مونديال 1970 في المكسيك

البرازيل تتحصل على لقبها الثالث بالألوان

ت + ت - الحجم الطبيعي

نُقلت مباريات نهائيات كأس العالم للمرة الأولى بالألوان، حيث شاهد عشرات الملايين تألق وروعة المنتخب البرازيلي، الذي قدّم كرة هجومية استعراضية منحته اللقب الثالث في تاريخه عن جدارة واستحقاق. ومنح الفوز على إيطاليا في النهائي بنتيجة 4-1 منتخب البرازيل الحق في الاحتفاظ بكأس جول ريميه إلى الأبد، كما شكّل أفضل وداع للنجم الكبير بيليه في مشاركته الأخيرة في نهائيات كأس العالم.

وكان بيليه هدد بعدم المشاركة بعد التجربة المريرة التي خاضها في إنجلترا قبل أربع سنوات، حيث تعرّض لشتى أنواع الركل والخشونة، ولكنه عاد وأخذ مكانه في الفريق الذي كان غنياً بالمهاجمين، حيث شكّل خماسي المقدمة المكون من جيرزينيو وبيليه وجيرسون وتوستاو وريفيلينو خطاً هجومياً مرعباً يهابه الجميع. ولم يجسد أي شيء جمال الكرة التي قدّمها هؤلاء أكثر من الهدف الرابع في النهائي ضد إيطاليا على ملعب أزتيكا ستاديوم، بعد أن مرّر بيليه كرة رائعة باتجاه قائده كارلوس ألبيرتو ليُنهي الأخير مسلسل سبع تمريرات بكرة من لمسة أولى استقرت في الزاوية البعيدة لمرمى الحارس إنريكو ألبرتوزي.

وقبل انطلاق النهائيات، تخوّف كثيرون من الظروف المناخية التي يواجهها اللاعبون خصوصاً في أجواء حارة ومرتفعة جداً عن سطح البحر، وازدادت هذه المخاوف أيضاً بعد قرار إقامة المباريات وقت الظهيرة لكي يتناسب توقيتها مع البث التلفزيوني في الدول الأوروبية. ولم تكن تلك الإشارة الوحيدة للتغييرات التي بدأت، حيث تمّ أيضاً السماح بإجراء تبديلين لكل منتخب للمرة الأولى في تاريخ البطولة، كما منح الحكام حق رفع البطاقتين الصفراء والحمراء واستعملت كرة adidas ذات اللونين الأسود والأبيض والتي أطلق عليها اسم تيلستار.

صدة بانكس العجيبة

جمعت أبرز مباراة في الدور الأول بين حامل اللقب منتخب إنجلترا والبرازيل، وشهدت المواجهة أشهر صدَة في تاريخ نهائيات كأس العالم، حيث نجح حارس إنجلترا جوردون بانكس في التصدي ببراعة لكرة رأسية سددّها بيليه عندما أبعدها من الزاوية السفلى إلى فوق العارضة. وأسفرت المباراة التي كانت الاختبار الأصعب للبرازيل عن فوز المنتخب البرازيلي بهدف لجيرزينيو الذي دخل التاريخ بعدما سجّل في كل مباراة في هذه البطولة. في المقابل، نجح قائد إنجلترا بوبي مور في تقديم أداء رفيع المستوى متخطياً الصعوبات التي واجهته قبل انطلاق البطولة، عندما ألقت السلطات الكولومبية القبض عليه بعد أن اتهم زوراً بسرقة سوار.

من جهته، نجح المنتخب المغربي في ترك صورة جيدة، بعد أن تقدّم على منتخب ألمانيا الغربية قبل أن يخسر بهدف متأخر سجّله جيرد مولر وهو الهدف الأول له من بين أهدافه العشرة في البطولة والتي منحته الحذاء الذهبي.

وأضاف مولر ثلاثيتين في مرمى بلغاريا ثم بيرو، قبل أن يسجّل هدف الترجيح في الوقت الإضافي في مباراة درامية أمام إنجلترا في ربع النهائي. وتخلّف الألمان في تلك المباراة في مدينة ليون المكسيكية بهدفين نظيفين قبل 23 دقيقة على نهاية المباراة، ولكن فرانز بيكنباور وأوفي زيلر نجحا في إدراك التعادل لألمانيا. ومن عجائب المونديال، أُلغي هدف جيف هيرست، الذي سجل هدفاً مثيراً للجدل قبل أربع سنوات أمام ألمانيا الغربية، قبل أن يسجّل جيرد مولر هدف الحسم بتسديدة هوائية. وتحسّر الإنجليز على غياب بانكس عن المباراة ضد ألمانيا لمرضه، ولكن الفوز الذي حققه فريق المدرب هيلموت شون على الإنجليز كان الثأر المناسب للخسارة في النهائي العام 1966.

نصف نهائي مثير

ساعدت الروح القتالية للمنتخب الألماني في تقديمه لملحمة كبيرة في نصف النهائي أمام المنتخب الإيطالي في المباراة، التي شهدت تسجيل أعلى نسبة من الأهداف في الوقت الإضافي في تاريخ النهائيات، حيث أدى هدف التعادل الذي سجله كارل هاينز شنيلينجر في الدقيقة التسعين إلى خوض الفريقين لوقت إضافي شهد تسجيل خمسة أهداف بما في ذلك هدفان لمولر، قبل أن يفوز المنتخب الإيطالي بنتيجة 4-3 بعدما سجل أفضل لاعب في أوروبا في ذلك العام جياني ريفيرا هدف الفوز على المنتخب الألماني الذي شارك معه قائده فرانز بيكنباور بكتف مخلوعة.

وبينما اكتفى منتخب ألمانيا الغربية بالمركز الثالث، نجح بطل أوروبا منتخب إيطاليا، الذي كان قد أقصى مستضيف البطولة المكسيك، في الوصول إلى النهائي للمرة الأولى منذ سنة 1938. ولكن على الرغم من صلابة المنتخب الإيطالي الدفاعية بقيادة جاسينتو فاكيتي والقدرات التهديفية لجيجي ريفا، فإنه دخل النهائي وهو غير مرشّح للفوز باللقب.

وقدّم المنتخب البرازيلي عروضاً رائعة في طريقه إلى النهائي، وقد يكون ماريو زاجالو استلم تدريب المنتخب البرازيلي خلفاً لجواو سالدانيا قبل ثلاثة أشهر فقط من انطلاق البطولة، ولكن فريقه استعد بشكل مكثّف للنهائيات خلال هذه المدة. فبعد فوزه على تشيكوسلوفاكيا وإنجلترا ورومانيا، وصل منتخب السامبا إلى نصف النهائي بفوزه على منتخب بيرو الذي كان يقوده مدرب برازيلي آخر هو ديدي، زميل زاجالو في المنتخب البرازيلي في 1958 و1962. وكان منتخب بيرو قد تأهل إلى النهائيات على حساب الأرجنتين وضم في صفوفه المهاجم الشاب الواعد تيوفيلو كوبياس ولكنه فشل في احتواء خطورة المنتخب البرازيلي حيث خسر في المباراة بنتيجة 4-2.

خدعة بيليه

تمكّن المنتخب البرازيلي من محو خيبته الكبرى المتمثلة بالخسارة في نهائي البطولة في 1950 بفوزه في نصف النهائي على أوروجواي. وعلى الرغم من تخلفه بنتيجة 1-0، إلا أن المنتخب البرازيلي عاد بفضل أهداف كلودوالدو وجيرزينيو وريفيلينو. ولكن الحادثة الأبرز في المباراة كانت خدعة بيليه التي أكدت عبقريته الفريدة، حيث تلقى تمريرة من جيرزينيو وعندما خرج حارس أوروجواي لاديسلاو مازوركيفيتش لملاقاته، موّه بيليه بجسمه دون لمس الكرة التي تخطت الحارس ليركض بيليه لاستقبالها من ورائه ولكنه سدد الكرة بعيداً عن المرمى.

إلا أن بيليه، الذي كان يسعى للفوز بلقبه الثالث في البطولة، كان من افتتح التسجيل نفسه في النهائي. وعلى الرغم من تعديل روبرتو بونينسينيا النتيجة لمنتخب إيطاليا، إلا أن النتيجة النهائية كانت تسجيل كل من جيرسون وجيرزينيو وكارلوس ألبيرتو ثلاثة أهداف في الشوط الثاني ليفوز المنتخب البرازيلي باللقب بكل جدارة واستحقاق. هذه الجدارة أكدتها صحيفة "إل ميساجيرو" الصادرة في مدينة روما الإيطالية والتي اعترفت بأن الأزوري هُزم على يد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم.

كلمات دالة:
  • البرازيل،
  • بيليه،
  • كأس العالم،
  • المغرب
Email