الذكاء الاصطناعي قوة صاعدة في عالم الأعمال

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد أنس عبد الحي، المدير ونائب الرئيس التنفيذي لشركة بروڤن كونسلت أن الذكاء الاصطناعي يمثل بالفعل قوة صاعدة في عالم الأعمال، وإذا كان من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتنمية دول بأكملها، فهو بهذا أداة بوسعها تحقيق نقلة حقيقية في أسلوب العمل واتخاذ القرارات في العالم، وهو ما يلاحظه صانعو القرارات بشكل متزايد باعتباره بوابة نحو مستقبل أكثر سلامة واستدامة.


وأشار إلى أن الحماس للانضمام إلى ركب الذكاء الاصطناعي مفهوم بل ومحمود، إلا أن نجاح هذه التقنية يعتمد على طيف متكامل من البيانات التي يتم تسجيلها وتحليلها عبر قاعدة بيانات ضخمة ومن خلال التحليل المستمر للتقارب بين البيانات التنبؤية والفعلية. ويعدّ فشل مشاريع الذكاء الاصطناعي في مراحلها المبكرة واحداً من المخاوف الشائعة والمشروعة، فالأرقام الأخيرة تظهر أن حوالي 85% من إجمالي هذه المشاريع تفشل – بل وقبل بدايتها أحياناً، فلماذا؟ في معظم الأحوال، تفتقر تلك المشاريع الكبرى إلى التوافق الضروري مع أولويات الأعمال. وفي عالمنا المعاصر، تهتم العديد من المؤسسات باستمرارية عملياتها التقليدية مما يجعل هذه المشاريع التي تنطوي على التغييرات الملموسة أقل أولوية من غيرها بكثير.

ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي تقنية مكلفة، حيث سيصل مجموع الإنفاق على مشاريع وحلول الذكاء الاصطناعي إلى 58 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. وما تقوم به العديد من الشركات هو القفز مباشرة في خضم المعلومات حول الأمر لينتهي بها الأمر بنتيجة واحدة: وهي أن الذكاء الاصطناعي سيخفض التكاليف – وهي حقيقة صحيحة بالفعل إلا أنها تستغرق الوقت وتحتاج إلى المهارة وبذل الجهد بدءاً من الشراكة مع المزودين المناسبين للحلول وحتى تعيين أفضل المختصين في المجال لإدارة مشاريع الذكاء الاصطناعي. تبدأ الكثير من الشركات بالمشروع ثم تنسحب عندما يتم تقييم التكلفة الكاملة بالنتائج – ولهذا السبب لابد من إعداد استراتيجية واضحة وشاملة لمشاريع الذكاء الاصطناعي لتحقيق النجاح، إلا أنها لا تضمن ذلك.

وشدد المدير ونائب الرئيس التنفيذي لشركة بروڤن كونسلت على أن الاستراتيجية وحدها لا تكفي في المشاريع القائمة بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي، رغم كونها ركيزة مهمة في قطاع الأعمال بشكل عام. فالاستراتيجية المالية دون خبرة تشبه تضييع المال على مشكلة دون إيجاد حل لها، وبالتالي لا يمكن أن تكون فعالة دون خبرة. ونظراً لأن الذكاء الاصطناعي مجال جديد، فإن المهارات المتاحة في المجال قليلة، وهذا أحد الأسباب التي تدفع الحكومات إلى اللجوء للبرامج التدريبية وضخّ رأس المال لتطوير جيل متميز من المهندسين والعلماء ورجال الأعمال المتخصصين بالذكاء الاصطناعي. كما أن الحداثة النسبية للمجال تجعل الاستثمارات محفوفة بالمخاطر بسبب عدم وجود تاريخ كافٍ تستند إليه. وفي عصر التجربة والخطأ، نجد أن الخطأ هنا يعني خسائر فادحة وفشلاً في المراحل المبكرة – وهو أمر يتكرر باستمرار حيث تبدأ العديد من مشاريع الذكاء الاصطناعي بخطوات كبيرة وطموحات عالية.

وأشار إلى أنه عندما يتجه المستثمرون إلى الذكاء الاصطناعي، يواجهون صعوبة في إدارة توقعاتها وتعديلها. ولهذا فإن على الشركات التي تستثمر جهوداً ومبالغ ضخمة في الذكاء الاصطناعي التركيز على التقنية وليس على الأعمال، لأن تبني الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم وفقاً لعملية من خطوات متسلسلة، تبدأ بسبب حاجة العمل لتلك التقنية وبكيفية قدرتها على المساعدة. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي توقع المعلومات القيّمة بدقة بناء على البيانات، ولكن ليس بوسعه العمل بالدقة المتناهية ذاتها التي يعمل بها الدماغ البشري.

وقال إنه يمكن للمؤسسات الاستفادة من حلول الذكاء الاصطناعي من خلال البيانات، وتحديداً، بالاعتماد على جودة البيانات التي يتم إدخالها لتلك الحلول - إلا أن ذلك يفرض تهديداً آخر على مشاريع الذكاء الاصطناعي ويعتبر عاملاً مساهماً وأساسياً في فشلها. ظهر مصطلح «البيانات الضخمة»، فيما بدأت كبرى الشركات التكنولوجية العملاقة بالسيطرة على قطاع الأعمال عالمياً، وهو مفهوم مبهم نوعاً ما، إذ قد يتساءل البعض عن «مدى ضخامة البيانات». والواقع أنها ضخمة للغاية، حيث يتطلب الذكاء الاصطناعي الكثير من البيانات ليحقق غايته، وكلما زادت كميتها كان ذلك أفضل. إن كانت الشركة صغيرة ولا تمتلك الكثير من البيانات لتبدأ منها، فلا بد أن تتلاءم التوقعات مع حجم البيانات المتوفرة. كما لا بد أن تكون تلك البيانات مرتبطة بالمشكلة التي تحاول المؤسسة حلها من خلال حلول الذكاء الاصطناعي، وهي جوانب دقيقة لا تحظى بالاهتمام في الغالب.

وأكد أهمية دراسة جودة البيانات وتوفرها عند طرح فكرة تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما أن الاستراتيجية وعوامل قياس النجاح والفشل جميعها خطوات أساسية لا بد من تحديدها. وفي ظل التوجه الحالي للأعمال حول العالم، لا بد من حل مشكلة تدني مستوى المهارات والخبرة في هذا المجال.

Email