في تقرير معرفي أصدرته القمة العالمية للحكومات بالشراكة مع «كي بي أم جي»

تغيير جذري لمؤسسات التعليم يواكب متطلبات العصر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف تقرير معرفي صادر عن القمة العالمية للحكومات، أن تجربة التعليم التقليدية، سواء على صعيد نماذج عمل الجامعات أو برامج التعليم أو الشهادات، أصبحت غير قادرة على مواكبة التغييرات التي شهدها العالم، وأكد أهمية بناء نظم تعليم أكثر مرونة ورشاقة، تتجاوز مفاهيم القرن الماضي. وأوصى بأن تتبنى الحكومات وقادة التعليم العالي نظرة بعيدة المدى، تحقق فيها أنظمة التعليم توازناً بين المتطلبات التكنولوجية والمهنية الحالية والمهارات الدائمة مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والابتكار والذكاء العاطفي والقدرة على التكيف والقيادة.

ولفت التقرير الذي أَعدته القمة بالشراكة مع «كي بي أم جي»، تحت عنوان: «مستقبل التعليم العالي في اقتصاد المعرفة»، إلى أن البيئة العالمية المحيطة بالعمل والتعليم تبدّلت بسرعة في العقود الأخيرة، ما أدى إلى بروز أنماط عمل مستحدثة ومتطلبات جديدة في نظام التعليم، فيما تسارعت التغيرات في هذه المجالات مدفوعة بآثار جائحة «كوفيد 19».

وقال التقرير إن استيعاب التكنولوجيا الرقمية عبر المشهد التعليمي بأكمله، تم بسرعة في العامين الماضيين مع زيادة مهارات أعضاء هيئة التدريس في مجال التعليم والتقييم عبر الإنترنت، وأشار إلى أن الإقبال على الدورات التدريبية عبر الإنترنت زاد بشكل كبير في العقد الماضي، وذكر أن «صانعي السياسات الحكومية من ذوي التفكير المتقدم في الاقتصادات المتطورة مثل اليابان، يركزون على المدى الطويل على توازن مماثل يقوم على تضمين مهارات الإبداع والاتصال في البيئة التعليمية».

قدرات

وأكد محمد يوسف الشرهان، نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن مؤسسة القمة العالمية للحكومات تحرص على ترسيخ موقعها العالمي مركزاً للمعرفة الحكومية، بما يضمن تعزيز القدرات الحكومية على استشراف المستقبل في مختلف القطاعات الحيوية، وتعزيز جاهزيتها ومرونتها واستعدادها للمتغيرات، وتطوير نموذج متقدم يحدد التوجهات، ما يضمن تمكين الحكومات من مواصلة التنمية المستدامة.

وقال إن تقرير «مستقبل التعليم العالي في اقتصاد المعرفة» الذي أطلقته المؤسسة بالشراكة مع «كي بي إم جي»، يركز على ضرورة بناء القدرات المستقبلية عبر تطوير أنظمة تعليمية مستقبلية، ترتكز على التكنولوجيا وتوظف التطورات الرقمية بما يضمن تعزيز مبدأ التعلم طوال الحياة، وتطوير المهارات بالاعتماد على مصادر المعلومات المختلفة، وبناء أنظمة تعليمية مرنة تواكب تطلعات الجيل التالي.

من جهته، قال مازن حوالة، شريك، رئيس قسم القطاع الحكومي، كي بي أم جي الخليج الأدنى: دعت البيئة العالمية للعمل والتعليم المتغيرة بسرعة إلى الاعتماد على أنظمة تعليم مرنة مستقبلية. يركز هذا البحث الذي تم إطلاقه بالشراكة مع مؤسسة القمة العالمية للحكومات على ثلاثة مواضيع هي العالم الرقمي والواقع، والتكلفة مقابل القيمة ودور الإصلاح الحكومي والتنظيمي، ليؤكد دور المؤسسة الإيجابي في إحداث التغيير في القطاعات الحيوية.

وأضاف أن «العصر الذهبي» للجامعات في العالم المتقدم يتلاشى، حيث يبدو أن ارتفاع التكاليف لم يعد يقابله استعداد الحكومات والطلاب لدفع ثمنها. من ناحية أخرى، توفر المنصات الرقمية بديلاً منخفض التكلفة لأنها أكثر سهولة وتتماشى مع الطلب على التعلم المستمر وإعادة المهارات. لذلك يحتاج قادة التعليم العالي إلى إنشاء إطار عمل للبرامج المختلطة والمتعددة التخصصات التي تلبي متطلبات الاقتصاد الرقمي وأماكن العمل المتغيرة باستمرار.

6 توصيات

وقدّم تقرير «مستقبل التعليم العالي في اقتصاد المعرفة» نظرة شاملة على «العصر الذهبي» للجامعات في العالم المتقدم الذي أكد أنه أصبح من الماضي، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها هذه المؤسسات في مواجهة بدائل تعليمية فعالة وأقل تكلفة، ولفت إلى احتمال أن توفر المنصات الرقمية بديلاً منخفض التكلفة للتعليم داخل الحرم الجامعي، من خلال قنوات تعليمية يسهل الوصول إليها، وتتماشى مع الطلب في مكان العمل، وتقوم على مبدأ التعلم المستمر وإعادة بناء المهارات لمعالجة الاتجاهات الحديثة، خصوصاً التكنولوجيا الرقمية.

وشدد التقرير على أن قادة التعليم العالي وصانعي السياسات يحتاجون إلى ابتكار إطار عمل للبرامج المختلطة متعددة التخصصات من أجل تلبية متطلبات الاقتصاد الرقمي وأماكن العمل المتغيرة باستمرار، مع التركيز على المواضيع الرئيسية الثلاثة: التعليم بين الأسطورة الرقمية والواقع، والتكلفة مقابل القيمة، ودور الإصلاح الحكومي والتنظيمي.

وأوصى بالاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية ومراكز البيانات جيدة التنظيم، وتحقيق التوازن في نماذج التمويل بين طلب السوق والاستثمار في مجموعة أوسع من المهارات الشخصية، وتكوين شراكات بين الحكومات ومؤسسات التعليم العالي والصناعة لتطوير الدورات والمناهج، والعمل باستمرار مع الجامعات المحلية الرائدة والدول والمؤسسات الدولية، للاستثمار في البحث والعلوم، والتمييز والتخصص في المجالات المستهدفة بناءً على الأولويات الوطنية، وبناء قدرات المواهب على المستوى الوطني واستقطاب المواهب العالمية لتعزيز تنافسية الدولة في المجالات العلمية والتخصصات المستقبلية.

نمو متواصل

وكشف التقرير أن التعليم عبر الإنترنت سيواصل النمو، إذ سيؤدي الانكماش الاقتصادي العالمي واستمرار المخاوف الصحية إلى زيادة التسجيل المتزايد في برامج التعليم عبر الإنترنت، وأشار إلى أن النماذج التعليمية البديلة ستتكاثر، فالشهادات الجزئية، والتعليم القائم على الكفاءة، كانت موجودة منذ سنوات وستواصل النمو.

ورأى التقرير أن العديد من المؤسسات التعليمية ستكافح لإعادة تنظيم أعضاء هيئة التدريس ونماذج التشغيل، وستكافح في بحثها عن المزيد من المتقدمين والمتبرعين، وستعمل المؤسسات بشكل أكبر على استخدام تقنيات التسويق التي تسمح لها وللشركات ببناء ملفات تعريف غنية بالبيانات وتخصيص عمليات التواصل.

وأوضح أن التقنيات المتطورة ستؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل للطلاب، إذ يمكن من خلال استخدام تقنيات التعلم الآلي لجمع البيانات وتحليلها تلقائياً تحقيق ثلاثة أهداف، تشمل الوصول إلى الطلاب المتعثرين بشكل استباقي من خلال الموارد والتعليمات المخصصة، وتوقع أداء كل طالب في الفصول الدراسية المقبلة، واقترح موارد أو بدائل إضافية، وتقديم ملاحظات تستند إلى الذكاء الاصطناعي في الوقت الفعلي حول المهام والموارد المخصصة لمزيد من الدراسة.

برامج المستقبل

وأوضح التقرير أن دور الحكومات كمموّل أساسي للبحوث الهادفة إلى حل التحديات التي تواجه المجتمع، يحتاج إلى تغيير ليحاكي متطلبات المستقبل، من خلال تبني توجيه التمويل للتعلم بطريقة مماثلة، وتعزيز تطوير البرامج والأنظمة التعليمية التي لا يتم تحديدها من خلال تحديات العالم الحقيقي التي يتعين حلها.

وأكد التقرير وجوب أن تعزز الحكومات التعليم الذي يزود المتعلمين بالمهارات الأساسية التي ستكون ضرورية للإنتاجية المهنية والنجاح في عصر الذكاء الاصطناعي مثل مهارات العمل مع الذكاء الاصطناعي (محو الأمية التقنية)، ومهارات استخدام البيانات وفهمها (معرفة البيانات)، والمهارات البشرية الفريدة التي لا يمكن للروبوتات تكرارها، مثل الإبداع، والرشاقة الثقافية، والتعاطف، وريادة الأعمال (محو الأمية البشرية).

وأوصى الحكومات وقادة التعليم العالي بتبني نظرة بعيدة المدى، مشيراً إلى المهارات التي يطلبها أصحاب العمل اليوم قد تكون زائدة عن الحاجة في غضون 10 إلى 20 عاماً، ما يتطلب من أنظمة التعليم المرنة أن تحقق توازناً بين المتطلبات التقنية والمهنية الحالية والمهارات الدائمة مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والابتكار والذكاء العاطفي والقدرة على التكيف والقيادة.

 

تقارير

تسعى القمة من خلال التقارير المعرفية إلى تعزيز الحوار الدولي حول أبرز التوجهات العالمية في القطاعات الحيوية التي تسهم في تعزيز الخطط خلال العقد المقبل، ووضع سياسات واستراتيجيات وخطط مستقبلية تعزز جاهزية الحكومات ومرونتها للمرحلة التالية من التطور.

وركزت القمة العالمية للحكومات منذ إطلاقها عام 2013، على تشكيل واستشراف حكومات المستقبل وبناء مستقبلٍ أفضل للبشرية، وساهمت في تأسيس منظومة جديدة للشراكات الدولية القائمة على إلهام واستشراف حكومات المستقبل.

Email