إعلانات الدروس الخصوصية تغزو مواقع التواصل.. وتحذيرات من الانسياق خلفها

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي في الدولة وزيادة عدد مستخدميها باطراد، طفت على الساحة ظاهرة إعلانات الدروس الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي عقب عودة الطلبة إلى نظام التعليم المباشر، دون رقيب أو حسيب.

إدارات مدرسية وأولياء أمور انتقدوا هذا الانتشار الذي وصفوه بالفوضوي، معربين عن استيائهم من السماح لهذا النوع من الإعلانات التي تغزو المنصات دون رقابة أو منع وكأنها باتت مشروعة، محذرين من الانسياق خلفها لاسيما للأسر التي تبحث عن تعويض الفاقد التعليمي، مطالبين باتخاذ إجراءات صارمة تحد من سطوتها.

«البيان» رصدت عدداً من الإعلانات الترويجية الموجهة إلى الطلبة وذويهم والتي يستخدم أصحابها عبارات تحفيزية تمتد حتى حضور الحصص والتحضير لها وإنجاز الفروض والتكليفات وتقديم دروس مجانية عبر تقنيات الاتصال المرئي كنوع من التحفيز، والملفت في الأمر أن أصحاب الحسابات يعمدون إلى الترويج عن أنفسهم بشكل علني ودون أي خوف، وبعضهم يقيم خارج الدولة.

وفي الوقت الذي ترفض فيه الجهات المسؤولة في الدولة تحويل التعليم إلى وسيلة للربح، وتعمل ساعية على اجتثاث هذه القصة ومحاربتها بشتى السبل الممكنة، بيد أنها تضع الكرة في ملعب الأهالي، وتؤكد أن الحل يكمن في محاربة هذه الدروس ورفضها بشكل كامل نظراً لتأثيرها السلبي على المستوى التعليمي الذي يعد الأهم في منظومة التطور والنماء لأي دولة.

وقالت غدير أبوشمط، نائب الرئيس لشؤون التعليم في مجموعة جيمس للتعليم ومديرة مدرسة جيمس الخليج الدولية: «لاحظنا في الآونة الأخيرة خلال اتباع الطلاب نموذج التعلم عن بُعد، أن بعض أولياء الأمور لجأوا للدروس الخصوصية لحل الواجبات أو حتى المساعدة في الامتحانات».

وأوضحت أن الدروس الخصوصية قد تكون مفيدة في بعض الأحيان حسب احتياجات الطالب أو الظروف التي يمر بها، فهي تدعم الطلبة وتهيئهم للامتحانات في حال كانوا يواجهون بعض التعثر في المواد الدراسية.

وأكدت أنها تشدد دائماً في مدرستها على أهمية عدم اللجوء للدروس الخصوصية إلا عند الضرورة القصوى، خصوصاً في المراحل الابتدائية، ففي حال أدرك الأبناء أن الدروس الخصوصية أمر سهل الحصول عليه، سيفقدون الاهتمام بالحصص وقد يؤدي ذلك إلى نوع من اللامبالاة.

وشددت أبوشمط على ضرورة تعاون أولياء الأمور مع المدرسة للارتقاء بتجربة أبنائهم التعليمية، وبناء شخصية قادرة على تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس، وفي حال احتاج الطلاب إلى مزيد من الدعم يمكنهم متابعة حصص الدعم أو الحصص التي تخصصها المدرسة للمراجعة لتعزيز قدراتهم، خصوصاً قبل موعد الامتحانات، وجميع فريق عملنا مستعدون للمساعدة في أي وقت.

سوق سوداء

ولية الأمر أحلام حسن الظنحاني تشير إلى الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية لضمان استمرارية التعليم المبني على الجودة رغم الجائحة والقيود التي فرضتها، معربة عن رفضها لأي توجه أسري أو ما أسمته انسياقاً وراء الإعلانات المضللة للدروس الخصوصية، حيث باتت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة سوق سوداء لعارضي الخدمات التعليمية، مشيرة إلى وقوفها ضد توجه الطلبة للحصول على أي دعم تعليمي بمقابل مادي من خارج المدرسة، وعلى أولياء الأمور توجيه أبنائهم بطلب الشرح من المعلم مرة أخرى أو الاستفادة من المنصات التعليمية والرقمية التي توفرها وزارة التربية والتعليم والهيئات التعليمية لطلبتها وبشكل مجاني.

وقالت إن البعض لا يمتلكون المؤهلات العلمية التي تخولهم لممارسة التعليم ما يؤثر على الطالب ومستواه التحصيلي، وذكرت أنها تعوّل على وعي الأهالي في مساعدة المدارس في تعويض الفاقد التعليمي.

منصات تعليمية

وتقول مها محمد إدريس: «أنا كولية أمر ضد ظاهرة وضع مدرسين خصوصيين للأبناء وكل ما يحتاجه الأمر هو متابعة الأهالي لأبنائهم دراسياً وحثهم على الاهتمام والتركيز في الحصة وعدم اللعب، لاسيما وأن القيادة الرشيدة في الدولة وفرت وسائل التعليم الحديثة والهيئات التدريسية المؤهلة».

وأشارت إلى أن وزارة التربية والتعليم وفرت منصات تعليمية للطلبة يشرف ويقوم عليها مدرسون أكفاء إلى جانب المنصات التعليمية الذاتية التي تساعد على تقوية الطالب وتأهيله، بدلاً من صرف مبالغ كبيرة على الدروس الخصوصية التي تستنزف جيوب الأسر، مشددة على ضرورة إعداد آلية فاعلة للحد من انتشار الظاهرة لما لها من آثار سلبية.

تعويض الفاقد

ولية الأمر نسرين العقاد ترى أن هناك تغيراً في آلية عمل الدروس الخصوصية، إذ كانت تقتصر سابقاً أو تنشط بصورة كبيرة قبيل الامتحانات النهائية لكل فصل دراسي، بيد أن ظروف العام الدراسي الحالي تختلف، فبعد عام ونصف من الدراسة عن بُعد، وعودة التعليم الحضوري لوحظ نشاط غير عادي لكل المراحل وتحديداً المرحلة التأسيسية بدعوى أن الطلبة لم يأخذوا حقهم في الحصص الدراسية، مشيرة إلى أن لجوء البعض حالياً لمعلمين في البيوت مرده مخاوفهم ورغبتهم في تعويض الفاقد التعليمي.

عامل مشتت

وتجد العقاد أنه من المجحف الحكم مسبقاً، وعليه يجب منح المدارس الفرصة الكافية لإعادة التعليم الحضوري بأركانه الكاملة، وعدم التسرع في الحكم بضعف الطلبة، فالدروس الخصوصية – إلا في الحالات الخاصة الاستثنائية – ستكون عاملاً مشتتاً للطلاب وستُفقد الطالب اهتمامه في التركيز مع المعلم في الغرفة الصفية، داعية أولياء الأمور إلى متابعة أبنائهم، والحرص على حل الفروض والواجبات اليومية وعدم تركها للمدرس الخصوصي كما يفعل البعض.

ظاهرة سلبية

بدورها، ترى أمل جمعة «ولية أمر» أن ظاهرة الدروس الخصوصية ظاهرة سلبية، إذ يفترض على أولياء الأمور متابعة أبنائهم بالتعاون مع مدرسيهم ومساعدتهم في فهم المنهاج وطلب المساعدة من مدرسيهم إذا اقتضى الأمر، مشيرة إلى تخلي البعض عن مسؤوليتهم تجاه أبنائهم باعتمادهم اعتماداً كلياً على الدروس الخصوصية التي تجعل الطالب اتكالياً ومعتمداً على المدرسين الخصوصيين، وهنا تكمن المشكلة التي لا نريدها أن تنتشر.

ولفتت إلى لجوء بعض الطلبة المتميزين للدروس الخصوصية لفهم الفقرات الدقيقة، حرصاً منهم على تلافي فقدان بعض الدرجات التي من شأنها أن تحول دون دراستهم بعض التخصصات في المرحلة الجامعة، متطرقة إلى عامل التقليد والغيرة غير المدروس وهنا نقع في شرك المظاهر الاجتماعية الكذابة، حيث تتحمل الأسرة أعباء مادية هي في غنى عنها لو أولت اهتماماً بسيطاً في المتابعة المبكرة لأبنائهم.

مديرو مدارس: كثير من الطلاب لا يدركون مواضع قوتهم

أكد مديرو مدارس أن كثيراً من الطلاب لا يدركون مواضع قوتهم، ولذلك على المعلمين تحفيز الطلبة ومساعدتهم على صقل مهاراتهم وتعزيز حسّ المسؤولية لديهم وتشجيعهم على العمل المستقلّ.

وحثت ماري سعد، مديرة أولى في التطوير المدرسي بمجموعة جيمس للتعليم، الطلبة على اعتماد الدروس التي توفرها المدارس عبر منصتها الرقمية الخاصة، فهي متاحة للجميع ومن دون أي مقابل، وعلى أولياء الأمور مراعاة أن المعلم يقدم الدعم ولا يقوم بالعمل بدلاً من الطالب، لذا يجب أن يعكس الواجب المنزلي عمل الطالب وليس جهد المعلم.وأكدت أهمية سعي المعلمين إلى تحفيز الطلبة ومساعدتهم على صقل مهاراتهم.

وذكرت أن وجود مدرّس خصوصي لا يغني عن مشاركة أولياء الأمور بفعالية في عملية تعلم أطفالهم بغض النظر عن الدعم الذي يتلقّونه من المدرس الخصوصي.

نقاط القوة

وفي السياق ذاته، قال نافيد إقبال، مدير مدرسة جيمس متروبول، نحرص في مدرستنا على التشديد دائماً على ضرورة أن يعمل الطلاب مع معلميهم على توضيح نقاط القوة في مختلف المواد الدراسية، إلى جانب تحديد نقاط الضعف والتركيز عليها والعمل على تحسينها. وأوضح أن كثيراً من الطلاب لا يدركون مواضع قوتهم، على سبيل المثال، قد يكون الطالب متمكناً في مادة الكيمياء العضوية، ولكنه بحاجة لدعم إضافي لتعزيز استيعابه للمادة.

نصيحة

نصح نافيد إقبال الطلبة باللجوء إلى المنصات الرقمية المتخصصة بالمناهج التعليمية التي تعتبر مفيدة جداً للطلاب، ومنها ما تقدمها مجموعة جيمس للتعليم، حيث تساعدهم للتدرب على محتوى الامتحانات، وكذلك تطبيق ما تعلموه من دروسهم. ولفت إلى أهمية اختيار الطالب تطبيقاً مرتبطاً بالمنهاج التعليمي الذي سيتم اختباره به، لأنه بعكس ذلك سيتعلم محتوى لا يدرّسه معلموه أو لا يغطّونه.

كما يمكن للمعلمين الوصول إلى هذه المنصات ليراقبوا مدى تقدّم طلابهم، مما يعزز دورها لدعم مسيرة الطلاب التعليمية بشكل كبير مقارنة بالمنصات الفردية التي قد تكون مفيدة ولكن تفتقد للمتابعة من قبل المعلمين.

 
Email