بول كروغمان:أشك في قدرة التكنولوجيا على إلغاء الوظائف

■ بول كروغمان متحدثاً خلال جلسة «ما الآفاق المستقبلية للتجارة الحرة؟»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد بول كروغمان، الخبير الاقتصادي الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، عدم جدوى التكهنات بما يحمله المستقبل من أزمات وتحديات، مشيراً إلى أنه يشك في قدرة التكنولوجيا على إلغاء العديد من الوظائف على نطاق واسع مثلما يدور الخطاب العام اليوم، مشدداً على أهمية التركيز على تقنية البلوك تشين ودورها في تغيير أنماط التجارة العالمية.

ولفت إلى أنه من الأجدر بالدول والمؤسسات وضع أسس رصينة لمنظومة اقتصادية تشكل شبكة أمان للمواطنين في حال حدوث الأسوأ، مشيراً إلى أن شبكة الأمان هذه غير موجودة اليوم في مجمل الاقتصاد العالمي.

جاء ذلك، خلال جلسة حوارية بعنوان «ما الآفاق المستقبلية للتجارة الحرة؟» أدارها الإعلامي ريتشارد كويست من قناة سي إن إن، خلال أعمال اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات.

وقال كروغمان: «يتغير منظور الإنسان مع مرور الزمن، والمعرفة التي نتحلى بها في مرحلة ما قد تتغير الحاجة إليها لاحقاً، ما يستدعي التزود بمعرفة جديدة والنظر إلى الأمور من منظار مختلف. ففي 2017، وجدنا أنفسنا أمام العديد من التحديات الجيوسياسية والتوعد بحروب تجارية لا نهاية لها، واليوم في عام 2019 اكتشفنا أن المخاوف التي ساورتنا حقيقية، لكنها ليست بالحجم الذي كنا نتخوف منه، فالعلاقة بين الولايات والمتحدة والصين لن تصل إلى ذلك السوء الذي كنا نتوقعه، كما أن التوجهات ضد المهاجرين ورفض اتفاقيات التجارة الحرة لم تصل إلى تلك المرحلة التي كنا نتخوف منها أن ينهار نموذج مجتمعنا معها».

وتطرق كروغمان إلى تصاعد النزعات الشعوبية لدى مختلف الدول كظاهرة اجتماعية جديدة نسبياً، وعزا هذا التوجّه إلى الشعور العام لدى المجتمعات بالإحباط من جدوى القرارات الاقتصادية والسياسية التي يقوم بإصدارها مجموعة من المسؤولين والأكاديميين والخبراء الذين لا يشعر الناس نحوهم بأي صلة.

فالناس يتابعون اجتماعات التجارة العالمية ولكنهم لم يروا كيفية انعكاس تلك الاجتماعات على تحسين مستوى حياتهم، ولذلك انجر الكثير خلف الشعارات التي سادت في الفترة الماضية ولا تزال موجودة. وبطبيعتها، تتسم الخطابات الشعوبية بطرحها لحقائق معينة تداعب بها عقول وقلوب المواطنين، وتغلفها بطبقات من المعلومات المغلوطة والمضللة.

ردود الفعل

وقال كروغمان إن لذلك آثاراً كبيرة على سير التجارة العالمية وعلى وضع الاقتصاد العالمي، حيث قادت إلى إبطال أو إيقاف عددٍ من اتفاقيات التجارة الحرة العالمية، وحفزت شعور الانعزالية لدى الشعوب ما قاد إلى حدوث تباطؤ كبير في تطور مسيرة العولمة في العالم.

وأضاف أن وضع التجارة العالمية اليوم هو أقوى من المراحل السابقة لما اكتسبته من نضوج وقوة مكّناها من تجاوز الأزمات التي تعرضت لها خلال الفترة الماضية، ولذلك فإنه متفائل بأن انعكاس الإجراءات الحمائية على الشعوب ستقود الدول التي تتبناها من التوقف والعودة إلى اتباع قوانين التجارة الحرة. فعلى الرغم من أن ترامب مناهض للتجارة، ويريد سيادة التجارة المنصفة وليس التجارة الحرة، مع وجود مسؤولين من حوله يؤيدون هذا التوجه، إلا أنه لا يجوز له استخدام سلطاته في تغيير قوانين التجارة التي التزمت بها الولايات المتحدة منذ زمن بحجج تتعلق بالأمن القومي.

وأضاف: «لديّ رسالة اقتصادية واحدة أود أن تصل إلى الجميع، هي أننا لا يمكننا معرفة ما الذي سيحدث مستقبلاً ».

البلوك تشين

وخلال جلسة حملت عنوان «تأثير التكنولوجيا والتعاملات الرقمية على مستقبل التجارة» قالت بيتينا واربيرغ، خبيرة البلوك تشين ومديرة مؤسسة في «أنيمال فينتشرز»، إن البلوك تشين من شأنه أن يشكل محوراً لاقتصاد المستقبل، فالتغييرات التي تحدثها هذه التكنولوجيا على سرعة التعاملات وزيادة مستوى الثقة بين طرفي العلاقة التجارية تسهم بإحداث طفرة في نطاق التجارة العالمية .

وقالت: «بدأنا اليوم باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمتمثلة بالتطبيقات الرقمية في إجراء تعاملاتنا التجارية مباشرة، وهذا هو الحال مع البلوك تشين، حيث سنبدأ بالاستعانة بهذه التقنية لتسهيل التجارة والتبادل التجاري. إلا أنه يجب إجراء تغييرات على ثقافة التجارة وقوانينها وإجراءاتها».

وأضافت: «من المزايا التي تتيحها تقنية البلوك تشين توفير سجل كامل لتعاملات الشخص الماضية، تختزلها شيفرة معينة تمثل هوية المتعامل، وما إن يضعها في العملية التجارية حتى يظهر للعيان سجله ومدى موثوقيتها. ولذا، علينا اليوم الاستثمار في العلوم التي تقود إلى إنشاء البنية التحتية اللازمة لتفعيل دور البلوك تشين في حياتنا».

Email