شكراً روسيا

epa06872305 A view of the stadium before the FIFA World Cup 2018 quarter final soccer match between Russia and Croatia in Sochi, Russia, 07 July 2018. (RESTRICTIONS APPLY: Editorial Use Only, not used in association with any commercial entity - Images must not be used in any form of alert service or push service of any kind including via mobile alert services, downloads to mobile devices or MMS messaging - Images must appear as still images and must not emulate match action video footage - No alteration is made to, and no text or image is superimposed over, any published image which: (a) intentionally obscures or removes a sponsor identification image; or (b) adds or overlays the commercial identification of any third party which is not officially associated with the FIFA World Cup) EPA/KHALED ELFIQI EDITORIAL USE ONLY

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان من الرائع جداً أن أغطي بطولة كأس العالم في روسيا، إذ حملنا أنفسنا إلى حدود العالم لكي نقتفي آثار المهمة.

حِينما دقّت ساعة الحقيقة، بدأ الحلم «المونديالي» المنشود أكثر وضوحاً.. وأنت تتصفح علبة الرسائل في البريد الإلكتروني، لتجد رسائل باسمك من الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، فتعيش المونديال عن بعد.. ويتراءى لك الحلم بألوان وردية.

رحلة

بعد استلام الأوراق انطلقت الرحلة الحقيقية، وبدأت حِكايتنا مع المونديال الروسي الجميل.. بدأنا نلمس طيبوبة الذات الروسية الصرفة، انطلاقاً من سائق سيارة الأجرة الذي أقلنا من المطار صوب الفندق.. تبادلنا أطراف الحديث بلغة الإشارة، التي كانت السبيل الوحيد مع كِبار السن في روسيا.. لكنهم أبدعوا في التواصل بلغة الابتسامة، التي تكون في أحلك الظروف، أجمل وأنقى وأكثر تعبيراً من كل لغات الدنيا.. بدأت الأيام تتسارع وحركة عقارب الساعة تدور بسرعة غير طبيعية، عِشنا خلالها حلماً يحتاج وصفه ساعات وساعات من القصص والحكايات، روسيا أبهرت العالم بتنظيمها للمونديال، وكسبت احترام الجميع، بل كونت شبكة سفراء لها في كل بقاع الدنيا.. روسيا انتظرت المونديال لتصحح كل المفاهيم المغلوطة، والتصورات السيئة التي تم تسويقها عنها من قبل.

ظروف مثالية

بعد تجارب عديدة وتغطيات في كل أصقاع العالم، قد يحق لبلاد القياصرة أن تحتل المكانة الأولى من كل من سبق لي أن عِشته من تجارب.. كل شيء كان مهيئاً بالطريقة المثلى، بلد آمن وشعب مسالم.. وظروف مثالية..

ما عِشناه في روسيا خلال منافسات كأس العالم التي امتدت على 33 يوماً، سيخلد في الذاكرة دائماً.. وسيجعلنا نحكي عن بلاد القياصرة كل شيء جميل، بعدما حللنا بها حاملين أفكارا قاتمة ، في أكثر من شهر في مدن روسيا الجميلة والحضارية، أصبح يحق لنا أن نرسم ونخط ملامح الحلم الروسي بأحرف منحوتة بماء الذهب الخالص.. لأن روسيا قدمت لنا كل أبهى وأجمل الصور التي يمكن للمرء أن يتخيلها.

يكفيك أن تقرر ركوب وسائل النقل، وخاصة «مترو» الأنفاق في العاصمة الروسية المترامية الأطراف موسكو.. بمجرد النزول تحت الأرض، قد يخيل لك لوهلة أنك قد دخلت أحد متاحف العصر الذهبي، لما تلمسه من حضارة وفسيفساء مخلد في الجدران والسقف.. كما أن حركة «المترو» ووفرته في جميع الخطوط، يتيح للإنسان التنقل في بأريحية قل نظيرها في كل مدن وعواصم العالم.. وأحكي هذا عن تجارب سابقة.. كلما ركبنا «المترو» صوب ملاعب المونديال، نتساءل في كل مرة، هل ألغيت المباريات أم ماذا؟؟.. نظراً لتوفر عدد كبير من وسائل النقل في أوقات محددة تتيح للمشجعين التنقل بشكل سهل، وتلغي إمكانية الاكتظاظ بها..

إن أردت أن أكتب عن ما عشته في روسيا من أيام جميلة، قد أحتاج إلى حياكة سيناريو مسلسل رمضاني من حلقات عديدة، ولذلك، لطالما أشبعت مقالاتي المونديالية عن روسيا بمقولة.. «من رأى ليس كمن سمع».. ولذلك وبعد هذه الرحلة والمتعة الكبيرة على الأراضي الروسية نقول «سباسيبا» «شكراً روسياً». إذ غصت شوارع موسكو والمدن العشر الأخرى المضيفة بجماهير من كل أنحاء العالم، وخصوصاً تلك القادمة من أميركا اللاتينية بأعداد كبيرة، لمتابعة ما اعتبرها رئيس «فيفا» جاني إنفانتينو «أفضل كأس عالم».

في حين كان حضور الجمهور من دول الغرب أقل عدداً لأسباب عدة، تتقدمها العلاقات المتوترة بين روسيا ودول غربية عدة، إلا أن المشجعين الإنجليز كانوا من بين الأوروبيين الذين انتقلوا إلى روسيا في القسم الأخير من البطولة، بعدما شاهدوا منتخبهم يواصل التقدم فيها (حل رابعاً).

وبعدما كانوا يتوجسون من التعرض لاعتداءات من قبل الروس، تبدلت نظرة الجمهور الإنجليزي لروسيا، وسيغادر أفراده البلاد بانطباع مماثل للذي تحدث عنه مدرب منتخبهم غاريث ساوثغيت.

وقال الأخير بعد الخسارة أمام بلجيكا (صفر-2) في مباراة تحديد المركز الثالث في سان بطرسبورغ، السبت: «كان تنظيم البطولة لائقاً، وكان الترحيب بنا في كل المدن التي حللنا فيها في روسيا رائعاً».

وتابع: «تحدث كثيرون عن العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، إلا أنني وعلى الصعيد الشخصي، وبعد التواصل مع الناس هنا، أقول إنه لم يكن ممكناً أن نلقى استقبالاً أفضل من الذي حظينا به».

وسواء كانت هذه أفضل كأس عالم كما اعتبرها إنفانتينو أم لا، فثمة حقيقة ثابتة، أن روسيا قدمت عرضاً رائعاً، وحظي العالم بكرة قدم لن ينساها.

والاستضافة الروسية ابهرت الجميع لدرجة التي دفعت جاني إنفانتينو رئيس «فيفا» إلى القول أن مونديال روسيا 2018 «أفضل كأس عالم على الإطلاق» مقارنة بالنسخ العشرين السابقة.

وقال إنفانتينو «قبل أعوام قلت إن المونديال هذا سيكون الأفضل في التاريخ، ويمكنني أن أقولها اليوم بقناعة: هذه أفضل كأس عالم على الإطلاق» .

وأوضح رئيس الاتحاد الدولي أن «روسيا تغيرت، أصبحت بلداً حقيقياً لكرة القدم، ليس فقط مع كأس عالم نظمت على أعلى مستوى، لكن أيضاً لأن كرة القدم باتت جزءاً من الحمض النووي للبلاد بفضل أداء المنتخب الوطني وكل العمل الذي تحقق على مستوى البنى التحتية».وأضاف «كل شيء كان مذهلاً وفعالاً جداً».

ومنذ 14 يونيو الماضي، استضافت روسيا كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها. وعلى الصعيد الكروي، وصل منتخبها إلى الدور ربع النهائي، حيث خسر أمام كرواتيا بركلات الترجيح (3 ـ 4 بعد التعادل في الوقتين الأصلي 1 ـ 1 والإضافي 2 ـ 2).

واعتبر إنفانتينو أن «إرث كأس العالم هذه سيرفع من تصنيف روسيا بين دول كرة القدم. ما تم بناؤه، تم بناؤه من أجل المستقبل»، مضيفاً «ما تغير هو النظرة إلى روسيا. نحو مليون شخص زاروا روسيا، موسكو وأيضاً كل المدن الأخرى المضيفة، وأدركوا أنهم في بلد جميل، مضياف، مستعد لأن يظهر للعالم كله أن الواقع ليس ما نعتقد أننا نعرفه».

وواصل إنفانتينو إشادته بروسيا التي اعتبر أنها «بلد غني بثقافته، بتاريخه، بتاريخ الإنسانية».

من جانبه كشف رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا)، السلوفيني ألكسندر تشيفرين، عن انطباعاته حول الجوانب التنظيمية لبطولة كأس العالم المقامة في روسيا.

وقال رئيس «اليويفا» «أود أن أهنئ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، واللجنة الروسية المنظمة لمونديال 2018، والاتحاد الروسي لكرة القدم.. كنت أعرف أن البطولة ستعقد على مستوى عالٍ، ولكن مع ذلك كنت مذهولاً. قد يبدو الأمر مضحكاً، ولكن هناك بعض الحقيقة في هذا، فحتى رجال الجمارك على الحدود صاروا يبتسمون، فقد رحب بي الجميع بعبارة: أهلا بكم في كأس العالم.. لا أرى إلا مستوى جيدا للمونديال».

إشادة

وأشاد توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، أمس، بالنجاح الكبير لروسيا في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم مونديال 2018. ونقل بيان عن باخ قوله إن روسيا أظهرت مراراً أن بإمكانها تنظيم أحداث رياضية كبيرة، وأضاف أن «الاستقبال الدافئ الذي قدمه الروس للضيوف الأجانب، غَيَّرَ الكثير من التقييمات التي جرى سماعها في وقت سابق في دول مختلفة».

وتابع أن هذا الاستقبال «أظهر أن روسيا مضيف ودود». وحسب بيان الكرملين، فإن بوتين قال إنه يأمل أن يلحق نجاح تنظيم المونديال بنجاح تنظيم بطولة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي عام 2014.

Email