هل يستطيع هاتفك الذكي أن يطلق إنذاراً أحمر لإنقاذ حياتك؟

لم يعد هاتفك الذكي مجرد أداة لإرسال الرسائل وتصفح الإنترنت؛ لقد تحول بهدوء إلى أهم مراقب لصحتك العقلية. ففي زمن تُصنف فيه أزمة الصحة النفسية كجائحة صامتة عالمياً، يبرز الذكاء الاصطناعي (AI) متخفياً في جيبك كأمل جديد. الأبحاث الحديثة تكشف عن إمكانيات غير مسبوقة لتحويل البيانات اليومية الصامتة—من نمط نومك إلى سرعة كتابتك—إلى إشارات تحذيرية يمكنها رصد مخاطر الاكتئاب والقلق وحتى السلوك الانتحاري قبل أن تُدركها أنت بنفسك. فكيف نجح هذا الصديق الرقمي في اختراق حاجز الصمت والتحول إلى منقذ محتمل؟

تقنية جديدة
اعتمد الأطباء كثيراً على التقارير الذاتية والمواعيد الدورية، لكن هذه الأساليب غالباً ما تفشل في التقاط التغيرات المفاجئة أو العلامات الدقيقة التي تشير إلى تدهور الحالة. هنا تتدخل قوة الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة التي ينتجها سلوكنا اليومي على الهاتف.
ولا يكتفي الذكاء الاصطناعي بتحليل ما تكتبه في تطبيقات الملاحظات أو الرسائل؛ بل يغوص في أعماق نمط استخدامك للجهاز، مستخدماً المستشعرات المدمجة والبيانات السلوكية لتكوين صورة دقيقة عن حالتك النفسية.

تحليل السلوك الرقمي الصامت
يقوم الذكاء الاصطناعي بمراقبة تغييرات دقيقة في سلوك المستخدم اليومي، والتي يمكن أن تكون مؤشرات قوية على الاكتئاب أو القلق مع رصد التغيرات في مواعيد ومدة النوم. قلة النوم أو فرط النوم المفاجئ قد يكون علامة تحذير.
ويعمل الذكاء الاصطناعي على توقع حالتك الذهنية بناءً على المعطيات التالية: الحركة والموقع (GPS) هل بدأت تقضي وقتاً أطول في المنزل؟ هل قلت المسافة التي تقطعها يومياً؟ الانعزال الاجتماعي يظهر جلياً في بيانات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). كما يشكل انخفاض في عدد المكالمات أو الرسائل، أو زيادة مفرطة في استخدام تطبيقات معينة، يمكن أن يشير إلى تغيير في المزاج أو الانسحاب. مع تحليل سرعة لمس الشاشة، ونمط الكتابة، والتصحيحات، والتي قد تعكس مستويات القلق أو التباطؤ الذهني المصاحب للاكتئاب.

قراءة ما بين السطور ونبرة الصوت
تطورت تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) لتصبح قادرة على تحليل المحتوى النصي والصوتي بحثاً عن «المؤشرات الحيوية الصوتية» و«الرقمية»: حيث يتم تحليل اللغة عبر تحديد الكلمات المفتاحية، وتغير نبرة النص (سلبية، سلبية جداً)، والحديث عن اليأس أو الانتحار في المجلات الخاصة أو تطبيقات الدردشة المصرح بها. مع تحليل الصوت عبر تطبيقات متطورة تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لفحص نبرة الصوت وإيقاعه ورتابته خلال المكالمات أو التسجيلات، للكشف عن علامات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

التدخل المبكر
ومن أكبر الفوائد من هذه التقنية توفير مراقبة مستمرة وفي الوقت الفعلي، وهو ما يفتقر إليه النظام العلاجي التقليدي. والإنذار المبكر قبل وقوع الخطر، حيث يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي إرسال تنبيهات فورية للمستخدم أو للطبيب (بموافقة المستخدم) عندما تتجاوز الأنماط السلوكية حدود الخطر، ما يتيح التدخل العلاجي في اللحظة الحاسمة، وربما إنقاذ حياة.
وبدلاً من الاعتماد على وصفات علاجية عامة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعدل خطة العلاج الرقمية أو يقترح أدوات مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) عبر روبوتات المحادثة الذكية (Chatbots) بناءً على التغيرات السلوكية اللحظية للشخص.