اعتمدته «التربية».. والمدارس الخاصة تعمّمه على هيئاتها التدريسية

التزام المعلمين بالميثاق المهني والأخلاقي صون للقيم المجتمعية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عممت مدارس خاصة على هيئاتها التدريسية، بنود الميثاق المهني والأخلاقي الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم، مؤخراً، واستهدفت به كافة المدارس الحكومية والخاصة المطبقة للمنهاج الوزاري على مستوى الدولة، مطالبة بموجب ما ورد فيه من معايير أخلاقية بالالتزام بهذا الميثاق.

وشددت المدارس على أهمية الالتزام ببنود الميثاق، وتجنب التصرفات غير التربوية، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد تداول فيديوهات صنفت بأنها، غير لائقة، لهيئات تدريسية على موقع «تيك توك»، لافتة إلى أهمية الامتثال للقيم والعادات الرصينة لدولة الإمارات، محذرة في الوقت ذاته من ترويج المعلمين لحساباتهم الشخصية بين الطلبة، مؤكدة على أهمية ظهور المعلم بالمظهر اللائق أخلاقياً واجتماعياً وتربوياً، داخل المدرسة وخارجها، انطلاقاً من المحافظة على مهنة التعليم السامية، والالتزام بالميثاق المهني والأخلاقي للمعلمين.

كما طالب أولياء أمور بضرورة تعريف الهيئات التدريسية والإدارية الأجنبية التي يتم تعيينها بالضوابط والقيم الأخلاقية في المجتمع، لتفادي أي سلوكيات سلبية قد تصدر، بقصد أو دون قصد، لافتين إلى أن مطالبة بعض المعلمين الطلبة بمتابعة صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أمر غير مقبول، وأن الهوس بزيادة عدد المتابعين، يجب ألا يكون على حساب مصلحة الطالب، الذي يمر بمرحلة سنية خطرة، ويحتاج إلى نموذج تربوي يقتدي به.

تعزيز القيم

وزارة التربية والتعليم، بدورها، أكدت في تصريح خاص لـ «البيان»، أن الميثاق المهني والأخلاقي الذي اعتمدته مع مطلع الجاري، يطبق على كافة العاملين في قطاع التعليم العام، الحكومي والخاص، حيث تم تعميمه من قبل الوزارة، وكافة الجهات التعليمية في الدولة، على العاملين في هذا القطاع، ويحدد المعايير والأخلاقيات والسلوكيات للعاملين ومسؤولياتهم في المؤسسات التعليمية، كما يتم تضمين هذا الميثاق من ضمن شروط الترخيص المهني للعاملين في القطاع، حيث يجب على المستهدفين منه الالتزام بما ورد فيه، والإقرار عليه للحصول على الرخصة المهنية، واستمرار العمل في الميدان التربوي، إذ جاء الميثاق ليعزز الهوية والثقافة والقيم الإماراتية، وذلك إدراكاً من الجهات التعليمية المعنية أن تربية وبناء الأجيال، أولوية ومسؤولية لا تهاون فيها، بجانب أهمية دور العاملين في قطاع التعليم في تأصيل ذلك.

ولفتت الوزارة إلى أن وثيقة الميثاق المهني والأخلاقي تضم عشرة مبادئ وسلوكيات وأخلاقيات للعاملين في المؤسسات التعليمية في الدولة، تتمثل في أهمية غرس القيم الإيجابية في نفوس الطلبة، وصونهم من الأفكار الدخيلة، والتوجهات غير السوية على الدين والعادات والتقاليد الوطنية، وتعزيز مبادئ التسامح وتقبل الآخرين.

ويؤكد الميثاق ضمن مسؤوليات العاملين على الاهتمام بمعرفة واحترام الثقافة الإماراتية والقيم الإسلامية في المؤسسات التعليمية، واحترام التنوع الثقافي لجميع العاملين في المؤسسات التعليمية، من تراث ولغة وهوية وجنسية وديانة، وتجنب أي عمل أو قول يسيء أو يضر بسمعة المؤسسة التعليمية والعاملين فيها.

عقد شرف

حذرت علياء حمد الشامسي الخبيرة التربوية في هيئة الشارقة للتعليم الخاص، من تبعات إخفاق الموظف في الالتزام بميثاق السلوك الأخلاقي، ومن حدوث تجاوزات تشوه الإطار الأخلاقي لمهنة المعلم، الطبيب، المهندس، وغيرها من المهن، كتصوير سلوكيات سلبية، مثل التدخين، أو انتقاد إجراء ما في مؤسسة، أو الرقص في أماكن عامة، أو ارتداء ملابس غير محتشمة، وغيرها من التصرفات غير المسؤولة، التي تؤثر بشكل سلبي في المتلقين، لأنها تفقدهم الثقة بالشخص، مشيرةً إلى أن الفئات الضعيفة، وهنا مكمن الخطر، ستقلد تقليداً أعمى، ما يؤدي إلى اعتياد الخطأ وتبريره، وبالتالي، المساس بقيم المجتمع ومنظومته الأخلاقية.

ولفتت الشامسي إلى أن ميثاق السلوك يوجه الموظفين نحو الالتزام، لكونه يمثل عقد شرف يربط الموظف بمهنته، ويبني ثقافة مؤسسية تستند على المعايير الأخلاقية، وتعزز الوعي عند الموظفين، وتجعل بيئة العمل إيجابية، ما ينعكس إيجاباً على المتعاملين، مشيرةً إلى وجود فروق في المعايير الأخلاقية من مهنة إلى أخرى، لكنها تلتقي على مبادئ أساسية، مثل التقدير والثقة والمساواة واحترام قوانين الوظيفة.

مبادئ وحقوق

أفاد الدكتور ماهر حطاب مدير مدرسة الأهلية الخيرية - فرع عجمان، بأن دولة الإمارات تعتمد مبادئ حقوق الإنسان، وتضع من القوانين والأنظمة ما يكفل ذلك، فمؤسسات الدولة تعتبر مثالاً على هذا التوجه، إذ يسود فيها احترام حقوق كافة الأفراد، من موظفين ومراجعين وأصحاب المصالح المختلفة، وتفرض المؤسسات التعليمية وثيقة القيم المهنية والأخلاقية، وتطالب العاملين في المؤسسات باحترامها والالتزام بها، وتتضمن هذه الوثيقة، احترام الآخرين، وعدم الاعتداء على حقوقهم، أو استغلال مقدراتهم، كما تعزز الوثيقة الحرية الشخصية، وتمنع التسلط على الآخرين، واستغلال المناصب لتحقيق مآرب شخصية ومصالح ذاتية، وفي نطاق التعليم، تفرض المدارس على المعلمين التوقيع على هذه الوثيقة، وتدعوهم للالتزام ببنودها، وذلك حفاظاً على حقوق الطلبة، وحمايتهم.

محور أساس

يؤكد محمد مطاوع المدير التنفيذي للشركة القابضة للتعليم، أنه تم حث كافة المعلمين على الالتزام بالميثاق الأخلاقي، والتحلي بالصفات الحميدة، سواء داخل المدرسة أو خارجها، لافتاً إلى أن المعلم صاحب رسالة سامية، وهو المحور الأساس في المنظومة التعليمية، وصانع للأجيال، وتقع على عاتقه مسؤولية تنشئة الطلبة التنشئة السليمة.

كما حث المعلمين على الالتزام بالسلوكيات الحميدة، عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، كونهم يمثلون القدوة للطلبة، والراعي للأجيال على مر العصور، وعليه أن يلعب دوراً إيجابياً ومؤثراً في حياة طلابه، من خلال تضحياته وإخلاصه في تقديم رسالته، وللأمانة التي اؤتمن عليها من طلابنا.

مرجع رئيس

من جانبها، اعتبرت هيام أبو شمسية الاستشارية الأسرية والنفسية، الميثاق الأخلاقي المهني المرجع الأساسي والرئيس لكل مهنة في كل قطاع أو جهة عمل، لكونه مجموعة من المبادئ والأخلاقيات والأسس التي تم وضعها ضمن إطار عام ومهم لبناء الثقافة الأخلاقية، والتي تستند لأفضل المعايير في بيئة العمل لأي مهنة كانت، فالميثاق الأخلاقي والمهني، له أهمية كبيرة، ويستند على أربعة جوانب، وهي المسؤولية والاحترام والنزاهة والصدق، وهذه الجوانب من شأنها رفع جودة العمل، وتدعيم ركائزه على أساس متين وقوي.

وأشارت إلى أن قطاع التعليم أحد أكثر القطاعات تأثيراً في المجتمع، وأن على المعلم أن يتحلى بالسلوك الجيد والحسن أمام طلابه، وأن يكون قدوة لهم، ونموذجاً سلوكياً يحتذى به داخل المؤسسة التعليمية وخارجها، وحتى في حياته الخاصة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، يجب ألا يتعدى حدوده، وأن يعمل ضمن الإطار الأخلاقي المحدد، الذي سيكون له أثر طيب في طلابه بشكل خاص، وفي المجتمع بشكل عام، مؤكدة أن الأمانة في أداء الرسالة والصدق والبعد عن الأخطاء، ووضع الأعذار والتنصل من المسؤولية، من شأنها أن ترفع قيمة العمل الذي نقوم فيه.

مساءلة قانونية

بدورها، أكدت المحامية نادية عبدالرزاق، أن الحرية الشخصية لأي شخص، سواء كان موظفاً أو غير موظف، مقيدة بألا تتعارض مع النظام العام والآداب العامة، وفقاً لما نص عليه دستور دولة الإمارات، فإذا شكّل تصرفه مخالفة للقانون، فإنه يخضع للمساءلة القانونية، فالموظف لا يعد مستقلاً عن دائرة عمله، بل يبقى محتفظاً بالرابطة الوظيفية أثناء الدوام الرسمي أو خارجه، منوهة بأن دولة الإمارات سباقة في إلزام الجميع بالتحلي بالأخلاق الحميدة، خاصة الموظفين، وذلك باعتماد وثيقة مبادئ السلوك المهني، وأخلاقيات الوظيفة العامة، وأشارت إلى أنه ينبغي على جميع الموظفين التحلي بأرفع المعايير الأخلاقية، وقواعد السلوك المهني القويم داخل العمل وخارجه، والالتزام التام بأحكام سياسة وإجراءات أخلاقيات العمل، كذلك يجب على الموظف أن يحافظ على المظهر العام، وعلى سمعة ومظهر الجهة التي يعمل بها.

قدوة حسنة

من جانبهم، أكد عدد من أولياء الأمور، على ضرورة الالتزام بالأعراف والتقاليد المتبعة في المجتمع، وطالبوا في الوقت ذاته بأن يكون المعلم قدوة حسنة لطلابه، وبعدم إقحام الحياة الشخصية في العملية التربوية، كمتابعة الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، وأكدت جمانة محمود، وهي ولية أمر طالبين في مدرسة تتبع المنهاج البريطاني «ضرورة تعريف الهيئات التدريسية والإدارية الأجنبية التي يتم تعيينها، بالضوابط والقيم الأخلاقية في المجتمع، لتفادي أي سلوكيات سلبية قد تصدر، بقصد أو دون قصد، مشيرة إلى أن بعض المدارس تقوم بذلك فعلاً، ما يجنبها أي إشكاليات قد تضر بالطلبة، لا سيما في المرحلتين الثانية والثالثة».

من جهتها، قالت يارا محمد، ولية أمر طالب في الصف العاشر - منهاج خاص، إنها «لاحظت عدم تقيد المعلمين في فصل ابنها بالتعليمات الخاصة بالميثاق المهني، حيث فوجئت بمتابعة ابنها لحساب أحد المعلمين على موقع تواصل اجتماعي، لافتة إلى احتوائه لمضامين غير مناسبة لعاداتنا، وأكدت أنها قامت بحذف حسابه، وإبلاغ المدرسة عن الواقعة، لافتة إلى أن المعلم تصرف بشكل عفوي، لكن ما يقدمه يتناسب مع ثقافتهم، وليس ثقافتنا». بدوره، أفاد أيمن علي، ولي أمر طالبين، بأن «ابنته عادت إلى البيت ومعها عنوان لحساب معلمة طلبت من الطالبات في الفصل، إجراء متابعة لها على حسابها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي».

وأضاف: «هذا أمر غير مقبول، ولا يجوز السكوت عنه، والهوس بزيادة عدد المتابعين، يجب ألا يكون على حساب مصلحة الطالب، الذي يمر بمرحلة سنية خطرة، ويحتاج إلى نموذج تربوي يقتدي به».

Email