تزامناً مع الأسبوع الوطني لمكافحة التنمر

تربويون: التوجيه والرقابة يحصنان المدارس من «التنمر»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد تربويون أن المدارس تمثل بؤراً «حاضنة للتنمر» إذا غابت الرقابة والتوجيه من المشرفين لدى المؤسسات التعليمية، مشددين على ضرورة وجود قوانين تردع المتنمرين وتلاحقهم وتساعد المتنمر عليهم من خلال علاجهم ومتابعتهم عبر التدخل السريع لتفادي الأعراض والنتائج السلبية على المدى القريب والبعيد.

وقالوا تزامناً مع انطلاق الأسبوع الوطني لمكافحة التنمر: إن ارتفاع ما يعرف بالتنمر الإلكتروني يستوجب دراية كاملة وملاحظة مستمرة للطلبة، خلال استخدامهم للأجهزة الإلكترونية يصاحبها توجيه وتوعية بشكل متواصل، لا سيما مع تحول التعليم إلى منظومة التعلم الذكي واعتماد الطلبة بشكل أكبر وفترات زمنية أطول على أجهزتهم، محذرين من تزايد عدد الضحايا الصامتين من الفئة غير القادرة على البوح والتحدث عما يحدث معها وغالبيتهم ممن يتعرضون للعنف الإلكتروني والمتنمر في العادة يكون متخفياً وراء الجهاز.

عدد من الإدارات المدرسية والمتخصصين والطلبة تحدثوا عن الظاهرة وكيفية مجابتها والحد من تفاقمها ميدانياً:

روكسان والمانز، رئيسة قسم دعم شؤون الطلبة في مدرسة ويس غرين الشارقة، تؤكد عدم تهاونهم في تطبيق الإجراءات الصارمة في مواقف التنمر، بحيث يتم التحقيق في المواقف التي ترد ومن ثم حلها مع المعلمين وأولياء الأمور والطلبة، إلى جانب دعم الشخص الذي تعرض للتنمر بشكل أساسي، وأولئك الذين يتنمرون على الآخرين لكونهم بحاجة إلى التوعية بما يترتب على أفعالهم.

دعم وتوجيه

وقالت سماح عوض، مديرة قسم المواد التي تدرس باللغة العربية في أكاديمية جيمس الأمريكية أبوظبي، إنهم يولون أهمية قصوى لمتابعة الطلاب المتنمرين من قبل مختصين لتقديم الدعم لهم ومعرفة أسباب هذا السلوك لتوجيهه وعلاج أسبابه بالتنسيق مع أولياء الأمور، وكشفت عن إطلاقهم العديد من المبادرات والحملات التي تسهم في الحد من ظاهرة التنمر ومنها حملة «كيف أكون لطيفاً مع غيري في التعامل».

وأوضحت أن خطورة ظاهرة التنمر وتداعياتها استوجبت منهم الدقة والصرامة في التعامل معها لجسامة أثرها على الطلاب.

أشكال مختلفة

وقالت إنهم واجهوا أشكالاً مختلفة من التنمر وخصوصاً في فترة التعلم عن بعد ومنها التنمر الإلكتروني، الذي تصدوا له بكل حزم ودقة بالتنسيق مع أولياء الأمور، ومتابعة الطلبة عن كثب من قبل المختصين بعقد جلسات واجتماعات افتراضية لتنفيذ القوانين والسياسات المدرسية، إلى جانب وضع خطة سلوكيات وتوقعات من الطلاب ترتكز على الاحترام في التعامل مع بعضهم البعض بهدف تعزيز السلوك الإيجابي، بالإضافة إلى عقد جلسات نقاشية وحلقات تصالحية مع الطلاب لمساعدتهم لإدراك تأثير سلوكهم على الآخرين.

صندوق افتراضي

وتحدثت أمل جرجور، مديرة خبرات الطلبة في مدرسة جيمس البرشاء الوطنية، عن تقديمهم ورش عمل ودروساً متخصصة من فريق المدرسة حول أهمية أن يكونوا داعمين ومحترمين لبعضهم البعض، بالإضافة إلى ذلك، معالجة حالات التنمر بمجرد ظهور أي علامات تدل على ذلك، من خلال زيادة الوعي لدى الموظفين في تدريبات التطوير المهني بالإضافة إلى وجود قادة مشرفين لكل قسم من أقسام المدرسة الذين يركزون على تطوير علاقات جيدة مع الطلبة بشكل أوسع ولديهم معرفة مضمونة بمجموعات الصداقة وكيفية تفاعل الطلاب مع بعضهم البعض.

وأضافت، نوفر للطلبة فرصة استخدام صندوق افتراضي للكتابة عما يقلقهم عندما لا يشعرون بالارتياح للتحدث إلى الموظفين مباشرة.

وحددت جرجور خطوات التعامل في حال وقوع حادثة تنمر بحيث تكون الأولوية هي ضمان سلامة الطلبة، ثم إجراء تحقيق كامل، والتأكد من إبلاغ الوالدين وتقديم الدعم المناسب لتغيير السلوك بالإضافة إلى جلسات إرشادية.

فيديوهات توعوية

من جانبه أوضح أحمد بدوي محمود مدير مدرسة عجمان الحديثة، أن حزمة من الفعاليات والأنشطة يتم تنفيذها لمواجهة التنمر ونشر الوعي بخطورته وأبعاده، منها حصص توجيه جمعي من قبل الاختصاصيين الاجتماعيين والاختصاصيات من خلال زيارات الفصول الواقعية والافتراضية للتعريف بمعنى التنمر وأنواعه وأسبابه وطرق مواجهته والتعريف بلوائح السلوك في جميع أنحاء المدرسة والصفوف حتى يتعرف الطلاب على كل أنواع المخالفات، مع نشر لائحة سياسة حماية الطفل وتزويد أولياء الأمور بنسخة من لائحة السلوك مع عرض فيديوهات للتعريف بالتنمر وخطورته وطرق مواجهته، وبث ما من شأنه التأكيد على التسامح والاحترام والمحبة والتعاون، مع عرض مشاهد تمثيلية تدعو للقيم الإيجابية ومحاربة التنمر بكل أشكاله وفيديوهات توعوية للطلبة وذويهم عبر القناة الرسمية للمدرسة على التليغرام.

أساليب

وترى المستشارة التربوية والأسرية هيام أبو مشعل، أن التنمر أخذ أنماطاً وأشكالاً جديدة انتشرت خلال جائحة كورونا، حيث بات التنمر بين الطلبة إلكترونياً وهو شكل من أشكال العنف أو إساءة المعاملة أو الإيذاء النفسي أو المضايقة بشكل مباشر أو غير مباشر باستخدام التكنولوجيا وشبكة الإنترنت وأجهزة الاتصال الحديثة.

وقالت إن هذا النوع من التنمر ينطوي على نتائج سلبية جداً تجعل الطلبة المستهدفون يعيشون في قلق وخوف يؤدي في كثير من الأحيان إلى الوحدة والعزلة والاكتئاب وقد يصل أحياناً إلى الاضطرابات النفسية.

محفزات

وحذرت أبو مشعل من التنمر الواقعي والإلكتروني تحديداً على الأطفال لتأثيره على شخصيتهم وثقتهم بنفسهم، مشيرة إلى أن الارتفاع الملحوظ في حجم الظاهرة مرده وجود المحفزات لهذه الظاهرة الغريبة، التي يمكن وصفها بأنها ظاهرة عدوانية يمارس فيها مختلف أنواع العنف الجسدي واللفظي والعاطفي وقد تمارس بشكل فردي أو جماعي باستخدام العديد من الأساليب مثل السب والشتم والسخرية والاستفزاز والتهديد والمسميات الجارحة وقد يصل أحياناً للعدوان الجسدي مثل الضرب والإيذاء.

وقالت إنها تعاملت مع الكثير من الحالات التي تعرضت للتنمر وكان الأصعب حالة طفل صغير يبلغ من العمر الثامنة من العمر تعرض للتنمر الإلكتروني مما أثر على شخصيته وعزز لديه الخوف والقلق وفقدان الثقة بالنفس وعدم تقدير الذات والانسحاب الاجتماعي.

أنواع

المستشارة التربوية بدرية عبيد الظنحاني، تطرقت إلى أنواع التنمر وأشكاله التي قد تكون أحياناً وفقاً لما تراه غير مباشر وهو الذي يتضمن الكثير من التهديدات، واتباع أسلوب العزل الاجتماعي من خلال نشر الكثير من الشائعات والاستهزاء بالملبس أو الشكل وغيرها من الأمور، علاوة على التنمر المباشر اللفظي أو الجسدي وجميعها بالمجمل تؤدي إلى نتائج سلبية واضطرابات قلق واكتئاب وعدوانية تجاه النفس والغير والعزلة وغيرها.

ثقافة

قالت الطالبة نوال علي محمد: إن التنمر أحد أخطر أنواع المشاكل الاجتماعية في المجتمع، وخصوصاً التنمر المدرسي، مؤكدة أهمية نشر فيديوهات توعوية وتخصيص الإذاعة المدرسية للحديث عنه وكيفية مواجهته والبحث في أسبابه، وأفادت بأنه ينبغي غرس ثقافة الإبلاغ الفوري لدى الطلبة عند تعرضهم للتنمر، وإذا حدث خارج المدرسي ينبغي إبلاغ الوالدين، وتطرقت نوال لواقعة حدثت معها أثناء تواجدها في الحديقة تلعب مع صديقاتها لمحت طفلاً يتنمر على آخر من أصحاب الهمم جسدياً ولفظياً فبادرت على الفور بالدفاع عن الطفل وواجهت المتنمر وأوقفته عند حده، ولم أسمح له بالتنمر عليه مره أخرى، ونصحت الطفل الذي تنمر بحيث شعر بالخجل واعتذر من صاحب الهمة، ودعت الجميع إلى عدم الوقوف مكتوفي الأيدي ومحاربة التنمر بكل صوره وأشكاله.

وتحدثت الطالبة هاجر النقبي التي تبحث دوماً عن حلول رادعة للتنمر عن تجربة صعبة خاضتها صديقة لها تعرضت للتنمر ما أثر في مستواها الدراسي، مشيرة إلى أن جهود المدرسة لم تنجح في إحداث أي تحسن على نفسيتها، فيما سعت والدتها على تشجيعها للتوجه نحو كتابة القصص وممارسة الرياضية، والمشاركة في محاضرات متخصصة هدفها تعزيز الثقة بالنفس والحمد لله عادت إلى طبيعتها وانخرطت في الحياة المدرسية بشكل صحيح.

توصيات

1 رفع سقف الوعي لدى كل أفراد المجتمع بماهية التنمر وأنواعه وخطورته.

2 طلب الدعم من الجهات المعنية للقضاء على التنمر والمشاركة في مختلف الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية.

3 الانخراط مع أشخاص أسوياء يبثون الإيجابية ويعززون مشاعر الاحترام والتسامح.

4 التحدث إلى استشاري نفسي وأخصائي اجتماعي لدراسة الحالة وإخضاعها لجلسات استشفاء قبل أن تتطور.

5 الإبلاغ الفوري في حال تعرض الطالب للتنمر والرقابة والإشراف المدرسي والأسري المحكم.

القانون بالمرصاد للظاهرة

قال المستشار القانوني محمد زغروت، إن الدولة سنت العديد من القوانين والتشريعات والنظم، ونصت المادة «21» من قانون العقوبات الاتحادي رقم «5» لسنة 2012، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 150 ألف درهم، ولا تتجاوز الـ 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، بطرق منها التقاط صور الغير، أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها، ونشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية، أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات، ولو كانت صحيحة وحقيقية.

عقوبات

وأضاف، أكدت الدولة أيضاً في نص المادة نفسها، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة، وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تتجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكه.

وبذلك، كفلت الدولة خصوصية الأفراد، وواجهت بقوة، كل من يحاول استغلال الأطفال أو إيذائهم أو التنمر بهم إلكترونياً، مشيراً إلى أن الإمارات تشارك، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، باليوم الدولي لمكافحة كل أشكال العنف والتنمر في المدارس، والذي يصادف الـ 5 من نوفمبر من كل عام، فيما يعتبر قانون حقوق الطفل «وديمة» رقم 3 لسنة 2016م، نموذجاً يحتذى به، ومنظومة تشريعية متكاملة حفظت للطفل كل حقوقه.

Email