الذكاء الاصطناعي لحل التحديات البيئية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي تطوراً تصاعدياً، يجعله ملاذ خبراء البيئة الأول في التعامل مع المخاوف البيئية المتزايدة. وفي حين تطرح التكنولوجيا مخاطر قائمة بذاتها قد تكون موئل الحلول المستدامة.

اعتبرت بعض المراجع أن الذكاء الاصطناعي يشكل «فرصة التحوّل» لمعالجة بعض المسائل البيئية الضاغطة لناحية تغير المناخ والتنوع البيئي وصحة المحيطات وأمن المياه ونوعية الهواء والتعامل مع الكوارث، وبرزت بالمقابل تقارير حذرت أنه بغياب الإرشاد يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسرّع في تدهور البيئة عبر رفع استهلاك الموارد بما ينطوي ذلك على مضاعفات أخلاقية، وأمنية واقتصادية اجتماعية.

تنطوي أعظم التحديات البيئية هذه الأيام على مشقات لا تجد حلولاً سهلة، حلولاً قد تتطلب أنظمة تعتمد على التفكير ومعدات معقدة تسمح بجمع وتحليل كم هائل من البيانات للتوصل إلى رؤى جديدة وإحداث تغييرات مؤثرة.

وسبق للذكاء الاصطناعي أن دخل على خط مساعدة البشر في أن يكون وكيلاً أفضل عن البيئة والتكيف مع التغيير وحلّ تلك المشكلات المعقدة. وتعمل المؤسسات في العالم على جمع المعلومات باستخدام أجهزة الاستشعار والدرونات، والاتصال عريض الحزمة، وتطبيق التعلم الآلي والتحليلات لتحويل البيانات إلى معلومات قابلة للتدخل من أجل إدارة أفضل للموارد الطبيعية.

وفي السياق، دخلت شركة مايكروسوفت في شراكةٍ مع مركز الذكاء الاصطناعي في المجتمع بجامعة جنوبي كاليفورنيا ضمن برنامج يطبق الذكاء الاصطناعي في حماية الحياة البرية باستعمال الدرونات المجهزة بكاميرات حرارية ذات الأشعة ما دون الحمراء وبرنامج آزور من مايكروسوفت للتعلم الآلي. وتساعد هذه الاستراتيجية فرق الباحثين في مراقبة الحيوانات وتحديد الصيادين على امتداد مسافات شاسعة تمكن الحراس من التصدي للصيادين في اللحظة ذاتها.

ويستعين الفريق كذلك بنظرية الألعاب والتحليلات الاستباقية لتعقب ومعرفة تحركات الحيوانات والصيادين والتنبؤ بمكان مهاجمة الصيادين. وتعمل هذه الشراكة على استكشاف كيف يمكن للذكاء الاصطناعي ونظرية الألعاب من قيادة مسيرة الحفاظ على البيئة من خلال حماية الغابات من الاستخراج غير الشرعي للموارد الطبيعية والمحيطات من الصيد غير المضبوط.

واستعان الباحثون كذلك بالذكاء الاصطناعي في الحفاظ على جودة المياه عبر تقنية الحفظ الدقيق، كما تمكنوا من إطلاق القدرات الكامنة للمواد الجديدة بمساعدة الذكاء وقواعد البيانات للمساعدة في الحد من الاعتماد على مواد مدمرة للبيئة كالبلاستيك. واستطاع الباحثون اكتشاف عدد من المواد كالأكسيدات الفلزية التي قد تعزز فعالية الخلايا الشمسية أثناء التقاط أشعة الشمس وتحويله لطاقة.

ونظراً لضرورة مضاعفة المزارع إنتاجها بحلول عام 2050 لإطعام عدد سكان الأرض المتزايد، كان لا بدّ من اللجوء للزراعة الذكية. وتعتمد الأساليب الزراعية الحالية عموماً على المياه والأسمدة والمبيدات في عملية بالكاد تُقيَّم اعتباراً للظروف المناخية. إلا أن شركة «ييلد» الأسترالية للتقنيات الزراعية اعتمدت نشر أجهزة الاستشعار عبر الحقول للحصول على تحديثات آنية حول المحاصيل. وتقوم الأجهزة بأخذ البيانات ودمجها مع بيانات المناخ في الوقت الفعلي داخل سحابة مايكروسوفت. وتعمد «ييلد» فيما بعد لاستخدام التعلم الآلي وتقديم تطبيقات تساعد المزارعين على معرفة مواعيد الزراعة والري والتسميد والحماية والحصاد.

لا بدّ للباحثين والعلماء في ضوء الاعتماد المكثف على الذكاء الاصطناعي في الشؤون البيئية، من الحرص على شفافية وعدالة وموثوقية البيانات التي تقدمها تلك الأنظمة. ففي ظل ارتفاع الطلب على الحلول المؤتمتة ودراسات البيانات عالية الدقة والمشكلات والتحديات البيئية، تحتاج المزيد من الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات التعليمية والقطاعات الحكومية إلى تمويل أقسام الأبحاث والتطوير المرتبطة بتلك التكنولوجيات وتأمين معايير موحدة لإنتاجها وتطبيقها.

 

على غرار جميع التكنولوجيات التي سبقت، الذكاء الاصطناعي يعكس قيم مبتكريه.

كايت كروفورد (باحثة وأكاديمية أسترالية)

 

 

الخطر الأكبر المتصل بالذكاء الاصطناعي هو اعتقاد الناس مبكراً أنهم فهموه.

إليزر يدكوسكي (باحث وكاتب أميركي)

 

في الواقع أشعر بالخوف لا الحماسة حيال الذكاء الاصطناعي، لكن الأمرين ليسا منفصلين في النهاية.

غيما ويلان (ممثلة بريطانية)

 

دول الشرق الأوسط والاستدامة

بحلول العام 2030، ستشكل دول الشرق الأوسط واحدة من اللاعبين الأساسيين في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث سيبلغ إسهام الاستثمارات المستقبلية، بوجود العديد من الأسواق والقطاعات غير المستثمرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حوالي 15 بالمئة من إجمالي الناتج العام. ونتيجة لذلك، قد تفكر حكومات المنطقة بمقاربة أكثر حسماً لإنتاج نموذج استدامة بيئية فعال.

 

2030

الذكاء الاصطناعي واحد من أهم عناصر تغيير قواعد اللعبة في الاقتصاد العالمي، حيث يقدر نظراً لاتساع رقعة انتشاره واستعماله بأن يساهم بحلول عام 2030 بأن يشكل حوالي 15.7 تريليون دولار من اقتصاد العالم. وقد أقرت قمة الأمم المتحدة للذكاء الاصطناعي التي عقدت في جنيف عام 2017 بأن للذكاء الاصطناعي قدرة كامنة تخوله تسريع عملية التطور نحو حياة كريمة آمنة ومزدهرة لجميع الناس، واقترحت إعادة تركيز استخدام التكنولوجيا المسؤولة عن إنتاج سيارات ذاتية القيادة وهواتف ذكية تعمل بأنظمة التعرف إلى البصمة والوجه، نحو التنمية المستدامة ودعم الجهود العالمية للحدّ من الفقر والمجاعة، وحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية.

وتبرز هنا ضرورة ملحة في جذب المزيد من التقنيين والمطورين إلى هذا المجال. فالذكاء الاصطناعي يتجه بثبات لاحتلال جزء دائم من حياتنا اليومية، ويمكن ملاحظة تأثيره من خلال الإنجازات المحرزة في حقل علوم وإدارة البيئة.

 

الذكاء الاصطناعي والحياة البرية

يساعد الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأنظمة البيئية والحياة البرية وتفاعلاتهما. ويمكن لسرعة معالجة البيانات أن توفر معلومات من الأقمار الاصطناعية في الوقت الفعلي لملاحقة التحطيب غير القانوني مثلاً. كما يمكن محاكاة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية لمعرفة نقاط الضعف في التخطيط للكوارث وتعديل الاستراتيجيات وتنسيق الاستجابة.

صفحة متخصصة تصدر عن قسم الترجمة

 

Email