بالشراكة مع "أوليفر وايمان"

تقرير القمة العالمية للحكومات يوصي بـ 5 إجراءات عاجلة لخفض 80% من الانبعاثات في الشرق الأوسط

ت + ت - الحجم الطبيعي

  كشف تقرير معرفي أصدرته مؤسسة القمة العالمية للحكومات 2022، أن حكومات منطقة الشرق الأوسط التي وضعت أهدافا طموحة لتحقيق الحياد المناخي خلال السنوات المقبلة، قد تواجه تحديات حقيقية تتعلق بمحدودية الحلول التكنولوجية وإمكانية تأثر مستويات النمو الاقتصادي والاجتماعي لديها بحال عدم مواءمة الأولويات والاستراتيجيات الوطنية، وأوصى بخمسة إجراءات عاجلة لدعم جهود حكومات المنطقة في خفض الانبعاثات الحالية بنسبة 80%.

وأشار التقرير الذي أعدته القمة بالشراكة مع شركة "أوليفر وايمان" الاستشارية، بعنوان "السياسات المستدامة للعمل المناخي في الشرق الأوسط"، إلى أن حكومات المنطقة تدرك أهمية الحد من الانبعاثات، ما دفع دولة الإمارات إلى التعهد بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، في حين تعهدت المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بالوصول إلى الحياد المناخي بحلول العام 2060.

وأكد محمد يوسف الشرهان نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن التقرير يعكس الدور الذي تقوم به القمة في دراسة أفضل الممارسات ودعم إيجاد حلول مبتكرة وتوظيف التقنيات الحديثة لمواجهة تحديات البيئة والتغير المناخي وتقليص الانبعاثات الكربونية بما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام لخير المجتمعات ويدعم الجهود الدولية وخطط الحكومات لتحقيق مستهدفات الحياد الكربوني.

وقال إن التقرير يترجم جهود القمة في إعداد أفضل الدراسات والأبحاث الداعمة للحلول الفعالة لتحديات القطاعات الأكثر ارتباطا بحياة الإنسان، ودورها في تعزيز العمل الحكومي واستكشاف فرص جديدة وتطوير مبادرات فاعلة لمواكبة متطلبات المستقبل وتعزيز مسيرة التنمية العالمية.

من جهته، قال ماثيو دي كليرك الشريك في أوليفر وايمان وأحد معدي التقرير: "إن الحكومات في الشرق الأوسط أدركت أهمية تقليل الانبعاثات، وستوفر التقنيات الخضراء منصة جديدة للنمو الاقتصادي، يمكن أن تحقق اقتصادا مستداما وتساعد في تحقيق أهداف صفر انبعاثات التي تسعى دول المنطقة لتحقيقها".

وأضاف دي كليرك: "يقدم العقد المقبل للمنطقة فرصة فريدة لتشكيل رؤية جريئة على الرغم من التحديات العديدة في الحد من الانبعاثات في القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها من الناحية الهيكلية، نظرًا لاعتمادها الكبير على الأنشطة الصناعية وأنشطة التكرير كثيفة الاستخدام للطاقة".

ودعا التقرير دول العالم إلى التحرك الفوري لمواجهة تحديات وتبعات تغير المناخ، وما ينتج عنه من كوارث بيئية تهدد مستقبل الإنسان، ولفت إلى أن تجنب الآثار المدمرة لتغيّر المناخ يتطلب الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بواقع 1.5 درجة مئوية.

وأوضح أن اتفاقية باريس لعام 2015 وميثاق غلاسكو للمناخ لعام 2021، أشارا إلى أن تحقيق هذا الهدف يعني خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 56٪ بحلول نهاية العقد الحالي، ما يتطلب سد الفجوة بين الانبعاثات المتوقعة والمستويات المستهدفة اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام.

وأكد التقرير أن توجّه دول المنطقة لتحقيق "الحياد المناخي" يعكس التحول الكبير في سياسات المناخ لديها، لا سيما أنها تؤثر بشكل كبير على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فيما يمثل تحقيق أهداف الحياد المناخي تحديا خاصا لهذه الدول لأنها تعتمد إلى حد كبير على إنتاج النفط لتمويل إنفاقها واقتصاداتها، خاصة وأن اقتصادات الشرق الأوسط لا تزال في مرحلة انتقالية في تطوير القدرات الصناعية والتصنيعية، ما يمثل تحديات هيكلية كبيرة للتحول إلى انبعاثات أقل وتقنيات صديقة للبيئة.

وأشار إلى أن أهداف الحياد الصفري المعلنة تشكل رؤى طموحة، إلا أن دول الشرق الأوسط تواجه تحديات كبيرة في الحد من الانبعاثات في القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها من الناحية الهيكلية، بسبب اعتمادها الكبير على الأنشطة الصناعية وأنشطة التكرير كثيفة الاستهلاك للطاقة.

وقال إن هذه القطاعات كانت في صميم أنشطة المنطقة ومكنت الخطط الوطنية من تنويع الصناعات والاقتصادات على مدى العقود الماضية، إذ عملت الحكومات لتشجيع التنمية الصناعية، من خلال الإعانات والحوافز الأخرى في ما يتعلق بتسعير الطاقة واللوجستيات والضرائب، ما أدى إلى زيادة استهلاك الطاقة ومكّن المنطقة من خلق مزايا تنافسية متنوعة من حيث التنمية الصناعية.

وقال إن المنتظر من صانعي السياسات الآن استكشاف الخيارات الممكنة لتحقيق أهداف "الحياد المناخي"، ما يتطلب إعادة هيكلة الصناعة للتعامل مع الانبعاثات، مشيرا إلى ان المنطقة أمام تحد كبير يتمثل في كيفية ضمان استمرارية تنويع اقتصاداتها والبناء على ميزتها التنافسية، وتحقيق توقعات العالم بشأن خفض الانبعاثات، ومؤكدا أهمية تعزيز المعرفة والوصول إلى التكنولوجيا التي تدعم التحول نحو مستويات منخفضة من الانبعاثات، ما يتطلب توسيع مجالات الاستثمار في هذه التقنيات على مدار العقد المقبل.

وأشار التقرير إلى أنه استنادا الى الاتجاهات الحالية، من المتوقع أن ينتج الشرق الأوسط أكثر من 3878 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عام 2030، وأنه لتحقيق هدف 2030 المتمثل في الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، تحتاج المنطقة إلى تقليل انبعاثاتها بنسبة 38٪، أو 1،483 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مؤكدا أن أنشطة معينة تتسبب بإنتاج 80% من الانبعاثات مثل إنتاج الطاقة، وهو مسؤول عن 36% من الانبعاثات، بينها تساهم الصناعة والمباني بنسبة 21% واستخدامات المستهلكين العامة بنسبة 17% والنقل بنسبة 10%.

وأوصى التقرير بالتركيز على خمسة إجراءات عالية التأثير تستهدف القطاعات الأربعة ذات معدلات الانبعاثات الأعلى لتحقيق أفضل النتائج على صعيد خفض الانبعاثات، أولها تطبيق تقنيات تخزين احتجاز الكربون CCS// والتقاط الكربون واستخدامه CCU// في قطاعي الطاقة والصناعة، حيث من المتوقع أن يكون التأثير هو خفض الانبعاثات بنسبة 22٪، وثانيها، تقليل الانبعاثات في تدفئة وتبريد المباني، والتي من المتوقع أن يصل تأثيرها إلى خفض الانبعاثات بنسبة 20٪.

أما الإجراء الثالث فهو زيادة توليد الطاقة بانبعاثات منخفضة، ومن المتوقع أن يصل تأثيرها إلى خفض الانبعاثات بنسبة 18٪، في حين يتمثل الإجراء الرابع باستهداف الانبعاثات في الوسائل اللوجستية والنقل بما يسهم في خفض الانبعاثات بنسبة 10٪، أما الإجراء الخامس فهو زيادة كفاءة استخدام الطاقة في العمليات الصناعية، حيث من المتوقع أن يكون أثر ذلك خفض الانبعاثات بنسبة 7٪.

وخلص التقرير إلى أن سد الفجوة بين الانبعاثات المتوقعة بناءً على الاتجاهات الحالية وتلك المستهدفة لعام 2050 يمثل تحديا حقيقيا، وأشار إلى أن حكومات الشرق الأوسط التي لديها أهداف طموحة لتحقيق الحياد المناخي يمكنها عبر هذه الإجراءات الخمسة سد 80 ٪ من الفجوة في الانبعاثات للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.

وختم التقرير بالإشارة إلى أن دول المنطقة ستحتاج إلى عملية تخطيط لتحقيق هذا الهدف بعناية، مع انتقالها إلى مستقبل محايد مناخيا، لضمان ألا يضر هذا التحول بنموها الاقتصادي، بل أن يكون محفزا لتنويع اقتصادات المنطقة ويضعها في موقع متميز، متجاوزا العديد من الاقتصادات الصناعية الأقدم.

وتشكل القمة المنصة الجامعة لأكثر من 30 منظمة عالمية، حيث تستضيف في نسختها الاستثنائية هذا العام أكثر من 4000 مشارك من كبار المسؤولين الحكوميين والخبراء وقادة القطاع الخاص، لاستشراف مستقبل الحكومات ضمن أكثر من 110 جلسات رئيسية حوارية وتفاعلية.

وركزت القمة العالمية للحكومات منذ إطلاقها عام 2013، على تشكيل واستشراف حكومات المستقبل وبناء مستقبلٍ أفضل للبشرية، وساهمت في تأسيس منظومة جديد ة للشراكات الدولية القائمة على إلهام واستشراف حكومات المستقبل.

- مل -.

Email