أحلام (8) عظماء

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

دَخل مُونديال بلاد القياصرة مُنعرجه الحاسم، حَاملاً معه آمال وأمنيات شعوب وأمم، واكتمل عقد أفضل ثمانية مُنتخبات في الساحة العالمية، عظماء كرة القدم العالمية الثمانية، منهم من تجرأ على التاريخ ونصب نفسه عُنوة، ومنهم من تذكر تَاريخ الأجداد وسار على دربهم، ومنهم من يترجل التاريخ على صهوة الجواد لإلقاء التحية عليهم.

وكما اعتدنا في «البيان الرياضي»، سنُلقي الضوء على مُباريات رُبع النهائي، إذ أضحت تفصل المُنتخبات المُشاركة خُطوتان فقط عن المَجد والأحلام، فهُناك من يُطارد مَجداً غَابراََ طاله النسيان، وهُناك من يَحلم بكتابة اسمه بأسطر منحوتة بماء الذهب الخالص في سجلات التاريخ يصعب أن يَمحوها الزمن.. وهُناك من يَأمل في استغلال الوضع وخطف اللقب وإعادته لمكانه الصحيح..

ما حققته رُوسيا على أرضها وبين أبناء جلدتها، يُعتبر ضرباً من المُحال.. وُصول المُنتخب الروسي إلى محطة الرُبع لم يتوقعه أشد المتفائلين هُنا في بلاد القياصرة.. والآن كَبرت الآمال والطُموحات وبدأ أحفاد «لينين» يَنظرون بعيدا ويُلوحون بأصابعهم صوب أعلى درجات المجد، باحثين عن مساحة أمل.

بإمكانيات تقنية «محدودة» وتنظيم تكتيكي «رهيب»، تَمكن الروس من تكسير كُل الحواجز والعوائق، مُواصلين حُلم البحث عن المجد الذي لم يَتصوروه حتى في أحلامهم..

رُوسيا دخلت المُونديال تتذيل سُلم الترتيب من بين المُنتخبات المُشاركة، وذلك بنتائج «كارثية» في آخر البرُوفات قبل دخول المحفل العالمي.. لكن ما إن دقت ساعة الحقيقة، حتى تغير كُل شيء، وأصبح صدى صوت الرُوس مسموعا في كل مكان فرحا بانتصارات مُنتخبهم.. والآن موعد جديد مع الرغبة ومُواصلة الحُلم أمام الكروات..

كرواتيا بدورها تُطارد حُلما غابرا وتود مُحاكاة ما قام به جيل دافور سوكر، زفونيمير بوبان، بوكسيتش، لاديتش والبقية.. جيل تحدى الكبار وصنع للكروات مجدا يتغنون به في مُونديال فرنسا، عندما وصلوا إلى محطة نصف النهائي وخرجوا بغرابة أمام فرنسا المُستضيفة بهدف «الثائر» حينها ليليان تُورام..

الآن وبعد عشرين عاماً يبدو أنه من حق كرواتيا أن تَحلم، خاصة وأن أحلامها يحملها جيل من النُجوم القادرة على كسب الرهان والقتال من أجل مكان بين أكبر وأعتى مُنتخبات العالم..

المعركة

تُواجه انجلترا في رُبع نهائي مُونديال روسيا أحد المُنتخبات التي تُشكل عقدة لمنتخب الأسود الثلاثة، إذ يبقى المُنتخب السويدي بمثابة الخطر الكبير الذي يُحدق بآمال الإنجليز الباحثون عن استعادة المجد الغابر بتحقيق كأس العالم التي غابت عن الخزائن منذ سنة 1966، بعد جيل التاريخي شيلتون والبقية..

يُعتبر المُنتخب الانجليزي الحالي بقيادة المُدرب الشاب غاريث ساوثغيت من أنجح الأجيال في السنوات الأخيرة، بعد فك عُقدة ثمن النهائي وضرباته الترجيحية.. وتقديمه لمُباريات ذات التزام تكتيكي كبير، تؤكد وجود عمل كبير وقاعدي، إذ نجح المُدرب الشاب في تكوين مجموعة «شابة» تعرف المطلوب منها، وبَاعد بينه وبين «المُجاملات»، مُعطيا الثقة للمجموعة..

فمن يُشاهد تشكيلة المُنتخب الإنجليزي في المُونديال الحالي، يتضح له جليا أن المُدرب ساوثغيت قد وضع حداً للمُجاملات، وألجم أفواه المُطبلين، بوضعه تشكيلة من أبرز اللاعبين الذين يستحقون حمل ألوان انجلترا في المُونديال.

وفي الضفة المُقابلة، سيكون المُنتخب السويدي، ظاهرة النُسخة الحالية من المُونديال، على موعد مع معركة تكتيكية حامية الوطيس، في مُباراة ذات طابع «تكتيكي» يتسم بالاندفاع البدني بين المدرستين.

وتمكن المنتخب السويدي الحالي من التخلص من تبعيته للسلطان زلاتان ابراهيموفيش، إذ نزعوا جلبابه، وارتدوا ثوب رُوح المجموعة، التي تتلخص في جيل السويد سنة 1994، بقيادة كينيت أندريسون، توماس برولين، داهلين والحارس التاريخي توماس رافيلي.. الذين أوصلوا السويد إلى المركز الثالث في مُونديال الولايات المتحدة الأمريكية.. وهم من جعلوا هذا الجيل يهمس في حنق.. لما لا ؟

الإخوة الأعداء

تحمل مُباراة رُبع نهائي كأس العالم بين الأوروغواي وفرنسا، مُواجهات ثنائية عديدة بين أصدقاء في الأندية، الذين سيُصبحوا أعداء لمُدة 90 دقيقة أو أكثر..

الفرنسي «غريزو» أنطوان غرييزمان سيبحث عن المساحات في دفاعات رفاق الدرب دييغو غودين وخيمينيز، وهو يعلم تماماً صُعوبة الموقف.. نظراً لانضباط والتزام ثنائي «الاتليتيكو» الدفاعي.. وهُو ما يجعل مُهمة الفرنسي وأبناء جلدته في مُواجهة مُدافعي «السيليستي» صعبة المنال..

«الأورغواياني» لويس سواريز بدوره سيصطدم بجدار ثنائي يقوده رافاييل فاران وصامويل أومتيتي.. هذا الأخير الذي يبقى زميله ورفيقه بألوان «البلوغرانا» برشلونة، لكنه سيتحول في معركة الدفاع عن الوطن إلى عدو إلى بعد حين.

كما ستحمل مباراة الأوروغواي وفرنسا مواجهات عاطفية أخرى، عندما يُواجه الفرنسي الشاب لوكاس هيرنانديز ظهير الأتليتيكو مدريد رفاقه في الأوروغواي.. على أن تكون المُواجهة بين مبابي وكافاني اللذان يحملان ألوان الباريسي، بينما سيغيب الفرنسي بليز ماثويدي عن مُلاقاة زميله في السيدة العجوز بينتانتكور.

النهائي

يعتبرها الجميع قمة ربع نهائي المُونديال، نظراً لما تحمله من أسماء ونجوم، إذ يُصنفها البعض على أنها إحدى أكبر قمم المُونديال الحالي، والتي ستجمع اثنين من أنجح وأنجع خُطوط الهجوم في المُونديال..

المُنتخب البرازيلي الباحث عن النجمة السادسة، يتفق الجميع على أنه أكثر المُنتخبات تطوراً في المُونديال الحالي، وسيَكون بمثابة الخصم «الشرس» والعملاق الذي يصعب تجاوزه من طرف رجال المدرب الإسباني روبيرتو مارتينيز.. بينما سيكون «السيليساو» محروما من إبرة الميزان الخاص بتشكيلته، وذلك بغياب نجم ريَال مدريد كارلوس هينريكي كاسيميرو، والذي قد يُخل غيابه بالتوازن في تشكيلة المُدرب «تيتي»، إذ يُعول عليه هذا الأخير كثيراً ويبني عليه خطته، نظراً لالتزامه التكتيكي الكبير، وهو ما يجعل المدرب البرازيلي في حيرة من أمره رغم توفر بدائل من قيمة فيرناندينيو وفريد.. لكنهم لا يَرقون إلى القيمة التكتيكية لنجم ريَال مدريد.

أما المُنتخب البلجيكي، فقد وصل إلى رُبع النهائي بعدما مر من جانب الإقصاء أمام المُنتخب الياباني، إذ حقق عودة «ريمونتادا» تاريخية، بعدما قام المدرب «بوب» روبيرتو مارتينيز بتغيير شيء من أفكاره مُستغلاً نُقطة ضُعف المنتخب الياباني المتمثلة في قصر قامات لاعبيه، وهو ما أعطاه مُرونة تكتيكية في مُواجهة أحفاد الساموراي.

وقد تكون مُواجهة المُنتخب البرازيلي هي أقوى وأهم اختيار للشياطين الحُمر في المُونديال الحالي، إذ يعتبرون أن طريق الحُلم والمجد يمر عبر هذه المُواجهة «الشرسة».

Email