تزداد أهمية تأهيل الطلاب للحياة العملية منذ سن مبكرة في مجتمع الإمارات، من خلال سماح القانون في الدولة بعمل الطلاب بدءاً من عمر 15 عاماً، الأمر الذي يعد خطوة حاسمة نحو تحقيق هذا الهدف، إذ يتيح العمل للطلاب فرصة للتعلم خارج الفصول الدراسية واكتساب خبرات قيمة ترتقي بقدراتهم وتمهد لهم الطريق نحو مستقبل مهني ناجح.

وأوضح تربويون أن الإجازة الصيفية تعد فرصة لتفرغ الطالب للعمل خلال فترة الصيف وتمثل خطوة مهمة في تأهيلهم لحياة عملية ناجحة، وذلك من خلال تعزيز مهاراتهم الشخصية والمهنية، وزيادة استقلاليتهم، وتوفير فرصة لتطبيق المعرفة النظرية وتوسيع أفقهم المهنية، ويسهم العمل الصيفي في تشكيل مستقبل مشرق للطلاب.

لذا وجهوا دعوة لجميع الجهات الخاصة والمؤسسات للمشاركة في هذه العملية التعليمية من خلال توفير فرص عمل صيفية ملائمة ومجزية للطلاب. وتفصيلاً، أجاز قانون تنظيم علاقات العمل في دولة الإمارات تدريب وتشغيل الطلبة لمن بلغ سن 15 عاماً ولم يتجاوز 18 سنة من الجنسين لمدة 3 أشهر وفقاً لضوابط وشروط محددة تتضمن بيئة تدريب وعمل مناسبتين.

حيث يمكن لأي منشأة مرخصة في الدولة تدريب الطلبة من عمر 15 فما فوق، بشرط وجود عقد رسمي مكتوب، ويتضمن عدداً من البنود المهمة المتعلقة بمجالات التدريب ومدته ومواعيد العمل اليومية والراحات الأسبوعية والإجازات الأخرى، وقيمة المكافأة، إلى جانب أي مزايا يتم الاتفاق عليها.

موافقة خطية

وأتاح القانون للطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة العمل بموجب تصاريح عمل رسمية تصدرها الوزارة، بشرط استيفاء صاحب العمل الذي يرغب بتشغيل الطلبة لديه عدد من الشروط يأتي في مقدمتها وجود موافقة خطية من ولي أمر الحدث، أو من له الولاية أو الوصاية عليه، وشهادة باللياقة الصحية للعمل المطلوب صادرة من السلطات الطبية المعنية، وشهادة عدم ممانعة من الجهة التعليمية التابع لها الطالب في حالة التدريب، إلى جانب وجود نموذج معتمد للعمل صادر من وزارة الموارد البشرية والتوطين متضمناً توقيع صاحب العمل والطالب.

كما حدد قانون تنظيم علاقات العمل والقرارات الوزارية المنظمة له عدداً من الاشتراطات التي يجب توافرها لتشغيل الطبلة منها امتلاك المنشأة رخصة سارية المفعول خالية من المخالفات التي قد تتسبب وقف نشاطها طبقاً للأنظمة القانون، وأن لا يكون العمل الذي سيؤديه الطالب من الأعمال الخطرة والمحظورة.

وأن تكون المهنة التي سيعمل فيها الطالب الحدث لدى صاحب العمل تتفق مع نشاط المنشأة، ويجب أن يكون طلب استصدار التصريح مقدماً من المخول قانوناً بالتوقيع عن المنشأة، إلى جانب التأكد من عدم وجود تصريح عمل آخر فعال للطالب.

وأفاد التربويون أن العمل الصيفي يحمل في طياته فوائد جمة للطلاب، بدءاً من تطوير المهارات الشخصية والمهنية، مروراً بتحقيق الاستقلالية وتحمل المسؤولية، وصولاً إلى تطبيق المعرفة النظرية في بيئة عمل حقيقية، مما يعزز من كفاءة التعليم ويؤهل الطلاب بشكل أفضل لمستقبلهم المهني.

وأكد الخبير التربوي الدكتور ماهر حطاب على أن العمل الصيفي يعد فرصة ذهبية للطلاب لتطوير مهاراتهم الشخصية والمهنية، فالانخراط في أنشطة عملية خلال فصل الصيف يمنح الطلاب إمكانية اكتساب خبرات جديدة تسهم في تنمية قدراتهم.

وأضاف أن العمل في بيئة حقيقية يتيح للطلاب فرصة التعامل مع تحديات واقعية، من خلال الاحتكاك المباشر مع سوق العمل الذي يساعدهم على فهم متطلبات الوظائف المختلفة، مما يمكنهم من تطوير مهاراتهم بما يتناسب مع احتياجات السوق.

مؤكداً أن التجربة الصيفية تعزز مهارات الطلاب في التواصل، وإدارة الوقت، والعمل الجماعي، إذ يتعلم الطلاب كيفية التنسيق مع زملائهم والتعاون لإنجاز المهام المشتركة، مما يسهم في إعدادهم لحياة مهنية ناجحة في المستقبل.

أفق مهنية

ورأت الخبيرة التربوية نورا سيف المهيري، أن العمل الصيفي يفتح آفاقاً جديدة أمام الطلاب ويتيح لهم استكشاف مختلف الخيارات المهنية أو حتى اختيار التخصصات الجامعية، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مساراتهم المهنية المستقبلية.

وأوضحت أن خلال فترة الصيف يستطيع الطالب التفرغ للعمل، إذ يواجه الطلاب تحديات خلال فترة الدراسة في تحقيق التوازن بين العمل والدراسة. ودعت المهيري الشركات والمؤسسات إلى أن تسهم في تأهيل الجيل القادم من خلال توفير فرص عمل صيفية تلبي احتياجات الطلاب وتمنحهم خبرات قيمة.

ورأت أن توفير برامج تدريبية مخصصة للطلاب يضمن استفادتهم القصوى من العمل الصيفي، وهذه البرامج يجب أن تكون مصممة لتطوير مهارات الطلاب بشكل يتماشى مع احتياجات سوق العمل، مشيرة إلى أن توفير حوافز مالية رمزية للطلاب يشجعهم على العمل. من جهتها، أشارت التربوية فاطمة الظاهري إلى أن العمل الصيفي يساعد الطلاب على تحقيق استقلالية أكبر.

فخوضهم هذه التجربة يمنحهم فرصة للاعتماد على أنفسهم في بيئة عملية، بعيداً عن الإشراف المستمر من المعلمين وأولياء الأمور. وأضافت الظاهري أن العمل الصيفي يمكن الطلاب من تعلم كيفية اتخاذ قرارات مستقلة، فالمواقف التي يواجهونها في مكان العمل تتطلب منهم اتخاذ خيارات سريعة ومناسبة، مما يسهم في بناء ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على التعامل مع التحديات بمفردهم.

وأكدت أن هذه التجربة تعزز من شعور الطلاب بالمسؤولية تجاه حياتهم ومستقبلهم، فبممارسة العمل في فترة الصيف، يدرك الطلاب أهمية الالتزام والانضباط، مما ينعكس إيجاباً على أدائهم الأكاديمي وسلوكهم العام، ويساعدهم على الاستعداد لحياة مهنية ناجحة ومستقرة. في السياق ذاته، اعتبر التربوي أيمن النقيب أن العمل الصيفي يمثل فرصة للطلاب لتطبيق ما تعلموه في المدرسة في بيئة عمل حقيقية.

لافتاً إلى أن الانخراط في وظائف صيفية يمنحهم القدرة على مشاهدة كيفية ترجمة المعرفة النظرية إلى ممارسات عملية في مجال العمل. وأوضح النقيب أن الربط بين الجانب النظري والعملي يعزز فهم الطلاب للمفاهيم الدراسية، إذ تمكنهم التجربة العملية من استيعاب المادة العلمية بشكل أعمق من خلال مشاهدتهم كيفية تطبيقها في الحياة اليومية.

وبموجب القانون فإنه يحظر على منشآت القطاع الخاص تشغيل وتدريب الطلبة خلال الإجازات، في 31 نوعاً من الأعمال والمهن الخطرة، بينها العمل في إذابة الزجاج وإنضاجه واللحام بالأكسجين والأسيتيلين وبالكهرباء.