التكنولوجيا ترتقي بمستوى التعليم ولا تحل محل الصفوف

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ انتشار جائحة «كوفيد 19»، اضطرت المدارس حول العالم إلى إغلاق أبوابها أمام الطلاب فترة طويلة، في الوقت الذي تحول العديد منها إلى نموذج التعلم عن بعد الذي اعتمد بشكل كبير على استخدام المنصات الرقمية مثل «زووم» و«مايكروسوفت تيمز»، ما أثار تساؤلات عدة حول ما إذا كانت التكنولوجيا ستحل مكان الصفوف داخل قاعات المدرسة.

وفي هذا الصدد، أكد صني فاركي، رئيس مجلس الإدارة ومؤسس «جيمس للتعليم» و«مؤسسة فاركي»، لـ«لبيان» أن التكنولوجيا المتطورة تؤدي دوراً محورياً في الارتقاء بالتجربة التعليمية وتطوير الأنظمة المدرسية، وقد بدا ذلك جلياً في الفترة الاستثنائية التي شهدناها في العام ونصف العام الماضي. وكانت مجموعة جيمس للتعليم قد استثمرت بشكل كبير في تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي على مستوى مدارسها كافة.

وقال: إن الانتقال إلى التعلم عن بعد تم بسرعة هائلة بفضل الجهود التي بذلها معلمونا وطاقم العمل بأسره، إذ ابتكروا حلولاً وبرامج رائدة في سابقة من نوعها، كما ساهموا بدورهم في تطوير الخدمات التعليمية وتقليص الوقت الذي يقضونه لاستكمال الأعمال الإدارية، واستثماره في أداء مهامهم التدريسية على أكمل وجه لتقديم مخرجات تعليمية ذات جودة عالية للطلاب.

وذكر أن المعلمين استطاعوا توثيق التقدم الذي يحرزه كل طالب وطالبة على حدة، وتحديد مواضع القوة والضعف لديهم بالاعتماد على التقويم التكويني، وبالتالي الحرص على تطوير أسلوبهم في تقديم المواد بما يتناسب مع احتياجات الطلاب الفردية، ودعمهم لتطوير تفكيرهم الإبداعي وتحسين أدائهم وتعزيز تجربتهم الأكاديمية.

وأوضح أن التكنولوجيا المتقدمة والإمكانات الرقمية الهائلة لها دور كبير في تمكين مدارسنا من تطوير المناهج التربوية من خلال إعداد البيانات وتحليلها بشكل معمق واستخلاص النتائج الدقيقة منها لتحقيق أهدافها وقيمها ودعم آلية اتخاذ القرارات ووضع السياسات واستثمار مواردها بشكل أفضل، وذلك بهدف ضمان تلقي طلابنا وأولياء الأمور تعليماً عالي المستوى مقابل الرسوم المدرسية التي يتكبدونها.

وأشاد فاركي بإبداع الطلاب بمساعدة معلميهم في تحقيق الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في مختبرات المدرسة الرقمية والعلمية، فقد أنتجوا أعمالاً متميزة وخلاقة ومشاريع رائدة في مجالات العلوم واللغات والأدب والرياضة والتربية البدنية، إلى جانب دروس الفنون والمسرح والموسيقى والإعلام من خلال استخدام أحدث البرامج المرئية والمسموعة من فيديو وتصوير ومونتاج.

تعلم

وتابع: يبدأ الطلاب الأصغر سناً بتعلم دروس البرمجة في مرحلة الروضة، فيتدربون على التفكير الحاسوبي ويختبرون الواقع الافتراضي والواقع المعزز من خلال العديد من البرامج المتقدمة ومنها طائرات «سفيرو» المسيّرة و«كراج باند» للموسيقى و«ماينكرافت» للتخطيط للمدن المستدامة، و«تينكر كاد» لرسم المخططات وطباعتها بتقنية ثلاثية الأبعاد وغيرها من الأدوات التكنولوجية الحديثة التي تساهم في صقل مهاراتهم وتعدهم للبحث عن الحلول بأنفسهم وبالتالي تمكينهم ليصبحوا قادة عالميين.

تكنولوجيا

وقال: على الرغم من إيماننا الراسخ بتأثير التكنولوجيا الإيجابي في العملية التعليمية واعتبارها نعمة من السماء وخصوصاً في الأزمات وانتشار الأوبئة حيث لا تتوافر الموارد بسهولة، لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام الآراء التي تطرح التكنولوجيا بديلاً عن المدارس والتعليم داخل الصفوف.

أي طرح من هذا النوع يعكس فهماً متواضعاً لدور التكنولوجيا الذي يجب أن يتماهى مع دور المدرسة، فالتعليم قائم في جوهره على العلاقات الإنسانية والمباشرة والعمل الجماعي بين الطلاب والمعلمين بالدرجة الأولى، فضلاً عن التواصل وجهاً لوجه مع أقرانهم والعمل واللعب معهم والسعي للابتكار وتحدي الذات وتطويرها.

وأردف: لو كان التعليم يقتصر على تلقين الدروس وتزويد الطلاب المعلومات والمهارات، لكانت التكنولوجيا والتعلم عن بعد كافيين، ولكن إذا أردنا بالفعل الارتقاء بمستوى التعليم وفقاً للمعايير الدولية، فلا غنى لنا عن المدرسة والقيم والمبادئ التي توفرها للطلاب، والتفاعل اليومي مع المعلمين والزملاء وخوض تجربة متكاملة ونهج شامل يستندان إلى خلق التوازن بين التوظيف الأفضل للتكنولوجيا والعلاقات الاجتماعية والإنسانية.

Email