الشبكي الخاص إلى المناطق النائية في العالم، ودخول «أمازون باي» الحوسبة السحابية من أوسع أبوابه، تقول دراسة لموقع «وايرد» أن يلعب «أباطرة الأون لاين» ـ دور المنافس الأكبر لشركات الاتصالات في المستقبل.

وبحسب دراسة حديثة لشركة «ديلويت» سيكون من الضروري لمزودي الاتصالات في المستقبل التركيز بشكل أكبر على احتياجات العملاء وإشراكهم بشكل أكبر، ودمج تجارب الترفيه من خلال عروض الخدمات الجديدة وحزم الترفيه وإيجاد طرق لتحقيق مداخيل جديدة من الشبكات اللاسلكية المتقدمة من خلال طرح منتجات وخدمات ونماذج أعمال جديدة ـ هذا إن هي أرادت أن تبقى أكثر من مجرد مزود للبنى التحتية.

صدارة عالمية

وفيما تحتل الإمارات حالياً المرتبة الأولى على مستوى العالم في خدمة الألياف الضوئية للمنازل ومن حيث سرعة الإنترنت، تتصدر الدولة المركز الأول خليجياً وعربياً وفي غرب آسيا، والسابع عالمياً في مؤشر البنية التحتية للاتصالات، بحسب تقرير استبيان الأمم المتحدة للحكومة الذكية 2020، كما حلّت بالمركز الثاني آسيوياً في هذا المؤشر.

كما حققت تقدماً كبيراً في مؤشرات التنافسية العالمية لقطاع الاتصالات وحافظت على المركز الأول عالمياً في مؤشر اشتراكات الهاتف المتحرك. وأما على صعيد الأفراد فقد مكنت تقنية الجيل الخامس مستخدمي الهواتف الذكية من الحصول على سرعات تنزيل وتحميل عالية فحسب، بل ستكون التقنية أساساً لعدد ضخم من أجهزة إنترنت الأشياء التي سيشيع استخدامها في المنازل والسيارات والمكاتب ومراكز التسوق وغيرها، فيما تقود الإمارات الدول العربية الاستثمار ونشر تقنية الجيل الخامس وتكييف وتطوير الأنظمة والتشريعات الحالية لخدمات الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء.

توقعات السوق

وتوقع جواد عباسي رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في رابطة GSMA لمشغلي الاتصالات أن تكون الاتصالات العصب الرئيسي لأغلبية القطاعات في المستقبل وشرطاً أساسياً لنمو الاقتصاد الرقمي والمعرفي متوقعاً أن تكون الإمارات ضمن أوائل الدول في العالم، في رفع معدلات استخدام شبكات الجيل الخامس .

وذلك بفضل الخطوات الكبيرة التي حققتها على مستوى المدن الذكية، وجهوزية البنية التحتية، وحجم الاستثمارات التي يقوم مشغلو الاتصالات بضخها في الدولة، فضلاً عن توفير الترددات الخاصة بهذه الشبكات.

وأشار عباسي في تصريحات لـ«البيان» إلى أهمية قيام الهيئات المعنية بقطاع الاتصالات في المنطقة والعالم بالموازنة بين مصالح المستهلكين وخزينة الدولة ومشغلي الاتصالات والمستثمرين بهدف تطوير السوق من خلال وضع أطر جديدة للمنافسة بين المشغلين ووضع قوانين تشجع على الاستثمار في شركات الاتصالات الخليوية بحيث يتم توفير خدمات ممتازة وبأسعار تنافسية للمستهلكين من جهة، وتحصيل رسوم وضرائب منطقية من قبل الدولة لدعم خزينتها من جهة ثانية،.

وتوقّع استمرار نمو مشتركي الجيل الرابع والخامس بالتوازي وذلك في معظم الأسواق العالمية الرئيسية بما فيها الإمارات ومع زيادة نشر المزيد من شبكات الجيل الخامس وذلك خلال السنوات الخمس المقبلة على الأقل.

وأوضح أنه سيكون هنالك عملية «إطفاء» تدريجية لشبكات الجيل الثاني والثالث بحسب ظروف كل دولة خلال السنوات المقبلة مع نقل الترددات المستخدمة في تلك الشبكات إلى شبكات الجيلين الرابع والخامس، لافتاً إلى أن حدوث ذلك مرهون بسماح الجهات المختصة بتنظيم الاتصالات بذلك أو ما يسمى بـ«حيادية التقنية»، ولافتاً إلى أن السماح بحيادية التقنية يسرع في عملية التطور الطبيعي للسوق وهو ما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.

استثمارات المشغلين

ويتوقع تقرير حديث لرابطة GSMA أن تصل استثمارات المشغلين خلال السنوات الخمس المقبلة إلى أكثر من تريليون دولار لخدمة الشركات والأفراد، فيما ستصل حصة الاستثمارات الخاصة بالجيل الخامس فيها إلى 80% أو 800 مليار دولار من إجمالي الاستثمارات.

وحول تأثير التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي والحوسبة الطرفية (Edge Computing) في إحداث زعزعة (disruption) في نموذج شركات صناعة الهواتف الذكية، قال عباسي:

«إن أهم ما يميز الجيل الخامس عن الرباع هي السرعة الأكبر وسرعة الاستجابة، وهذا سيسمح بتطوير العديد من الصناعات مثل السيارات ذاتية القيادة وإجراء العمليات الجراحية عن بعد، علاوة على ميزة»تقسيم الشبكة" أو Netwrok slicing التي تسمح بتوفير تطبيق سرعات ونسبة استجابة متفاوتة بحسب طلب العميل.

وأشار إلى أن الجيل الخامس ستعزز من عمل التقنيات الحديثة وإنترنت الأشياء في قطاعات مختلفة وتسمح بمساحة أكبر من الابتكار في القطاعات. وأفاد أنه من المبكر في الوقت الراهن الحديث عن تقنية الجيل السادس إلا أن عباسي أشار إلى أن طبيعة التقنية هي التطور المستمر وأن الجيل السادس ستنتشر في المستقبل.

نمو الطلب

من المتوقع أن يستمر مشغلو الاتصالات في الاستثمار في البنى التحتية والشبكات خصوصاً مع نمو الطلب بشكل كبير على خدمات البث الرقمي عبر الإنترنت مثل يوتيوب ونتفلكس والذي تسبب بضغط كبير على البنية التحتية لخدمات النطاق العريض نتيجة تحول مئات ملايين الأشخاص إلى العمل من المنزل التزاماً بإجراءات الحد من تفشي فيروس كوفيد 19، ما قد يفرض تحديات تفرض تقنين حجم البيانات المسموح بها في حال عدم قدرة قطاع الاتصالات على تلبية حجم النمو المتوقع في المستقبل.

الابتكارات التكنولوجية الأكثر ذكاء تشكل مستقبلنا

قال متحدث باسم هيئة تنظيم الاتصالات، إن هنالك عدة تطبيقات وقطاعات حيوية يمكن أن تستفيد من إمكانات تقنية الجيل الخامس في المستقبل مثل الإنترنت اللاسلكي الثابت فائق السرعة، وإنترنت الأشياء، والمواصلات، والإعلام والترفيه، والطاقة، الصناعة والأتمتة، الصحة والتعليم والمدن الذكية، وسيتم العمل خلال 2021 على التعاون بين الشركاء في هذه القطاعات مع كل من المرخص لهم ومزودي التقنية ومصنعي الأجهزة والشركات الأخرى التي تعمل على تطوير حالات الاستخدام لإيجاد النماذج المناسبة للتطبيق لكل قطاع منها.

وبحسب التقرير الصادر عن رابطة مشغلي الاتصالات في 2020 حول اقتصاديات الهاتف المتحرك في المنطقة، فإنه من المتوقع أن تبلغ قيمة إيرادات المشغلين واستثماراتهم في شبكات الهاتف المتحرك 65.4 مليار دولار في 2025 مقارنة بـ63.1 مليار دولار 2019، منها الاستثمارات لشبكات الجيل الخامس والتي تقدر بـ 40 مليار دولار في المنطقة للفترة 2019 ـ 2025.

هواتف أكثر ذكاء

وحول توقعاته عن صناعة الهواتف الذكية في المستقبل قال سانميت كوتشار، نائب رئيس «إتش إم دي» العالمية في الشرق الأوسط، إن التطورات السريعة التي تشهدها التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز ستدعم نظام العمل عن بعد والتعلم عن بعد، وفي الوقت نفسه فإن انتشار هذه التقنيات ستجعل المستهلكين يتوقعون الحصول عليها عبر هواتفهم الذكية.

ويضيف: «ستشكل الابتكارات التكنولوجية مستقبلنا من الذكاء الاصطناعي إلى الروبوتات. فعلى صعيد قطاع الهواتف الذكية، نحن نتطلع إلى الابتكار في مجال البرامج والأجهزة على حد سواء. من شاشة الذكاء الاصطناعي للتعرف على المستخدم، إلى التعلم الآلي، فإن الهواتف الذكية ستكون الرفيق الأكثر ذكاء، وستكون أكثر قدرة على فهم متطلبات وتفضيلات الأشخاص، ونمط استخدامهم لتوفر لهم تجربة استخدام سلسة غير مسبوقة». ووفقاً لتقرير صادر عن رابطة مشغلي الاتصالات.

فمن المتوقع أن يصل عدد الهواتف المحمولة المتصلة بشبكة الجيل الخامس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 60 مليون هاتف بحلول 2025، وعلى الرغم من الاضطرابات الناجمة عن «كوفيد 19»، إلا أن مؤسسة البيانات الدولية تتوقع تعافي سوق الهواتف الذكية بالكامل بحلول 2022.

تجربة أفضل

ويتوقع كوتشار أن توفر أجهزة الهواتف الذكية ميزات أكثر تطوراً على مدى السنوات المقبلة، كي ينعم الناس بتجربة أفضل وأكثر شمولاً وأشبه ما تكون بالكمبيوتر الشخصي المتكامل. وقد يتجه صناع الهواتف الذكية إلى تخصيص الهواتف وإتاحتها بشكل أوسع.

ولن تعتمد الشركات على فكرة «هاتف واحد يناسب الجميع»، بل ستصب اهتمامها على مدى تلبية كل جهاز هاتف ذكي للاحتياجات المختلفة للأشخاص والمزايا الخاصة التي توفرها الهواتف ضمن فئتها السعرية لتعزيز تجربة العملاء، وفي الوقت نفسه إتاحة التقنيات المفيدة للجميع.

ويضيف: «ومع تسارع إيقاع التحول الرقمي وزيادة التطورات التكنولوجية التي أدت إلى زيادة الاتصال فلابدّ من الإشارة إلى زيادة احتمالية تعرض الأجهزة للهجمات السيبرانية. فالناس اليوم، تعتمد بشكل كامل على هواتفها الذكية للوصول إلى البيانات المهمة وتخزينها ومشاركتها.

وهذا سيجعل الأمان عنصراً محورياً في صناعة الهواتف الذكية في المستقبل، ويحتم على العلامات التجارية ضمان توفير مزايا الأمان والتحديثات المستمرة للبرامج لتعزيز تجربة الهاتف الذكي بشكل عام».

الحوسبة الطرفية

وتوقع فادي أبو شمط، مدير الاستراتيجية والتطوير في أوبو الشرق الأوسط وأفريقيا أن يتم دمج خدمات الحوسبة الطرفية في صناعة الاتصالات والهواتف الذكية، حيث تتيح اتصالاً أقوى وزمن انتظار أقل وزمن استجابة أعلى، وهو ما يحتم على شركات الهواتف الذكية تقديم تقنيات اتصال أقوى تتيح الاستفادة من هذا المفهوم.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيستمر بدوره في إحداث تغيير جذري في قطاع الهواتف الذكية، حيث أصبح التوظيف الناجح للذكاء الاصطناعي شرطاً أساسياً لتقديم هواتف تنسجم مع تطلعات المستخدمين. وأضاف: «تدخل تقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم في مختلف مكونات الهواتف الذكية، من الكاميرا إلى الشحن والاستخدام الأمثل للبطارية، وصولاً إلى تخصيص الموارد للعمليات الأكثر أهمية والتوظيف الأمثل لقدرات المعالجة وغيرها.

Email