عملت موزة حمدان سعيد مرشد أكاديمي ومهني في إحدى المدارس، وحملت على عاتقها مسؤولية توجيه الطلاب منذ 22 عاماً، لكن دورها لا يقتصر على ساعات العمل فقط، بل يمتد إلى بيتها، حيث تتحول من معلمة إلى أم مُلهِمة لأبنائها السبعة، وبينهم اثنان من أصحاب الهمم.
بدأت رحلة موزة مع تحديات الأمومة عند ولادة ابنها أحمد، الذي وُلد بإعاقة بصرية، ولم يكن هذا الأمر سهلاً عليها، لكنها لم تسمح لليأس بالتسلل إلى قلبها.. أدركت أن أحمد يتمتع بقدرة سمعية فائقة، وقررت أن تجعل من هذه الحاسة وسيلة لفتح أبواب المعرفة له، وكانت تقضي ساعات طويلة في مساعدته بالدروس المدرسية، مستغلة التكنولوجيا المتاحة في ذلك الوقت، وبدأت بتسجيل الدروس عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت وسيلتها الأساسية لمساعدة ابنها على التعلم.
صوت موزة كان حافزاً لابنها ليواصل تعليمه رغم التحديات، وكانت تسجل له الدروس ليلاً، حتى يتمكن من الاستماع إليها في الصباح بعد عودته من المدرسة، وهذه الليالي الطويلة لم تكن مجرد جهد عابر، بل كانت حجر الأساس الذي بنى عليه أحمد مستقبله الأكاديمي، كان صوت والدته هو ما يمكّنه من متابعة دروسه، وهو ما جعله يتفوق، رغم الإعاقة التي وُلد بها، وكان دائماً اسمه من المتفوقين والمتميزين في مختلف المراحل الدراسية، حتى أشرف على التخرج هذا العام في كلية القانون في جامعة عجمان.
لم تتوقف رحلة الكفاح هنا، فبعد سنوات من ولادة أحمد، وُلدت مريم، التي واجهت نفس المصير، بذات الإعاقة، ولم تتردد موزة في تكرار نفس النهج الذي اتبعته مع أحمد، وبدأت تتابع الدروس بمختلف الطرق، ومنها أجهزة التكبير المتوفرة من وزارة التربية والتعليم، وبفضل هذا الدعم المستمر، أصبحت مريم الآن تدرس في الصف السابع، متفوقة في دراستها، بفضل الجهود التي بذلتها والدتها.
ورغم أن التحديات التي واجهتها موزة مع أحمد ومريم كانت كبيرة، إلا أنها لم تغفل عن دورها كأم لبقية أبنائها، فقد كانت مثالاً للأم المثالية، التي توزع وقتها بين عملها كمرشدة أكاديمية، وأم لسبعة أبناء، واستطاعت أن تربي أبناءها الآخرين بنفس القدر من التفاني والاهتمام، فخرّجت ابنتها عليا مهندسة كيميائية، وابنتها فاطمة في القانون من جامعة الإمارات.
بينما يدرس سيف ابنها في السنة الأولى بجامعة الشارقة، أما ابنها الأكبر محمد، فقد التحق بالعمل في المجال العسكري، بعد تخرجه في كلية زايد العسكرية، بينما تكمل عائشة دراستها في الصف الثاني عشر.
لم يكن نجاح أبناء موزة محض صدفة، بل كان نتيجة لتضحيات كبيرة قامت بها الأم، حيث سهرت الليالي لمتابعة الدروس، واستثمرت وقتها وجهدها، لضمان أن يتلقى أبناؤها التعليم اللازم، وهذه الجهود كانت تُبذل في صمت، لكنها كانت تؤتي ثمارها مع مرور الوقت، وأصبحت موز مصدر إلهام لكل من حولها، سواء في المدرسة أو في المجتمع.