الإرشاد الأكاديمي ينير طريق الطلبة لاختيار التخصص والوظيفة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في مثل هذا الوقت من كل عام، وتزامناً مع ظهور نتائج الثانوية العامة يشكل التخصص الأكاديمي، الذي سيلتحق به خريجو الثانوية صداعاً للطلبة وذويهم.. ما الذي يتناسب مع ميولهم وقدراتهم؟ والأهم من ذلك ما هو التخصص الصحيح، الذي سيحقق متطلبات المرحلة المقبلة، وهل سيحقق الأحلام التي رسموها؟ وهنا يبرز دور الإرشاد الأكاديمي، كونه يرسم خريطة الطريق للطلبة، لاختيار الجامعة التي تناسب ميولهم وقدراتهم، فضلاً عن أنه سبيل الطالب لاختيار التخصصات الجامعية، التي تحاكي متطلبات سوق العمل في المستقبل.

وأكد أكاديميون ومختصون أن دور المرشد الأكاديمي في المدارس لم يعد مساعدة الطلبة على اختيار تخصصاتهم الجامعية فقط، بل له دور فاعل في زيادة تحصيلهم العلمي، وتحسين مستواهم الأكاديمي، من خلال توجيههم للمهارات المطلوبة في التخصصات، التي يرغبون فيها، والعمل مع المعلمين على تنمية هذه المهارات، ما يساعد الطلبة على اتخاذ خيارات تعليمية ومهنية مدروسة وواعية، الأمر الذي من شأنه أن يعود بالفائدة الكبرى ليس على الطلاب وأسرهم فحسب، بل على المجتمع ككل، مشيرين إلى أن برامج الإرشاد الأكاديمي تحتاج إلى الوقوف على ما يحتاجه سوق العمل والمستجدات، التي تطرأ على الساحة، كما لا بد من وضع معايير لاعتماد المرشد الأكاديمي وتدريبهم لمزاولة المهنة، مؤكدين أهمية اكتشاف ميول كل طالب وتعزيزها، للمساعدة في تنمية قدراته، بالإضافة لدور الأسرة في فتح قنوات تواصل مع أبنائها والمدارس، وعدم دفع أبنائهم لتخصصات بعيدة عن ميولهم وقدراتهم.

وظائف المستقبل

وحول الفرق بين الإرشاد الأكاديمي والمهني أوضح الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي أن أحدهما يؤدي إلى الآخر، مشيراً إلى أن الإرشاد المهني يجب أن يوعي الطالب بإمكانية توفر تخصص معين، بعد انتهاء مدة الدراسة في الجامعة من عدمه، بمعنى أن بعض التخصصات قد تندثر خلال خمس أو عشر سنوات مقبلة، وبالتالي فقد يضيع الطالب سنوات في دراسة تخصص، سينتهي خلال 5 سنوات أو أكثر.

وأردف: إن الإرشاد الأكاديمي والمهني يجب أن يبدأ منذ الصف العاشر في المرحلة الثانوية، لتعريف الطالب بوظائف المستقبل، وما هي الوظائف التي ستندثر، والتي ستستمر أو التي ستستحدث، لا سيما في ظل التطور التكنولوجي، مشيراً إلى أن أولى الوظائف التي من المتوقع أن تختفي بحلول 2030 هي الوظائف الروتينية والسكرتارية ومهنة السائق والصفوف الأولى لخدمة العملاء.

شراكات

ومن جهته أكد محمد عبدالله المدير العام لمدينة دبي الأكاديمية العالمية ومجمع دبي للمعرفة أن المدينة والمجمع ماضيان في جهودهما لدعم الطلبة والمؤسسات والجامعات، من خلال الشراكات الاستراتيجية، التي تتيح آفاقاً أوسع للتوظيف وخصوصاً وهم على مشارف الانتقال إلى سوق العمل، وبدء مرحلة جديدة في حياتهم.

وقال: نسهم في توفير الإرشاد والتوجيه المجتمعي بالتوازي مع التوجيه الأكاديمي والوظيفي، لما له من أهمية في تعزيز شخصية الطالب، ومنحه المزيد من الثقة عند اتخاذ القرارات، كما ندعم الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في عملية تصميم برامج التوجيه وإطلاق البرامج الأكاديمية، ونرى الآن ثمار هذه الجهود بشكل مستمر، حيث يعمل الكثير من خريجي جامعاتنا في كبرى الشركات الإقليمية والعالمية، فيما العديد منهم بات يتمتع بمناصب مرموقة.

ثورة تكنولوجية

بدوره أوضح البروفيسور عمار كاكا عميد ورئيس جامعة هيريوت وات في دبي أن سوق العمل تغير بشكل جذري، بسبب الثورة التكنولوجية الحالية، وبالتالي تغيرت متطلبات سوق العمل من حيث الوظائف والمهارات المطلوبة من الموظفين الحاليين والخريجين، ومن هنا تأتي أهمية الإرشاد الأكاديمي والوظيفي على كافة المستويات لا سيما في مؤسسات التعليم العالي، حيث إنهم على دراية كاملة بالمتغيرات الطارئة على سوق العمل والوظائف والمهارات المطلوبة في شتى الصناعات.

وأضاف: إن الإرشاد الأكاديمي يرسم خريطة الطريق للطلبة، لذلك تقع على عاتق الجامعات، ومؤسسات التعليم العالي مسؤولية توجيه طلبة المدارس، ومساعدتهم على اختيار التخصص، وفقاً لإمكاناتهم واهتماماتهم العلمية وقدراتهم الفردية وميولهم بالإضافة إلى احتياجات سوق العمل، عبر طرح البرامج التأسيسية والشراكات المستمرة بين المدارس والجامعات لحضور فعاليات ومناقشات لشرح التخصصات والمهارات التقنية والمعرفية والشخصية المطلوبة لكل تخصص بالتفصيل.

وأوضح البروفيسور كاكا أن الكثير من الدراسات أشارت إلى أن هناك صلة مباشرة بين التوجيه الصحيح للطلبة في اختيار تخصصاتهم المناسبة وبين سد فجوة المهارات، التي نشهدها الآن، وبالتالي الاستفادة الفعالة والقصوى للموارد البشرية والكفاءات المتاحة وتفادى سوء التوظيف وإهدار الموارد.

دعم

من ناحيته أشار راجيندر شارما، أستاذ مشارك ورئيس برنامج الالتحاق في جامعة هيريوت وات في دبي إلى أن هناك العديد من الحلول، التي يمكن تطبيقها لتقديم الدعم والإرشاد اللازم للطلبة وتوجيههم للتخصص المناسب لقدرتهم ومهاراتهم، لا سيما في ظل التغييرات المستمرة في سوق العمل، وزيادة الطلب على المهارات الشخصية والتقنية، حيث صممت جامعة هيرويت وات برامج تأسيسية مثل برامج الالتحاق (DEP) لمساعدة الطلبة في هذه المرحلة الانتقالية، وتزويدهم بالمهارات الناعمة ومهارات الاستعداد للعمل للتميز في سوق العمل، حيث تم تصميم البرامج لتزويد الطلبة بمسار للحصول على درجة جامعية، من خلال صقل مهاراتهم في الكتابة والبحث العلمي، وتقنيات التقييم والامتحان، ومهارات تكنولوجيا المعلومات وغيرها.

وأضاف: عند اجتياز الطلبة لهذه البرامج سيتمكنون من الانضمام إلى التخصصات المختلفة مثل الهندسة وعلوم البيانات والروبوتات والأنظمة المستقلة والتفاعلية وغيرها، حيث يمكن لهذه البرامج التأسيسية بناء ثقة الطلبة ومهارات الاستعداد للعمل بها، وذلك من خلال تنمية مهاراتهم الشخصية وتوفير الخبرة العملية.

مهندس لمدة يوم

ومن جهته قال البروفيسور تادج أودونوفان، نائب الرئيس ورئيس كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية، بجامعة هيريوت وات في دبي: إن الجامعة تقدم برنامج «مهندس لمدة يوم»، الذي يستهدف طلاب المرحلة الثانوية، لتعريفهم بالمجالات الهندسية المختلفة والمعرفة، التي يمكن أن يكتسبوها من خلال دراستهم، حيث يهدف هذا البرنامج إلى تقديم تجربة فريدة لطلبة المدارس، من خلال خوضهم تجربة عيش حياة المهندس والتحديات والصعوبات، التي يواجهها وتقديم الإرشاد والأدوات اللازمة للتغلب عليها، كما تسهم تلك التجربة في تقديم مساحة للطلبة لعرض أفكارهم المبتكرة، بما يسهم في تعزيز مهاراتهم التقنية والشخصية مثل التواصل، والتنظيم والتخطيط، والعمل ضمن الفريق، والتفكير النقدي، وإدارة الأزمات، حيث تلعب تلك المهارات الناعمة دوراً كبيراً في تحديد نجاحهم في المستقبل.

وأكد أن هذه المبادرات والبرامج المماثلة، بمثابة حلول لتقديم الدعم والتوجيه اللازم للطلبة، وتوفر لهم السبل لمساعدتهم في اختيار التخصص المناسب عبر توفير تجربة عملية، وبالتالي فهي خطوة على طريق اختيار التخصص الصحيح.

فرص جديدة

وأكدت الدكتورة وفاء عيوش مديرة إحدى المدارس الخاصة أنه لطالما كان للمرشد الأكاديمي دور أساسي في توجيه الطلبة لاختيار التخصصات المناسبة، وفي ظل التغيرات الحاصلة والمتسارعة، والتي خلقت فرصاً جديدة في سوق العمل، خلقت معها مزيداً من الحيرة يواجهها الطلبة في اختيار تخصصاتهم، ومن هنا زادت أهمية الإرشاد الأكاديمي في المدارس لتوجيه الطلبة وتقديم الخدمات الإرشادية لهم، لمساعدتهم على اختيار تخصصاتهم بعناية، بما يتوافق مع قدراتهم وميولهم من ناحية ومتطلبات سوق العمل من ناحية أخرى.

حملات توعية

وأكد عدد من أولياء الأمور أن الإرشاد الأكاديمي عبارة عن عملية متكاملة ومستدامة، فالمرشد الأكاديمي يلعب دوراً كبيراً مهماً في تأهيل الطلبة، وتنمية مهاراتهم لاختيار التخصص الجامعي، ومساعدتهم على الخطط المستقبلية في سوق العمل.

وفي هذا الإطار قال سالم الرفاعي: إن الإرشاد الأكاديمي يسهم في فتح مدارك الطلبة نحو التوجهات المستقبلية والجديدة لسوق العمل، وخدمة خطط الدولة الطموحة نحو الانتقال لعصر الاقتصاد المعرفي.

وأضاف الرفاعي: إن الإرشاد الأكاديمي بحاجة إلى تكثيف حملات التوعية لتحقيق أعلى مستويات التوجيه والإرشاد للطلبة وأولياء أمورهم، فيما أوضح قمبر محمد أن هناك للأسف من لا يزال يتساءل عن دور الإرشاد الأكاديمي، بل ومن هو المرشد الأكاديمي؟

مضيفاً: «يجب تنبيه الطلاب وحتى أولياء أمورهم، من خلال تنظيم ملتقيات في نهاية العام الدراسي لمرحلة الثانوية العامة إلى ضرورة التعريف بأهمية الإرشاد الأكاديمي، الذي يتمثل في دعم الطلاب وتوجيههم، والأخذ بأيديهم لتكوين مفهوم إيجابي عن ذاتهم، والتعرف إلى قدراتهم وحاجاتهم، واكتشاف ميولهم ورغباتهم، حتى يستطيعوا تكوين رؤية مستقبلية للتخصص، الذي سيختارونه».

وأشار حسن البلوشي إلى أن الهيئات الإدارية والتدريسية في المدارس يجب أن تأخذ على عاتقها مهمة توفير وشرح برامج الإرشاد الأكاديمي في المدارس.

ضرورة تفعيل المرشد الإلكتروني

أكد عدد من الطلبة ضرورة تفعيل المرشد الإلكتروني في المدارس والجامعات، للوقوف على التخصصات المناسبة لسوق العمل والملائمة لمهاراتهم وقدراتهم، وكحل أيضاً لمشكلتي عدم ملاءمة أوقات المرشد الأكاديمي مع أوقات الطلبة، والخجل من اللقاء المباشر ومناقشة المشكلات معه.

وشددوا على ضرورة طرح وتخصيص برامج تدريبية وورش عمل موجهة لطلبة المدارس وأولياء أمورهم حول آلية وأهداف الإرشاد الأكاديمي، مع التركيز على طرق وأساليب التواصل بين المرشد والطلاب.

وقال الطالب سهيل عمر المقبالي: إن عملية الإرشاد الأكاديمي تساعده كخريج من مرحلة الثانوية العامة على اكتشاف قدراته وإمكاناته الدراسية واستعداداته بل وميوله المهنية، مضيفاً: يسهم الإرشاد الأكاديمي في التغلب على أية صعوبات قد تعترض مسار الدراسة الجامعية، فيما أوضح الطالب خالد عمر محمد أن الإرشاد الأكاديمي يسهم في التخطيط للمسار التعليمي ومستقبله الوظيفي، بما يحقق توافقه الدراسي والشخصي والاجتماعي.

وأكد أن الإرشاد الأكاديمي يساعد الطلبة في رسم الخطط المستقبلية، التي تتلاءم مع قدراتهم وتوجيههم بالإرشادات، التي تؤدي إلى استمرارهم في التفوق، ومعاونتهم على تجاوز التحديات وتحقيق النجاح المنشود.

تدريب

قالت الدكتورة وفاء عيوش: إن الإرشاد الأكاديمي بكل تفاصيله وجوانبه يساعد الطلبة على بناء شخصياتهم، من خلال تدريبهم على اكتساب مهارة الضبط الذاتي، بمعنى آخر يحرص المرشد الأكاديمي على زيادة وعي الطلبة بقدراتهم وإمكاناتهم وطرق تعزيزها وكيفية تنمية مداركهم وإثراء معلوماتهم للوصول إلى الأهداف المنشودة، وكيفية اتخاذ القرار المبني على الواقع، وعلى احتياجات سوق العمل وعلى ما يمتلكونه من مهارات يدركون مسبقاً إمكانية تعزيزها وتنميتها، وما يمتلكون من ميول ورغبات نحو تخصصات قد تكون جديدة أو غير مألوفة، مبينة أن دور الأهل هنا إما أن يأتي داعماً لدور المرشد الأكاديمي وإما أن يكون عامل ضغط على الطالب بالمعنى السلبي، مع محاولات فرض رغباتهم مندفعين بنسيج العادات والتقاليد نحو تخصصات لطالما وجهوا أبناءهم نحوها دون الأخذ بعين الاعتبار قدراتهم وميولهم ومتطلبات العصر.

 

Email