شبكة أقمار اصطناعية لبناء «إنترنت الحيوانات»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خريف عام 2020، بدأت فرق من العلماء في الانتشار لمطاردة ألوف المخلوقات في العالم، من وحيد القرن في جنوب أفريقيا، والطيور الشحرورة في فرنسا إلى خفافيش الفاكهة في زامبيا.

وذلك في سبيل تزويدها بمجموعة من أجهزة التتبع التي تعمل بالطاقة الشمسية، على أن تتدفق البيانات منها لمشروع جديد طموح يدعى «مشروع التعاون الدولي لأبحاث الحيوانات باستخدام الفضاء» أو مشروع «إيكاروس»، يهدف لإنشاء ما يسميه مؤسسها عالم الأحياء بجامعة كونستانز الألمانية والمدير الإداري لمعهد ماكس بلانك للسلوك الحيواني، مارتن ويكلسكي، بـ «إنترنت الحيوانات»، أو «إنترنت الكائنات».

وأفاد موقع صحيفة «ذا سيدني مورنينغ هيرالد» أن كل جهاز تتبع سوف يجمع بيانات عن موقع مرتديه، ووظائف أعضائه، والمناخ المصغر الذي يعيش فيه، لإرسالها لجهاز استقبال في محطة الفضاء الدولية، التي بدورها ستعيد إرسالها لأجهزة كمبيوتر على الأرض، مما سيتيح تتبع الحركة الإجمالية للكائنات البرية التي تجوب الكوكب بطرق لم يكن من الممكن تخيلها تقنياً حتى وقت قريب: بشكل مستمر على مدار حياتها وفي أي مكان تقريباً على الأرض. 

ومن خلال القيام بذلك، يأمل القيمون على مشروع «ايكاروس» أن يعيد تشكيل الطريقة التي نفهم بها دور الحركة والتنقل على كوكبنا المتغير، خصوصاً في ظل ظهور أدلة جديدة تشير إلى أن الحيوانات تتحرك أكثر وبسرعة أكبر وبطرق أكثر تعقيداً مما كان يتصور سابقاً.

ويشك علماء البيئة اليوم في أن هذه الحركات يمكن أن تكون حاسمة لكشف مجموعة واسعة من العمليات البيئية، بما في ذلك انتشار الأمراض وتكيف الأنواع مع فقدان الموائل. 

فإذا نجح المشروع، سيساعد في فهم إلى أين تتجه الحيوانات: الأماكن التي تموت فيها والمسارات الدقيقة لهجرتها، وإشعاعاتها الغامضة في الموائل الجديدة، وهي ظاهرة حيّرت العلماء لأجيال. فعلى سبيل المثال، تؤكد الفرضيات الشائعة أن الخفافيش تنشر فيروس الايبولا ومرض الحمى القلاعية في الغزلان، لكن لا أحد يعرف حقاً إلى أين تذهب الخفافيش أو الغزلان. 

ويمكن أن تشمل التطبيقات المحتملة لـ «إيكاروس» ليس فقط منع تفشي الأمراض التي يمكن أن تعجل الأوبئة، بل إدارة المناظر الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي. 

فقد تحدت الدراسات القائمة على تحديد المواقع «جي بي اس» الإدراك التقليدي لأدوار الحيوانات البرية في نشر البذور وانتشار الأوبئة، وكشفت أن الغزلان في منغوليا لا يمكن أن تكون مسؤولة عن تفشي مرض الحمى القلاعية في الماشية: فقد تحرك المرض أسرع بخمس مرات من الغزلان.

ومن الأسئلة الملحة التي سيجيب عنها «إيكاروس» أيضاً، ستتمحور، وفقاً للقيمين على المشروع، حول سبب وفاة الحيوانات وانقراضها، بأمل أن تخبرنا الحيوانات البرية من خلال نبضات البيانات المتدفقة «بما تشعر به وما تراه».

 
Email