عراقيل كثيرة وضعها فيروس كورونا في طريق العالم، فارضاً منذ مطلع 2020 قبضته على كافة مجالات الحياة، ومدخلاً إياها في عزلة تامة، وبرغم ذلك، بدا المشهد الثقافي في الإمارات مغايراً، حيث عاش لحظات ذهبية، بفضل عديد المبادرات التي أطلقت في 2020 بهدف تعزيزه، وهو ما ساهم في إحداث نقلة نوعية في مسيرة الثقافة المحلية.

«البيان» في تقريرها، تسلط الضوء على أبرز المبادرات التي شهدتها الدولة، وساهمت في إنعاش المشهد الثقافي المحلي، الذي نجح في مواجهة تداعيات فيروس «كوفيد – 19»، خاصة في ظل البنية التحتية التكنولوجية والرقمية المتطورة في الدولة، التي سهلت تنظيم الفعاليات افتراضياً وبنجاح نوعي.

أولوية

إعداد استراتيجية وطنية متكاملة، لتطوير قطاعات الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارات، كان من أبرز المبادرات التي وجه بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، حيث جاءت هذه الاستراتيجية بهدف تطوير المنتج الثقافي والإبداعي ليكون أحد الروافد الاقتصادية في الدولة، حيث يعد النهوض بالمنتج الثقافي والإبداعي من أولويات المرحلة الجديدة، ووجه سموه وزارة الثقافة وتنمية المعرفة بضرورة وضع خطط وبرامج ومبادرات، تحتضن المواهب الثقافية الإبداعية الإماراتية، وتروج للمنتج الإبداعي المحلّي.

خريطة طريق

في الوقت ذاته، شهدت دبي إطلاق سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، خريطة الطريق الاستراتيجية للهيئة للسنوات الست المقبلة، حيث جاءت خريطة الطريق هذه تحقيقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لمستقبل القطاع الثقافي في دبي، والتركيز على تعزيز مكانتها كمركز عالمي للثقافة، وحاضنة للإبداع وملتقىً للمواهب، وتضمنت الخريطة الأسس الجوهرية لضمان استدامة القطاع الإبداعي وسرعة تعافيه وترسم الأهداف الاستراتيجية للقطاع بين عامي 2020 و2026، كما تضمنت الأدوار المؤسسية الرئيسة للهيئة، والسياسات والتخطيط والحوكمة، وتمكين واحتضان المواهب، والتنظيم ومنح التراخيص، وتشغيل وإدارة أصولها الثقافية وفعالياتها الرئيسة، علاوة على ضمان «التعافي الأسرع» للقطاع الثقافي في الإمارة في أعقاب الأزمة التي طالت كافة القطاعات الحيوية حول العالم جرّاء انتشار «كوفيد-19».

وأطلقت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نتائج «مؤشر المعرفة العالمي 2020»، ونجحت المؤسسة أيضاً، بالتعاون مع البرنامج، في عقد جلسات «حوارات المعرفة»، التي تهدف إلى معالجة أهمِّ القضايا المعرفية الراهنة ،واستعراض أفضل الممارسات والتجارب العالمية، حيث آثرت المؤسسة عقد الجلسات «افتراضياً»، متيحة بذلك الفرصة أمام الملايين من سكان العالم لمتابعة الجلسات، من دون الاضطرار إلى ترك أماكنهم.

مبادرة

وفي ظل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار فيروس «كورونا»، بادرت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة (وزارة الثقافة والشباب حالياً)، إلى إطلاق مبادرة «الثقافة عن قرب»، على المنصات الرقمية، وذلك بهدف تشجيع أفراد المجتمع على مشاركة المحتوى الثقافي والفني على منصات التواصل الاجتماعي بعد إغلاق المتاحف والمعارض والصالات الفنية، وقد شهدت المبادرة تفاعلاً كبيراً من قبل آلاف الفنانين والمثقفين، وطالت المبادرة شتى صنوف الآداب والفنون، كما حظيت بدعم من هيئة دبي للثقافة والفنون وهيئة الشارقة للمتاحف ومتحف اللوفر أبوظبي، وقصر الحصن، ومؤسسة بارجيل للفنون.

كذلك شهدت فعاليات مهرجان "دبي كانفس" بنسخته الخامسة، والذي تنظمه «براند دبي»، الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، نجتحات لافتة، حيث لقي إقبالاً كبيراً من الجمهور على فعالياته في سيتي ووك، وشارك فيه عدد من أبرز مبدعي العالم.

ويسلط المهرجان هذا العام، بمشاركة نخبة من أشهر رواد الفن المعاصر والمبدعين من الإمارات ومختلف أنحاء العالم، ومن بينهم الفنان العالمي خواندريس فيرا، الضوء على مجموعة متنوعة من الأشكال الفنية الجديدة ضمن مفهوم «السفر عبر الفن»، كمصدر لإلهام الزوار، مع زيادة وتيرة النشاط السياحي الداخلي والخارجي نسبياً في دبي، وعودة الحياة الطبيعية إلى القطاعات الاقتصادية والترفيهية.

نظمت ندوة الثقافة والعلوم في دبي، فعاليات معرض «حروف إماراتية» بنسخته الخامسة، بالتعاون مع جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية.كما أطلق اتحاد كتاب وأدباء الإمارات برنامج «مختبر الإبداع الأدبي» الهادف إلى تزويد الكتاب الشباب فنون الكتابة الإبداعية، بينما فضلت إدارة مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال واليافعين، إطلاق دورة افتراضية خاصة للمهرجان، حيث قامت بعرض مجموعة كبيرة من الأفلام لجمهور المهرجان «افتراضياً»، وعقدت عشرات الجلسات الافتراضية التي جمعت بين صناع الأفلام والجمهور.

«الشارقة للكتاب»

وفي الوقت الذي اضطرت فيه معارض الكتب حول العالم، إلى إسدال الستار على دوراتها هذا العام، آثرت هيئة الشارقة للكتاب المضي في إقامة الدورة الـ39 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، تحت شعار «العالم يقرأ من الشارقة». دورة هذا العام، شهدت توجيه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى تخصيص 10 ملايين درهم لاقتناء أحدث إصدارات دور النشر المشاركة في المعرض الذي شهد مشاركة أكثر من 73 دولة، كما شهد عقد عشرات الندوات الثقافية الافتراضية، متجاوزاً بذلك حاجز كورونا. ونجحت دورة المعرض في استقطاب أكثر من 382 ألف زائر .. وجمع المعرض الذي أقيم على امتداد 11 يوماً أكثر من 1024 ناشراً عربياً وأجنبياً في بيئة اتخذت جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية.

اتحاد الكتاب

في تطور لافت، شهدت الحركة الثقافية المحلية، صدور قرار وزارة تنمية المجتمع، القاضي بحل مجلس إدارة جمعية اتحاد كتاب وأدباء الإمارات المنتخب في اجتماع الجمعية العمومية العادية للجمعية بتاريخ: 5 /‏‏‏‏‏‏‏‏‏ 9 /‏‏‏‏‏‏‏‏‏ 2018، وتعيين مجلس إدارة مؤقت مدة 6 أشهر قابلة للتجديد، برئاسة سلطان بن بخيت العميمي، وعضوية حارب خميس الظاهري، عائشة إبراهيم سلطان، نجيب عبدالله الشامسي، صالحة عبيد غابش يعقوب.