دراسة: 600 مليار دولار وفورات شركات النفط والغاز من التحول الرقمي

1.6 تريليون دولار القيمة المضافة للتحوّل الرقمي في النفط والغاز خلال 10 سنوات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تضخ كبريات شركات النفط والغاز في المنطقة والعالم مليارات الدولارات سنوياً لشراء وتشغيل تقنيات متطورة في منشآتها الإنتاجية تدفعها نحو الاستفادة القصوى من التقنيات الحديثة وتعظيم فوائدها في القطاع خلال السنوات القليلة المقبلة.

وكشفت دراسة حديثة أصدرها المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع شركة (Accenture) عن أن التحول الرقمي في قطاع النفط والغاز يمتلك القدرة على توفير قيمة مضافة تعادل 1.6 تريليون دولار بين عامي 2016-2025. وتنبه الدراسة إلى أن شركات النفط والغاز وحدها يمكن أن تستحوذ على حوالي تريليون دولار من هذه الوفورات، ومن المتوقع أن تبلغ حصة شركات استخراج النفط والغاز منها بين 580-600 مليار دولار.

تحول سريع

ويفسر الخبير التقنى وسيم غضبان، المدير العالمي للابتكار والمعلومات في شركة إس إن سي- لافالين في حديث لـ«البيان الاقتصادي» أسباب توخي شركات النفط في المنطقة والعالم الحذر نحو التحول التقني السريع مشيراً إلى أنه على الرغم من إدراك شركات النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط أو العالم للفوائد التشغيلية والمالية التي ينطوي عليها التحول الرقمي، إلا أنها غالباً ما تتوخى الحذر تجاه التحديات المرتبطة بدمج التقنيات الجديدة في أصولها ونماذج أعمالها الحالية.

ولفت وسيم غضبان إلى أهمية الاستفادة من التطورات التقنية الحديثة في قطاع النفط والغاز مؤكداً على أنها تسهم حالياً في إحداث تغيير نوعي في قطاع النفط والغاز، حيث ستكون الشركات القادرة على الاستفادة من كامل إمكانيات التحول الرقمي أكثر استعداداً لمعالجة التحديات المستقبلية وتقديم أداء مالي أفضل وتحقيق نمو أكبر في أعمالها.

وشدد على أن اللاعبين الأساسيين في قطاع النفط والغاز بالمنطقة والعالم مدركين تماماً للقيمة الكبيرة التي يوفرها التحول الرقمي لتحسين مستويات السلامة والأداء البيئي، فضلاً عن تحقيق مكاسب مهمة على صعيدي الإنتاجية وبرامج خفض التكاليف، كما يمكن للعاملين في قطاع النفط والغاز خفض النفقات الرأسمالية والتشغيلية بنسبة تصل إلى 30% في عمليات التصميم والبناء والتشغيل لمشاريع النفط والغاز باستخدام التكنولوجيا المتطورة.

وحول الوضع الحالي للتحول الرقمي في قطاع النفط والغاز عالمياً يشدد وسيم غضبان إلى أن التقنيات الرقمية المتطورة تساعد معظم القطاعات على إحداث نقلة نوعية في عملياتها التشغيلية، مشيراً إلى أن قطاع النفط والغاز كان في مقدّمة القطاعات التي تعتمد عدداً من أحدث التقنيات المتطورة، بما في ذلك البيانات الضخمة والابتكار الرقمي، وذلك منذ ثمانينات القرن الماضي، ويشير إلى أن القطاع خلال القسم الأكبر من العقد الحالي قد تخلّف عن باقي القطاعات في مواكبة ركب التطور والاستفادة من التأثيرات الإيجابية الهائلة التي يوفرها التحول الرقمي.

خمسة تحديات

ويؤكد وسيم غضبان على أن عملية التحول نحو الأعمال القائمة على التقنيات المتطورة تواجه خمسة أنواع من التحديات الرئيسية منها تحديات تتعلق بالطابع المعقّد للتكنولوجيا، وأخرى تتعلق بتطوير مهارات رأس المال البشري، وتحديات تتعلق بالأولويات التنافسية، وتحديات التكاليف الاستثمارية، ويتمثل التحدي الخامس في كيفية اعتماد مسيرة التحول الرقمي بوتيرة تشجع على الابتكار دون التفريط بالقيم التي يستند إليها القطاع، والمتمثلة في السلامة، والمعايير البيئية، والإنتاج عالي الكفاءة، والربحية. ولمواكبة هذا التقدم، ينبغي دمج الابتكار مع التميز التشغيلي على نحو يعكس تراث الشركات وخبراتها.

وللتغلب على تلك التحديات يوضح غضبان أن تطور التقنيات الرقمية تزامن مع تقدم كبير في الإمكانيات الإنتاجية والقدرات الإدراكية في كل عام، ولكن اعتماد التطورات التقنية البنّاءة عبر دمج عمليات إدارة الأصول وسلامة البيانات في المرافق التشغيلية يشكل عنصراً محورياً في مساعدة هذه الشركات على إنجاز التطور الرقمي، مع الأخذ بعين الاعتبار الحد الفاصل بين المخاطر والأرباح.

ويضيف: «على سبيل المثال تتيح التحليلات وتقنيات الذكاء الاصطناعي فرصة الوصول إلى كميات أكبر من البيانات، فضلاً عن تمكين الشركات من تحليل مستويات التفاعل وتحديد العلاقات بين البيانات على نحو أكثر فاعلية، ويمكن لذلك أن يساعد قطاع النفط والغاز على إنجاز عملياته التشغيلية بشكل أفضل، ومساعدة فرق العمل في المشاريع على الاستجابة بسرعة أكبر للتغيرات التي تحصل في بيئة العمل. ومن ناحيةٍ ثانية يمكن أن يساعد ظهور تقنيات (بلوك تشين) القطاع على تحسين عمل شبكات سلاسل التوريد عبر خفض التكاليف وزمن إجراء المعاملات، وذلك من خلال تسهيل عمليات تبادل البيانات المتعلقة بالأعمال المباشرة بين الشركات التي تعمل في القطاع والموردين والموزعين.

الأتمتة

ولفت غضبان إلى أن أتمتة العمليات تسهم في إمكانية أتمتة العمليات اليدوية على نطاق واسع، ما يفضي إلى خفض عدد نقاط الاتصال البشرية في العمليات التشغيلية للشركات. وأضاف:»على سبيل المثال، يمكن لأتمتة الأقسام اليدوية من عمليات الحفر اليومية توفير الوقت وتقليل المخاطر المتعلقة بالسلامة، ومن خلال اعتماد مفهوم التوأم الرقمي، يمكن للشركات استخدام المسح الرقمي لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد للأصول عبر تقنيات جمع البيانات، ما يتيح إمكانية مراقبة أداء العمليات والمرافق لتعزيز الإنتاج، بالإضافة إلى خفض التكاليف التشغيلية).

وأشار غضبان إلى أن استخدام تقنيات العرض البصري، على سبيل المثال، يتيح إمكانية تقييم الحيز المكاني لمواقع العمل بكفاءة أكبر خلال مرحلة التصميم، فضلاً عن تخطيط مراحل البناء بدقة أكبر، والتحقق من مدى تطابق البناء مع التصميم الأساسي أثناء العملية الإنشائية، وتحديد المشكلات خلال وقت مبكر ومعالجتها، ومثالاً على ذلك، استعانت شركة (إس إن سي - لافالين) بتقنيات الواقع الافتراضي لتحسين عملية مراجعة التصميم الهندسي التقليدية في إحدى منشآت معالجة الغاز التابعة لأحد عملاء الشركة في منطقة الشرق الأوسط.

تطورات

أكد وسيم غضبان أهمية الاستفادة من التطورات التقنية الحديثة في قطاع النفط والغاز مشدداً على أنها تسهم حالياً في إحداث تغيير نوعي في قطاع النفط والغاز، حيث ستكون الشركات القادرة على الاستفادة من كامل إمكانيات التحول الرقمي أكثر استعداداً لمعالجة التحديات المستقبلية وتقديم أداء مالي أفضل وتحقيق نمو أكبر في أعمالها.

Email